Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا غضبت الطبيعة في 2023

من الزلازل إلى البراكين نقدم حصاداً للكوارث الطبيعية الهائلة التي تعرضت لها الإنسانية في هذه السنة

نيران تشتعل في غابة صنوبر بالجزائر بالقرب من الحدود التونسية (أ ف ب)

ملخص

من الزلازل إلى البراكين نقدم حصاداً للكوارث الطبيعية الهائلة التي تعرضت لها الإنسانية في هذه السنة

بمجرد حلول شهر ديسمبر (كانون الأول) راحت المنشورات التي تحوي توقعات فلكية وخططاً لا بد من تحقيقها مع بداية العام الجديد تنهمر على المستخدمين من كل حنايا الإنترنت. وهذا أمر يتكرر منذ سنين، وحتى قبل عصر الشبكة العنكبوتية لما كانت المحطات التلفزيونية والإذاعية والمنصات الصحافية تتنافس على استضافة "الخبراء" الفلكيين واختصاصيي التنمية الذاتية، لكن ما لفتني هذه السنة هو كثرة المحتوى الذي يتحدث صانعوه عن الإنجاز أو النصر الذي حققوه بمجرد بقائهم على قيد الحياة في عام 2023، بينما يحذر آخرون من شدة التفاؤل، إذ لا تزال هناك بضعة أسابيع قبل انقضاء هذه السنة العصيبة.

في غمرة هذه الإشارات، رحت أتأمل سنة بدأت بكثير من الطموحات بالهدوء والسلام، لكنها كانت مليئة بأحداث مفاجئة وعواصف حياتية وتحديات تجاوزت البشرية كثيراً منها إلى حد ما، لكنها ما زالت تواجه أياماً قاسية بسببها وتبعات صعبة.

كان عاماً مليئاً بتحديات الطبيعة، إذ تلاحقت كوارثها بلا رحمة، وكأن الأرض قررت أن تحكي قصة خاصة بها، تتنوع فيها الأحداث بين زلزال هز أسس التعاطف الإنساني والمساواة بين البشر وإعصار عصف بصدقية الهيئات الأممية وقدرتها الفعلية على تقديم يد العون لكل من يحتاج إليها.

كنت أتمنى أن آخذكم في نهاية السنة في جولة مفرحة على أحداث مبهجة واستثنائية، لكن في زمن الذاكرة البشرية القصيرة، من الضروري أيضاً تذكر الأمور التي اختطفت أحلام الآلاف وأعادت تشكيل حياة آلاف غيرهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الزلازل

شهد عام 2023 وقوع 123 زلزالاً بقوة 6 درجات أو أكثر على مقياس ريختر وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

كان أقوى زلزال ذلك الذي ضرب جنوب شرقي تركيا قرب الحدود السورية في السادس من فبراير (شباط) بقوة 7.8 درجة، مزهقاً 59 ألفاً و256 روحاً ومتسبباً في أضرار واسعة النطاق.

تبعت آلاف الهزات الارتدادية الضربة الرئيسة فيما يعد أقوى زلزال شهدته تركيا منذ زلزال أنطاكية عام 526 وأكثر الكوارث الطبيعية دموية في تاريخها الحديث، إلى جانب كونه الزلزال الأكثر فتكاً في سوريا منذ ذلك الذي شهدته حلب في عام 1822، وخامس أجسم زلزال شهده العالم في القرن الـ21.

فاقمت الضربة من آثار الحرب الدائرة في سوريا، وزادت من أزمة نحو 3.7 مليون إنسان وتسببت في تضرر البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتزايد الحاجة إلى المأوى والمياه والصحة والتعليم. وتقدر قيمة الأضرار الناجمة عنها بـ148.8 مليار دولار في تركيا و14.8 مليار دولار في سوريا.

ثاني أكثر زلزال دموية حدث في منطقة مراكش – آسفي في المغرب بقوة 6.8 درجات ضرب البلاد في 8 سبتمبر (أيلول) مسفراً عن مقتل 2960 شخصاً وإصابة أكثر من 5500 آخرين. وحدث الزلزال بسبب الانزلاق الجانبي الضحل على شقوق في سلسلة جبال الأطلس، وشعر به السكان في إسبانيا والبرتغال والجزائر. ألحقت هذه الكارثة الطبيعية أضراراً بالبنية التحتية والمعالم التاريخية في مراكش والمناطق المحيطة، وأثرت في أكثر من 2.8 مليون شخص وأدخلت المملكة المغربية في حالة طوارئ وطنية وحاجة ماسة إلى المساعدة الدولية.

 

آخر الضربات العنيفة وقع في بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وكان على هيئة أربعة زلازل بقوة 6.3 درجة ضربت محافظة هرات في غرب أفغانستان. وحدث الزلزالان الأولان في السابع من أكتوبر، بينما ضرب الآخران المنطقة نفسها في 11 و15 من الشهر نفسه.

تسببت الزلازل في أضرار على نطاق واسع وفي تردي الأزمة الإنسانية المستمرة منذ سيطرة حركة "طالبان" على البلاد في عام 2021، وأودت بحياة ما يزيد على 1400 شخص وأصابت أكثر من 2400.

شهدت مناطق أخرى من العالم هزات عنيفة أيضاً هذه السنة، منها الزلزال الذي ضرب إندونيسيا في 9 يناير (كانون الثاني) بقوة 7.6 درجة وتسبب في إصابة 11 شخصاً وأضرار متوسطة، وذلك الذي شهده ساحل الإكوادور الجنوبي في 18 مارس (آذار) بقوة 6.8 وأزهق 15 روحاً وأصاب أكثر من 400 شخص. في 30 يونيو (حزيران) تعرضت الفيليبين لزلزال بقوة 6.2 درجة أودى بحياة شخص واحد وأصاب 23 آخرين، وكذلك شهدت نيبال ضربة بقوة 5.7 درجة تسبب في مقتل 157 شخصاً وإصابة ما يزيد على 3751 في سبتمبر.

حرائق الغابات

كان للعالم العربي نصيب من النيران التي طاولت غابات الكوكب هذه السنة وامتدت على مساحات شاسعة ودمرت النباتات والحيوانات والمنازل والممتلكات، وأدت إلى تلوث الهواء ومزيد من التغيرات المناخية.

وكان للمغرب نصيب الأسد من هذه الكوارث الساخنة، إذ شهدت المملكة منذ مطلع عام ولغاية يوليو (تموز) 222 حريقاً في مناطق عدة من البلاد، بخاصة في جبال الريف، تجاوزت مساحتها 1200 هكتار، وأدت إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 12 وإجلاء أكثر من 1300 أسرة، بحسب وزارة الداخلية. وعزت السلطات الحرائق إلى موجة الحر والجفاف والرياح القوية، وقالت إنها تمكنت من السيطرة على معظمها بمساعدة طائرات إطفاء من إسبانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي.

في الـ24 من يوليو انطلقت شرارة النيران التي التهمت مساحات واسعة من ولايات القصرين والقيروان وسليانة والمنستير، وغيرها في تونس، مؤدية إلى خسائر مادية وبيئية كبيرة. وقالت الحماية المدنية في البلاد إن الحرائق السبعة ناتجة من ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار والإهمال البشري.

في الجزائر المجاورة اندلعت حرائق في 17 ولاية، بخاصة في منطقة القبائل، في 9 أغسطس (آب) مما أدى إلى مقتل 34 شخصاً، بينهم جنود، وفقاً لوزارة الدفاع الجزائرية. وبررت الحكومة الحرائق بالرياح القوية والجفاف والإرهاب، وأوقف 4 أشخاص. وفي سبتمبر حول ملف الحرائق إلى قسم مكافحة الجرائم الإرهابية والتخريبية. وأعلنت الجزائر حداداً وطنياً لثلاثة أيام وطلبت مساعدات دول عدة لمواجهة الكارثة.

وفي نهاية شهر يونيو اندلعت حرائق في محافظات حمص وحماة واللاذقية وطرطوس وريف دمشق في سوريا وصلت إلى ذروتها في 25 يوليو. ترددت أنباء عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 70 آخرين بالنيران. وقالت المصادر الحكومية السورية إن الحرائق ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي والتخريب المتعمد، وأكدت سيطرتها على معظمها في نهاية شهر يوليو بمساعدة طائرات إطفاء من روسيا وإيران وتركيا، كذلك امتدت ألسنة اللهب لتلامس أرجاءً مختلفة من العالم وأوروبا، مؤدية إلى خسائر هائلة في الحياة البرية، وتأثيرات بيئية قد تظل بارزة لسنوات عديدة مقبلة.

 

وشهدت كندا في مارس اندلاع حرائق في مقاطعات بريتيش كولومبيا وألبرتا وأونتاريو وكيبيك، وغيرها، مما أدى إلى إجلاء آلاف السكان وإغلاق الطرق والمطارات. وعزت السلطات الحرائق إلى موجة حر قياسية والبرق والإهمال البشري.

وشهدت البرتغال أربعة حرائق قاتلة في شهر يونيو في مقاطعات مختلفة تسببت في موت 64 شخصاً وإصابة 204 أشخاص من بينهم رجال إطفاء. وكان ارتفاع درجات الحرارة والرياح القوية والإهمال البشري، الأسباب التي أدت إلى اندلاع النيران في البلاد، وفقاً للسلطات.

وكان شهر أغسطس الأكثر سخونة بكل ما للكلمة من معنى في مناطق كثيرة من العالم، ففي بداياته انتشر حريق ضخم عبر ولايتي كاليفورنيا ونيفادا، متلفاً أكثر من 80 ألف هكتار من الأراضي. وتسبب الحريق برحيل الآلاف عن منازلهم وتهديد الحياة البرية والبحرية في المنطقة.

وفي هاواي اندلعت حرائق في جزيرة هاواي الكبرى في أغسطس استمرت لأربعة أيام تسببت في إبعاد نحو ألفي شخص وتدمير عشرات المنازل والمزارع. وشهدت الجزر المشمسة لحظات من الهلع والتهديد الدائم للمجتمعات المحلية، وكانت جهود إخماد الحرائق تحدياً للقدرة البشرية، ولم تتم السيطرة على بعضها إلا بصعوبة. قالت السلطات إن الحرائق ناجمة عن الجفاف والرياح العاتية والإهمال البشري، وإنها تمكنت من السيطرة على معظمها بمساعدة طائرات إطفاء من الجيش والحرس الوطني.

وفي أغسطس أيضاً، نشبت نيران هائلة في جزيرة تينيريف في جزر الكناري الإسبانية تسببت في إجلاء أكثر من 12 ألف شخص وتدمير أكثر من 14 ألف هكتار من الغابات والمحميات الطبيعية، ويعتقد أن الحريق ناجم عن فعل متعمد. وفي الشهر عينه شهدت اليونان سلسلة من حرائق الغابات التي استمرت إلى شهر سبتمبر وسجلت أكثر من 80 حريقاً، مدفوعة بالحرارة والجفاف والرياح القوية. ألحقت النيران أضراراً بالبنية التحتية والمعالم التاريخية والثقافية في البلاد، وقتلت 28 شخصاً وأصابت المئات. تركت الحرائق وراءها دماراً هائلاً وخسائر بشرية وطبيعية فادحة، حيث شردت الكارثة التي استمرت أسابيع عدة مئات السكان ودمرت النظام البيئي.

كانت إيطاليا من البلدان التي تلظت بنيران الشهر الثامن، حيث اندلعت حرائق في 20 مدينة وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ، بعد وفاة 5 أشخاص بسبب الحرائق والرياح القوية. تضررت مناطق سياحية مهمة بالنيران، مثل جزيرة صقلية وشبه جزيرة سالنتو، واقتربت ألسنة اللهب من الشواطئ والمنازل والمزارع. وعزت السلطات الحرائق لأسباب متعددة، من بينها موجة الحر الشديدة والتغير المناخي والإهمال البشري والتخريب المتعمد.

الأعاصير والعواصف

تذوق العالم طعم الأعاصير القوية المدمرة هذه السنة التي خلفت أضراراً هائلة في المناطق المتأثرة ومثلت تحديات إنسانية جديدة، بخاصة في الأماكن التي تشهد بالفعل أزمات أخرى.

وكانت منطقة المحيط الأطلسي الأكثر نشاطاً في موسم العواصف الضخمة، حيث شهدت 20 عاصفة بلغ 7 منها درجة الإعصار، وهو العدد الأكبر الذي تواجهه المنطقة منذ عام 1933.

وسجل عام 2023 أكثر إعصار دموية في تاريخ أفريقيا، حيث ضرب الإعصار دانيال ليبيا في 10 سبتمبر متسبباً في فيضانات مدمرة في مدن ساحلية شرق البلاد، مثل درنة والبيضاء وبنغازي والمرج والأبرق وطبرق، ووصفته بعض المصادر بأنه ابتلع قرى بأكملها. وأدى الإعصار إلى انهيار سدين قرب مدينة درنة، محدثاً سيلاً كان السبب في مقتل أكثر من 4 آلاف شخص، وفقدان أكثر من 10 آلاف آخرين وتضرر نحو 300 ألف طفل.

ألحقت الكارثة أضراراً بليغة بالمنازل والممتلكات والمنشآت والبنية التحتية والمحاصيل والموارد الطبيعية، وتقدر خسائرها بنحو 19 مليار دولار أميركي.

في المحيط الهادي، كان إعصار فريدي واحداً من أشد الأعاصير المدارية التي سجلت على الإطلاق في جنوب غربي المنطقة، حيث وصلت سرعة الرياح إلى 260 كم/ ساعة. وضرب الإعصار مدغشقر وموزمبيق ومالاوي في أواخر فبراير وتسبب في مقتل ما يزيد على 1400 إنسان وهطول أمطار غزيرة وفيضانات وانهيارات أرضية وانقطاع للكهرباء والمياه والاتصالات وأثر في ملايين الأشخاص.

وفي أغسطس كانت الولايات المتحدة وكوبا في مواجهة العاصفة الاستوائية إيداليا التي تحولت إلى إعصار من الفئة الأولى خلال مدة قياسية، أودى بحياة 10 أشخاص وأحدث أضراراً تقدر بقيمة 20 مليار دولار. كان إيداليا أول إعصار يضرب ولاية فلوريدا هذه السنة وأحدث انزلاقات أرضية وفيضانات وتسبب في انقطاع الكهرباء في الولايات الجنوبية والشرقية وإجلاء آلاف الناس وتدمير المنازل والمزارع في كوبا.

 

وكذلك في أغسطس، واجهت الولايات المتحدة وكندا إعصاراً من الفئة الأولى أطلق عليه اسم هنري، خلف 10 قتلى وأضراراً تقدر بـ400 مليون دولار. كان هنري الإعصار الأول الذي يضرب ولاية رود آيلاند في التاريخ، وتسبب في هبوب رياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات في الساحل الشرقي، كما نجم عنه إلغاء الرحلات الجوية والقطارات والحافلات وإغلاق الطرق والجسور في الولايات المتحدة وكندا. كما شهد جنوب الولايات المتحدة، بخاصة ولاية تكساس، عواصف جليدية قاسية ناجمة عن خفض قياسي في درجات الحرارة وتساقط كثيف للثلوج في فبراير أثرت في حياة ملايين السكان وقتلت 6 أشخاص في الأقل وتسببت في انقطاع الكهرباء والمياه والغاز والإنترنت.

واجهت المكسيك وهايتي في أغسطس الإعصار غريس من الفئة الثالثة الذي خلف 32 قتيلاً وأضراراً تقدر بـ2.5 مليار دولار. وكان غريس الإعصار الأول الذي يضرب ولاية فيراكروز في المكسيك منذ عام 2010، وتسبب في هدم المنازل وتدمير المحاصيل والبنية التحتية، كما فاقم الأزمة الإنسانية في هايتي، التي كانت تعاني بالفعل ظروفاً مأسوية.

شهدت آسيا مواجهة مع إعصار ساولا الذي ضرب هونغ كونغ في نهاية أغسطس وبداية سبتمبر، وطاول تايوان والصين وهونغ كونغ وماكاو، وكان من الفئة الثالثة. خلف الإعصار 33 قتيلاً وأضراراً تقدر بـ32 مليار دولار وتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية وانقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات في كثير من المناطق.

الإعصار الآسيوي الضخم الثاني هو خانون الذي ضرب اليابان وكوريا الجنوبية في الفترة الزمنية نفسها، وكان من الفئة الثالثة. تسبب في مقتل 4 أشخاص وإصابة 120 غيرهم بجروح وأضرار تقدر بـ34 مليار دولار وتدمير المنازل والمرافق العامة والمحاصيل في جزيرة كيوشو وهطول أمطار غزيرة وفيضانات وانهيارات أرضية في الصين وكوريا.

الفيضانات

إلى جانب الانهيارات الأرضية والرياح العاتية والنيران المستعرة، كان للمياه أيضاً دور مهم في الدمار الذي عاشه العالم في مناطق عدة هذه السنة.

وبين شهري يوليو وأغسطس اجتاحت فيضانات واسعة النطاق مناطق مختلفة من الصين خلفت 302 قتيلاً وأضراراً تقدر بـ29 مليار دولار. كانت الفيضانات ناجمة عن هطول مطري غزير وغير مسبوق في عدة مقاطعات، بخاصة في هنان وهوبي وشانشي وشينجيانغ. وتسببت الفيضانات في انهيار السدود والجسور والطرق والمنازل والمصانع والمزارع، وأثرت في أكثر من 14 مليون شخص، كما تسببت في انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات في بعض المناطق، وتهديد الآثار التاريخية والمواقع الثقافية.

في الفترة نفسها، تسببت الفيضانات العارمة في اليابان في خسارة 6 أرواح وإعاقة حركة الحياة اليومية، بينما كانت نتيجة الفيضانات الهائلة التي ضربت الهند في شهر أغسطس تشريد الآلاف وتدمير البنية التحتية والمزروعات في كارثة تسببت في أزمة إنسانية خطرة. كذلك تعرضت كوريا الجنوبية في الشهر ذاته إلى فيضانات شديدة خلفت 22 قتيلاً وأضراراً تقدر بـ1.5 مليار دولار. كانت الفيضانات نتيجة لهطول مطري غزير خلال موسم الأمطار في شرق آسيا، مما أفضى إلى حدوث فيضانات وانهيارات أرضية في جميع أنحاء البلاد. ودمرت الفيضانات المنازل والمرافق العامة والمحاصيل، وأثرت في حياة نحو نصف مليون إنسان وكان سكان مقاطعتي تشونغتشونغ وغيونغسانغ الشماليتين الأكثر تضرراً.

 

في أفريقيا، تعرضت السودان في نهايات أغسطس وبدايات سبتمبر إلى فيضانات كارثية أزهقت أرواح 6 أشخاص وكبدت البلاد خسائر تقدر بـ1.2 مليار دولار. ونجمت الفيضانات عن هطول أمطار غزيرة ومستمرة لأكثر من شهر في معظم أنحاء البلاد، كانت نتيجته ارتفاع منسوب المياه في نهر النيل وروافده وحدوث سيول. وتسببت الفيضانات في تدمير آلاف المنازل وعشرات المدارس ومستشفيات ومساجد وجسور وحدوث تلوث مصادر المياه وانتشار الأمراض والآفات والجوع.

في أوروبا شهدت إيطاليا خلال شهر مايو (أيار) فيضانات واسعة النطاق خلفت 15 قتيلاً وأضراراً تقدر بـ20 مليار يورو. نجمت الفيضانات عن هطول أمطار غزيرة وغير مسبوقة في عدة مناطق، تحديداً في إميليا وبولونيا ورافينا. وتسببت الفيضانات في ارتفاع منسوب المياه في 21 نهراً وغمرت الشوارع والمنازل والمزارع والمصانع والمواقع الثقافية والتاريخية. وتأثرت 42 بلدة ومدينة بالفيضانات، وأجبر 36 ألف شخص على مغادرة منازلهم، وبقي 34 ألف شخص من دون كهرباء. وأعلنت الحكومة الإيطالية حالة الطوارئ والحداد الوطني ثلاثة أيام، وطلبت المساعدة الدولية لمواجهة الكارثة.

خلال شهر أغسطس تعاملت سلوفينيا والنمسا مع فيضانات ناجمة عن أيام من الأمطار الغزيرة أجبرت على إخلاء قرى من سكانها، وأحدثت أضراراً وصفت بالتاريخية وضعت فرق الطوارئ في حالة تأهب قصوى تحسباً للانهيارات الأرضية وانفجارات السدود. وأثرت الفيضانات في أكثر من ثلثي سلوفينيا، واعتبرت أسوأ كارثة طبيعية تضرب هذا البلد منذ استقلاله عام 1991.

وفي النمسا توفيت امرأة غرقاً في نهر غمرته المياه في جنوب البلاد ضمن موجة ارتفاع منسوب المياه التي تشهدها النمسا على طول نهر مورا الممتد على مسافة 450 كم.

في أواخر شهر أكتوبر نجمت فيضانات شديدة عن العاصفة بابيت القوية التي ضربت دولاً عدة في شمال أوروبا. وأثرت الفيضانات التي أدت إلى أضرار مادية وخسائر بشرية، خصوصاً في المملكة المتحدة وألمانيا والدنمارك، حيث سببت ارتفاع منسوب المياه في الأنهار والسواحل، وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل، وتعطيل حركة النقل البري والبحري. وتوفي ثلاثة أشخاص في اسكتلندا بسبب الفيضانات وأصيب عديدون في ألمانيا والدنمارك، ووصفت السلطات هذه الكارثة بالاستثنائية وغير المسبوقة في بعض المناطق.

البراكين

ثار 48 بركاناً في العالم وفقاً لبرنامج البراكين العالمي التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وسجل أحدث هذه الانفجارات في 4 ديسمبر (كانون الأول) في بركان ميرابي بإندونيسيا الذي قتل 23 شخصاً من بينهم متسلقون وأصاب ما لا يقل عن 100 وأجلي آلاف السكان من المناطق المحيطة به.

وفي 11 نوفمبر (تشرين الثاني) انفجر بركان لاني في الفيليبين، وتسبب في هطول أمطار غزيرة وفيضانات وانهيارات أرضية وإغلاق مطارات وموانئ وطرق في البلاد.

كان لأوروبا نصيبها من البراكين أيضاً هذه السنة، حيث انفجر بركان إتنا في إيطاليا في 18 أغسطس وأرسل عموداً من الرماد والغازات إلى ارتفاع يزيد على 10 كيلومترات، كما أدى الانفجار إلى تعطيل حركة الطيران في جزء من أوروبا وشمال أفريقيا.

 

وفي 15 يونيو انفجر بركان شيشالدين في ألاسكا، وأنتج تدفقات من الحمم والرماد والصخور، وهدد الحياة البرية والبحرية في المنطقة.

في غمرة هذه اللحظات التي كنا فيها شهوداً على أحداث مأسوية ومواقف عصيبة، تجلت قوة الطبيعة وقسوتها في وجه ضعفنا على رغم كل التطور الذي أحرزناه كبشر في وسائل التنبؤ والتعامل مع غضب الطبيعة. ولم تكن الأحداث التي شهدها عام 2023 غريبة على الناس، لكنها فاجأت بكميتها وانتشارها وعنفها العالم بأكمله وهزت قدرته على استيعابها جميعاً ضمن إطار زمني قصير نسبياً.

نرجو ألا تكون هذه مجرد أحداث خلفت آثارها في حياة من تضرروا بها فعلاً، بينما يمحى أثرها من ذاكرة من شاهدوها أو قرأوا عنها على الشاشات ويزول مع نزع آخر صفحة في روزنامة هذه السنة.

المزيد من بيئة