Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيون طلاب تونسيين على الدكتوراه لتفادي لقب "عاطل من العمل"

سجلت نسبة البطالة ارتفاعاً جديداً لتتجاوز الـ16 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي

أعلنت الدولة التونسية تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية منذ عام 2018 بسبب تضخم التوظيف (اندبندنت عربية)

ملخص

كشفت بيانات المعهد أن عدد العاطلين من العمل خلال الربع الأول من العام الحالي قدر بأكثر من 650 ألفاً في مقابل 624 ألفاً خلال الثلث الرابع من العام الماضي، أي بارتفاع يقدر بنحو 31 ألفاً

لم يخطر ببال مهدي أن يكون يوماً ما مجبراً على إنهاء درجة الدكتوراه في كلية الحقوق بالعاصمة تونس حتى لا يلتصق به لقب "عاطل من العمل".

هذا ما قاله الشاب مهدي عويتة (26 سنة)  بكل حسرة وألم، مضيفاً "أنهيت دراستي الجامعية بدرجة جيد جداً لكني أدركت أن الآفاق مغلقة تماماً في مجال القانون على رغم تميزي في الدراسة"، وواصل مهدي "حينها قررت استكمال ماجستير قانون دولي لمدة عامين وفي الوقت نفسه عملت في بعض مكاتب المحامين، لكن للأسف كان الأجر ضئيلاً جداً مقارنة بالتعب وطول ساعات العمل، إضافة الى عدم تحصلي على كل حقوقي مثل التأمين الاجتماعي"، وتابع "فعدت لصفوف العاطلين من العمل ووجدت نفسي مجبراً على إنهاء درجة الدكتوراه ربما تكون الآفاق أفضل بخاصة إذا فكرت في الهجرة".

"الواقع المرير"

ومهدي واحد من مئات الطلبة في تونس الذين يجدون نفسهم مجبرين على إنهاء كل مراحل الدراسة حتى لا يلتصق بهم وصم "عاطل من العمل".

ليلى الشابي باحثة في التاريخ هي أيضاً اضطرت إلى إنهاء مرحلة الدكتوراه لأن مجال التدريس في تونس أصبح مغلقاً، بحسب تعبيرها، وتقول "أن تكون طالباً أفضل بكثير من صفة عاطل من العمل، فالطالب يبقى دائماً تحت مسؤولية العائلة والدولة مادياً"، إلا أن ليلى لم تخف قلقها من شبح البطالة فتعتقد أن درجة الدكتوراه لن تشفع لها، لا سيما أن اختصاصها في التاريخ المعاصر غير مطلوب والانتدابات في الوظيفة العمومية مغلقة منذ أعوام.

وأعلنت الدولة التونسية تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية منذ عام 2018 بسبب تضخم التوظيف بعد أحداث يناير (كانون الثاني) 2011 التي تضاعفت ثلاث مرات.

كذلك تواصل مريم العويني دراستها في المرحلة الثالثة في اختصاص الآداب العربية، وتقول حول اختيارها استكمال هذا المسار "ربما أسأت اختيار اختصاص الآداب العربية لكني كنت مميزة جداً فيه وكنت أحلم أن أدخل الجامعات التونسية العالمية، لكني اصطدمت بالواقع المرير بخاصة أن الدولة جمدت الانتدابات بمؤسساتها التربوية مما جعلني أفقد الأمل".

وبحسب المعهد الوطني للإحصاء في تونس فقد سجلت نسبة البطالة ارتفاعاً جديداً لتتجاوز الـ 16 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بـ 15.2 في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وكشفت بيانات المعهد أن عدد العاطلين من العمل خلال الربع الأول من العام الحالي قدر بأكثر من 650 ألفاً في مقابل نحو 624 ألفاً خلال الثلث الرابع من العام الماضي، أي بارتفاع يقدر بنحو 31 ألفاً.

الدكتور العاطل

وفي سؤال حول اختيار بعض الطلبة في تونس إكمال مراحل الدراسة لتفادي لقب عاطل من العمل والانتفاع من لقب طالب، قال الأستاذ في الجامعة التونسية محمد الجويلي إن "أسباب بعض الطلبة ذاتية وأخرى مرتبطة بالمجتمع"، وتابع "ذاتياً ينتفع الطالب من وجاهة الدرجة العلمية التي قد يستفيد منها في المسيرة المهنية، وفي الوقت نفسه يستفيد من أعوام مواصلة الدراسة للبحث عن عمل، أما على الصعيد الاجتماعي فيكون الضغط على طالب العلم أخف بينما يعرف العاطل من العمل ضغوطاً كبيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانب آخر يرى الجويلي أن مواصلة دراسة الفتيات القادمات من مناطق داخلية وريفية تخولهن البقاء في العاصمة والمدن الكبرى التي تكون فيها الآفاق أوسع للدراسة وللبحث عن عمل.

إلا أن صفة "عاطل من العمل" للمتحصل على درجة الدكتوراه تجعله أكثر تحسراً، فلقب الدكتور العاطل قد يسبب ضغوطاً نفسية واجتماعية من نوع آخر.

ونفذ "الدكاترة العاطلون من العمل" في تونس يوم الـ 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وقفة احتجاجية أمام قصر الحكومة بالقصبة في تونس العاصمة، سبقتها مسيرة سيراً على الأقدام من محافظة سوسة إلى تونس انطلقت في الـ  25 من نوفمبر الماضي احتجاجاً على هذا الواقع.

الهجرة إن توفرت الفرصة

وقالت المتحدثة الرسمية باسم "حراك دكاترة تونس العاطلين من العمل" مريم الدزيري إن هذا التحرك يأتي تنديداً بما اعتبرتها "سياسة الحرمان من التأمين الاجتماعي وطرق الانتداب القانونية في الوظيفة العمومية"، معتبرة أن هذه الوقفة هي "صرخة ضد كل مظاهر الاستبعاد والظلم الذي يتعرض لها هؤلاء".

وقالت الدزيري في تصريح خاص إن "سياسة التهميش تدفع بالدكاترة إلى الهجرة خارج البلاد وهذا ما يحصل".

وكشف استبيان أجرته رئيسة تنسيقية الدكاترة العاطلين من العمل رباب التواتي سألت فيه مجموعة تضم نحو 19 ألفاً من الدكاترة والأساتذة عن رأيهم في الهجرة للعمل بالخارج، أن 97 في المئة منهم عبروا عن استعدادهم للهجرة إن توفرت لهم الفرصة.

وبحسب بيانات جهاز الإحصاء فقد وصلت نسبة البطالة بين حاملي الشهادات العليا إلى 24.6 في المئة بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في مقابل 23.3 في المئة خلال الفترة نفسها من عام 2022.

ويشار إلى أن عدد الدكاترة العاطلين من العمل في تونس بلغ حوالى 4 آلاف معظمهم في اختصاصات البيولوجيا والكيمياء.

وفي المقابل قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي في تونس منصف بوكثير خلال مناقشة موازنة الوزارة لعام 2024 أمس لدى سؤاله حول بطالة الدكاترة، إنه ستفتح خلال الأسابيع المقبلة خطط لانتداب 920 من حاملي شهادة الدكتوراه بموجب خطط الانتداب المبرمجة بمشروع موازنة الدولة لعام 2024، مشيراً إلى أنه اُنتدب عام 2022 عدد 1130 من حاملي  شهادة الدكتوراه.

وتعزو السلطات التونسية ارتفاع نسبة البطالة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا وارتفاع كلف استيراد المواد الأساس والطاقة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير