Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع القيادات السنية العراقية يهدد بتقسيم محافظة الأنبار

تحاول بعض القيادات المنافسة إقالة الحلبوسي بسبب توسع نفوذه

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي (وكالة المعلومة)

لا تزال الأطراف السياسيَّة العراقيَّة السُّنية بمحافظة الأنبار تتصارع فيما بينها على زعامة الإدارات المحليَّة والمناصب العليا في السلطات الاتحادية، فمسلسل الإقالات والتعيينات الذي تشهده المحافظة باستمرار يعبّر بوضح عن صعوبة وصولها إلى استقرار سياسي على المدى القريب.
وأعلن محافظ الأنبار فرحان الدليمي أخيراً إقالة قائمقام الفلوجة عيسى العيساوي، كبرى مدن المحافظة، بعد ثلاث سنوات على تعيينه، بحجة "وجود خطأ إداري" في قرار التعيين، الأمر الذي أثار شرارة التصريحات والاتهامات المتبادلة بين القوى الكبرى بالمحافظة.
الدليمي الذي ينتمي إلى كتلة "الحل" بزعامة كل من جمال الكربولي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، اتُهم من قبل أطراف إسلاميَّة بتنحية واستبعاد كل القيادات التي تنتمي إلى "الحزب الإسلامي العراقي" مثل العيساوي بصفته الخصم الأول للحلبوسي بالمحافظة.

دعاية انتخابية

ويرى عضو مجلس محافظة الأنبار عن "تحالف القوى العراقيَّة" فرحان العبيدي أن "الضجة الإعلاميَّة التي أُثيرت حول إقالة العيساوي مقصودةٌ، ويقف خلفها (الحزب الإسلامي)، وهي نوعٌ من أنواع الدعاية المبكّرة لانتخابات مجالس المحافظات المقبلة".
وأشار العبيدي إلى أن "قرار الإقالة يأتي ضمن السياقات القانونيَّة ومعارضته وعدم تنفيذه يُدخل الفلوجة في أزمةٍ حقيقيةٍ". ورجّح العبيدي "تصاعد الاتهامات المتبادلة كلما اقترب موعد الانتخابات، وربما إثارة مشكلات ومشروعات غير واقعية، لجذب الجمهور مثل مشروع (الحزب الإسلامي) بإنشاء محافظة جديدة غربي الأنبار، ما يعارض الدستور والقوانين العراقيَّة النافذة".

محافظة الغربية

التنازع على المناصب لم يكن الأزمة الوحيدة التي تعانيها الأنبار التي تحررت من "داعش" في عام 2016، فتصارع الإدارات أدى أيضاً إلى طرح فكرة تجزئة المحافظة من خلال تقسيمها إلى محافظتين أو أكثر، إذ تطرح الأطراف التي خسرت قواعدها الشعبية داخل الرمادي (مركز محافظة الأنبار) مثل "الحزب الاسلامي" مشروع تشكيل محافظة "الغربية" من مناطق، عنة وراوة والقائم، الأمر الذي ترفضه الجهات السياسية الأخرى.
وقال النائب عن محافظة الأنبار، عضو "الحزب الإسلامي" أحمد السلماني، إن "مشروع محافظة الغربية يهدف إلى تحسين الواقع الخدمي السيئ للمناطق، التي تعاني بُعد المسافة عن مركز الأنبار، أكبر محافظة عراقيَّة، ولا صحة لوجود أهداف سياسيَّة وراء هذا المشروع. فمثلاً مشروع تحويل حلبجة إلى محافظة جديدة، لم يتحدث أحدٌ على أنه مشروعٌ لتمزيق وتجزئة محافظة السليمانية". إلا أن عضو مجلس الأنبار فهد مشعان يؤكد أن "المناطق التي يسعى الحزب الإسلامي لتحوليها إلى محافظة، لا تملك الإمكانات اللازمة لهذا التحوّل، ويعلم الحزب ذلك جيداً إلا أنه لا يريد للأنبار أن تستقر من جديد".
وكُشف الأسبوع الماضي عن اجتماعات لشخصيات عشائرية وسياسية وأكاديمية للتباحث بشأن مشروع "محافظة الغربية".
وأعلنت جهات مقرَّبة من "الحزب الإسلامي" أن أكتوبر (تشرين الأول) المقبل سيشهد اجتماع الهيئة التشكيلية للإعلان عن أقضية محافظة الغربية رسمياً.

صراع الزعامات

ويتكوَّن مجلس محافظة الأنبار من 30 عضواً انتُخبوا في آخر انتخابات محليَّة جرت في عام 2013. وشهد المجلس انقسامات كثيرة، واستُبدل أكثر من محافظ ورئيس للمجلس. وكان آخر تلك الانقسامات عملية كشفت عنها وسائل إعلام محلية تضمنت استقالة المحافظ السابق محمد الحلبوسي بعد فوزه بالانتخابات التشريعية، وإقناع النائب فرحان الدليمي بالاستقالة من البرلمان وتعيينه في منصب المحافظ مقابل إعطاء مقعده البرلماني إلى رئيس كتلة "الحل" محمد الكربولي، الذي استطاع أيضاً تشكيل كتلة "تحالف القوى العراقيَّة" في مجلس الأنبار، من 24 عضواً.
ويرى مراقبون أن إقالة رئيس المجلس المحلي للفلوجة تأتي في إطار تصفية الخصوم، وجاءت بعد قرار الحلبوسي رفع الحصانة البرلمانيَّة عن مجموعة من النواب السُّنة بعضهم من الأنبار أيضاً مثل النائب طلال الزوبعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتنافس الحلبوسي مع زعيم "المشروع العربي" خميس الخنجر وزعيم "تحالف القرار العراقي" أسامة النجيفي على قيادة السُّنة بالعراق، خصوصاً بعدما توزَّعت الكتل السُّنية الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة بين التحالفات الشيعية الكبيرة.
وأعلن النجيفي، قبل أيام، نيته تشكيل تحالف "يُنهي حالة التشتت السُّني"، فيما تحدَّثت تقارير إعلامية عن مساعٍ يبذلها الخنجر لإعادة شخصيات سنية متهمة بـ"الإرهاب" إلى العراق، مثل رافع العيساوي وعلي حاتم السليمان وعبد الرزاق الشمري، معظمهم من محافظة الأنبار، الأمر الذي ربما يمهد لتقليص نفوذ الحلبوسي لمصلحة حزب "المشروع العربي" بهذه المحافظة.

إقالة الحلبوسي

وذكرت مصادر مأذونة أن بعض القيادات السُّنية، من بينهم النجيفي والخنجر، تحاول إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بسبب "هيمنته على الساحة السياسية السُّنية"، وأن اجتماعات تُعقد في العاصمة الأردنية عمان لاختيار الشخصية المناسبة لإدارة البرلمان العراقي.
غير أن امتلاك الحلبوسي 40 نائباً وعلاقاته الجيدة مع كتلة "الفتح" بزعامة هادي العامري ربما تحولا دون إقصائه من منصبه، ذلك أن تغيير رئيس البرلمان المؤلّف من 329 نائباً يحتاج إلى غالبية النواب، إلا إذا قررت بعض القوى الشيعية المشاركة في استبداله، خصوصاً بعد موقفه الأخير من قصف مقار "الحشد الشعبي"، إذ عبّرت كتلٌ شيعية عن استيائها من سكوته عن تلك "الاعتداءات"، كما تتهمه بالوقوف ضد تشريع قانون "إخراج القوات الأميركية من العراق".
وإلى حين حلول موعد انتخابات مجالس المحافظات في أبريل (نيسان) 2020، ستكون الأنبار والمدن "السُّنية" الأخرى مثل الموصل وصلاح الدين، مرشحةً لمزيدٍ من الصراعات والانقسامات تحت دوافع الدعاية الانتخابيَّة والسيطرة على مناطق النفوذ بين مختلف الأطراف السياسية الطامحة إلى تزعم المشهد السُّني وإدارة المحافظات المحررة من قبضة "داعش".

المزيد من العالم العربي