Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روحاني خارج المعادلة بموافقة المرشد

اختياره دائرة طهران استنفرت قوى الدولة العميقة من أخطار استمراره واستعادت ذاكرتها القريبة مع رفسنجاني

حسن روحاني رئيس إيران السابق شكل تهديداً لمنظومة الحكم (رويترز)

ملخص

يبدو أن منظومة السلطة لم تعد تجد حرجاً أو تعاني أزمة استبعاد أي شخصية من الشخصيات الأساسية والوازنة والتي لعبت دوراً متقدماً في تاريخ الثورة والدولة والنظام

وأخيراً، تنفس قادة الغرفة السوداء في منظومة السلطة والدولة العميقة في النظام الإيراني، الصعداء، وأبدوا عظيم ارتياحهم لقرار مجلس صيانة الدستور باستبعاد حسن روحاني رئيس الجمهورية السابق عن سباق الانتخابات لعضوية مجلس خبراء القيادة التي من المقرر أن تجري تزامناً مع الانتخابات البرلمانية مطلع شهر مارس (آذار) المقبل.

وقد لا يكون مستبعداً لدى روحاني ومن يدعمه أو يؤيده، إمكانية مثل هذا القرار، لا بل حتميته، وأنه لم يسقط من حساباته مثل هذا الموقف أو القرار حينما حسم خياراته وأقدم على تسجيل ترشيحه في وزارة الداخلية، لأن الأجواء المشحونة التي سيطرت على الساحة السياسية ومواقف التيار المحافظ وقياداته وأحزابه منذ وصوله إلى رئاسة الجمهورية قبل نحو 10 سنوات وما بعد انتهاء ولايته على رأس السلطة التنفيذية، كانت تشير إلى حقيقة موقف ومخاوف هذه القوى المعبرة عن هواجس منظومة السلطة من إمكانية الدور الذي قد يلعبه أو يطمح روحاني والفريق المؤيد له للاضطلاع به في مرحلة ما بعد المرشد الأعلى.

وقد لا يكون غائباً عن هذه المنظومة ما يمثله روحاني من خطر كامن، نظراً إلى طبيعة المواقع الحساسة التي تولاها منذ بداية الدولة، ومشاركته في صياغة القرارات الاستراتيجية عندما كان عضواً في المجلس الأعلى للدفاع، ومن بعدها على رأس المجلس الأعلى للأمن القومي، إضافة إلى عضويته في البرلمان لدورات عدة، وأيضاً عضويته في مجلس خبراء القيادة لدورتين، لذلك وجدت أن الطريق الأسلم لتحويله إلى قيادي عاجز عن تحقيق أي إنجاز حقيقي يساعد في حل أزمات النظام والدولة وإخراجهما من عنق الزجاجة نتيجة تراكم التوترات مع المجتمع الدولي، أن تفتح الطريق أمامه للوصول إلى رأس السلطة التنفيذية، بحيث يكون من السهل عليهم عرقلة مهمته وتنفيذ أجندتهم في تشويه صورته وإظهار فشله في إدارة الأزمات الداخلية والدولية.

أهمية استبعاد روحاني من سباق مجلس خبراء القيادة يمكن فهمه من قراءة سريعة للأحداث التي رافقت هذا الترشح. فاختيار روحاني دائرة طهران، استنفرت قوى الدولة العميقة من أخطار استمراره، واستعادت ذاكرتها القريبة في انتخابات هذا المجلس الذي لم تنتهِ صلاحيته بعد، عندما استطاعت اللائحة مشتركة التي شكلها مع الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني الفوز بجميع مقاعد طهران الـ16، وأجبرت دوائر النظام لتأجيل إعلانها رسمياً والتدخل في هندستها بحيث استطاعت إدخال الرئيس الحالي للمجلس ورئيس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي بين الفائزين، لتصبح النتيجة النهائية 15 لروحاني – رفسنجاني وواحد للنظام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واختيار روحاني لطهران دفع رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي لإسقاط خيار الترشح عن العاصمة وما له من رمزية في تعزيز موقعه السياسي والشعبي والترشح عن الدائرة التي يملك فيها نفوذاً أكبر في خراسان الجنوبية التي سبق له تمثيلها في الدورتين السابقتين. وهو خيار جاء نتيجة الخوف من إمكانية أن تلحق به هزيمة انتخابية قد تضعف طموحاته في استكمال استعداداته ليكون على لائحة المرشحين لخلافة المرشد، فضلاً عن أن فوز روحاني يفتح الطريق على إمكانية أن يكون مرشحاً محتملاً للخلافة أو في الأقل من بين أعضاء المجلس الانتقالي قبل انتخاب المرشد الجديد، وهي عضوية تعزز إمكانية اختياره لهذا الدور والموقع.

ويأتي استبعاد روحاني من السباق الانتخابي، تزامناً مع عملية استبعاد واسعة ومؤلمة لمرشحي القوى الإصلاحية والمعتدلة، وحتى للقوى الوسطية من التيار المحافظ، في تطبيق على ما يبدو للمقولة التي سبق أن أطلقها رئيس البرلمان الأسبق غلام علي حداد عادل، بأن النظام يسعى إلى المجيء بمجلس ونواب أكثر ثورية من المجلس الحالي، وحداد عادل "لا ينطق عن الهوى" فهو من الأشخاص الأكثر قرباً من المرشد الأعلى لاعتبارات عدة أقلها العلاقة النسبية بين كريمته ونجل المرشد مجتبى، وهو كثيراً من يعبر عما يدور في كواليس مكتب المرشد "البيت" من قرارات على المستوى البلاد داخلياً وخارجياً، بالتالي فإن دعوة المرشد لإجراء انتخابات حماسية وبمشاركة شعبية واسعة، لم يكن المقصود بها فتح الباب واسعاً أمام القوى الإصلاحية والمعتدلة أو بتعبير أشمل "المعارضة" للدخول إلى السباق الانتخابي أو العودة بقوة وبتمثيل مقبول إلى السلطة التشريعية أو التنفيذية، إنما الهدف منها كان تحفيز القوى الموالية للنظام للعمل على تحريك قواعدهم الشعبية لعدم المقاطعة أو التساهل في الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وهذا الأمر يستدعي تمسك الغرفة السوداء الممسكة بقرار الدولة العميقة والنظام بسياسة استبعاد ومحاصرة أي مصادر للخطر أو التي تسبب لهم قلقاً وتعرقل مسار الاستحواذ على مفاصل القرار نهائياً من دون الأخذ بأي اعتبار للطرف الآخر وحتى اتساع دائرة الرفض الشعبي لهذه السياسات، وما يعنيه ذلك من عزوف ومقاطعة وانعدم الثقة بين النظام والمجتمع الإيراني بكل أطيافه ومستوياته.

ويبدو أن النظام أو منظومة السلطة والدولة العميقة لم تعد تجد حرجاً أو تعاني أزمة استبعاد أي شخصية من الشخصيات الأساسية والوازنة، والتي لعبت دوراً متقدماً في تاريخ الثورة والدولة والنظام، وأن جدار الخوف لدى هذه المنظومة قد سقط عندما أقدم مجلس صيانة الدستور على استبعاد ورفض أهلية هاشمي رفسنجاني في انتخابات 2013، لما يشكله من تهديد لأجندة هذه المنظومة، أو حسب تعبير حيدر مصلحي وزير الاستخبارات في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد بأن السبب في ضرورة استبعاد رفسنجاني يعود للخطر الذي يشكله على المنظومة والنظام. وعليه فإن استبعاد روحاني يعد محطة على طريق مسار من استبعاد غالبية المجتمع الإيراني وإسقاط أي تأثير له في العملية الانتخابية بكل مستوياتها من أجل الدفاع والحفاظ على مصالح الجماعة التي تمسك وتسيطر على مفاصل النظام، بتنفيذ مجزرة سياسية بمرشحي القوى المعارضة بكل أطيافها، بلا خوف أو تردد.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل