ملخص
يتحدث مراقبون عن "وجود إجماع شعبي وحكومي مع القيادة في الأردن حول أن إسرائيل لا تريد السلام ولا حل الدولتين، وتسعى إلى الإجهاز على القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين"
بعد أيام من إرسال الأردن عشرات أطنان القمح والمستلزمات الطبية إلى الضفة الغربية، أقام الجيش الأردني مستشفى ميدانياً في مدينة نابلس شمال الضفة في ظل تفاقم التوتر واحتمال انفجار جبهة الضفة الغربية إثر تصاعد عمليات القتل الجماعي للفلسطينيين في قطاع غزة.
وعلى قطعة أرض وسط مدينة نابلس أنشأ الجيش الأردني مستشفى بعد اختيار السلطات الأردنية الموقع لـ "أسباب لوجستية وأمنية" وفق القائم بأعمال محافظة نابلس غسان دغلس.
وعبرت قبل يومين قافلة أردنية الحدود الأردنية - الفلسطينية نحو مدينة نابلس بعد موافقة إسرائيل، وذلك بعد نحو 20 عاماً على إقامة مركز صحي أردني في مدينة رام الله وآخر في مدينة جنين.
ويتألف المستشفى الميداني من سبع قاطرات تضم غرفتي عمليات وغرفتين للعناية المكثفة و15 سريراً لإجراء الجراحات، إضافة إلى مختبر وصيدلية وأشعة وعيادة أسنان وغرفة تعقيم.
وسيبدأ المستشفى استقبال المرضى والجرحى الفلسطينيين خلال الساعات القادمة، إذ يضم 18 طبيباً في تخصصات مختلفة إضافة إلى ممرضين وفنيين.
وقال الجيش الأردني إن إقامة المستشفى تأتي تنفيذاً لتوجيهات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني "لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمرضى والمصابين".
دعم القطاع الصحي
وأكد الجيش الأردني "استمرار عمل بقية المستشفيات والمحطات الجراحية الأخرى وهي المستشفى الميداني الأردني في غزة والمحطة الجراحية في جنين والمحطة الجراحية في رام الله".
وقال مدير المستشفى الميداني الأردني فادي معايطة إن الطاقم الطبي في المستشفى يضم أطباء ذوي اختصاصات جراحية مثل جراحة العظام والشرايين والصدر والجراحة العامة.
وشدد المعايطة على أن "المستشفى سيوسع خدماته خلال الفترة المقبلة بعد معرفة حاجات الفلسطينيين".
ويقع المستشفى شمال الضفة الغربية حيث تتصاعد هجمات الجيش الإسرائيلي على مخيمات جنين وطولكرم ونابلس، وقال السفير الأردني لدى فلسطين عصام البدور إن "إقامة مستشفى ميداني أردني في نابلس يأتي لدعم القطاع الصحي فيها، وإسناد أهلنا وتثبيتهم على أرضهم في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية"، موضحاً أن "المستشفى متكامل ومجهز للتعامل مع كل الحالات الطارئة بما ذلك العمليات الصغرى والمتوسطة والكبيرة"، ومشيراً إلى أن إقامته تعتبر "بداية لتنسيق أكبر خلال المرحلة المقبلة".
وخلال الأسبوعين الماضيين أرسلت السلطات الأردنية شحنات من المستلزمات الطبية والأدوية والقمح إلى الضفة الغربية "لدعم ومساندة أهلها بسبب تداعيات استمرار الحرب على قطاع غزة وتعثر عمليات سلاسل التوريد للمواد الأساس"، وفق رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة.
وخصصت عمّان 45 ألف طن من القمح والحبوب وسبع شاحنات من الأدوية والحاجات والمعدات الطبية والدوائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غليان الضفة
وحذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أن "الأوضاع تغلي في الضفة الغربية، ولا تحتاج إلا إلى شرارة تفجر الأمور فيها"، مضيفاً أنه "كلما طالت الحرب تعاظمت إمكانات توسعها في الضفة".
وأوضح الصفدي أن "اعتداءات المستوطنين تتصاعد ووصلت إلى 200 هجوم، فيما ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال 40 يوماً إلى أكثر من 200 في الضفة، إضافة إلى الحصار الاقتصادي والتضييق الكبير على المقدسات في القدس"، معتبراً أن "إسرائيل تدفع المنطقة كلها نحو الجحيم وإشعال نار الضفة الغربية"، مشدداً على أن "الإرهاب الاستيطاني يتصاعد وإسرائيل قتلت بيئة السلام في المنطقة".
ويخشى الأردن من أن تعمد إسرائيل إلى ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية قسراً، وشدد مسؤولون أردنيون على أنهم سيتعاملون مع ذلك كـ "إعلان حرب على المملكة الأردنية، وستتصدى له بكل السبل المتاحة ومن ضمنها العسكرية".
ورصدت "اندبندنت عربية" انتشار مدرعات للجيش الأردني في منطقة الشونة قرب الحدود الأردنية مع الأراضي الفلسطينية أمس الجمعة واليوم السبت.
واعتبر الصفدي أن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن بمثابة "ترحيل إسرائيلي لأزمة احتلالها للأراضي الفلسطينية، وحلاً للقضية الفلسطينية على حساب الدولة الأردنية"، مشدداً على أن ذلك "يشكل خطراً على الأردن ويعد تقويضاً لإمكان إقامة دولة فلسطينية".
وأشار الصفدي إلى أن "الملك عبدالله الثاني أبلغ زعماء العالم بأن عمّان ستدفع بكل قدراتها لمنع ذلك".
ولفت وزير الخارجية الأردني إلى أن إسرائيل تعمل على "إيجاد بيئة مواتية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، في ظل تخوفات من أن يشكل ذلك مقدماً لخطوة مماثلة في الضفة الغربية".
كذلك اعتبر الأكاديمي الأردني حسن البراري أن "الأردن يتعامل مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية بصورة موحدة"، مشيراً إلى أن "الفلسطينيين في قطاع غزة يتعرضون لإبادة الجماعية في ظل مشروع إسرائيلي لتهجيرهم إلى مصر".
ويخشى الأردن من تمكن إسرائيل من ذلك لأنه سيكون مقدماً لتهجير مماثل للفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الأردن"، لافتاً إلى أن "عمّان لا تثق إطلاقاً بالحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو".
وشدد البراري على وجود "إجماع شعبي وحكومي ومن القيادة في الأردن حول أن إسرائيل لا تريد السلام ولا حل الدولتين، وتسعى إلى الإجهاز على القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين للقضاء على إمكان إقامة دولة لهم، على حساب الدولة الأردنية".
وقال البراري إن الموقف الأردني يشدد على أن الدولة الأردنية "لن تسمح بالتهجير وستتصدى له عسكرياً بصيغة دفاعية، وبأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة ذلك".
وتأتي التحركات العسكرية على الحدود الأردنية - الفلسطينية وفق البراري "في سياق الردع والاستعداد لما قد يأتي، وتعبيراً عن مخاوف أردنية حقيقية بسبب انعدام الثقة التامة بالإسرائيليين".
وحول إقامة المستشفى الميداني قال البراري إن الأردن يعمل على "تثبيت الفلسطينيين على أرضهم في ظل خشية تفاقم الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية".
وأشار إلى أن عمّان استثمرت علاقاتها بالسلطة الفلسطينية وإسرائيل لإرسال المستشفى لمساعدة الفلسطينيين.
وفي السياق يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أحمد جميل عزم بأن الأردن "يُدرك جيداً خطورة ما يحدث من سعي إسرائيلي لتحويل هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى فرصة لاستغلال حال الصدمة العالمية لتمرير مخططات تهجير الفلسطينيين".
وأوضح عزم أن "السلطات الأردنية تريد بعث رسالة متعددة الجهات أولاها إلى الرأي العام المحلي بأن لديها موقفاً صلباً داعماً للفلسطينيين".
وتابع عزم بأن السلطات الأردنية "ربما تتوقع احتمال حدوث نقص في الأدوية والأغذية داخل الضفة الغربية ولذلك ترسلها إلى الفلسطينيين قبل أن يأتوا إليها".