Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لقاء ناجح بين "تقدم" و"حميدتي" واستمرار القصف في الخرطوم

واشنطن تطالب بوقف الحرب في السودان فوراً واختتام اجتماعات أديس أبابا اليوم

تصاعد حدة المعارك وتبادل القصف المدفعي بين الجيش وقوات "الدعم السريع" (أ ف ب)

ملخص

معارك ومواجهات في الخرطوم مع بدء اجتماعات "تقدم" و"الدعم السريع"

في وقت تتصاعد فيه المعارك وتبادل القصف المدفعي بين الجيش وقوات "الدعم السريع" أشعلت الذكرى الـ68 لاستقلال السودان، الأول من يناير (كانون الثاني) من كل عام، حراكاً سياسياً موازياً سببته خطابات قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان وقائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" في هذه المناسبة، وتبعها انعقاد الجولة الأولى لاجتماع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" مع "الدعم السريع" بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

خطابان عدائيان

وبعد ساعات من خطاب الفريق البرهان بمناسبة ذكرى الاستقلال، وجه الجنرال "حميدتي" خطاباً للشعب السوداني للمناسبة ذاتها، مما دفع كثراً من المراقبين إلى التشاؤم إزاء مستقبل مفاوضات وقف الحرب، وبخاصة اللقاء بين البرهان و"حميدتي" المرتقب، والذي سترعاه منظمة برعاية "إيغاد" خلال هذا الأسبوع، وفق وزير خارجية جيبوتي محمد الطيب يوسف.

ونفى الجنرال دقلو سعيه إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة وعدم رغبته أن تكون قواته بديلة للجيش السوداني، مشدداً على أن هدفه التغيير وبناء جيش موحد يستوعب جميع السودانيين ولا يتدخل في السياسة.

"حميدتي" يعتذر

وأعرب "حميدتي" عن أسفه للانتهاكات التي سجلت في حق المواطنين عموماً، وفي ولاية الجزيرة خصوصاً، مشدداً على محاسبة وردع المتفلتين وبذل جهود كبيرة للسيطرة وتأمين ممتلكات المواطنين. وأكد قدرة قواته وتصميمها على ملاحقة من وصفهم بالانقلابين ومؤججي الحرب وهزيمتهم، وطالبهم بالإقرار بفشلهم في الحرب ووقف عمليات الاستنفار للقتال الذي يدمر البلاد وأدخلها في أسوأ أزمة إنسانية في تاريخها مع تفشي خطاب الكراهية والعنصرية والانقسام الاجتماعي وتوقف الإنتاج وتدمير البنية التحتية، لا سيما بعد انهيار حكومة الأمر الواقع التي كانت تدير البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.

انتصارات وتفاوض

وتابع حميدتي أن "انتصارات قوات (الدعم السريع) في الشهر التاسع من الحرب، دليل على كفاءتها القتالية وبيان عملي لالتزامها قضايا الشعب العادلة وبناء دولة المواطنة المتساوية من دون تمييز"، وأكد استعداده الانخراط في مفاوضات من أجل حوار ينهي الحرب ويقود إلى حل شامل بعملية سياسية تفضي إلى الحكم المدني الديمقراطي قائم على الإرادة الشعبية، في ظل دولة سودانية جديدة خالية من هيمنة النخب، مجدداً التزامه مقررات قمة "إيغاد" الطارئة الأخيرة.

"حميدتي" وحمدوك

في الأثناء، تختتم، اليوم الثلاثاء بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اجتماعات وفدي قوات "الدعم السريع"، وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" برئاسة عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق، وقيادات من قوى التحالف يمثلون القوى السياسية والمهنيين والمجتمع المدني ولجان المقاومة.

وأوضح جعفر حسن المتحدث باسم تحالف الحرية التغيير أن الاجتماع حمل مؤشرات إيجابية، وتم تشكيل لجنة مشتركة لصياغة المشتركات واقتراح المعدات على أن تبحث جلسات اليوم تحديد المعدات وبلورة الصيغة النهائية لما اتفق عليه. وأشار حسن إلى أن اجتماع الأمس ناقش توسع قضايا وقف العدائيات وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، فضلاً عن كيفية وقف الحرب وقضايا تأسيس الدولة السودانية (سودان ما بعد الحرب).

إيجابية وتفاؤل

وأشار المتحدث نفسه إلى أن الاجتماع جاء استجابة لطلب سابق من عبدالله حمدوك قدمه لكل من قائدي الجيش و"الدعم السريع" للقاء عاجل لبحث سبل وقف الحرب، فيما لا تزال "تقدم" تنتظر موافقة البرهان لعقد اجتماع مماثل.

وفي السياق، أوضحت رشا عوض عضو اللجنة الإعلامية بالتنسيقية، في تصريحات صحافية، أن روحاً إيجابية سادت الاجتماع أمنت على ضرورة بلورة رؤية وخريطة طريق لإنهاء الحرب، وتأكيد أنها تمثل كارثة إنسانية بات تمددها يهدد الوحدة الوطنية للبلاد. وأشارت عوض إلى أن جولة الأمس ركزت على توسع قضايا التصدي للأزمة الإنسانية وحماية المدنيين عبر تدابير محددة يتم الإنفاق عليها مع ضرورة السعي إلى وقف العدائيات لعلاقته اللصيقة بالأزمة الإنسانية.

أعنف الغارات

ميدانياً، تجددت الانفجارات العنيفة بالعاصمة السودانية نتيجة تبادل القصف المدفعي بين الجيش وقوات "الدعم السريع" وسط الخرطوم. وجددت "الدعم السريع" قصفها المدفعي العنيف على مقر القيادة العامة للجيش، فيما استهدف الأخير مواقعها وسط وشرق الخرطوم ومنطقة جنوب الحزام والمدينة الرياضية. كما تواصلت المواجهات المدفعية بين الطرفين حول سلاح المهندسين جنوب أم درمان، وسلاح الإشارة وسط الخرطوم بحري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشهدت سماء الخرطوم تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي لساعات طويلة شن خلاله غارات جوية عنيفة على مواقع "الدعم السريع" في وسط الخرطوم وأم درمان وشمال الخرطوم بحري. وأفاد شهود بتعرض منطقتي البوستة والصالحة وسط وجنوب أم درمان لقصف جوي هو الأعنف من نوعه ضد تمركزات "الدعم السريع" منذ اندلاع الحرب.

قصف وانفجارات

وتحدث مواطنون من منطقة صالحة عن قضائهم يوماً مرعباً بسبب شدة وقساوة القصف الجوي والانفجارات القوية المتزامنة مع دوي انطلاق المضادات الأرضية لـ"الدعم السريع" في المنطقة. وأشار شهود إلى تواصل الغارات الجوية وهجمات الطيران المسير لمواقع "الدعم السريع" في الجريف غرب والمعمورة في قلب العاصمة، وفي منطقة خزان جبل أولياء جنوب الخرطوم. كما هزت انفجارات قوية مناطق مواقع "الدعم السريع" وسط الخرطوم، وفي أرض المعسكرات والمدينة الرياضية جنوب الخرطوم، والجريف شرق الخرطوم، نتيجة القصف المدفعي الثقيل المتبادل.

انطلاق المقاومة الشعبية

وتصعيداً لحملات التعبئة والتسليح الأهلي، قدمت "المقاومة الشعبية السودانية"، نفسها في أول بياناتها، بأنها "تنظيم شعبي من كل قرى وأحياء ومدن ومحليات وولايات السودان، لمقاومة ميليشيات التمرد وعمليات القتل والنهب والاغتصاب. وأضاف بيان المقاومة "نعمل في صف واحد مع القوات المسلحة والشرطة وجهاز الاستخبارات العامة على تحرير كل شبر من أرض الوطن وإعادة المستوطنين الجدد إلى بلدانهم".

وفي وقت تشكو فيه مدن وقرى ولاية الجزيرة استمرار الانتهاكات والنهب، تتابع القوتان المتحاربتان مناوشاتهما المدفعية وحشد قواتهما في محيط مدينة سنار وسط البلاد، واستهداف المقاتلات الحربية تجمعات ومتحركات قوات "الدعم السريع" على تخوم منطقة ود الحداد.

التحليل الأكاديمي

وعن مصير مستقبل المفاوضات ولقاء الجنرالين المرتقب، لاحظ المتخصص في مجال العلوم السياسية نور الدين عبدالعظيم أن خطاب الفريق البرهان الأخير بدأ أكثر تشدداً في موقفه من التفاوض بإضافته شروطاً جديدة على وقف إطلاق النار والخروج من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين، ولا سيما إعادة كل المنهوبات المدنية والحكومية والخروج من ولاية الجزيرة وبقية مدن السودان كشرط للاتفاق.

انغماس سياسي

ولفت الأكاديمي إلى أن البرهان بدأ من خلال هجومه العنيف على قوى سياسية ومدنية بعينها تدعو إلى وقف الحرب، كأنه رئيس حزب منافس منغمس في صراع سياسي حول السلطة، مما يعرقل الوفاق والإجماع الذي ظل هو نفسه ينادي به. وأوضح أنه، على رغم مخاطبة "حميدتي" القضايا السياسية والإنسانية وتركيزه على الحكم الديمقراطي المدني ودولة العدالة والمساوة، إلا أن واقع ممارسة وانتهاكات قواته يهزم كل تلك الدعاوى، "إذ من الصعب أن يقتنع الملايين من النازحين والمشردين واللاجئين والمنهوبين بحرص الرجل على العدالة والديمقراطية".

واشنطن تطالب

دولياً، طالبت الولايات المتحدة قوات "الدعم السريع" والجيش السوداني بضرورة إنهاء الحرب الوحشية وإعادة الحكم إلى المدنيين، مؤكدة وقوفها إلى جانب شعب السودان بالعمل على إنهاء الصراع حتى يتمكن في العام الجديد من البدء في تحقيق السلام والأمن والازدهار الذي يستحقه.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان بمناسبة الذكرى الـ68 لاستقلال السودان والعام الجديد، أن بلاده تولي اهتماماً لمعاناة الشعب السوداني المستمرة بسبب الصراع الذي لا داعي له بين الجيش وقوات "الدعم السريع". وأشار إلى أن الصراع السوداني أدى إلى ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية وتطهير عرقي، وانعدام خطر للأمن الغذائي، ونزوح واسع، وانهيار صحي، كما تسبب بصورة خطرة في تعميق الانقسامات العرقية والقبلية والإقليمية.

أكبر الأزمات

أضاف الوزير الأميركي أن السودان يعاني أكبر الأزمات الإنسانية والنزوح في العالم، فضلاً عن حالة الخراب في الاقتصاد والبنية التحتية بالبلاد، بوجه خاص، إلى معاناة النساء والفتيات جراء الصراع، بتعرض عديد منهن للاغتصاب أو العيش في حالة من الرعب من العنف الجنسي وسط حالة من الفوضى والإفلات من العقاب.

موقف موحد

من جانبها، طالبت وزارة الخارجية السودانية المجتمع الدولي باتخاذ موقف موحد يلزم "الدعم السريع" بالوقف غير المشروط لإطلاق النار وكل العمليات الحربية وإخلاء المدن والقرى والأعيان المدنية، مع ضرورة التزام مبدأ منع الإفلات من العقاب. وجدد بيان للخارجية لفت نظر العالم "للانتهاكات الخطرة للقانون الإنساني الدولي والممارسات الإرهابية التي تقوم بها الجنجويد في ولاية الجزيرة، بفرضها حصاراً جائراً على عدد من القرى والبلدات، وإجبار الشباب على التجنيد في صفوفها وتعريض سكانها للانتهاكات والإذلال، ونهب ممتلكاتهم وقتل كل من يقاوم ذلك"، واعتبر البيان أن استهداف القرى والمناطق الريفية التي تخلو من أية مظاهر عسكرية، "هو أسلوب الجماعات الإرهابية، إذ لا تزال الميليشيات تحتجز العشرات من الفتيات في ما يشبه الاسترقاق، ويعتقل آلاف من المدنيين في معسكرات تفتقد أدنى مقومات الحياة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات