Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علي عبدالله صالح (25)

كانت المهرجانات الانتخابية لصالح وبن شملان جاذبة للمتابعين وامتلأت الميادين التي كانت تقام فيها بالجمهور

جانب من الحملة الانتخابية لمرشح المعارضة اليمنية فيصل بن شملان للانتخابات الرئاسية في 2006 (غيتي-أرشيف)

كانت الأشهر الأولى من العام 2006 مسرحا لمعركة انتخابية مثالية على مستوى العالم العربي من حيث حرية حركة المرشحين والمساحات المتاحة في الإعلام الرسمي، وحظيت باهتمام غربي كنموذج غير مألوف في المنطقة لانتخابات تنافسية جادة، وتابعت عبر التلفزيون والانترنت والاتصالات المباشرة مجريات حملات المرشحين الخمسة مع تركيز طبيعي على الرئيس صالح والمهندس بن شملان، وكما ذكرت في الحلقة السابقة فإن بن شملان تعرض للتجريح الشخصي حداً أساء الى صالح نفسه وفريقه الانتخابي الذي كان واضحا أنه قلق من النتيجة النهائية، رغم أن مرشح أحزاب اللقاء المشترك المعارضة ابتعد عن التناول الشخصي وركز على برنامج إصلاح جذري في كل مؤسسات الدولة.

كانت المهرجانات الانتخابية لصالح وبن شملان جاذبة للمتابعين وامتلأت الميادين التي كانت تقام فيها، وطافا اغلب المحافظات اليمنية، وكان مسليا متابعة تلك المشاهد ومثيرا للدهشة والبهجة، ولكن اكثر ما كان ملفتا في برنامج الرئيس صالح هو حجم ونوعية المشاريع التي وعد بتنفيذها خلال سنوات حكمه التالية للانتخابات، فقد وعد بإنتاج الكهرباء بالطاقة النووية وإنشاء خطوط سكك حديدية تربط مدن الساحل اليمني، وعلمت لاحقا انه نفسه لم يكن مقتنعا بها، لكن الذين أعدوا له البرنامج وضعوا فيه طموحات مبالغاً فيها باعتبار ان ذاكرة الناس قصيرة ولا يهمها متابعة ما يتم الوعد به خلال الانتخابات اذ تعود الي دورة الحياة اليومية فتنشغل بالبحث عن قوت يومها.

اثارت طريقة إعلان فوز الرئيس صالح بالرئاسة اعتراض أحزاب اللقاء المشترك ورفضهم للنتيجة رغم ان اللجنة العليا للانتخابات التي يوجد فيها ممثلون عنهم اقرت فوز صالح، لكن المهندس بن شملان أصر على انه هو الذي فاز بالمنصب، ولكن الأحزاب التي رشحته لم تساند مطلبه وتركته وحيدا بزعم ان رفض الإعلان الرسمي للنتائج قد يدفع بالبلاد الى حافة حرب اهلية.

استمر رفض بن شملان للنتيجة الرسمية ولم يعترف بشرعية صالح الى الى حين وفاته في مطلع شهر يناير (كانون الثاني) 2010 مقتنعا بأنه احق دستوريا بالمنصب بحسب التقديرات التي وصلته من داخل اللجنة العليا للانتخابات، وقد جرى حديث بيننا حول هذه القضية اثناء علاجه في الهند في 2009.

في شهر يونيو (حزيران) 2007 بعثت برسالة خطية الى الرئيس صالح ذكرت له فيها ان الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي جرى انتخابه في شهر مايو (أيار) 2007 قرر تشكيل ما سماه بالأغلبية الرئاسية اذ اعتبر ان الذين انتخبوه لم يكونوا فقط اعضاء حزبه (حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية)، واقترحت عليه ان يختار مجموعة استشارية من خارج مؤسسات الدولة لتتابع تنفيذ ما اعلنه في برنامجه الانتخابي... وبعد يومين اتصل بي ودعاني للوصول الى صنعاء.

بعد عودتي اتصلت به وذهبت لمقابلته في دار الرئاسة على الفور، وشرحت له الفكرة مـؤكدا ان أعضاء الهيئة الاستشارية يجب ان لا يحملوا صفة رسميه، وان يعملوا معه مباشرة لتقديم تقارير عن سير الإنجاز في برنامجه، فطلب مني اقتراح أسماء لهذه المهمة.. وعند خروجي اتصلت بصديقي المرحوم الدكتور المرحوم الدكتور منصور الاديمي الأستاذ في كلية التجارة بجامعة صنعاء وطلبت منه ان يمر علي في منزلي.

شرحت للدكتور الاديمي الفكرة ورجوته التكتم عليها، وطلبت منه اقتراح من يراه مؤهلا لمثل هذه المهمة في الجانب الاقتصادي.. وبعد يومين التقينا مرة ثانية وعرض على عدة أسماء لم أكن اعرف منهم الا الدكتور محمد الميتمي... ثم التقيت بالأستاذ نبيل الصوفي وحدثته في الأمر ولم يكن حينها على معرفة وثيقة بالرئيس الراحل.

طلبت موعدا اخرا مع الرئيس وذهبت اليه بقائمة لم اعرضها الا على الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني والدكتور الاديمي، وكان من بينها الأستاذ نصر طه مصطفى والدكتور احمد عمر بامشموس والدكتور محمد الميتمي ونبيل الصوفي، وسلمت الأسماء وغادرت صنعاء اليوم التالي عائدا الى الهند.

لم أكن أتصور ان الرئيس الراحل كان جادا في رغبته تشكيل فريق استشاري يتواصل معه مباشرة، لكني في شهر يوليو (تموز) 2007 فوجئت بخبر استقبال الرئيس صالح للمجموعة كاملة كما عرضتها عليه، وقال الخبر (وأشاد فخامة الرئيس بالأخوة أعضاء الهيئة وما يتحلون من صفات الكفاءة والقدرة، منوهاً بالثقة التي منحت لهم كهيئة استشارية مستقلة)، وان الهيئة ستتولى تقييم مستوى التنفيذ للقضايا الواردة في البرنامج، وبحيث يتم تعزيز ما تم تنفيذه وتطويره واقتراح الحلول والمعالجات للجوانب التي يكتنفها بعض القصور أو البطء أثناء عملية التنفيذ ورفعها للرئيس لإصدار التوجيهات بشأنها، بالإضافة إلى تقديم الرؤى والتصورات حول الكيفية المثلى التي يتم بها تنفيذ ما ورد في البرنامج بما يكفل ضمان تحقيق الغايات المنشودة منه، وكذا تحديد الأولويات للقضايا التي يجب تنفيذها، وفقاً للاحتياجات التي تلبي تطلعات المواطنين بما في ذلك القضايا الملحة التي لم ترد في البرنامج.. وان اللجنة  ستقوم باقتراح آليات عمل تفصيلية فعالة تلتزم بها الجهات المعنية في الحكومة والسلطة المحلية كل فيما يخصها. على ان تضع الهيئة آلية عمل لها وتعقد اجتماعات منتظمة، وتقدم تقارير دورية للرئيس حول مستوى عملها وتصوراتها كما تعقد اجتماعاً دورياً كل 3 أشهر مع فخامة رئيس الجمهورية وكلما دعت الحاجة إلى ذلك).. وفورا اتصلت بالدكتور الاديمي، ثم بالاستاذ نصر طه والأستاذ نبيل الصوفي وهنأتهم على الاختيار.

كان قبول صالح تشكيل مثل هذا الفريق الذي صار الدكتور احمد بامشموس رئيسا له، مؤشرا على رغبته في تغيير أسلوب العمل، ودليلا على ضيقه وربما عدم ثقته في الفريق الحكومي الرسمي الذي يدير الشأن اليومي، وفي شهر ديسمبر (كانون أول) 2008 أصدرت الهيئة الاستشارية تقريرا قالت فيه ان (إنجازا حقيقيا قد تحقق في اهم العناصر الاستراتيجية للبرنامج الانتخابي في مجال استقلال القضاء وكفاءته، كذلك في مجال الحكم المحلي).. وكان هذا التقرير مبالغةً وجدت انها تشير الى ان عمل الهيئة لم يكن كما كانت نيتي وتحولت الى فريق دعائي جديد... ووجدها بعض أعضاء الفريق وسيلة للتقرب من صالح للحصول على وظيفة حكومية.

في شهر أغسطس (آب) 2007 بلغني خبر وفاة الدكتور فرج بن غانم في جنيف متأثرا من عملية جراحية، وكان في آخر محادثة بيننا قد أخبرني بالآلام المبرحة التي يشعر بها بعد الجراحة.. اتصلت فورا بنجله مروان اسأله عن ترتيبات نقل الجثمان الى اليمن، فقال ان الخارجية اليمنية سترتب الأمر عبر الخطوط اليمنية لنقله عبر فرانكفورت او باريس، شعرت بأن هذا أمر لا يليق بشخصية وطنية مثل الدكتور بن غانم، فأتصلت بـأحد معاوني الرئيس وطلبت منه ان يبلغه بأنه من اللائق ارسال طائرة خاصة الى جنيف، ثم بعثت برسالة الكترونية للدكتور عبدالكريم الارياني والأستاذ عبدالعزيز عبدالغني بنفس المعنى.

بالفعل تم تحويل مسار احدى رحلات اليمنية داخل اوربا الى جنيف لنقل الجثمان الى اليمن.

(للحديث بقية)ِ

المزيد من آراء