Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إغلاق الفروع"... شعار المصارف اللبنانية "المتمدد"

يترافق ذلك مع صرف عديد من الأجراء لقاء تعويض من دون اللجوء إلى القضاء

مواطنون لبنانيون يحتشدون لسحب الأموال من صراف آلي (أ ف ب)

ملخص

تزداد عمليات الصرف من الخدمة وإغلاق الفروع التي تقوم بها المصارف التجارية في لبنان في ما تتعمق معاناة الموظفين الذين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة لتقاضي أجورهم

تزداد العزلة الاقتصادية التي تعيشها مناطق الأطراف في لبنان بفعل إغلاق فروع المصارف التجارية، وتحول بعضها إلى مجرد صرافات آلية خاوية، فيضطر الموظفون من أبناء المحافظات المهمشة تاريخياً، إلى التوجه إلى المدن الكبرى والعاصمة بيروت لتقاضي رواتبهم، أو توكيل أحد أقاربهم لإتمام العمليات المصرفية. ويترافق ذلك مع صرف المصارف للموظفين والأجراء تخفيفاً للنفقات، وهو ما يشي بتقليص أعمالها بصورة تدريجية.

الراتب لا يكفي

خلال الأسابيع الماضية، أغلقت مجموعة من المصارف فروعها، وتحديداً في مناطق عكار والبقاع الشمالي، حيث أغلقت سبعة مصارف فروعها، ومدينة صور جنوباً. وانعكس ذلك سلباً على الموظفين، وخصوصاً على العسكريين وموظفي الإدارات العامة والمتقاعدين. وشهدت أكثر من منطقة تحركات لإيصال رسالة احتجاجية إلى جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري.

تروي السيدة رولا المعاناة مع إغلاق أحد المصارف الكبرى فرعه في محافظة عكار التي يلتحق كثير من شبانها بمؤسسة الجيش اللبناني، وتقول "بعد وفاة والدي، حصلت والدتي على راتبه التقاعدي. وقد قمنا بتوطينه في أحد فروع البنوك الواقعة في حلبا، والقريبة من مكان سكنها، ولكن تفاجأت على غرار عدد كبير من المواطنين بقرار إغلاق فرع المصرف. وأصبحت والدتي ملزمة الذهاب إلى فرع طرابلس الذي يبعد ساعة ونصف الساعة". وتضيف "أصبح الأمر منهكاً على سيدة كبيرة في السن، ومكلفاً مادياً من أجل الحصول على راتب يساوي 140 دولاراً"، لذلك أوكلت الوالدة صهرها بقبض راتبها عندما يذهب لقبض راتبه.

وبات المشهد أمام آلات سحب النقود المثبتة أمام الفروع الرئيسة للمصارف متشابهاً، أشخاص يحملون عدداً كبيراً من البطاقات ويقومون بتيسير الأمور لأقاربهم. ويشير أحدهم إلى إجرائه اتصالات متكررة بالأشخاص والأقارب من أجل إدخال كلمات السر، والتمكن من سحب الأموال.

صرف الموظفين

من جهة أخرى تحول عديد من فروع المصارف خارج العاصمة بيروت إلى مجرد آلات صرف نقود، ويشكو موظفون من تعرضهم إلى مواقف محرجة بسبب خلو الأجهزة من المال الكافي. ويؤكد أحد الموظفين أنه "يضطر للتوجه إلى الصراف الآلي أكثر من مرة لتقاضي راتبه، لأن الصراف يعاني الأعطال في كثير من الأحيان، أو أنه خال من النقود، ناهيك بوضع دولارات ممزقة، يرفض التجار تقاضيها، ويضطر إلى بيعها دون قيمتها للصرافين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تشهد المصارف عمليات صرف مستمرة للأجراء والموظفين. ويؤكد نقيب موظفي المصارف في الشمال حسان ريفي "إغلاق عدد من المصارف لفروعها في عكار والشمال"، و"حصول عمليات صرف من أربعة فروع لمصارف تجارية منتشرة في عكار وطرابلس وأميون- الكورة"، "كما يتجه البنك الإسلامي التابع لبنك الاعتماد اللبناني للإقفال نهاية الشهر الجاري (يناير)".

ويأسف ريفي لـ"قيام المصارف باستفراد الموظفين، وصرفهم على مراحل، ولقاء تعويضات محدودة"، و"يستخدمون معهم أسلوب الترهيب والترغيب، ويحذرونهم من عدم جدوى اللجوء إلى القضاء". ويضيف "لا يمكننا أن نطالب بحقوق الأجير عندما يعبر صراحة عن رفضه لذلك، يفضل الموظفون تقاضي تعويضات متفق عليها مع المصارف التجارية".

الإقفال لضرورات تجارية

ما يجري في مصارف الشمال وعكار يمثل جزءاً من المشهد المصرفي العام في لبنان، حيث تغلق المصارف فروعها، وتصرف أعداداً متزايدة من الأجراء. ويمهد ذلك الأرضية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتصنيف المصارف بين قادرة وغير قادرة على مواصلة أعمالها في ظل الانهيار المالي والاقتصادي.

وتؤشر عملية إقفال فروع المصارف إلى الوضع الحالي لهذه المؤسسات. ويعتقد المتخصص في الشأن الاقتصادي جاسم عجاقة أن المصارف تغلق فروعها في المناطق لأسباب محض تجارية، وهذا الأمر ينسحب على صرف بعض الموظفين من الخدمة، لافتاً إلى "أن المصارف هي عبارة عن شركات مساهمة، تسعى إلى تحقيق التوازن بين المداخيل والمصاريف".

ويشير عجاقة إلى دور حاسم للاقتحامات التي شنها مواطنون ومودعون على قرار إغلاق الفروع في المناطق، معطوفة على تراجع حجم الأرباح التي تحققها تلك المصارف.

عودة المصارف إلى حجمها الطبيعي

وشهدت المصارف اللبنانية "حقبة عز" قبيل اندلاع الأزمة في أواخر 2019، إذ لم تتبق منطقة لبنانية بمنأى من إنشاء فروع مصرفية، إضافة إلى إطلاق حزم قروض شتى لتشجيع المواطنين على الاستدانة.

ويتحدث عجاقة بإيجابية عن افتتاح الفروع في المناطق المختلفة، إذ أسهمت في تنشيط الحركة الاقتصادية في القرى، ووفرت الجهد والمال على المواطن، كما خدمت التوجه العالمي لتحقيق "الشمول المالي"، أي استخدام مختلف الناس للمصارف في تعاملاتها المالية، وتخفيض التهرب الضريبي.

ويرى عجاقة أنه "عندما كانت المصارف تؤمن أرباحاً كانت تغطي كلف التشغيل، ولكن تقليص الأعمال جاء نتيجة تراجع حجم الأعمال"، لافتاً إلى أن "افتتاح الفروع جاء نتيجة دورة اقتصادية معينة ومشاريع تنموية، حيث كان يترافق مع إنشاء فروع للجامعات الخاصة، وقد بلغ لبنان مرحلة متقدمة عالمياً في إنشاء فروع مصرفية مقارنة بعدد السكان بسبب المنافسة الشديدة بين المؤسسات المصرفية في البلاد".

الاقتصاد النقدي يتمدد

وفي مقابل انحسار حجم القطاع المصرفي يسلك الاقتصاد النقدي مساراً معاكساً، فهو آخذ في التوسع والانتشار من خلال شركات تحويل الأموال خارج نطاق المؤسسات الرقابية. ويجزم جاسم عجاقة أنه "لا مجال للنمو إلا من خلال قطاع مصرفي قوي، واستعادة الثقة به، لأن الاقتصاد الكاش (النقدي) لا يحقق النمو"، منوهاً بـ"عدم قيام شركات تحويل الأموال بعملية التحقق من مصدر الأموال ومشروعيتها".

ولا تقتصر المخاوف في لبنان على الصعوبات التي تعتري وصول المواطنين إلى أموالهم لدى المصارف اللبنانية، وإنما تجاوزتها إلى إشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط بتقييد الحوالات المالية الخارجية. وخلال نهاية الأسبوع الماضي تخوف مواطنون من فرض قيود على تحويل الأموال من الإمارات إلى لبنان. فما كان من حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلا أن أصدر بياناً، طمأن فيه إلى أن "العلاقة المصرفية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمصرف المركزي والمصارف التجارية في لبنان لا تزال كما هي من دون أي تغيير أو تعديل"، و"أن الأخبار المتداولة هي غير صحيحة وغير صادرة عن إدارة أي مصرف إماراتي".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات