Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عام التناقضات الاقتصادية والمالية في لبنان

استقرار نسبي لسعر صرف الدولار والعين على تطورات المنطقة

حاكم مصرف لبنان المركزي المنتهية ولايته رياض سلامة يحيي الموظفين في حفلة وداعه (أ ب)

ملخص

حفل 2023 في لبنان بمجموعة كبيرة من التناقضات المالية والنقدية حتى بات بنظر معظم المحللين عام "التناقضات والعجائب" إذ شهدت بدايته تدهوراً مالياً دفع بعضهم إلى اعتباره عام "الارتطام الكبير"

حفلت سنة 2023 في لبنان بمجموعة كبيرة من التناقضات المالية والنقدية حتى بات هذا العام بنظر معظم المحللين الماليين عام "التناقضات والعجائب"، إذ شهدت بدايته تدهوراً مالياً دفع بالمحللين إلى اعتباره عام "الارتطام الكبير".

جنون الدولار واستقراره

بداية مع الوضع المالي، يشير الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور بلال علامة إلى أن "سعر صرف الدولار شهد تدهوراً دراماتيكياً في الأشهر الستة الأولى من العام، بحيث لامس عتبة الـ150 ألف ليرة من دون أن يكون هناك قدرة على لجم التدهور أو إيقاف مسلسل انهيار الليرة اللبنانية، غير أنه ما لبثت أن دخلت العملة مرحلة الاستقرار الظاهري في مواجهة الدولار إذ انتقلت من مرحلة السقوط الحر إلى الثبات النسبي عند مستوى 90 ألف ليرة لبنانية للدولار".

وعن السبب وراء استقرار سعر الصرف أمام الدولار، يوضح علامة أنه "مع بداية شهر يونيو (حزيران)، أقدم مصرف لبنان وبواسطة الحاكم السابق رياض سلامة على اتخاذ قرارات تتعلق بالتدخل مباشرة في سوق الصرف بمحاولة منه للجم تدهور سعر الليرة من خلال منصة صيرفة التي اعتبرت في حينه أداة مصرف لبنان والدولة لمعالجة مشكلة الاقتصاد النقدي وبيع وشراء العملات الأجنبية. وإذ تحول سعر الصرف إلى المنحى التنازلي وبدأ سعر الدولار بالتراجع، إذ استقر على 90 ألف ليرة لبنانية على رغم كل محاولات المضاربين لتحريك السعر والعودة به للمنحى التصاعدي".

حاكميّة "المركزي" والانتقال "السلس"

مع بداية شهر أغسطس (آب)، حصل الانتقال "السلس" لمنصب حاكم مصرف لبنان من الحاكم السابق رياض سلامة المنتهية ولايته إلى نائب الحاكم الأول وسيم منصوري ولم تحصل تغييرات ظاهرية في الحالة المالية والنقدية في لبنان، إذ أبقى منصوري على كل الإجراءات التي كانت مطبقة في عهد سلفه ومن خلالها أبقى على استقرار السوق النقدي والمالي. بموازاة ذلك، رفع الحاكم الجديد جملة شروط وتعهدات أبرزها أن "البنك المركزي لن يطبع الليرة لإقراض الدولة أو لتغطية العجز المتوقع في البلاد التي تعاني أزمة"، مطالباً الزعماء السياسيين بـ"إجراء إصلاحات مالية عاجلة".

انهيار القطاع المصرفي

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت كان القطاع المصرفي الركيزة الأساسية لاقتصاد البلاد، انتقد رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود، في تصريح خاص لـ "اندبندنت عربية"، مسار القطاع المصرفي واصفاً إياه بـ"غير المنظم"، داعياً إلى "العمل الفوري لإصدار تشريع سريع يعيد العمل المصرفي إلى طبيعته ومساره السليم والمنتظم الذي بدوره يحدد إطار العمل المصرفي في تمويل الاقتصاد". وفي رد على ما يتوقعه للعام المقبل، اكتفى حمود بعبارة "لا أستطيع التكهن بالغد"، رابطاً ذلك بعودة مجلس النواب لإصدار تشريعات تناسب المرحلة المقبلة.

الاقتصاد

لم يقتصر اضطراب الوضع المالي على عام 2023، بل كان هناك ارتباط وثيق بالاضطراب الاقتصادي الذي استمر بعد عجز السلطة السياسية عن ترجمة كل الخطط والمشاريع الاقتصادية إلى واقع، فلا الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أبصر النور ولا الإصلاحات الموعودة أقرت، ومن أبرزها إقرار قانون "الكابيتال كونترول" وقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي وخطة التعافي المالي والاقتصادي وقانون إعادة هيكلة القطاع العام وقانون التوازن المالي.

وبعض المستجدات التي حصلت كان لها تأثير كبير في الواقعين المالي والنقدي. فكان هناك عجز ظاهر في معالجة مشكلة التضخم إلى حال القطاع العام المتردية جداً، هذا عدا عن عدم الاستقرار والآثار التي ترتبت على الحرب في غزة وانعكاساتها على لبنان، إذ إن الانتعاش اقتصر على بعض القطاعات الاقتصادية كالسياحة والصناعات الدوائية والغذائية التي استطاعت وحدها ضخ بعض الأوكسجين في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023.

عودة قروض الإسكان؟

أما بالنسبة إلى قروض الإسكان في خضم المشهد القاتم، وبعد سنوات على توقف البت بطلبات طالبي القروض مع بداية أزمة 2019، بات تملّك شقة سكنية بمثابة حلم صعب المنال لكثيرين، في بلد أصبحت فيه القدرة الشرائية للمواطنين شبه معدومة مع فقدان السياسة الإسكانية الشاملة.

إلا أنه ما لبث أن زف المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب هذا العام بشرى موافقة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والإجتماعي على القرض العربي البالغ 50 مليون دينار كويتي أو ما يعادل 165 مليون دولار لمصرف الإسكان، بعدما اتخذ قرار سابق منذ خمس سنوات تقريباً بإلغائه. وظهر وعد بعودة قروض الإسكان لذوي الدخل المتوسط على أن توضع الآليات والإجراءات التنفيذية خلال الأشهر الأخيرة من عام 2023. وبحسب المعلومات، فإن الآليات التنفيذية ما زالت عالقة بين الصندوق الكويتي والمصارف التجارية حيث تنتظر نتائج إعادة هيكلة المصارف لمعرفة من هي المصارف التي تستوفي الشروط المفروضة.

احتياطات مصرف لبنان

منذ حصول الانهيار المصرفي في الربع الأخير من عام 2019، وحتى انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق، تحول استنزاف احتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية إلى سمة من سمات السياسة النقدية المتعمدة سواء من خلال سياسات دعم المحروقات والأغذية أو من خلال ضخ الدولارات في مرحلة تشغيل منصة "صيرفة". إلا أنه أبرز ما تغير فعلياً على مستوى السياسة النقدية هذا العام، هو إحالة منصة "صيرفة" إلى التقاعد، ووقف الاستنزاف الغامض وغير المفهوم من الاحتياطات في سبيل تمويلها.

وبحسب البيان المالي الذي أصدره البنك المركزي، ظهر خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) أن مصرف لبنان استطاع تعزيز الاحتياطات لديه بمبلغ قيمته 425 مليون دولار أميركي.

بصورة أوضح، كانت هذه المرة الأولى التي ينتقل فيها مصرف لبنان من تبديد الاحتياطات، واستنزاف آخر ما تبقى من أموال المودعين الموجودة لديه، إلى مراكمة الاحتياطات. وخلال النصف الأول من شهر نوفمبر، تمكن المصرف من مراكمة 68 مليون دولار أميركي. وفي النتيجة، بات حجم الاحتياطات الموجودة بحوزة مصرف لبنان، تقترب من حدود 9.2 مليار دولار، بعدما لامست مستوى 8.76 مليار دولار في لحظة مغادرة سلامة لمنصبه.

ويختم علامة أن "التحول الإيجابي على الصعيدين الاقتصادي والنقدي بحاجة إلى إصلاحات جدية فورية وأهمها تشغيل منصة التداول الجديدة ’بلومبيرغ‘ ( لتسعير صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي التي تأخر انطلاقها في لبنان بسبب الأوضاع الراهنة) وإعادة تفعيل عمل المصارف ضمن هذه المنصة الجديدة واعتماد الشفافية في آليات الصرف وتحديد سعر الصرف".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير