Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسكو تخرج من إطار "السرية التامة" لتجس نبض الأحزاب الجزائرية

لقاءات السفير الروسي في هذا الوقت بالذات لها دلالات كثيرة

أمين عام جبهة "التحرير الوطني" محمد جميعي يستقبل السفير الروسي في مقر الحزب (موقع جبهة التحرير الوطني الرسمي)

لقاءات السفير الروسي لدى الجزائر إيغور بيليايف مع قادة أحزاب في الموالاة والمعارضة، لفتت انتباه متابعين للشأن السياسي، خصوصاً أن المسؤول الروسي نادراً ما التقى سياسيين بناء على "طلب منه"، قبل رحيل منظومة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وأعلن السفير الروسي دعم بلاده "تنظيم رئاسيات في أقرب وقت"، رافضاً أي تدخل أجنبي في الجزائر.

"جس نبض"

واستقبل الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" محمد جميعي، بيليايف، وقال الحزب الذي يحوز على الغالبية البرلمانية في البلاد، إن "اللقاء حصل بطلب من السفير الروسي، الذي كان التقى قيادة "حركة مجتمع السلم" برئاسة عبد الرزاق المقري الأسبوع الماضي، ما يعني شروعه في "جس نبض" أكبر الأحزاب في البلاد.

وقالت "حركة مجتمع السلم" في وقت سابق إن "السفير اصطحب معه مستشاره، في حين حضر عن جانب الحركة نائب الرئيس عبد الرحمن بن فرحات والأمين الوطني عبد العالي حساني شريف".

انتخابات في أقرب وقت

اختار السفير الروسي أقرب المصطلحات إلى قلب السلطة القائمة في الجزائر حينما تحدث عن الوضع السياسي في البلاد، ونقل بيان رسمي صادر عن "جبهة التحرير الوطني"، عنه قوله إن "روسيا ترى أنّ الحل يكمن في تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال"، معتبراً أن "تشكيل لجنة الحوار سيسهل الأمور لتحقيق هذا الهدف".

وأكدت روسيا، بحسب البيان، وقوفها إلى جانب الشعب الجزائري وهو وحده من يقرر مصيره، رافضةً أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي للجزائر، بينما قال الأمين العام لـ "جبهة التحرير الوطني" إن "زيارة السفير الروسي في هذا الوقت بالذات لها دلالات كثيرة".

كذلك أشار إلى أن "علاقات وطيدة تربط الجزائر وروسيا، سواء تاريخياً أو حالياً وحتى مستقبلياً، ونحن أمامه نجدّد إيمان الحزب بأن السيادة بيد الشعب وحده، والهدف بناء دولة قوية على مستوى تطلعاته، لذلك نثمّن الموقف الروسي الثابت تجاه ما يحدث في دول عدة".

تصحيح موقف؟

في العادة، يتجول سفيرا فرنسا والولايات المتحدة الأميركية بين مقرات الأحزاب، لاستطلاع مواقفها من أحداث في الجزائر. كان هذا نشاطاً روتينياً لهما قبل استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وكان من النادر في المقابل، مشاهدة نشاط علني للسفير الروسي في الجزائر، عملاً بتقاليد مشتركة بين الدولتين، اللّتين تفضلان إقامة علاقات استراتيجية ضمن سرية تامة.

ومعلوم أن موقف الروس من الحراك الشعبي في الجزائر، بدا واضحاً منذ البداية، وقدمت موسكو تصوّرها في رسالة ظهرت جلياً أنها موجهة إلى دول غربية اعتادت التعليق وتجاوز حدود التدخل في شؤون الدول.

وفي أعقاب الحراك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "نحذر من مغبة التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر"، مؤكداً أن "الشعب الجزائري هو الذي يختار مصيره". وكان ذلك قبيل الإطاحة بالعهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

جولة لعمامرة الأوروبية

وعلى الرغم من الموقف "المتحفظ" من الروس تجاه الأزمة الجزائرية من البداية، إلاّ أنّ "استنجاد" النظام السابق بروسيا في مارس (آذار) 2019، يظلّ نقطة غامضة خلف الخطاب المعلن لموسكو. وكان وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة، قد بدأ حينها جولة أوروبية استهلها من موسكو، وهو يروّج لـ"تمديد ولاية بوتفليقة الرابعة".

حينها، عاد لعمامرة إلى الجزائر بموقف روسي أعلن عنه لافروف، إذ صرّح أنّ "موسكو تدعم خطط السلطات الجزائرية للاستقرار في البلاد على أساس الحوار واحترام الدستور"، بينما كان أهم ما قاله لافروف "لقد قام الزميل الجزائري (لعمامرة) بإطلاعنا على الوضع في الجزائر، وشاركنا خطط قيادة البلاد في المستقبل القريب، ونحن ندعم هذه الخطط".

وأضاف لافروف "نعوّل على قدرتهم في استقرار الوضع في هذا البلد الصديق، من خلال الحوار الوطني على أساس احترام الدستور الجزائري، وبالطبع، احترام الأطراف المعنية كافة لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".

لا موقف رسمي من جولة السفير

في العادة، تفرض السلطات الجزائرية على السفراء الأجانب الاستحصال على تراخيص مسبقة قبل تنقلات يجرونها داخل البلاد لـ"دواع أمنية"، لكنها في المقابل لا تعلّق على تحركات السفراء، إلاّ إذا جانبت تصريحاتهم مواقف رسمية للدولة. ولعلّ غياب موقف جزائري رسمي من تصريحات السفير الروسي، يعكس إلى حد ما، حاجة الجزائر الرسمية إلى سند روسي، في سياق ما باتت تسمّيه الهيئات الحاكمة "محاولات المساس بسمعة الجزائر في المحافل الدولية".

لذلك، تُطرح أسئلة عن خلفية تصريح رئيس الأركان الثلاثاء 27 أغسطس من وهران غرب العاصمة الجزائرية، حين قال "هيهات أن تتحقق أماني هذه العصابة وأذنابها ومن يسير في فلكها، لأن المؤسسة العسكرية، ستواجه وستتصدى بكل قوة وصرامة، لهذه الجهات المغرضة، ولن تسمح لأي كان بالمساس بسمعة الجزائر بين الأمم وتاريخها المجيد وعزة شعبها الأصيل". وأضاف "سنعمل معاً من دون هوادة، على إفشال المخططات الخبيثة لهذه الجهات وهؤلاء الأشخاص المأجورين، الذين أصبحت مواقفهم متغيرة ومتناقضة باستمرار، لأنها وببساطة ليست نابعة من أفكارهم بل أملاها عليهم أسيادهم، الذين يتحكمون فيهم ويوجهونهم بحسب أهوائهم، في محاولة لتقزيم دور الجزائر إقليمياً ودولياً".

نشاط دبلوماسي وتعاون عسكري

يبقى الملاحظ في تحركات السفير الروسي، أنها تزامنت مع حدثين عسكريين بارزين يجمعان بلاده بالجزائر، الأول كان رسو الطرادة قاذفة الصواريخ الروسية "ماريشال يوستينوف 055" التابعة للبحرية الروسية في ميناء الجزائر، منتصف الأسبوع الحالي، أما الثاني فكان إشراف رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في التوقيت ذاته، على تمرين عسكري لاختبار غواصات روسية حديثة من طراز "كيلو".

المزيد من العالم العربي