Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يملك الاتحاد الأوروبي منح إثيوبيا منفذا بحريا؟

وفد برلماني غربي يقدم "تصوراً سلمياً" لتحقيق ذلك ومتابعون: يتعارض مع مبادئ القانون الدولي

صرح رئيس الوزراء آبي أحمد أن "البحر الأحمر والنيل سيحددان مستقبل إثيوبيا" (أ ف ب)

ملخص

طلب وفد برلماني إثيوبي دعم مؤسسات الاتحاد الأوروبي لمشروع إثيوبيا الهادف إلى تأمين الإطلالة الساحلية على البحر الأحمر، فهل يتحقق ذلك؟

أفاد موقع البرلمان الإثيوبي بأن وفداً برلمانياً إثيوبياً يتألف من مختلف اللجان الدائمة بمجلس النواب التقى أعضاءً من برلمان الاتحاد الأوروبي خلال زيارتهم العاصمة أديس أبابا بعد ظهر أمس، وأطلعهم على جملة من التدابير التي تتخذها المؤسسات السياسية الإثيوبية في سبيل تمكين البلاد من الحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر.

وبحسب إفادة البرلمانيين الإثيوبيين المشاركين في اللقاء، فإنهم قدموا تصوراً يتضمن "عديداً من الخيارات التي ستمكن إثيوبيا من ضمان الوصول إلى المنفذ البحري". 

ووفقاً لرسالة صادرة من برلمان الاتحاد الأوروبي، فإن أعضاءً من مجلس النواب الإثيوبي قدموا إحاطة للوفد الزائر بقيادة إيزابيل ويزلر ليما من اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في برلمان الاتحاد الأوروبي تضمنت القضايا الأمنية والسياسية وحقوق الإنسان وكذلك القضايا الفيدرالية في إثيوبيا.

وأكدت رسالة البرلمان الأوروبي أن رئيس اللجنة الدائمة للعلاقات الخارجية وشؤون السلام بمجلس النواب الإثيوبي ديما نيجو، قدمت لنظرائها تصوراً حول سعي إثيوبيا إلى ملكية المنفذ البحري "على أساس المنفعة المتبادلة بطريقة سلمية ودبلوماسية"، مؤكدة أن "هناك خيارات عدة ستمكن إثيوبيا من تأكيد ملكية المنفذ البحري".

الدعم الأوروبي 

وطلب الوفد البرلماني الإثيوبي دعم مؤسسات الاتحاد الأوروبي لمشروع إثيوبيا الهادف إلى تأمين الإطلالة الساحلية على البحر الأحمر، مؤكداً "أن ذلك سيسهم في ضمان التنمية المستدامة في إثيوبيا، ويخلق حالاً من الاستقرار بالمنطقة".

من جهته أكد المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي أن السياسة الخارجية لبلاده "لا تدعم التدخل في شؤون الدول الأخرى ذات السيادة"، مضيفاً أن مطالبة أديس أبابا بالمنفذ البحري تتسق مع مبادئ القانون الدولي، وأن جميع الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، بما فيها التصورات المقدمة لوفد البرلمان الأوروبي، ترتكز على العمل الدبلوماسي السلمي، ولا تتضمن أي استهداف لسيادة الدول المجاورة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين لم يكشف عن طبيعة تلك الجهود، بخاصة مع الرفض الإريتري التام لهذه المطالب، فإنه اكتفى بالإشارة إلى وجود خيارات عدة أمام أديس أبابا من أجل الحصول على المنفذ البحري بالطرق السلمية والدبلوماسية.

وكان الحديث عن سعي إثيوبيا للوصول إلى منفذ بحري في الخطاب العام بإثيوبيا، جاء بعد تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد في البرلمان، بأن "البحر الأحمر والنيل سيحددان مستقبل إثيوبيا"، مؤكداً أن "العاملان سيكون لهما الدور الرئيس والأساس في تحديد مصير البلاد، إما إلى تنمية مستدامة أو إلى زوالها".

وكرّر آبي أحمد منذ ذلك الحين تصريحاته أكثر من مرة، موضحاً أنه "على رغم التكهنات واسعة النطاق في شأن تصاعد التوتر بمنطقة القرن الأفريقي، فإن سعي إثيوبيا إلى الحصول على منفذ بحري والحصول على ميناء خاص بها ليس أجندة جديدة ولا يهدف إلى تهديد سيادة الدول المجاورة في المنطقة".

وأشار رئيس الوزراء الإثيوبي إلى أن بلاده تبني قوات بحرية، ومن الواضح أنها تحتاج إلى بحر. وقال للمشرعين إن "أجندة المياه واضحة"، في إشارة إلى الاستعدادات الإثيوبية التي لم يتم الحديث عنها كثيراً في شأن قوة بحرية، مضيفاً أنه "ليس من الصحيح تحريف هذه الأجندة أو اعتبارها شيئاً جديداً".

القوى الغربية على الخط 

بدوره، رأى المتخصص الإثيوبي في شؤون المنطقة سلمون محاري "أن إحاطة وفد البرلمان الأوروبي برؤية إثيوبيا حول مشروع الحصول على منفذ بحري يمثل بداية لتدشين الحملة السياسية الهادفة إلى الحصول على دعم القوى الدولية الكبرى".

وأضاف "من الواضح أن هذا المشروع، الذي اعتبره البعض بمثابة حملة إعلامية ذات طابع دعائي، قد تجاوز ذلك التعريف وبدأ في التبلور نحو عمل سياسي يخاطب القوى الدولية". 

ويرجح أن يكون رئيس الوزراء الإثيوبي قد حصل على "ضوء أخضر" من الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي للمضي قدماً في طرح هذا المشروع الطموح، إذ إن وضع هذه الخطة ضمن أجندة اللقاء الرسمي بين المشرعين الإثيوبيين والأوروبيين لا يمكن أن يتم من دون موافقة ثنائية. 

وأضاف "في تصوري أن ثمة وعوداً غربية بتمكين إثيوبيا من إيجاد موطئ في البحر الأحمر"، مشيراً إلى أن انسحاب القوات النظامية بشكل أحادي من تيغراي في 2021، إضافة إلى قبول "مسودة اتفاق السلام" التي أعدتها واشنطن في بريتوريا بجنوب أفريقيا، والتي ضمنت عودة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي للعمل السياسي بعد تصنيفها كمجموعة إرهابية من قبل البرلمان الإثيوبي، كل ذلك قد يكون جزءاً من هذا الاستحقاق الذي سيضمن لإثيوبيا منفذاً بحرياً على البحر الأحمر، بخاصة في ظل توتر العلاقات الإريترية - الأميركية من جهة، والعلاقات الأوروبية - الإريترية من جهة أخرى، إذ ترتبط الأخيرة بتحالفات قوية مع كل من محور روسيا والصين.

وقدر المتخصص الإثيوبي أن تكون أوروبا قد دخلت على هذا الخط تحقيقاً للرؤية الاستراتيجية للغرب، والتي ترتكز على ضرورة استبعاد أي وجود روسي - صيني بالمنطقة، بخاصة مع التطورات الأخيرة التي أعقبت أحداث غزة، مشيراً إلى تصاعد أعمال القرصنة في الشاطئ اليمني والموجهة بشكل أساس ضد المصالح الإسرائيلية - الغربية، إذ تسعى القوى الغربية إلى تأمين الممرات المائية في البحر الأحمر، لا سيما المتعلقة بالملاحة في مضيق باب المندب.

ضمان منفذ أم تفكيك الدولة؟

الباحث الصومالي عبدالسلام عيدي أكد أن السعي الإثيوبي نحو المنفذ البحري، وإن بدا حتى الآن سلمياً، فإنه يتعارض تماماً مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الاتحاد الأفريقي، الذي ينص على "قدسية الحفاظ على الحدود الموروثة من الاستعمار، وهو مبدأ قانوني راسخ في عمل الاتحاد الأفريقي، كما أن إعادة رسم الحدود تحت أية مبررات تتعارض مع مبادئ القانون الدولي، وذلك سيمثل سابقة خطرة قد تعبث باستقرار المنطقة، إذ إن جميع الدول الأفريقية تحتكم لهذا المبدأ". 

ويوضح عيدي أن إعادة رسم الخريطة الإثيوبية من أجل ضمان إطلالة على البحر سيفتح المجال لإعادة طرح ملف الصومال الغربي ويجدد مطالب دول أخرى، إذ إن هناك أكثر من 17 دولة أفريقية حبيسة، ونحو 44 دولة في العالم أيضاً لا تملك منفذاً بحرياً.

ويضيف "بذات القدر الذي تسعى فيه إثيوبيا إلى تحقيق مصالح اقتصادية وتجارية من خلال تأمين منفذ بحري خاص بها على حساب سواحل الدول الأخرى، فإنها تفتح جراحات أخرى كادت تندمل، من بينها مطالبة الصومال بإقليم أوغادين الإثيوبي، إذ إن إعادة النظر في مبدأ الحدود المورثة من الاستعمار قد يفكك وحدة إثيوبيا نفسها، كما قد يجدد المطالبات التاريخية للصومال بضم جيبوتي الصومالية". 

ويوضح عيدي أن السعي الإثيوبي مدفوع باستراتيجيات القوى الكبرى التي تسعى إلى الهيمنة على المنطقة، بخاصة في ظل الاضطرابات السياسية التي يشهدها الشرق الأوسط. 

وينوه بأن "خطاب رئيس الوزراء آبي أحمد في البرلمان الإثيوبي عن الحقوق التاريخية لبلاده في السواحل الإريترية، باعتبارها كانت تحت إدارة الإقليم قبل استقلال إريتريا، يعزز المطالب الروسية باستعادة أوكرانيا وضمها إلى سيادتها، وهو ما يتعارض تماماً مع مبدأ الاستقلال، وما ينطبق على إريتريا بشكل ما يتطابق مع الرؤية الغربية لاستقلال أوكرانيا، وهنا تكمن خطورة هذا الطرح الملتبس".

المزيد من متابعات