Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب بين دولة وميليشيا: لا دولة في مجابهة مباشرة

المؤكد أن أميركا التي تدير معركة إسرائيل خسرت كثيراً لدى الرأي العام العربي والإسلامي

موسكو لم تتقدم إلى التحدي المباشر لأميركا التي تقف وراء إسرائيل وحربها على "حماس" (أ ف ب)

ملخص

المسألة في النهاية مدى القدرة لدى الصغار على ممانعة التحول أوراقاً في اللعب بين الكبار

ليس قليلاً ما كشفته حرب غزة بعد "طوفان الأقصى" من مفارقات وظواهر وما تقدمه من دروس، لكن القراءات في كل ذلك تبقى ناقصة وبطيئة في حرارة اللحظة وسرعة العمليات العسكرية. رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي يقود جيشه في الحرب تحت عنوان "القضاء على حماس"، وهو يؤمن، كما نقلت عنه "نيويورك تايمز"، بأنه "لا توجد حرب أو عملية يمكن أن تحل المشكلة، والمهم هو خلق فجوة أطول بين الحروب". شيء عبثي في تراجيديا هائلة، وتوحش تجاوز كل الحدود من أجل "فجوة أطول" بين الحروب المصممة لسد الطريق على أية تسوية أو سلام خلافاً لما تنتهي إليه الحروب في العالم. والظاهرة اللافتة جداً في حرب غزة التي صارت في شهرها الثاني أنها بقيت حرباً بين دولة وميليشيات، وسط كل التهويل الإيراني بتوسيع الحرب والكلام عن "إزالة إسرائيل" من على الخريطة.

لا دولة تدخلت مباشرة لمساعدة "حماس" ومجابهة إسرائيل بل ميليشيات في لبنان وسوريا والعراق واليمن مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وتعمل ضد إرادة السلطات الرسمية والأكثرية الساحقة من المواطنين. الدولة الوحيدة التي نزلت على الأرض بأقوى أسلحتها لدعم إسرائيل و"ردع" أعدائها هي أميركا. ولا دولة تحدت الولايات المتحدة أو أوحت أنها مستعدة لذلك ومواجهة إسرائيل. ولا أحد يجهل لماذا تكرر طهران القول إنها فوجئت بعملية "طوفان الأقصى"، لكن كبير الباحثين في الملف الإيراني في معهد "واشنطن" للشرق الأوسط أليكس فاتانكا يرى أن إيران لم تتوقع أمرين: أولهما مضاعفات عملية "حماس"، وثانيهما الرد الأميركي غير المسبوق عبر حشد الأساطيل والإنذارات المباشرة لطهران. ومع كل الخطاب الإيراني عن الحاجة إلى إخراج القوات الأميركية من "غرب آسيا" لضمان الاستقرار والأمن في الإقليم، فإن الخبير فاتانكا يسجل "تأسيس وكلاء للجمهورية الإسلامية في دول لها سلطة مركزية ضعيفة" ليقول "الوكلاء يساعدون في تعزيز رسالة طهران التي لا يمكن تعزيزها إلا وسط الفوضى واللااستقرار"، لا بل يعتقد أن "الخوف من الاستقرار والسلام والازدهار في المنطقة هو ما يجعل إيران تستخدم الوكلاء بشكل أكثر لا أقل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمؤكد أن أميركا التي تدير حرب إسرائيل خسرت كثيراً لدى الرأي العام العربي والإسلامي، وتسبب موقفها بحرج لأصدقائها الرسميين. والواضح أن إدارة الرئيس جو بايدن بدأت تخسر داخل أميركا وبدأ أعضاء ديمقراطيون في مجلسي النواب والشيوخ يطالبونها بتعديل مواقفها. والمفترض أن روسيا والصين تربحان حين تخسر أميركا، لكن تعقيدات الواقع والعلاقات الروسية والصينية الدقيقة مع إسرائيل والدول العربية والإسلامية تجعل من الصعب توظيف ما ربحته موسكو وبكين سياسياً، فضلاً عن أن الكاتب والمؤرخ اليساري البريطاني من أصل باكستاني طارق علي يقول، خلافاً للانطباع العام السائد عن خسارة أميركا "نحن اليوم في عصر واشنطن الذهبي، وهي في أقوى حالاتها". ولا شيء، على رغم العداء المتصاعد لأميركا وانتقاد سياساتها ومواقف ما صار يسمى "الغرب الجماعي"، حذف من القاموس السياسي قول وزيرة الخارجية الأميركية الراحلة مادلين أولبرايت إن أميركا هي "الدولة التي لا يستغنى عنها".

ذلك أن أميركا تحدت روسيا التي غزت أوكرانيا وجرت معها حلف "الناتو" ومجموعة "السبع" الصناعية عبر تسليح كييف وتدريب قواتها ودعمها في كل مجال. وعلى العكس، فإن موسكو لم تتقدم إلى التحدي المباشر لأميركا التي تقف وراء إسرائيل وحربها على "حماس". كذلك الأمر بالنسبة إلى الصين التي التقى رئيسها شي جينبينغ نظيره الأميركي بايدن في سان فرانسيسكو. أما إدانة السياسة الأميركية، فإنها أمر آخر هو جزء من السجل الحافل بالخلافات السياسية بين الدول، التي ترتفع وتهبط بحسب الظروف والحاجة، مرة إلى خصومات ومرة إلى اتفاقات وبالعكس. وأما المسألة في النهاية فإنها مدى القدرة لدى الصغار على ممانعة التحول أوراقاً في اللعب بين الكبار، وتكريس مواقع لبلدانهم إلى الطاولة كلاعبين. والمأساة أن اللعبة تدور على ضحايا غير اللاعبين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل