Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخلفيات السياسية تحرك القضاء العسكري ضد الصحافيين في لبنان

تسطير مذكرة بحث وتحرٍّ ضد ليال الاختيار بعد ادعاء من هيئة "ممثلي الأسرى" القريبة من "حزب الله"

من تظاهرة سابقة لنصرة حرية التعبير في لبنان (أ ف ب)

ملخص

القضاء العسكري يدعي على الإعلامية ليال الاختيار وحملة استهداف الصحافيين تضع لبنان في المرتبة 130 بين 180 دولة تراجعت فيها حرية الصحافة  

سجلت في الأسابيع الأخيرة تجاوزات تناولت خصوصاً حرية الرأي في لبنان من خلال حملات تحريض ممنهجة ضد إعلاميين وصحافيين ومحاولات ترهيبهم وتهديدهم، وصولاً إلى هدر دمهم واستخدام القضاء للتعسف في حقهم.

وفي هذا السياق كشف مرجع قضائي (طلب عدم ذكر اسمه) أن أخطر ما في الموضوع دخول القضاء العسكري على قضايا تتعلق بالإعلام والتعبير عن الآراء، إذ في رأيه هناك تواطؤ بين قضاة في تلك المحكمة والجهة التابعة لـ"حزب الله" التي تقدمت بإخبار ضد الإعلامية ليال الاختيار تحت اسم "هيئة ممثلي الأسرى والمحررين من السجون الإسرائيلية"، بهدف توسيع صلاحيات المحكمة العسكرية وإدخالها في قضايا الحريات العامة، مشيراً إلى أنه بعيداً من نوايا الجهة المخبرة، فإن هذا الإخبار كان يفترض أن يوجه إلى النيابة العامة التمييزية وليس إلى المحكمة العسكرية التي يفترض أن ترفض قبوله أصلاً، فإنها قامت بتسطير مذكرة بحث وتحرٍّ، مما يثبت نية قمع الحريات عبر تلك المحكمة التي توسع دورها بحكم الأمر الواقع.

واللافت أن الإخبار قدم ضد ليال الاختيار وحدها، ولم يجرِ تقديمه ضد آخرين من إعلاميين لبنانيين يحاورون مسؤولين إسرائيليين على الشاشات العربية، وبينهم زملاء لها في قناة "العربية"، وقنوات أخرى، مما دفع إلى تأكيد أن الحملة على الاختيار خلفيتها سياسية كونها من المعارضين لسياسات "حزب الله".

وكانت "هيئة الأسرى المحررين" قد حذرت في بيان لها "كل ذات صفة من التواصل مع العدو تحت أية ذريعة وعنوان كان، فكل تواصل هو شراكة في سفك الدم الفلسطيني، ونحن كأسرى لن نترك باباً لحساب هؤلاء الخونة دون طرقه وبقوة".

وفي مؤشر إلى تراجع الحريات سجل لبنان في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2022 المرتبة 130 بين 180 دولة، ليتراجع 23 مرتبة بعد ما كان في الـمرتبة 107 العام الماضي، وذلك بحسب التقرير الذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود".

الدولة البوليسية

ويلفت جاد شحرور المسؤول الإعلامي لـ"مؤسسة سمير قصير" التي تعنى بحرية التعبير في العالم العربي إلى أنه "لم يعد خفياً على الشعب اللبناني قرار السلطة الحاكمة بالانقضاض على الحريات المدنية والإعلامية بشتى الوسائل عبر الترهيب وخرق القانون بتحريف مواد قانون العقوبات المتعلقة بحرية التعبير كيفما اتفق مع مصالح الأحزاب الحاكمة من جهة، وأدواتها من سلطات أمنية وروحية من جهة أخرى، مما يؤكد أننا حتماً نحن في رحاب الدولة الأمنية البوليسية، حيث يضيق على آخر أصوات حرية التعبير في لبنان".

وكشف شحرور عن أن عدداً كبيراً من الصحافيين يتعرضون لحملات تشويه وتحريض نتيجة مواقفهم السياسية وتعبيرهم عن آرائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن عدداً منهم تلقوا تهديدات بالقتل بصورة مباشرة أو عبر اتصالات هاتفية. وأشار إلى أن الانتهاكات تنوعت ما بين استدعاء واحتجاز، واعتداء وتهديد وتشهير وخطاب كراهية وضغط أثناء التحقيق ودعاوى قضائية، كاشفاً عن أن بعض الحملات وراءها جهات سياسية وأجهزة أمنية وقضاة وأحزاب، مما يذكرنا بزمن أجهزة الاستخبارات اللبنانية والسورية عندما كانت تحاول تركيب ملفات وفضائح "أخلاقية" في حق المعارضين.

 

 

وفي رأي شحرور "معركة الحريات، يجب أن تكون مع ذهنية النظام الحاكم، والعمل لتبديد فكرة القمع وفتح المجال أمام الصحافيين للقيام بعملهم، وعدم ملاحقة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عند تعبيرهم عن رأيهم خارج مزاج السلطة"، مضيفاً أنه "بات من الضروري مناقشة سبل تحسين لغة القانون وتعديله، خصوصاً بالمواد المتعلقة بحرية التعبير وحرية الإعلام، فالدستور اللبناني كفل حرية التعبير في مقدمته، ولكنه انقض عليها في مواد أخرى مثل مواد القدح والذم التي غالباً ما تستخدم لإسكات صحافيين ومواطنين كشفوا عن فساد أو عبروا عن رأيهم"، كاشفاً عن أن ما يحصل يتناقض مع المعاهدات الدولية التي وقع عليها لبنان، فقوانين التشهير والتحقير في لبنان لا تتماشى مع التزاماته بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن بعض تصريحات أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله يقول شحرور إنها باتت تعكس صورة النظام الاستبدادي القادم إلى لبنان، خصوصاً عندما يطلق نصرالله بشكل علني مواقف معادية للمدنيين العاملين في مجال المنظمات غير الحكومية، وضد الصحافيين ويصفهم بقلة الأدب، ويدفع بنواب "حزب الله" في المجلس النيابي الأعضاء في لجنة الإعلام النيابية، إلى استجواب المحطات المتلفزة حول المحتوى المنشور عن حادثة اغتيال الكاتب اللبناني لقمان سليم، في خطوات تدل على رفضه مبدأ الحريات العامة.

كيدية وانتقائية

وتعليقاً على قرار المحكمة العسكرية بملاحقة الإعلامية في قناة "العربية" ليال الاختيار، لفت رئيس جمعية "إعلاميون من أجل الحرية" الصحافي أسعد بشارة إلى أنه من الزاوية القانونية هناك مخالفات جسيمة في قرار المحكمة العسكرية عبر تسطير مذكرة بحث وتحرٍّ في حقها، مشيراً إلى أنه بموجب قانون العقوبات لم تقم ليال الاختيار بإعطاء معلومات تفيد "العدو"، وكذلك لم تروج لسياساته، لذا فإن هذا القرار تشوبه عيوب جسيمة، ويعد كأنه باطل، لا سيما أنه صدر عن محكمة استثنائية مهمتها الأساسية محاكمة العسكريين لجرائم جنائية ارتكبوها، فإذا بها تقاضي المدنيين والإعلاميين والنخب. وأضاف "نحن كجمعية، وهي جزء من الجسم الإعلامي اللبناني والعربي، قمنا بتحرك تضامني ليس فقط مع شخص ليال الاختيار، وإنما أيضاً مع الحريات العامة المهددة والقرار السياسي المخطوف في لبنان"، داعياً الجسم الإعلامي اللبناني والعربي للتضامن في وجه هذه التجاوزات.

وأكد بشارة أن "هذه المحكمة هي أداة بيد السلطة اللبنانية ورعاتها الهدف منها الكيدية والانتقائية. وهناك إعلاميون لبنانيون في قنوات عربية مرموقة قاموا أيضاً بمحاورة الناطق العسكري للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ولم تنظر المحكمة العسكرية في أمرهم، لا بل تجاهلت الأمر كلياً، وهذا دليل على الانتقائية، فالتصويب على الاختيار واضح لأنها تقارع سياسات (حزب الله) على كل المنابر".

التوتر السياسي

وفي رأي نقيب المحررين في لبنان جوزيف القصيفي أن التوتر السياسي السائد في البلاد أدى إلى ارتفاع وتيرة الخطاب السياسي، مما جعل مساحة الحرية ومساحة التعامل الديمقراطي مع المواقف السياسية الصادرة على اختلافها تضمر أكثر فأكثر، ومما أدى إلى أن تصبح مساحة الحرية أقل، وخصوصاً بوجود خطاب الكراهية والتخوين والاتهامات التي لم تقتصر على فئة دون الأخرى.

ولفت إلى أن من أسباب تراجع موقع لبنان العالمي في حرية الصحافة هو مقاضاة الصحافيين عبر محاولة "التذاكي" على القوانين، من خلال تجاوز قانون المطبوعات في ملاحقة الصحافيين، فيما هذه الملاحقة يجب أن تتم وفق هذا القانون على أن يمثل الصحافي في موضوع النشر أمام محكمة المطبوعات وليس أمام الضابطة العدلية، كما يحصل في أحيان كثيرة، لافتاً إلى أن "النقابة تعمل على حماية الصحافة بالقانون والاعتراض والتحرك الفوري للأجهزة المتخصصة لضمان حمايتهم، وعندما يثبت لنا بالوقائع من يقف خلف الاعتداء نمارس حقنا في ملاحقته والقيام بالمراجعات التي تضع الأمور في نصابها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي