Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوق البذور في لبنان تعاني ارتفاع الأسعار وفقدان بعض الأنواع

تستورد بيروت البذور من أوروبا ويصدر جزءاً منها إلى سوريا في ظل العقوبات

تزايدت شكوى المزارعين خلال الأيام القليلة الماضية، من انقطاع أنواع محددة من البذور في الأسواق اللبنانية (أ ف ب)

ملخص

تعيش سوق البذور في لبنان حالة من الاضطراب بفعل القيود المفروضة على سوريا، ومحاولة التجار سحب حصة إضافية لسد حاجة السوق

حالة من الاضطراب تعيشها سوق البذور في لبنان، بفعل سلسلة المشكلات التي تتعرض لها هذه السلعة المستوردة من الخارج، والتي يأتي أغلبها من أوروبا، تليها الصين. وتتأثر هذه السوق بجملة عوامل مباشرة، فهي من جهة تبقى عرضة للتهريب إلى سوريا بفعل تعطش السوق إلى البذور الأجنبية، في ظل العقوبات الدولية المفروضة بموجب "قانون قيصر"، ناهيك بالتأثير المستمر للأعمال الحربية بين أوكرانيا وروسيا من جهة أخرى، في مقابل تصاعد التوترات في البحر الأحمر الذي يشكل شريان التجارة الدولية، كما يفتقر لبنان إلى "بنوك البذور الوطنية" التي تحافظ على ذاكرة الزراعة المحلية، ويقتصر الأمر على مبادرات فردية ومحدودة.

تجارة البذور مع سوريا

خلال الأيام القليلة الماضية، تزايدت شكوى المزارعين من انقطاع أنواع محددة من البذور في الأسواق اللبنانية، وتحديداً بعض أصناف البطاطا، وانتشرت أخبار عن شراء تجار لحصة سوقية وازنة بهدف تصديرها إلى سوريا. وتقصت "اندبندنت عربية" تلك الروايات، حيث اتضحت مجموعة من المعطيات، التي تشير إلى أن "البطاطا لا تستورد على شكل بذور، كباقي الخضراوات، وإنما تأتي إلى لبنان على شكل ثمار بطاطا مطابقة لتلك القابلة للاستهلاك، وتكون جاهزة للزراعة"، و"اعتاد التجار في لبنان خلال السنوات القليلة الماضية، على حجز كمية خاصة بالسوق المحلية، وكمية ثانية وموازية للتصدير إلى سوريا". ونتيجة البحث، اتضح توجه كثير من المزارعين، إلى تجنب زراعة البطاطا محلياً، بسبب ارتفاع كلفتها، وظهور المخاطر المرافقة لها، والناجمة عن الأمراض المحتملة التي قد تتعرض لها. وبحسب أوساط وزارة الزراعة اللبنانية فإن "شحنة كبيرة من بذور البطاطا دخلت لبنان بواسطة تاجر لبناني، وقد استوردت في الأصل لصالح سوريا، وأعيد تصديرها إلى هناك بطريقة نظامية، وليس عن طريق التهريب". واقترن هذا الأمر، مع تمسك تجار معنيين بشرعية تجارتهم واستيرادهم، وإعادة تصديرهم البذور، بعد الحصول على جميع الأذونات القانونية من الجهات الرسمية في لبنان التي تراقب تلك الأعمال.

انقطاع مشروط

في سياق متصل، يبرر أصحاب الصيدليات الزراعية انقطاع بعض البذور من السوق اللبنانية، حيث يشير عاملون في المجال إلى أن "سبب انقطاع بعض البذور يعود إلى إنتاج أنواع جديدة أكثر مقاومة للفيروس والأمراض، وبعض أنواع البندورة على وجه التحديد".

البذور الأجنبية بالواسطة

ويستورد لبنان أغلبية البذور من الخارج، ولا ينتج إلا القليل، ويشكل المزارعون التقليديون استثناءً في البلاد، حيث يحافظون على أصالة البذور اللبنانية على نطاق ضيق. في المقابل، يمكن الحديث عن أنواع مختلفة ومطورة، تستورد تحت تصنيفات وتسميات مختلفة، بذور الزراعة، وبذور الشتول، وبذور الزينة التي تزخر بها المشاتل والصيدليات الزراعية. في سياق متصل، تؤثر الجغرافيا مباشرة على السوق اللبنانية، حيث تتعرض منذ سنوات الجارة سوريا لسلسلة عقوبات وقيود على التجارة والاستيراد بموجب "قانون قيصر" الذي فرضته الولايات المتحدة على النظام السوري، وأدى ذلك إلى توقف عدد كبير من الشركات العالمية عن تصدير كثير من السلع إلى هناك، الأمر الذي تسبب بتزايد الحاجات بفعل النقص الكبير في البذور، من هذا المنطلق شكل لبنان "وسيطاً" مناسباً، وفرصة لتجاوز القيود الشديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وذكر عضو اللجنة الزراعية في لبنان، المهندس محمد الرفاعي أنه "بفعل عقوبات قيصر، توقفت الشركات الأوروبية عامة، والشركات البلجيكية، والفرنسية، والهولندية بخاصة عن تصدير بذور البطاطا إلى سوريا، التي باتت تأتي إلى لبنان قبل نقلها إلى الجارة سوريا".
وقد توقفت شركات "ستات"، أج زد بي سي"، و"الأغريكو" عن التوريد إلى سوريا بصورة مباشرة بخلاف العام الماضي، مما زاد من الضغوط على السوق اللبنانية. ويضيف الرفاعي "لقد اعتادت السوق اللبنانية على هذا الأمر، ولعب دور الوساطة، فقد سبق أن حدث في الأعوام الماضية، ولكن مع وقف مزيد من الشركات تعاملاتها المباشرة مع سوريا، ازداد الضغط على السوق اللبنانية التي تشكل متنفساً رئيساً".
كما سلط الرفاعي الضوء على "سبب إضافي للأزمة" أدى إلى ارتفاع الأسعار، إذ تراجع حجم إنتاج البذور في فرنسا وهولندا، ويعطي مثالاً "صنف الفارييتيه سبونتا" المرغوب في لبنان وسوريا الذي تراجع بنسبة 12 في المئة. ويعزو التراجع في الإنتاج إلى استبداله هذه الأصناف بأصناف أخرى لسد حاجات معامل "رقاقات البطاطا" (Chips) على غرار الهيرميس والأغريا. وارتفع سعر الطن بحدود 30 في المئة من 500 يورو إلى ما بين 750 و800 يورو تقريباً.

البذور ضحية الأزمة

كما انعكست الأوضاع الأمنية المضطربة التي أعقبت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في رغبة التجار لاستيراد البذور، وينطلق محمد الرفاعي الذي يعبر أحد أكبر المزارعين في سهل عكار، ليشير إلى استيراده ربع الكمية التي يستوردها في الظروف الطبيعية، لأنه تخوف من بقاء البذور في المرفأ، أو تعرضها للتلف في حال عدم تأمين التبريد المطلوب عند مستوى ثلاث درجات مئوية أو حتى قصف الشحنات من قبل الجانب الإسرائيلي. ويستند الرفاعي إلى الحسابات الإحصائية، ليقول إن "السعر المتوسطي للحاوية الواحدة يبلغ 25 ألف دولار أميركي، وفي حال استيراد 60 حاوية، فإن التاجر يعرض استثماراً مالياً كبيراً للخطر في ظل عدم وجود نظام حماية وتأمين من قبل الدولة ضد المخاطر".

اضطرابات البحر الأحمر والمخاطر المحتملة

كما تواجه سوق البذور خطر ارتفاع الأسعار بفعل الأحداث في البحر الأحمر، واضطراب حركة التجارة العالمية، وتحديداً تلك التي تمر عبر قناة السويس. يؤكد رئيس تجمع مزارعي البطاطا في عكار (شمال لبنان) عمر الحايك أن "أكثرية البذور المستوردة تأتي من أوروبا في الدرجة الأولى، ولكن هناك غلاء عالمياً لكلفة الشحن، وسينعكس هذا الأمر بصورة مباشرة على المزارع والتاجر، ومن ثم المواطن"، لافتاً إلى "ارتفاع مقبل للأسعار بسبب زيادة الأكلاف سواء على السلع المستوردة من أوروبا أو تلك القادمة من الصين وآسيا عامة".

اقرأ المزيد