Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خيار يعمق الشرخ الإسرائيلي... عملية برية أم صفقة أسرى؟

"الرصيد غير المسبوق الذي منحه العالم لتل أبيب على إثر المشاهد المرعبة ليوم السابع من أكتوبر بدأ يتلاشى"

أكد أكثر من عسكري وأمني إسرائيلي أن القصف الجوي وحده لن يحقق أهداف تل أبيب من حرب غزة في القضاء على "حماس" (أ ف ب)

ملخص

أكد مسؤولون عسكريون أن عملية برية واسعة سقطت من حسابات الجيش في الوقت الحالي

مع دخول حرب غزة يومها الـ 22 من دون حسم إسرائيلي حول موعد العملية البرية وانتشار حوالى 400 ألف جندي احتياط من دون أي حاجة لهم، مقابل اعتراف الجيش بوجود 229 أسيراً إسرائيلياً في غزة، يحتدم النقاش الإسرائيلي والخلافات حول سلم الأولويات، وبعد الإفراج عن أربع نساء من غزة تراجع الدعم الجماهيري للصوت الداعي إلى تنفيذ عملية فورية.

فبعد أن دعا، الأسبوع الماضي، 65 في المئة من الإسرائيليين، إلى شن عملية برية واسعة، تراجع هذا الصوت إلى 29 في المئة، وفق استطلاع رأي أجراه أحد المعاهد لصالح صحيفة "معاريف"، في المقابل، وارتفع عدد الإسرائيليين الداعين إلى تأجيل تنفيذ العملية البرية إلى 49 في المئة، وعبر 22 في المئة عن عدم معرفتهم ما يفضلون.

وعكست هذه المعطيات عدم الثقة التي تشهدها إسرائيل بين الجمهور والمستويين السياسي والعسكري التي انعكست، أيضاً، في شعبية متخذي القرار في المستوى السياسي، إذ تراجعت شعبية المعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس (عضو الحكومة الإسرائيلية المصغرة)، وتبين أنه في حال إجراء انتخابات برلمانية، اليوم، سيحصل على 36 مقعداً فقط فيما يحصل حزب الليكود الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو على 19 مقعداً فقط، أما كرئيس للحكومة فحصل غانتس على دعم 49 في المئة ولم يتجاوز نتنياهو نسبة دعم 28 في المئة من المستطلعين.

وتشير هذه المعطيات إلى تحميل نتنياهو والقيادة السياسية مسؤولية الوضع الذي آلت إليه إسرائيل وأوصلتها إلى ما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، والخشية من عدم قدرة الجيش على تنفيذ عملية برية، كما يقدر مسؤولون سياسيون وعسكريون.


الأسرى سبب أساسي لعرقلة التوغل

ارتفاع نسبة الداعين إلى عدم التوغل البري في موازاة الحملة المحلية والدولية التي تقوم بها عائلات الأسرى يزيد الضغط على "الكابينت الحربي" والقيادة العسكرية بالتراجع عن عملية برية خشية إلحاق الضرر بالأسرى أو تعقيد قضيتهم، وفي هذه الأثناء، يتواجد ممثلون عن عائلات الأسرى في جولة على دول عدة للتدخل والتفاهم مع "حماس" على صفقة تضمن عودة ذويهم، وعبر منتدى عائلات المخطوفين والمفقودين عن خيبة أمله ليس فقط من القيادة الإسرائيلية، التي لا تضع مسألة الأسرى على رأس أولوياتها، إنما أيضاً واشنطن والدول الحليفة لإسرائيل، التي تسعى فقط للإفراج عن الأسرى الذين يحملون جواز سفر أجنبياً وتتجاهل حاملي جواز السفر الإسرائيلي خصوصاً الأطفال والنساء.

ورأى الخبير العسكري يوآف ليمور، أن مسالة الإفراج عن الأسرى موضوع له أهميته الكبرى وتشارك فيه مختلف الجهات الدولية، وقال إن الوضع الأفضل يتطلب تأجيل العملية البرية إلى حين عودة الأسرى إلى إسرائيل "من الضروري إعادة جميع الأسرى من دون أي استثناء، ومن دون ذلك، ستبقى حركة حماس تلعب بنا إلى الأبد مع تثبيت حكمها في غزة، على خلفية العدد الكبير من النازحين والمصابين الفلسطينيين كنتيجة للقصف الجوي في القطاع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلافاً لما يتداول من اقتراح في قطر يبحث إمكان عودة الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار، رأى وزراء ونواب إسرائيليون من حزب الليكود وجهات عدة، أن "حماس" قد تضع شروطاً أمام الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وفيما يرى البعض أن كل أسير إسرائيلي لدى "حماس" لا يقدر بثمن، وعليه يدعون إلى الإفراج عن كل أسير تطلبه الحركة من دون تردد، يشدد ليمور وغيره من الإسرائيليين على ضرورة التزام تل أبيب الإفراج عن الأسرى، ولكن بشرط عدم حصولهم على أية حصانة بعد وصولهم إلى غزة، ويقترح كغيره أن يتوجه كل من سيفرج عنه من السجون الإسرائيلية إلى غزة وليس إلى الضفة والقدس، مسقط رأسه.

وأشار ليمور إلى أن عدم منحهم حصانة يعني إمكان اغتيالهم في كل لحظة تراها إسرائيل مناسبة، وهذا الموقف يأتي داعماً لموقف أكثر تطرفاً لرئيس أركان الجيش السابق دان حالوتس الذي اقترح على متخذي القرار، عبر مقابلة له مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، الموافقة حتى على طلب "حماس" الإفراج عن جميع الأسرى الأمنيين وتفريغ السجون الإسرائيلية منهم على أن يضمنوا عودة جميع الأسرى الإسرائيليين، في الوقت ذاته، ومن ثم لدى وصولهم إلى غزة يقوم الجيش الإسرائيلي بقتلهم.

تسريح جنود احتياط

حتى اللحظة، هناك تناقض كبير في تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين، فبينما يظهر الناطق بلسان الجيش أمام الجمهور، ثلاث أو أربع مرات يومياً، للإدلاء ببيان يؤكد فيه أن الجيش استكمل استعداداته للدخول إلى عملية برية وبات على أهبة الاستعداد بانتظار الإشارة من المستوى السياسي، يتكشف من تسريبات اجتماعات الحكومة المصغرة أو الاجتماعات السرية التي تعقدها الحكومة، أن قرار العملية البرية مرتبط بموقف الولايات المتحدة التي تسعى إلى منع اندلاع حرب إقليمية وتبذل الجهود لضمان إعادة الأسرى إلى إسرائيل، وفي الوقت نفسه، هناك من يسرب أبحاثاً ونقاشات عاصفة تدور بين الأجهزة الأمنية والحكومة حول عدم جهوزية الجيش للدخول إلى عملية برية، ويعترف الإسرائيليون أن هناك مدينة ثانية، تحت سطح الأرض حيث سيسير الجيش الإسرائيلي في غزة،  مليئة بالأنفاق والمتفجرات، وهذا ما يخشى منه الإسرائيليون في وقت حذر كثيرون من قدرات جنود الاحتياط على خوض عملية برية بالخطورة المتوقعة، خصوصاً أن معظمهم لم يتدرب، منذ حوالى سنة، بسبب احتجاجاتهم على سياسة الحكومة الإسرائيلية وخطة "الانقلاب القضائي"، التي أدت إلى حملة احتجاجات واسعة.

أما وفق ما يراه الخبير في الشؤون الاستخباراتية رونين برغمان، هناك خياران أمام إسرائيل لا ثالث لهما "إما صفقة تبادل أسرى، تستعيد من خلالها جميع المخطوفين، النساء والأطفال والمسنين، والمجندات والجنود، أو أن تحرر قواتها المنتشرة عند الحدود الجنوبية والشمالية، وترسلهم إلى داخل غزة، من أجل تحقيق الأهداف العسكرية للحرب وتفكيك البنى التحتية العسكرية والتنظيمية والسياسية لحركة حماس التي تسببت بصدمة لدولة بأكملها"، ويحذر برغمان من تداعيات المشاهد في غزة بعد القصف المكثف لإسرائيل وصور القتلى خصوصاً الأطفال والنساء وتغلبها أمام الرأي العام العالمي على مشاهد إسرائيل يوم السابع من أكتوبر الجاري، واعتبر أن "الرصيد غير المسبوق الذي منحه العالم لإسرائيل على إثر المشاهد المرعبة ليوم السابع من أكتوبر بدأ يتلاشى".

وإزاء عدم الحسم في مسألة العملية البرية ومعالم الخطة التي طرحها بيني غانتس، والتي تدل على أنها ستنفذ على مراحل وتستغرق ربما أكثر من سنة، تقرر البدء في تسريح جنود الاحتياط الذين ينتظرون عند حدود غزة منذ حوالى ثلاثة أسابيع من دون أي حاجة لهم في مقابل تكلفتهم المالية الباهظة لميزانية إسرائيل، وفي الوقت نفسه، بدأت وحدات عسكرية التدريب على نوعيات خاصة من العمليات، وفي سياق النشاطات العسكرية بالقرب من قطاع غزة، يتم التدريب على مواجهة طائرة مسيرة مفخخة تقتحم المنطقة باتجاه الوحدة أو اختراق الحدود الإسرائيلية.

وأكد مسؤولون عسكريون أنه في الوقت الحالي، سقطت من حسابات الجيش عملية برية واسعة، ووفق ما قال رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، فإن إسرائيل "تدير حرباً. في هذه المرحلة توجد اعتبارات تكتيكية واستراتيجية توفر لنا زمناً آخر لتحسين واستغلال كل دقيقة كي نكون جاهزين أكثر"، في وقت أكد أكثر من عسكري وأمني إسرائيلي أن القصف الجوي، وحده، لن يحقق أهداف تل أبيب من حرب غزة في القضاء على "حماس" وإبعاد جميع عناصرها عن غزة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط