Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان غزة يفرغون همومهم أمام البحر

يأمل النازحون في انتهاء الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها

ملخص

يأمل النازحون في انتهاء الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها

على كرسي بلاستيكي جلس عدنان فوق أنقاض استراحة على بحر غزة وأخذ يتابع تقلب الأمواج وتكسرها عندما تقترب من الشاطئ، ويتحسر على الدمار الذي سببته قذائف الزوارق الحربية الإسرائيلية في الأكشاك المنتشرة على طول ساحل.

بهدوء كان يشاهد عدنان البحر ويتمتم بعبارات غير مفهومة، لكنه رفع صوته، وقال، "يا الله، لو تنتهي الحرب ويعود السلام، وأركب قاربي وأصطاد السمك"، لكن صوت طراد عسكري إسرائيلي يقوم بجولة تفقدية قرب شاطئ غزة أعاده إلى واقع الحرب في القطاع.

لهو أطفال

لم يعره عدنان أي اهتمام، وأخذ يتمشى على الرمال الصفراء برفقة زوجته ويعدها بحياة أفضل وبتغييرات كبيرة سيجريها في منزله وسط مدينة غزة بعد توقف الحرب وعودته إلى شمال القطاع.

كان أطفال عدنان يلهون على الشاطئ ويقفزون لدى وصول الأمواج وهم غير عابئين بهموم الكبار وقسوة الحياة. كالطفل فتح الأب ذراعيه وركض نحو صغيرته يحتضنها ويلعب معها.

يقول عدنان "أحاول استغلال أيام الهدنة الإنسانية للوصول إلى أماكن عامة ومفتوحة وبعيدة للترويح عن أسرتي قليلاً، البحر هو المكان الوحيد المتاح أمامنا، بعدما دمر الجيش الإسرائيلي المدينة بأماكنها الترفيهية ومرافقها الحيوية".

تنزه نفسي

هذه المرة الأولى التي يخرج فيها عدنان لمكان عام، يضيف، "قررت التنزه قليلاً، لقد أحاط اليأس بأسرتي، وغلبنا القلق والتوتر بسبب صوت القصف والاكتظاظ داخل مراكز الإيواء، إذا لم أفعل ذلك تأكد أن عائلتي ستكون محبطة، لذا أحاول الاستفادة من الهدنة وإعادة ذكريات قديمة".

عدنان أحد النازحين من مدينة غزة إلى منطقة الجنوب، يعيش حالياً في مدرسة حولتها الأمم المتحدة لمركز إيواء. أكثر من 30 فرداً يتقاسمون معه غرفة الفصل التي يقيم فيها، جميعهم رافقوه لرحلة قصيرة إلى شاطئ البحر.

يشير عدنان إلى أنه أمضى أيام الحرب قبل الهدنة جالساً في مركز الإيواء، وأقصى ما يفعله الوقوف على باب غرفة الفصل الدراسي التي يعيش فيها يتحدث مع النازحين عن السياسة والأحوال التي آلت إليها الظروف وكيفية تدبير أمور حياتهم.

ضيق مراكز الإيواء

كذلك لحقهم المواطن طارق الذي يؤكد أنه يزور الشاطئ بعد أن توقفت بشكل موقت أصوات المدافع والطائرات والغارات الدامية، ورغب في التفريغ عن نفسه وتجديد طاقته أمام تكسر الأمواج في المكان الوحيد المتاح أمام سكان القطاع.

يشير طارق إلى السماء ويقول "لا توجد أية طائرات في الجو، ولا نسمع لها صوتاً، هذا الهدوء لم يكن متاحاً طوال أيام القتال المتوقفة موقتاً، لقد مللت الجلوس في المنزل وخرجت أتجول في الشوارع لتفريغ الطاقة السلبية التي سببتها الطائرات وآلة القتال".

قصد طارق البحر وهو الذي افتقد للأماكن الواسعة وذات المدى البعيد، بعد أن عاش لفترة في مراكز إيواء ضيقة ومكتظة، لكن نزهته القصيرة هذه لم تخفف من القهر الذي يعيشه، ويقول "خرجت من تحت أنقاض منزلي، ثم نزحت إلى الجنوب، وأنا اليوم مشرد من مكان لآخر، هذه حياة بائسة"، ويسأل "متى ستنتهي الحرب؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الصيد ممنوع

من بعيد كانت تركض هناء باتجاه الشاطئ وكأنها قابلت الحبيب الذي غابت عنه لفترة طويلة، وما إن وصلت المياه حتى قفزت فيها، توضح أنها اشتاقت إلى التنزه، ولو لساعات قليلة، وأنها جاءت للبحر هاربة من الأجواء الكئيبة.

بعيداً من الشاطئ سارت هناء نحو أكواخ الصيادين وجلبت شبكة صيد وبدأت ترميها في البحر، وتقول "أعتقد أن حبيبي سيمنحي قليلاً من الأسماك"، لكنها عادت وسحبتها سريعاً بعدما أطلق جنود البحرية الإسرائيلية طلقات تحذيرية قربها، ومنعوها من ذلك.

تفريغ نفسي

تقول المتخصصة في مجال الصحة النفسية عبير جمعة إن سكان غزة مصابون بحالات نفسية معقدة واضطرابات، وهم يبحثون عن طرق وسبل للتفريغ عن أنفسهم، وهذا هو التفسير البسيط لما شاهدناه في زيارات النازحين لشاطئ البحر. وتضيف "عاش سكان غزة أقسى أيام حياتهم وأصعبها، شكلت لديهم صدمة وضغوطاً كبيرة، إذاً يجب التدخل الفوري لتفريغ الطاقة السلبية التي يحملونها في صدورهم، وهذا يحتاج إلى وقت طويل".

من داخل غزة يقول المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فيليب لازاريني، "رأيت الناس منهكين، وبدأوا يفقدون الأمل، سكان القطاع في حاجة إلى فترة راحة، فهم يستحقون أن يناموا من دون قلق، وهذا من أبسط حقوق أي مواطن".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات