Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حياة بسن الفأس... غزة تعود إلى التحطيب

مهنة فرضتها حرب القطاع بعد أن قطعت إسرائيل غاز الطهو واحترقت الأحراش والبساتين بقنابل الفسفور

ملخص

عادت مهنة الأجداد في غزة وبات السكان يقطعون جذوع الأشجار لإيقاد نيران الطهو.

على كتفه يحمل تيسير فأساً بينما يمسك بيده منشاراً حديدياً تقليدياً ويجوب بهما شوارع جنوب غزة يبحث عن البساتين المزروعة بالأشجار المعمرة ليقتطع جذوعها ويحولها إلى أكوام من الحطب اليابس.

داخل أرض زراعية قريبة من الحدود مع إسرائيل، وجد تيسير بستاناً مزروعاً بأشجار الزيتون المعمرة، وعلى الفور بدأ يقص أغصان شجرة يعتقد أن عمرها يزيد على 100 عام، كان العمل يجري بسرعة إذ يحاول تيسير قطع أكبر عدد ممكن من الأخشاب في وقت محدود.

لا غاز للطهو

يستخدم تيسير جذوع الأشجار والأغصان اليابسة كحطب يشعل فيه النار ويطهو عليها الطعام ويصنع الخبز، فلا يوجد في غزة غاز للطهو، وجميع المخابز أغلقت أبوابها أمام سكان القطاع الجائعين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ بدء الحرب بين غزة وإسرائيل، قطعت تل أبيب إمدادات غاز الطهو عن سكان القطاع، وبسبب طول مدة القتال والحصار نفد احتياطي جميع أنواع المحروقات، ولم يجد أرباب الأسر أمامهم سوى اللجوء إلى نار الخشب لطهو الطعام.

بشكل تلقائي عادت مهنة التحطيب إلى غزة بعدما اندثرت منذ ربع قرن. يقول تيسير، "نخاطر بأنفسنا من أجل جمع الحطب من الحقول الزراعية لتوفير مصادر بديلة للمحروقات وغاز الطهو، نتجول في كل الشوارع باحثين عن الخشب لاستخدامه كحطب".

ينطلق تيسير لجمع الحطب مع بزوغ الفجر، ويقطع مسافات طويلة مشياً تصل في بعض الأحيان لما يزيد على 10 كيلومترات، ويتعرض للأخطار.  ويضيف، "سقطت عن شجرة وكدت أتعرض للكسر، كما أننا معرضون للقصف الإسرائيلي خلال العمل، فقبل قليل أطلقت الدبابات الإسرائيلية المتمركزة بالقرب من الحدود قذائف مدفعية قربنا".

بحسب تيسير فإن عمله في التحطيب يأتي في محاولة منه للتكيف مع الظروف الصعبة في غزة وإيجاد البدائل، ويشير إلى أن غزة عادت بالزمن إلى ما استخدمه الأجداد ليواصلوا الحياة، واليوم ها هم السكان في القطاع يعودون سنوات للوراء بينما يحاولون مواصلة الحياة.

تعمل مع تيسير ثلاث فرق من الشباب، الأولى متخصصة بقص الأغصان وجذوع الأشجار، والثانية تعمل على تجميع الأخشاب اليابسة من الشوارع والأراضي الزراعية، والثالثة تقطع الأخشاب الكبيرة إلى قطع صغيرة ليسهل حملها وحرقها.

لكي يعيش أولادنا

في البستان الشجري نفسه، كان وائل يجمع الأغصان المتساقطة وبعض الأخشاب، ويقول، "نبحث عن متطلبات الحياة ولا يوجد غاز للطهو، نأتي لأي مكان فيه أخشاب، وأمس كنا في المقابر، إننا نضحي بالأشجار كي نعيش ويعيش أولادنا، نبحث عن إطعامهم ولا يوجد لدينا شيء من متطلبات الحياة".

يجمع وائل بقايا الأشجار الجافة على عربة يجرها حمار، ويقول، "وصلنا إلى أن نجمع الحطب من الشوارع، ونبحث عن الأخشاب وورق الأشجار الجاف لاستخدامها في طهو الخبز".

على طرف بعيد من البستان، يضرب خميس بالفأس جذع شجرة الزيتون ليقطعه، ويقول، "نكسر الحطب ونساعد الناس على تكسيره، ونرسله إليهم ليتدبروا حالهم بسبب عدم وجود الغاز والكهرباء".

يوضح خميس أنه لا بديل عن الخشب والحطب، وأنه يعمل متطوعاً في مهنة التحطيب، مضيفاً، "كانت هذه المهنة القديمة موجودة في عهد أجدادنا وانتهت، لكنها عادت في ظل فقدان غاز الطهو، رجعنا إلى الخشب لنطبخ للناس".

ليس الرجال وحدهم الذين يعملون في مهنة التحطيب، فهذه سحر تزور الحقول الزراعية على رغم أخطار التحرك فيها، وتقطع الأشجار بطريقة بدائية لتحصل على خشبها اليابس وتبيعه.

تقول سحر، "الحطب ليس رخيصاً، أبيع الكيلوغرام الواحد منه بحوالى دولارين لأشتري لصغاري الطحين وأطعمهم، حتى الحطب أصبح شحيحاً، ونزور حقولاً وأراضي كثيرة فنجدها محروقة".

حين بات الحطب نادراً

في الواقع، قصفت إسرائيل الأراضي الزراعية في منطقة جنوب غزة، وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فإن الجيش دمر 40 في المئة من إجمالي المساحة الزراعية في غزة، كما تسببت القنابل الحارقة والفسفورية في حرق الأحراش والبساتين.

يضطر سكان غزة إلى حرق الحطب لطهو القليل من الطعام وغلي المياه لتعقيمها قبل استخدامها للشرب، وإذا لم يستخدموا الأخشاب للحصول على الطاقة فإنهم معرضون للجوع، وهو ما حدث فعلاً، إذ أكدت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي عبير عطيفة، أن "نسبة انعدام الأمن الغذائي في غزة ارتفعت إلى 94 في المئة خلال الشهرين الماضيين بسبب الحصار".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات