Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التحيزات في أفلام جيمس بوند لا تقارن بالخطر المحدق بحريات اليوم

تعد الآراء التي عفا عليها الزمن والتحيز ضد المرأة جزءاً لا يتجزأ من إرث جيمس بوند الصالح والطالح

بيرس بروسنان لعب دور جيمس بوند بين عامي 1995 و2002 (2023 إنفيجن)

ملخص

هل نحن بحاجة إلى التحذيرات من التحيزات السائدة في الأعمال الفنية القديمة بينما يستمر التقويض الهادئ للحقوق والحريات في يومنا الحالي؟

أعترف بأنني متيمة بأفلام جيمس بوند منذ الأزل وإلى الأبد (نعم حتى خلال حقبة إسناد الدور لبيرس بروسنان - أنا التجسيد التام لكلمات أغنية الفيلم الشهيرة "العين الذهبية" Goldeneye التي أدتها تينا تورنر).

ويسعدني أن أقدم نفسي على أنني عضو من "زمرة الووكراتي" (أي جزء من تيار "ووك" المؤمن بالعدالة الاجتماعية والقضايا التقدمية والليبرالية) ويرجح بالتالي أن يرد اسمي ضمن قائمة الأشخاص الذين تبغضهم [وزيرة الداخلية البريطانية السابقة] سويلا برافرمان (مع أنني لا أتناول كثيراً من التوفو [انتقدت الوزيرة مرة آكلي التوفو من تيار "ووك"])، لكن على رغم مؤهلاتي كشخص مؤمن بأفكار تيار "ووك" ما زلت أعتقد بأن آخر تحذيرات المحتوى المتعلقة بأفلام جيمس بوند سخيفة ومبالغ فيها، ففي استعادة موسمية لأعمال المؤلف الموسيقي جون باري [مؤلف موسيقي والموزع لنغمة بوند الشهيرة] أضاف معهد الفيلم البريطاني عدداً من التحذيرات إلى الأفلام المعروضة خلال الموسم، ومنها "أصبع الذهب" Goldfinger و"أنت تحيا مرتين فقط" You Only Live Twice، وجاء في التحذير للمشاهدين "نرجو لفت النظر إلى أن كثيراً من هذه الأفلام تحوي كلاماً أو صوراً أو محتوى آخر يعكس الآراء المنتشرة في حينه، لكنه يتسبب بالإساءة اليوم (كما في حينه أيضاً)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويندرج هذا التحذير ضمن ثقافة أوسع بكثير من تحذيرات المحتوى التي ترد قبل أن تشاهد (أو تقرأ) أي شيء تقريباً هذه الأيام، حتى الأعمال الكلاسيكية مثل جاين أوستن وبيولف.

وفيما لبعض هذه التحذيرات دور مهم (التحذير من المحتوى الحساس مثل الاغتصاب والاعتداء الجنسي مثلاً لمساعدة الناجين على اتخاذ خيارات واعية في شأن التعرض لمحتوى قد يزعجهم أو يحيي صدمتهم من عدمه)، أعتقد أننا باعتبارنا بالغين قادرون على اتخاذ جزء كبير من تلك الخيارات بأنفسنا.

وفيما يخص بوند لا يسعني أبداً أن أفهم المنطق القائل بأن جماهير العصر الحالي "غير قادرة" بشكل ما على تمييز المقبول (من غير المقبول).

إن كنت لا تعلم ما هو شكل أفلام بوند وماذا يمكنك أن تتوقع منها فلا بد أنك كنت تعيش في عزلة تامة عن العالم، فانطلاقاً من "فتيات بوند" شبه العاريات في كل الأوقات أو التصوير المهين لشخصية أود جوب الشرير، لا يمكن اعتبار أي من هذه الآراء مقبولاً، لكن المرء يشاهد الفيلم وهو يعلم بأنها آراء صادرة عن رواية خيالية كُتبت منذ أكثر من 60 عاماً، ولا حاجة أبداً إلى أن يقول لنا أحد بأنها انعكاس لوجهات النظر "المهينة" السائدة في ذلك الوقت، فنحن نعلم ذلك ونفهمه.

كما أن جيمس بوند فيلم خيال ولا يمثل الواقع، فهل من الضروري أن أشدد على وجود مخابئ الأشرار داخل الجبال والمطاردات على سطح القطار والنساء المطليات بالذهب؟ لا يتوقع أي معجب بأفلام بوند تجسيداً معقماً للحياة الواقعية لأنه ليس كذلك.

شاهدت جيمس بوند للمرة الأولى رفقة والدي عندما كنت طفلة وكنا نناقش الفيلم دائماً في النهاية، وعلموني منذ الصغر أن أستخدم التفكير النقدي في قضايا مثل التنميط العرقي والتحيز الجنسي في تصوير النساء، وشكلت المواضيع التي صورتها أفلام بوند بعضاً من هذه النقاشات، وأتمنى أن تُشجع الجماهير الشابة التي تقصد معهد الفيلم البريطاني لمشاهدة هذه الأفلام على خوض نقاشات شبيهة بدل التعرض للوعظ.

قد تكون التحذيرات في شأن المحتوى مفيدة، ولا شك في أنها تنبع من نية صادقة وحسنة، لكن بالنسبة إليّ لا يخدم التسرع في وضع تحذير على كل ما نستهلكه سوى في إبراز السخرية في بعض طرق عيشنا الآن.

كيف أصبح مجتمعنا بالغ الحساسية وشرساً ومليئاً بالاستقطاب في الآن نفسه من نواحٍ أخرى؟

ما علينا سوى النظر إلى اللغة التي يستخدمها ممثلونا المنتخبون في موضوع الهجرة باعتبارها مثالاً مناسباً وذا صلة، وفي الأقل الأمور غير اللائقة والخاطئة في جيمس بوند واضحة، فهي مباشرة وواضحة على الملأ ومن السهل تحليلها وإدانتها (إن لزم الأمر).

عندما يكون الموضوع واضحاً وضوح الشمس فمن السهل أن تتصدى له، لكن ما أجده مقلقاً أكثر بكثير هو عندما يُسمح لهذه الآراء بأن تكون موجودة في السر.

نشهد اليوم كل أنواع الظلم "المعاصر" في جميع أنحاء العالم، فتُحرم النساء من حقوقهن الأساس المتعلقة بأجسادهن وحقهن في الإجهاض في أميركا وغيرها من الأماكن، وكارهو النساء مثل أندرو تايت يلقنون مبادئهم للأطفال، وفي المقابل تزداد أعداد جرائم الكراهية التي تدفعها عنصرية ودينية وكراهية المثليين والمتحولين جنسياً، وحكومتنا لا تفعل أي شيء كي تصبح البلاد شاملة وحاضنة للجميع بحق، بل يبدو أنها تزدهر بفضل زرع الاستقطاب في المجتمع وتوليد الشقاق بيننا.

ويستمر التقويض الهادئ للحقوق والحريات التي نعتبرها من المسلمات، ومع ذلك يحذروننا من محتوى أفلام "مبالغ فيها" من ستينيات القرن الماضي.

ألا يبدو ذلك سخيفاً؟ هذا ما أراه أنا بل أراه خطراً كذلك، وهذا أسوأ كما تقول الحكمة القديمة (التي تُنسب لفولتير) "قد أخالفك الرأي لكنني مستعد أن أدفع حياتي ثمناً للدفاع عن حقك في التعبير عنه".

وبدل المشاركة في "الحروب الثقافية" المصطنعة من طريق فرض الرقابة ووضع تحذيرات على المحتوى وإلغاء كل من نخالفهم الرأي، علينا أن نسمح لهم بالكلام ثم ننتقدهم بسببه، إذ عندما نعزل أنفسنا ونحد من النقاش والفهم فسنفقد القدرة على رؤية الجانب الآخر، ونجد أنفسنا في موقع مخيف جداً في عام 2024.

© The Independent

المزيد من سينما