Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة الجزائر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح تبدأ بالصحراء

شملت التوسع في الزراعة جنوباً وإخراج الفلاحة من الطابع الاجتماعي إلى العلمي ومنح قروض للمستثمرين تصل إلى 1.5 مليار دولار

 مساحة الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب في الجزائر تتجاوز 3.3 مليون هكتار (أ ف ب)

ملخص

أوضحت وزارة الفلاحة الجزائرية أن إنتاج القمح الصلب أسهم في تغطية 95 في المئة من حاجات البلاد منه، بينما يبقى التحدي الأهم في الوصول إلى 50 في المئة من إنتاج القمح اللين.

فتحت الأرقام التي تقدمها الحكومة والمشاهد التي تبثها القنوات والفيديوهات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أبواب الحديث عن اكتفاء غذائي تتجه الجزائر نحو تحقيقه، لا سيما أن الأمر يتعلق بأراض صحراوية تحولت إلى مناطق خضراء بعد أن كانت إلى وقت قريب قاحلة.

بين "ثورة فلاحية" و"معجزة"

ووفق ما يتم تداوله من أرقام رسمية وصور حول إنتاج مختلف أنواع الحبوب والخضروات بصحراء الجزائر، يظهر أن البلاد دخلت مرحلة تحول فلاحي مهمة وصفها مراقبون بـ"الثورة الزراعية"، بينما اعتبرتها أطراف "معجزة"، وليس إيجابية الأرقام ولا كميات الإنتاج ونوعيتها ما أثار النقاشات وإنما الأراضي التي كانت مصدر هذا الواقع، إذ كانت الصحراء بجنوب البلاد شاهداً على إنتاج فلاحي لم تشهده البلاد من قبل.

وتمكنت السلطات من تحويل الجنوب المغطى بالرمال إلى مساحات خضراء، بعد إطلاق مشاريع فلاحية شملت بشكل أساسي الحبوب وخصوصاً القمح بنوعيه الصلب واللين، ووصل إنتاج الهكتار بمحافظة وادي سوف الجنوبية إلى 120 قنطاراً (12 طناً) من القمح في حملة الحصاد لشهر مايو (أيار) 2024، وهو رقم قياسي بحسب الجهات الحكومية.

في حين يتوقع ديوان الحبوب الجزائري بلوغ إنتاج البلاد الإجمالي من القمح بالجنوب والشمال، أكثر من سبعة ملايين طن، وهو رقم لم يتحقق منذ 2018، ما جعل الحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي وجعل المنطقة رائدة وسلة غذاء أفريقيا مسموحاً إلى حد ما.

تغطية 95 في المئة من الاحتياجات

وأوضحت وزارة الفلاحة أن إنتاج القمح الصلب أسهم في تغطية 95 في المئة من حاجات البلاد منه، بينما يبقى التحدي الأهم في الوصول إلى 50 في المئة من إنتاج القمح اللين.

وكانت تبلغ مساحة الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب في الجزائر أكثر من 3.3 مليون هكتار (33 ألف كيلومتر مربع)، ولا يتجاوز إنتاج القمح محلياً نسبة 35 في المئة، بحسب بيانات وزارة الفلاحة، في حين تستهلك البلاد بين تسعة إلى 12 مليون طن سنوياً من القمح بنوعيه اللين والصلب، الأمر الذي جعل الاعتماد على الاستيراد خصوصاً القمح اللين الذي يوجه لصناعة الخبز، ضرورة من أجل تلبية الحاجيات.

وصنفت الجزائر كإحدى أكبر الدول استيراداً للقمح في العالم، خصوصاً من فرنسا وبكميات محدودة من كندا، إذ يبلغ متوسط الاستيراد السنوي من القمح، بحسب بيانات وزارة الفلاحة، نحو 7.8 مليون طن سنوياً بنوعيه، بقيمة 10 مليارات دولار، وبالتالي فهو يشكل ما نسبته بالمتوسط 75 في المئة من الاستهلاك.

إجراءات حاسمة

وفي السياق، يقول متخصص الاقتصاد كمال عبدالغني، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن تحوّل الوضع الفلاحي من الشمال إلى الجنوب لم يحدث صدفة، بل جاء نتيجة إجراءات حاسمة تستهدف تغيير الوضع جذرياً، من خلال إخراج الفلاحة من الطابع الاجتماعي إلى الطابع العلمي وفق نظرة عصرية تشمل تكوين وتأهيل المورد البشري، مع اعتماد تقنيات جديدة في بناء مخازن المحاصيل الزراعية، بخاصة في المناطق المعروفة بإنتاجها الغزير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار عبدالغني إلى أهمية السماح باستيراد المعدات الفلاحية بجميع أنواعها وقطع غيارها، واستحداث بنك الجينات لتحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي، خصوصاً الحبوب، وكذلك إطلاق مشاريع لتصنيع وتنصيب صوامع خاصة بتخزينها، وإنشاء قطب فلاحي غذائي، لمواجهة ارتفاع الأسعار وندرتها.

وأضاف متخصص الاقتصاد أن الرهان على استغلال المساحات الشاسعة في الصحراء التي تفوق مليوني كيلومتر مربع، انطلق عبر منح عشرات الآلاف من المزارعين والمستثمرين الفلاحيين، مئات الآلاف من الهكتارات وتخصيصها لإنتاج الحبوب والخضر والفواكه وغيرها، مع تقديم قروض هائلة لهم وصلت إلى حدود 1.5 مليار دولار، ورفع أسعار شراء القمح والشعير من المزارعين المحليين.

وأوضح أن الذي حدث سمح بتقديم إنتاج وفير وصل بين 40 إلى 60 قنطاراً (بين أربعة وستة أطنان) في الهكتار الواحد، وفي بعض المناطق وصل إلى 90 قنطاراً (تسعة أطنان) في الهكتار، وختم أن التجربة منحت إشارات بإمكانية تحويل الصحراء إلى سلة غذاء الجزائر المقبلة.

إرادة الفلاحين

إلى ذلك، يعتقد رئيس الاتحاد الجزائري للمهندسين الزراعيين منيب أوبري، أن تطور الزراعة في الصحراء أخذ منحى تصاعدياً منذ عدة سنوات، مشدداً على أن المواصلة على هذا النهج ستجعل الجزائر سلة غذاء للقارة الأفريقية، موضحاً أن عديد المستثمرين الأجانب والمحليين استبشروا خيراً بقانون الاستثمار الجديد، الذي تضمن تحفيزات وضمانات من حيث التشجيع على إطلاق المشاريع في هذا القطاع وبخاصة الحبوب والزراعات الزيتية والسكريات مثل البنجر السكري.

ويرجع أوبري نجاح بعض التجارب الفلاحية إلى إرادة الفلاحين الذين تحدّوا الطبيعة وقسوتها لتنمية فلاحة محلية وتوفير الغذاء على مدار السنة من دون انتظار المساعدة أو الدعم، واستطاع هؤلاء خلق مناصب شغل وتوسيع الإنتاج، وتكلل نشاط السنوات الأخيرة بنجاح زراعة الخضر بكل أنواعها سواء داخل البيوت البلاستيكية أم خارجها بمردود كمّي ونوعي.

وأشار رئيس الاتحاد الجزائري للمهندسين الزراعيين إلى أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ضرورة في مختلف التخصصات الفلاحية من خلال مراقبة تسيير المياه أو خصوبة التربة والأمراض عن بعد أو حتى مراقبة الظروف المناخية، وهو عامل مهم في إنجاح الفلاحة بطرق متطورة وبأقل الخسائر ومردود أفضل.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي