Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال سودانيون يعيشون واقعا مؤلما تحت وطأة الحرب

تطالب "يونيسيف" بتوفير 840 مليون دولار لإنقاذ 8 ملايين طفل خلال 2024

تسلمت الـ"يونيسيف" نحو 3130 ادعاءً بانتهاك حقوق الأطفال في السودان وأن أكثر من نصف هذه الإحصاءات تشمل أطفال دارفور وكردفان (أ ف ب)

ملخص

اضطر الأطفال إلى الهرب فراراً من الحرب بمفردهم وهم يتنقلون داخل حدود السودان بحثاً عن الأمان، حيث يتعرضون للانتهاكات والعنف

في ظل ما يشهده السودان من أوضاع إنسانية متردية في الخدمات كافة بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" التي دخلت شهرها التاسع من دون التوصل إلى حلول وفشل جميع المبادرات الدولية لإنهاء هذه الأزمة وآخرها قمة "إيغاد"، تتفاقم أوضاع المواطنيين، بخاصة شريحة الأطفال الذين يقيمون في عدد من خلاوي تحفيظ القرآن المنتشرة في جنوب أم درمان ووسطها، إلى جانب دور رعاية الأيتام التي تكتظ بالأطفال الذين أجبرتهم الظروف على العيش بعيداً من ذويهم.

ومع اندلاع حرب الخرطوم وتصاعد حدة الاشتباكات وتبادل القصف المدفعي بين طرفي الصراع وسط الأحياء السكنية، عايش هؤلاء الأطفال الخوف والهلع، وأصبح يواجههم واقع مظلم بعدما كانوا ينعمون بالاستقرار والأمان في أماكن إيوائهم من خلاوي ودور أيتام وسط اهتمام من مشرفين ومسؤوليين وداعمين خيريين. لكن ظروف الحرب حالت دون تواصل عطائهم، فضلاً عن نفاد المخزون الغذائي ونزوح الأسر التي كانت تسهم في مدهم بالغذاء والكساء والأموال، مما اضطر الأطفال إلى الهرب فراراً من الحرب بمفردهم وهم يتنقلون داخل حدود السودان بحثاً عن الأمان، حيث يتعرضون للانتهاكات والعنف.

8 ملايين طفل

وبحسب إحصاءات لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف"، فإنها تسلمت نحو 3130 ادعاءً بانتهاك حقوق الأطفال في السودان وأن أكثر من نصف هذه الإحصاءات تشمل أطفال دارفور وكردفان الذين نزحوا بمعزل عن أسرهم أو وجود جهات توفر لهم الحماية، فيما تطالب المنظمة بتوفير 840 مليون دولاراً لإنقاذ 8 ملايين طفل سوداني خلال عام 2024.

وأدت ظروف نزوح هؤلاء الأطفال بمفردهم إلى استخدامهم في عمليات الإتجار والتسول والتجنيد في صفوف الميليشيات المسلحة، إضافة إلى تعرضهم للعنف الجنسي، لذا باتت هذه الفئة تعاني انتهاك حقوقها في التعليم والصحة والرفاهية.

هروب عشوائي

الطفل النازح يعقوب آدم (13 سنة) جاء من دارفور للالتحاق بإحدى المدارس القرآنية في ضاحية الفتيحاب غرب أم درمان، قال إن الحرب الدائرة في الخرطوم بددت أحلامه، ولم يستطِع إكمال مسيرته في تعلم أصول حفظ القرآن إلى جانب أقرانه من الأطفال الذين جاؤوا من ولايات مختلفة وغالبيتهم لم يبلغوا سن الـ18، وأتت بهم أسرهم إلى هذه الدور للإقامة فيها بصورة دائمة، فضلاً عن أن أم درمان تشتهر بالانتشار الكثيف لمثل هذه المدارس حيث تتوافر كل سبل الحياة من غذاء وكساء ورعاية صحية، وكل ما يلزم طلاب العلم خلال مسيرتهم التعليمية، إلى جانب تعلم الطفل كيفية العناية بنفسه تحت إشراف مجموعة من الفقهاء. وأضاف آدم أنه "بعد اندلاع الحرب وطول أمدها واستخدام الأسلحة الثقيلة فيها، إضافة إلى أن منطقة الفتيحاب حيث نقيم تكثر فيها ارتكازات الدعم السريع، تقطعت بنا السبل، مما اضطرني إلى الهروب من الدار بصورة عشوائية برفقة بعض زملائي، بحثاً عن أماكن آمنة تؤوينا حتى نتمكن من الوصول إلى ذوينا".

وتابع أنه "أثناء النزوح واجهتنا صعوبات جمة وبفضل الأموال القليلة التي كانت معنا وإرشادات المسافرين وعطفهم علينا، خصوصاً أننا كنا في حال خوف وذعر بسبب ارتكازات قوات الطرفين ونقاط التفتيش وإنزال الذين يُشتبه فيهم وضربهم، مستخدمين في ذلك الأسلحة التي يحملونها، تمكنا من الوصول إلى ولاية النيل الأبيض واللجوء إلى أحد معسكرات الإيواء بحكم قربها جغرافياً من المناطق التي تقطن فيها أسرنا".

وأشار آدم إلى أن "المسؤوليين في دار الإيواء لم يتمكنوا من الوصول إلى أهلنا وفي المقابل لا نعرف ما إذا كانوا أحياء أو أمواتاً والمعروف أن مناطقنا قبل الحرب تعاني الصراعات القبلية، مما جعلنا نعيش بعيداً من أسرنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فقر مدقع

من ناحية ثانية، روى الطفل محمد عبدالله قصته بحزن عميق، قائلاً إن أسرته تخلت عنه بسبب الفقر، فهي تعاني صعوبة في توفير لقمة العيش وهي مَن أتت به إلى دار الأيتام، حيث تم تسجيله ضمن الأطفال فاقدي السند "بحجة أن الدار توفر كل متطلبات الحياة"، وأشار إلى أنه كبر وترعرع في الدار وأصبحت تتوافر له كل سبل الحياة الكريمة بوجود مشرفين وأمهات بديلات وخيّرين يمدونه بالدعم.

وأضاف أن "الحرب قضت على طموحاتي وما كنت أتمتع به من حقوق إنسانية، وظللنا على هذه الحال نحو ثلاثة أشهر نعاني الجوع، خصوصاً أن الخدمات توقفت، وننتظر من يأتي ويرحلنا إلى مكان آمن، لكن اشتداد المعارك حالت دون ذلك وتسربنا من الدار هرباً ونحن نعاني النزوح بمفردنا، ويصاحبنا الخوف والقلق والموت الذي أصبح يطاردنا بسبب دوي المدافع والرصاص والطائرات التي تقصف في كل الاتجاهات غير مبالية بالمواطنين، وبعد عناء ومشقة لجأنا إلى معسكر النازحين في ولاية القضارف، والآن استقرت بنا الحال وأبحث مع رفاقي عن عمل يعيننا على الحياة، إضافة إلى اتباع كل القيم التي تعلمناها في الدار".

آثار نفسية

من جهتها، قالت مديرة مركز الإيواء في ولاية النيل الأبيض إقبال الجاك إن "معسكر الإيواء بولاية النيل الأبيض سجل حوالى 30 طفلاً نزحوا من دون أهاليهم، وتم التحفظ عليهم والعمل على إيجاد طرق للوصول إلى ذويهم، خصوصاً أن جميعهم من ولايات غرب السودان، إضافة إلى معالجة الآثار النفسية التي تسببت فيها رحلتهم التي شابها الخوف والقلق عن طريق استشاريين في مجال الصحة النفسية والاجتماعية والعمل على إزالة المناظر المرعبة التي شاهدوها أثناء النزوح، فضلاً عن دمجهم في المجتمع ومساعدتهم في التأقلم مع الواقع الجديد".

خوف وقلق

في السياق، أوضحت المتخصصة في علم الاجتماع ثريا إبراهيم أن "الخوف كان أكبر المسببات التي جعلت أطفالاً قصراً ينزحون بمفردهم، هرباً من حرب الخرطوم بحثاً عن ملاذٍ آمن، وأن هناك كثيراً من القصص المأسوية التي سجلتها مراكز الإيواء وهم يحتاجون إلى وقت طويل لإزالة الآثار السلبية التي تركتها الحرب فيهم"، وأردفت أنه "على رغم المعاناة في معسكرات الإيواء وسوء الخدمات المعيشية، إلا أنهم يشعرون إلى حد ما بالاستقرار والأمان، فضلاً عن وجود مكان آمن يحميهم من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال من عنف جنسي والإتجار بهم واستخدامهم في أعمال التسول، إضافة إلى تجنيدهم في صفوف الميليشيات المسلحة وحمل السلاح وخوض المعارك، مما يعرضهم للموت". 
وشرحت إبراهيم أنه "يجب التعامل مع الأطفال الذين نزحوا بمفردهم من دون تمييز عن الأطفال الآخرين في الغذاء والكساء والدعم النفسي لمساعدتهم في الخروج من الواقع المظلم الذي يواجهه أطفال السودان بسبب الحرب على حساب حياتهم وصحتهم ورفاهيتهم مع دخول النزاع المدمر شهره التاسع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير