Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد الأفريقي ومساعي استتباب السلام في إثيوبيا

محاولات لعلاج أزمات إقليم تيغراي مع المجاعة والحشد العسكري المتزايد

ينخرط قادة تيغراي في اجتماعات لمناقشة قرار الاتحاد الأفريقي بالدعوة إلى حوار سياسي (أ ف ب)

ملخص

 يخشى مراقبو الاتحاد الأفريقي من أن الأوضاع الراهنة في إثيوبيا تشي بإمكان انهيار السلام الهش.

عقد الاتحاد الأفريقي الاجتماع الثالث للجنة المشتركة لـ "آلية الرصد والتحقق والامتثال لعملية السلام الإثيوبية"، بهدف تقييم التقدم المحرز في عملية السلام والتحديات والفرص الماثلة أمام تنفيذ كافة بنود الاتفاق الموقع في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في بريتوريا بجنوب أفريقيا.

ودعا الاتحاد الأفريقي طرفي الاتفاق إلى ما سماه "جلسة التفكير الاستراتيجي" تشارك فيها لجنة الاتحاد الأفريقي الرفيعة المستوى حول إثيوبيا، وممثلي الشركاء الدوليين، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على أن تعقد في موعد لا يتجاوز شهرين.

وتأتي الدعوة إلى "جلسة التفكير الاستراتيجي" المقترحة، في وقت يشهد إقليم تيغراي بخاصة وإثيوبيا عموماً أزمات عدة يمكن تلخيصها في شبح المجاعة المدمرة في تيغراي، كنتيجة موضوعية للحرب التي استمرت عامين واستخدمت فيها المساعدات الغذائية كسلاح، مما خلق أزمة إنسانية متفاقمة في ظل شح الموارد الطبيعية وتعثر مواسم الزراعة، فضلاً عن استمرار الحروب الأهلية في أكثر من إقليم، في ظل واقع الأزمات السياسية الداخلية.

ويتزامن ذلك أيضاً مع تزايد نشر القوات المسلحة وحشد الدعم الشعبي، مما يثير مخاوف في شأن الاستعدادات لحرب محتملة بين إثيوبيا وإريتريا على خلفية سعي الحكومة الفيدرالية إلى امتلاك موانئ في البحر الأحمر، مما أثار أسمرا التي اعتبرت الأمر بمثابة تهديد لسيادتها البحرية، وكل تلك العوامل أسهمت في تراجع المردود الاقتصادي للدولة الإثيوبية والتخلف عن سداد القروض الدولية.

إنقاذ السلام

ويقدر متخصصون تابعون للاتحاد الأفريقي أن الأوضاع الراهنة تشي بإمكان انهيار السلام الهش الذي وُقع في نوفمبر 2022، موضحين أن ثمة ضرورة لمتابعة الملفات المتعلقة كافة بالتزامات الطرفين الموقعين على المعاهدة في ظل تدهور الوضع في كل من إقليمي الأمهرة وأوروميا، اللذان يصنفان بمناطق حرب مفتوحة بين الجماعات المسلحة والجيش النظامي.

وعلى جانب آخر ينخرط القادة السياسيون والعسكريون في تيغراي في اجتماعات مطولة للقيادات خلال الإقليم لمناقشة قرار الاتحاد الأفريقي بالدعوة إلى حوار سياسي، خصوصاً مع ما تشهده الساحة الداخلية التيغراوية من خلافات سياسية بين الحكومة الموقتة التي أنشئت على شرعية "اتفاق بريتوريا" والمعارضة السياسية التي تقودها ثلاثة أحزاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أن الصراعات الداخلية لا تزال في حيز السيطرة إلا أنها لم يتم حلها بالكامل بعد، وتلعب قوات دفاع تيغراي دوراً فاعلاً في هذه الجلسات التي تظل سلمية وخالية من المواجهة المسلحة، إلا أن تخلف الدولة المركزية عن سداد الموازنة الخاصة بقوات تيغراي ينبئ بإمكان تطور المواجهة، وهذا ما تحسب له خبراء الاتحاد الأفريقي فيما يعرف بجلسات التفكير الاستراتيجي التي من المزمع أن تشارك فيها جهات مدنية تمثل السكان.

ومن المتوقع أن يقدم هذا المنتدى التداولي توجيهات استراتيجية لتأكيد شرعية السلطة القائمة، وحلحلة الملفات الخاصة بتداعيات الحرب واستحقاقاتها السياسية ومستقبل الإقليم.

الانفراد بالسلطة

من جهته يرى المتخصص التيغراوي محاري سلمون أن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب التوافق حول مخرجات "اتفاق بريتوريا" للسلام، إذ إن قطاعات واسعة في تيغراي، بما فيها قادة عسكريون ومجندون، ترى أنها "معاهدة استسلام" لإرادة الجيش النظامي، وبخاصة ما يتعلق منها بالبنود التي تنص على نزع سلاح قوات الدفاع التيغراوية.

ويضيف، "وضع المجندين المسرحين من تلك القوات لا يزال غامضاً، إذ لم يتم دمجهم في الجيش النظامي، كما لم تتخذ أية إجراءات فعلية لعودتهم للحياة المدنية بصورة تراعي أدوارهم السابقة أثناء الحرب"، مشيراً إلى "أنهم نظموا عدداً من التظاهرات الاحتجاجية ضد الحكومة المؤقتة في الإقليم".

ويضيف المتخصص في الشأن التيغراوي أن ثمة أزمة شرعية تلازم إدارة غيتاشوا ردا، فهي حكومة غير منتخبة فضلاً عن أنها شكلت بطريقة مخالفة لمعاهدة السلام، إذ ينص الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق انتقالية تضم الأطياف السياسية الفاعلة في الإقليم كافة، وهذا لم يتم الالتزام به.

ويوضح أن الأحزاب السياسية المعارضة وبعض القيادات السابقة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لديها مواقف معلنة ضد الحكومة الحالية التي تتهمها بموالاة الحكومة المركزية على حساب مصالح التيغراويين.

ويرى محاري أن غياب التمثيل سيظل يلازم الإدارة الحالية إلى جانب الأزمات الناتجة من تداعيات الحرب، مما يقلص شرعيتها وقدرتها على القيام بمهماتها الأساس المتمثلة في العبور بالإقليم من حال الحرب إلى السلم والانتقال الديمقراطي.

من جهة أخرى يشير إلى وجود معارضة قوية للاتفاق على مستوى المركز أيضاً، فالحلفاء السابقون للحكومة المركزية والجيش النظامي مثل قوات الـ "فانو" في إقليم الأمهرة يرفضون الاتفاق باعتباره يمنح شرعية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي تمردت على النظام الدستوري وقادت حرباً مدمرة كان ضحيتها مئات آلاف المدنيين ومنتسبي الجيش النظامي.

ويرى أن إنقاذ السلام لا يزال يواجه تحديات كبرى، بخاصة في ما يتعلق بمقاضاة الأطراف المتورطة في المذابح الجماعية والتطهير العرقي خلال الأعوام الثلاث الماضية، مشيراً إلى أن الحكومة المركزية والإدارة الموقتة في تيغراي يسعيان إلى طي ملف الانتهاكات لأن كلاهما متهمان بالضلوع في تلك الجرائم.

لا بديل للاتفاق

بدورها ترى النائبة من حزب الازدهار الحاكم مسيرت هايلو أن دعوة الاتحاد الأفريقي إلى جلسات التفكير الاستراتيجي تمثل بادرة جيدة لتدارك بعض القصور الذي شاب مسيرة تنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أن ثمة عوائق فنية ولوجستية حالت دون التطبيق الأمثل للاتفاق الموقع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

وتوضح أن هناك فهماً مشتركاً لدى كل من الحكومة المركزية في أديس أبابا والإدارة الموقتة في مقلي لحقيقة تلك العوائق، بما فيها الأغلفة المالية المخصصة لتنفيذ الاتفاق، فضلاً عن تقاعس بعض المانحين الدوليين عن سداد التزاماتهم.

وتشير هايلو إلى أن الوضع الأمني في كل من إقليم أمهرة وأوروميا والإقليم الصومالي وبني شنقول ضاعف الأزمة المالية التي تعيشها الحكومة المركزية، في ظل وضع اقتصادي منهك ومدمر نتيجة الحرب الضروس التي خاضتها البلاد لعامين.

وتضيف أنه على رغم الأزمات الاقتصادية والمالية فإن حكومة حزبها ترى ألا مناص من التمسك بروح ونص الاتفاق، وقالت "نحن مؤمنون ألا بديل للاتفاق الذي أنهى الأعمال العدائية وأوقفت الدم".

وذهبت إلى أن "هناك خلافات سياسية وحالات استقطاب حاد، لكن الجميع متفق على التمسك بمكتسبات بريتوريا لأن الحرب هي البديل الوحيد المتاح، وهذا لن نسمح بحدوثه لأننا اكتوينا بما يكفي من الحروب".

وتقدر النائبة من حزب الازدهار الحاكم "أن ثمة مزايدات تتعرض لها حكومة مقلي من قبل جهات سياسية لا تمتلك خيارات أخرى للسلم"، مشيرة إلى أن "الحال الشاذة التي عاشتها البلاد لعامين لا ينبغي تكرارها تحت أي ظرف".

ونفت أن تكون الحكومة الفيدرالية الإثيوبية تسعى إلى إشعال حرب جديدة مع إريتريا، مضيفة أن "المطالبة بامتلاك الموانئ ستتم بطريقة قانونية ودبلوماسية ولن نطلق رصاصة واحدة من أجل ذلك".

وتابعت، "قبل ثلاث عقود كنا نمتلك ميناءين على البحر الأحمر، واليوم تعود مطالبتنا بحقوقنا التاريخية في إيجاد منفذ بحري في ظل الانفجار السكاني الذي تشهده بلادنا، ولا ينبغي أن يعتبر إعلان حرب"، مضيفة "نطالب بمنفذ بحري بطريقة سلمية لتجنيب الأجيال المقبلة مغبة الدخول في حرب من أجل ضمان مصالحها الاقتصادية".

وتزعم القيادية في حزب الازدهار الحاكم أن الحكومة تسعى بكل قوة وشجاعة إلى إحباط أي احتمال لقيام الحروب الداخلية أو مع دول الجوار، مشيرة إلى جولات الحوار التي خاضتها في تنزانيا مع متمردي الـ "أورومو" للوصول إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، أسوة بـ "اتفاق بريتوريا".

وعلى رغم عدم تحقيق تقدم ملموس بعد جولتين من المحادثات المباشرة، فإن أديس أبابا، بحسب قولها، عازمة على الاستمرار في الجهد ذاته برعاية منظمة "إيغاد".

وختمت حديثها، "نعمل مع الاتحاد الأفريقي وجهات دولية أخرى للتوصل إلى اتفاق مع مجموعة ’فانو، المتمردة في إقليم أمهرة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير