Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة: ماذا بعد مئة يوم من القتال وتزايد الضغوط على نتنياهو؟

مع تزايد الدعوات الدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ومطالبة أهالي الرهائن الإسرائيليين بإطلاق سراح المحتجزين، وزيادة المخاوف من حرب إقليمية أوسع نطاقاً، على رئيس الوزراء الإسرائيلي ألا يتوقع الكثير من الراحة فيما تتخطى حربه ضد "حماس" المئة يوم

ملخص

مئة يوم من القتل ولم تحسم الحرب على غزة بعد. فهل تفرض الضغوط والمطالب إعادة خلط الأوراق وانتهاج مقاربة مختلفة؟

فيما تتخطى حرب إسرائيل ضد "حماس" في غزة حاجز المئة يوم، تتواصل الضربات الجوية على معظم مناطق القطاع، وذلك بالتزامن مع تواصل عمليات القتال البري الشرسة، وتواصل دعوات وكالات الغوث الإنسانية من أجل توفير المزيد من شحنات مواد الإغاثة وبشكل أسرع لمساعدة سكان غزة اليائسين.

لكن الضغط يتزايد على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بخصوص استمرار الحرب، التي أشعل فتيلها هجوم شنته حركة "حماس" داخل أراضي إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أسفر عنه مقتل 1200 شخص، كما أدى إلى احتجاز حوالى 240 رهينةً على يد "حماس". وفي المقابل، نفذت إسرائيل ضربات عسكرية جوية، وعمليات عسكرية برية، وفرضت حصاراً فبلغت الحصيلة قضاء أكثر من 24000 شخص، بحسب السلطات الصحية في غزة التي تسيطر عليها "حماس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الولايات المتحدة الأميركية، وهي أقوى حلفاء إسرائيل، قد أعلنت يوم الأحد أن "الوقت قد حان" كي تقوم إسرائيل بالحد من هجومها العسكري ــ وقد جاء ذلك التصريح بعد تعليقات في الأسبوع الماضي، أدلى بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا من خلالها إلى إيجاد "طريق يؤدي" إلى دولة فلسطينية. وكانت الصين قد أثنت بدورها على تلك الدعوات، من خلال حثها على التوصل "إلى وضع جدول زمني محدد وخريطة طريق من أجل تحقيق حل الدولتين".

لكن تحقيق هذا الهدف صعب. "فالاحتمال معدوم بأن تقبل حكومة نتنياهو، أو حتى أي حكومة أقل تطرفاً تخلفها، بخوض مطلق مسار قد يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية"، بحسب ما قاله خالد الجندي من معهد دراسات الشرق الأوسط لصحيفة "اندبندنت".

من جانبه، أطلق نتنياهو التحديات خلال عطلة نهاية الأسبوع من خلال قوله: "لا أحد سيستطيع إيقافنا [في مهمتنا لتدمير حماس] ــ لا [المحكمة الدولية] في لاهاي، ولا محور الشر، ولا أي طرف آخر".

لكن، بالنسبة للبعض في إسرائيل، وفي عدد من الدول حول العالم، يبدو هذا التحدي [الذي يعبر عنه نتنياهو] منفصلاً عن الواقع. فالتقارير التي برزت في وسائل الإعلام الإسرائيلية تفيد بوجود خلافات داخل الحكومة الأمنية المصغرة التي تدير الحرب. فوزير الأمن الوطني من تيار اليمين المتطرف إيتمار بن غفير، الذي كان محيداً عن قرارات الحرب، قام أخيراً بتبادل الانتقادات مع وزير الدفاع الإسرائيلي الوسطي السابق بيني غانتس.

خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، شهدت تل أبيب تظاهرات ضخمة تدعو للإفراج عن بقية الرهائن الإسرائيليين، الذين أمضوا حتى الآن أكثر من مئة يوم معتقلين في غزة. وكان بعض الرهائن المفرج عنهم قد شاركوا في التظاهرة، حيث سألت إحدى الرهائن السابقين هي موران ستيلا ياناي، الجموع: "كيف يكون لدينا أمل بعد مرور مئة يوم؟".

في وقت لاحق، بدأ المتظاهرون يدعون إلى استقالة نتنياهو، في أعقاب موجة من الاحتجاجات المماثلة المناهضة للحكومة جرت في الأسابيع الماضية ــ فيما قام عدد من المشاركين فيها بارتداء الزي الخاص بالمساجين، تجسيداً لدعواتهم لسجن نتنياهو. فالأخير يواجه اتهامات بالفساد لا علاقة لها بالحرب، وقد استؤنفت جلسات التحقيق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. لكنه لطالما عكف على نفي تلك الادعاءات بقوة. 

ومن جهتهم، رفض العديد من أهالي الرهائن توجيه الانتقادات إلى الحكومة منذ بداية الحرب، ساعين إلى إظهار الوحدة في زمن الحرب. لكن، ومع دخول هذه الحرب الآن شهرها الرابع، ومع بقاء أكثر من مئة رهينة محتجزة لدى "حماس"، بدأ هؤلاء الأهالي يفقدون صبرهم بسبب الاستراتيجية الحكومية المتبعة.

"الأمر واضح بالنسبة إلينا بأن عملية الإفراج عن الذين تم اختطافهم سيتطلب وقتاً طويلاً. ونحن نقوم بالاستعداد لمعاناة طويلة"، بحسب ما قاله أفيرام مئيير وهو عم أحد الرهائن، ويدعى ألموغ مئيير جان Almog Meir-Jan.

وقدمت حركة "حماس" تذكير بذلك الألم يومي الأحد والإثنين، من خلال تسجيل فيديو قاس لكل من الرهائن الإسرائيلية نوا أرغماني، وعمرها 26 سنة، ويوسي شارابي، وعمره 53 سنة، وإيتاي سفيرسكي، وعمره 38 سنة، يتساءلون في التسجيل عما يمكن أن يكون مصيرهم. وفي تسجيل فيديو لاحق، يزعم أنه يظهر جثث إثنين من الرهائن هما يوسي شارابي، وإيتاي سفيرسكي، بعد ورود تحذيرات من أنه يمكن أن يكونا قد قتلا. وادعى تسجيل الفيديو أن الرهينتين قتلتا في ضربة إسرائيلية، وهي سردية اعتمدتها "حماس" تكراراً في تسجيلاتها الدعائية. واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من ناحيته، أن هذا النوع من تسجيلات الفيديو يشكل "إساءة نفسية".

وقد أفرج عن بعض النساء والأطفال الرهائن في عملية تبادل مع مساجين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وذلك خلال وقف موقت لإطلاق النار نفذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. لكن أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين من قبل "حماس" وجماعات أخرى في غزة.

وفي حديث لها خلال تظاهرة استمرت 24 ساعة، أقيمت في ما أصبح يعرف في إسرائيل بـ"ساحة الرهائن" في تل أبيب يوم الأحد، ناشدت والدة أرغماني، التي تعاني من مرض عضال، محتجزي الرهائن بالإفراج عن ابنتها كي تراها قبل وفاتها.

وقالت ليورا أرغماني Liora Argamani، البالغة من العمر 61 سنة، "أنا أود أن أشكر شعب إسرائيل، فأنا أكن لكم محبة كبيرة. أتمنى أن أتمكن من لقاء ابنتي نوا قبل أن تأتي منيتي".

وفي الأسبوع الماضي، صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه تم التوصل إلى صفقة مع دولة قطر للسماح بدخول المواد الطبية إلى غزة مقابل الإفراج عن الرهائن، كما كانت هناك تقارير إعلامية عن إحراز بعض التقدم في المحادثات للإفراج ربما عن المزيد من الرهائن، لكن ما من أنباء مؤكدة حتى الآن.

وفي غزة، تستمر الضربات الإسرائيلية. فقتل إثني عشر فلسطينياً، وجرح آخرون في ضربة جوية إسرائيلية خلال الليل استهدفت منزلاً في مدينة غزة في شمال القطاع، بحسب ما قاله مسؤولون في قطاع الصحة في القطاع الذي تديره "حماس"؛ وفي هذه الأثناء، استمرت سحب الدخان في الارتفاع فوق مدينة خان يونس الرئيسية جنوب القطاع بعد تعرضها للقصف المدفعي الإسرائيلي.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية التابعة لـ"حماس" "صفا" بأن مواجهات عنيفة دارت بين "حماس" والقوات الإسرائيلية في مدينة خان يونس، كما قالت أيضاً إن الدبابات الإسرائيلية قصفت مناطق قرب مخيمي البريج والمغازي للاجئين الفلسطينيين في وسط غزة. وأعلن مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني في مستشفى ناصر في خان يونس في وقت متأخر من يوم الإثنين إن سبعة أشخاص قضوا كما أصيب عدد آخر في استهداف صاروخي لموقع قرب المستشفى.

في بيان له، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت مقاتلين فلسطينيين إثنين في غارة جوية على مركبتهما فيما كانا ينقلان أسلحة في منطقة خان يونس، كما قامت القوات الإسرائيلية بالهجوم على مقر قيادة تابع لـ"حماس" في المدينة ودمرت مخزنين من الأسلحة.

ويوم الخميس الماضي أيضاً، في مدينة لاهاي، قامت دولة جنوب أفريقيا في رفع قضية قانونية تاريخية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. وفي محاولة منها للدفاع عن موقفها، اتهمت إسرائيل دولة جنوب أفريقيا بتزوير الحقائق، مجادلة بأنه لا يجب أن يتم رفع تلك القضية من أساسها. يذكر أن محكمة العدل الدولية، وهي أرفع سلطة قضائية في الأمم المتحدة، تقوم بالنظر في القضية، إلا أن الحكم فيها قد يتطلب أشهراً.

ويتزايد القلق من تطور النزاع ليصبح حرباً أوسع نطاقاً. يوم الإثنين، قالت الشرطة الإسرائيلية إنها اعتقلت فلسطينيين إثنين بعد عملية دهس، كان قد تم تنسيقها في بلدة رعنانا Raanana، وسط إسرائيل، أدت إلى مقتل امرأة، وجرح سبع عشرة شخصاً آخرين. والشخصان المشتبه فيهما ينتميان إلى نفس العائلة، ويتحدران من الخليل في الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية، وتبين لاحقاً أن إحدى السيارتين المستخدمتين في الهجوم كانت مسروقة بحسب الشرطة الإسرائيلية.

أما في البحر الأحمر، فقد أصاب صاروخاً إحدى السفن بالقرب من السواحل اليمنية. وعلى ما يبدو فإن الصاروخ أطلق من قبل المتمردين الحوثيين، والجماعة تعتبر جزءاً مما تطلق عليه إيران محور المقاومة الذي يضم أيضاً حركة "حماس"، و"حزب الله" في لبنان. وتنخرط الجماعتان المذكورتان في ضربات عبر الحدود اللبنانية- الإسرائيلية. وكان كل من الحوثيين و"حزب الله" قد أكدوا بوضوح دعمهم لحركة "حماس" والشعب الفلسطيني. وقامت المملكة المتحدة في الانضمام إلى الولايات المتحدة في حملتها التي تستهدف مواقع الحوثيين في اليمن الأسبوع الماضي، كجزء من الجهود الرامية إلى منع عرقلة إبحار السفن التجارية عبر طرق الشحن البحري الحيوية، التي كانت الميليشيات المتحالفة مع إيران تهاجمها.

وأفاد نتنياهو بأن إسرائيل لن يكون أمامها أي مشكلة في توجيه ضربات أقوى لـ"حزب الله"، إذا قامت ميليشياته بتصعيد هجماتها. وهذا يعتبر جزءاً من الخطاب الذي يعتمده نتنياهو والموجه إلى "حماس"، لكن مثل هذا الكلام الواثق، من شأنه فقط أن يكون مفيداً بالنسبة إلى نتنياهو على الصعيد السياسي المحلي الداخلي فقط.

في بداية الحرب، كان العديد من مجموعات "واتساب" الإسرائيلية، التي أنشأت في الأصل في بدايات عام 2023 كجزء من حركة الاحتجاج الواسعة ضد نتنياهو، ومشروعه المثير للجدل لإصلاح القضاء ــ الذي رفض أخيراً من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية ــ قد التفت بدلاً من ذلك حول مساعي مساندة الجهد الحربي، عبر إعادة تنظيم أهدافها لتكون بمثابة نقاط تنسيق لإيصال المساعدات والغذاء لجنود الاحتياط الإسرائيليين واللاجئين الإسرائيليين.

حالياً، يبدو أن البعض على مواقع تلك المجموعات قد بدأ يغلي بمنشورات تعكس مشاعر معادية للحكومة الإسرائيلية من جديد. وفي استطلاع للرأي نشر في الثاني من يناير (كانون الثاني) من قبل معهد الديمقراطية الإسرائيلي المحايد، أظهر أن 15 في المئة من الإسرائيليين يودون فقط بقاء نتنياهو في منصبه بعد انتهاء الحرب ــ وهي نتيجة تعكس نتائج استطلاعات أخرى تظهر أن شعبية نتنياهو قد تراجعت بشكل كبير.

إن "نتنياهو قد انتهى"، بحسب ما قاله المفاوض الإسرائيلي السابق للإفراج عن الرهائن، غيرشون باسكين Gershon Baskin لصحيفة "اندبندنت". "إن الرأي العام الإسرائيلي قد بدأ ينتفض من جديد. المزيد والمزيد من الناس، حتى من ضمن حزب نتنياهو نفسه، يقولون إنه قد فقد السيطرة على البلاد، كما فقد السيطرة على الحزب [الليكود].

"أعتقد أن الرأي العام قد فقد الثقة بنتنياهو، حتى لو كانت تلك الثقة موجودة في الأساس في قدرته على إدارة الحرب. نحن نرى الكثير من الناس الذين يناقشون حاجة نتنياهو إلى إطالة هذه الحرب إلى أطول مما هو مفترض، وذلك من أجل مساعيه لإنقاذ نفسه".

ومع تنامي الضغوط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ومطالبات العائلات الإسرائيلية بفك أسر الرهائن ليعودوا إلى ديارهم، وبوجود علامة استفهام ضخمة تحتاج إلى إجابة عن مستقبل قطاع غزة، فإن الضغوط على نتنياهو وعلى إسرائيل من شأنها فقط أن تتزايد في المستقبل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط