انخفضت أسعار البيوت في بريطانيا، خصوصاً في العاصمة لندن، بأسرع وتيرة هبوط خلال عام منذ 10 سنوات، إذ أظهرت الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني أمس الأربعاء أن أسعار البيوت هبطت بنسبة 1.2 في المئة في العام المنتهي في أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك تقريباً ضعف تقديرات الهبوط خلال عام منتهي في شهر سبتمبر (أيلول) إذ كانت نسبة انخفاض الأسعار 0.6 في المئة.
ذلك هو أكبر معدل تراجع في أسعار العقار في بريطانيا خلال مدة 12 شهراً منذ عام 2011.
وبحسب البيانات انخفض متوسط سعر البيت في بريطانيا بصورة عامة إلى 288 ألف جنيه استرليني (365 ألف دولار)، بما يقل بقيمة 3 آلاف جنيه استرليني (3 آلاف و800 دولار) عن عام مضى.
وتعد بيانات مكتب الإحصاء الوطني الأكثر دقة لأنها تشمل كل عمليات البيع والشراء تقريباً، بما فيها الشراء النقدي، على عكس بيانات وأرقام شركات السمسرة العقارية وغيرها التي تتركز على صفقات البيع والشراء المتضمنة قروضاً عقارية.
إلى ذلك يعكس الانخفاض في أسعار البيوت مدى تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في بريطانيا في القطاع العقاري في دورة التشديد النقدي الأخيرة، إذ رفع بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) سعر الفائدة من قرب الصفر (نسبة 0.1 في المئة) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 إلى أعلى معدل لها منذ 15 عاماً لتصل حالياً إلى 5.24 في المئة.
أسعار الفائدة
في غضون ذلك شهدت كل مناطق بريطانيا تقريباً انخفاضاً في أسعار البيوت، ما عدا اسكتلندا وشمال شرقي إنجلترا، وكان أكبر انخفاض في العاصمة البريطانية لندن.
في المقابل ارتفعت معدلات إيجارات المساكن لشهر نوفمبر الماضي لتصل نسبة الزيادة السنوية إلى 6.2 في المئة مقابل نسبة 6.1 في المئة لشهر أكتوبر الماضي، بحسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني.
يرجع ذلك إلى زيادة الطلب على إيجار المساكن مع عدم قدرة الأسر على تحمل كلف أقساط القروض العقارية حالياً، مما يجعل البريطانيين يلجأون للإيجار بدلاً من الشراء.
وفي مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" ترى المديرة التنفيذية لشركة "غرين ريسي" أنا كلير هاربر، أن "نسبة زيادة الإيجارات تبدو أقل بكثير مما يواجه كثير من المستأجرين في الحقيقة"، مضيفة أن "نسبة الزيادة في الإيجارات للمستأجرين الجدد ربما تكون ضعف هذه النسبة التي أعلنها المكتب".
تزامناً مع إعلان بيانات وأرقام القطاع العقاري، أفصح مكتب الإحصاء الوطني كذلك بيانات التضخم لشهر نوفمبر الماضي، التي اظهرت تراجعاً كبيراً في نمو التضخم بفارق واضح عن توقعات السوق، إذ تباطؤ نمو معدل التضخم الشهر الماضي إلى نسبة 3.9 في المئة من نسبة 4.6 في المئة لشهر أكتوبر الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان مسح لوكالة "رويترز" بين الاقتصاديين والمحللين توقع تراجع نمو التضخم بصورة طفيفة الشهر الماضي عند نسبة 4.4 في المئة.
وشجع التراجع الكبير في التضخم عدداً من المعلقين والمحللين إلى توقع أن يبدأ بنك إنجلترا خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من العام المقبل.
وكان البنك في آخر اجتماعاته هذا العام، قرر ترك سعر الفائدة من دون تغيير، وكانت تصريحات محافظ البنك أندرو بايلي وغيره تشير إلى أن المركزي البريطاني ربما لا يبدأ في التيسير النقدي قبل النصف الثاني من العام المقبل.
في تلك الأثناء يقول الاقتصادي في شركة الاستشارات "بانثيون ماكروايكونوميكس" صمويل تومس، إن "هذا التراجع في معدل التضخم سيجعل بنك إنجلترا يبدأ خفض الفائدة في النصف الأول من العام المقبل 2024"، مستدركاً "أي مبكراً جداً عما كان يشير إليه البنك من قبل".
في غضون ذلك تتوقع الأسواق الآن أن يبدأ خفض سعر الفائدة في الفترة ما بين مارس (آذار) ومايو (أيار) العام المقبل، إذ يقدر البعض أن يصل سعر الفائدة إلى نحو أربعة في المئة بنهاية العام المقبل.
القروض العقارية
ويرى رئيس البحاث في شركة العقار "نايت فرانك" توم بيل، أن مقدمي القروض العقارية سيكونون تحت ضغط واضح في الفترة المقبلة ليخفضوا نسبة الفائدة على قروضهم في ضوء بيانات التضخم الأخيرة، موضحاً "ما يعني أن السوق العقارية قد تشهد ارتفاعاً في عدد الصفقات والنشاط في الربيع المقبل".
من شأن بدء البنك المركزي خفض سعر الفائدة مبكراً العام المقبل، أن يقلل من كلفة القروض العقارية ما يعيد بعض النشاط مجدداً للسوق العقارية بالتالي احتمال توقف هبوط أسعار البيوت، إلا أن هناك احتمال كبير أيضاً أن تواصل أسعار البيوت الهبوط، وإن كانت بمعدلات أقل عما أعلنه مكتب الإحصاء الوطني أمس.
يرجع ذلك إلى العدد الكبير من الأسر التي اشترت بيوتها قبل بضع سنوات بسعر فائدة عقارية مخفض جداً، لمدة محدودة تتراوح بين سنتين وخمسة سنوات، ومع أن بعض هؤلاء بدأوا بالفعل يواجهون تجديد اتفاقات القروض بفائدة مضاعفة، فإن القدر الأكبر من تلك القروض بالفائدة المحسومة تنتهي مدتها في الشهر المقبل، وذلك ما جعل بعض المحللين يتوقعون استمرار منحى الهبوط في أسعار البيوت، وأن مكتب الإحصاء الوطني أعلن أن بيانات أسعار البيوت قد تخضع لمراجعة نتيجة الانخفاض التاريخي في عدد صفقات البيع والشراء.