Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تجود "العلا" السعودية بكنوزها الآن؟

آخر الاكتشافات فأس يدوية تعود إلى العصر الحجري والتحول بدأ بإنشاء الهيئة الملكية للمحافظة في 2017 ثم توقيع اتفاقية مع فرنسا 2018

تعد محافظة العلا من الأماكن الاستثنائية الزاخرة بالتراث الطبيعي والإنساني (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)

"العلا غنية بكنوزها الثقافية والتراثية والطبيعية، وقبل ذلك غنية بإنسانها الطموح الواعي"، كلمات قالها الأمير بدر بن فرحان محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في يناير (كانون الثاني) 2020، ليصف بها تلك المدينة التي تعد نقطة التقاء لمجتمعات شبه الجزيرة العربية وعالم البحر الأبيض المتوسط وآسيا.

منذ ذلك الوقت والإعلانات عن الاكتشافات الأثرية تتوالى بين الحين والآخر، ليتوصل علماء الآثار من خلالها إلى حلقات مفقودة في فهمنا للتاريخ البشري للمنطقة، وكان آخر تلك الاكتشافات "فأس يدوية" تعود إلى العصر الحجري القديم، الذي يقدر بأكثر من 200 ألف سنة، إلا أنه وسط زخم الاكتشافات، يتساءل البعض، هل كنوز العلا لم تحظ باهتمام في السابق؟ وما سر توالي تلك الآثار المكتشفة أخيراً؟

نقطة تحول لكنوز العلا

على رغم أهمية ما تحمله العلا في آثارها التي تختزنها سواء من تاريخ أو أصول ثقافية صاغتها حضارات متعاقبة منذ أكثر من 200 ألف عام، إلا أنها لم تحظ بدراسات مفصلة حول كنوزها، وفي 10 أبريل (نيسان) 2018، تم توقيع اتفاقيات مع فرنسا للتنقيب عن الآثار، واتفاقية التنمية الثقافية والبيئية والسياحية والبشرية والاقتصادية والنهوض بتراث محافظة العلا.

وذكر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المؤتمر الصحافي حينها، أن الآثار التي اكتشفت في العلا حتى الآن لا تتجاوز خمسة في المئة، وهناك 95 في المئة جار التنقيب عنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذكر الباحث في التراث الثقافي مالك السليمي في ما يخص تاريخ التنقيب عن آثار العلا، أنه ليس بالشيء الجديد، ويؤكد أن إنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا في 20 يوليو (تموز) 2017، كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ المحافظة، وكذلك توقيع الاتفاقية بين السعودية وفرنسا، إلا أن الالتفات لكنوز العلا ليس حديثاً، بل كان هناك عديد من الجهود السابقة.

وأضاف السليمي أن "من أبرز تلك الجهود ما قام به الباحثان جوسين وسافينياك بين عامي 1909 و1919، ودراسة علمية قام بها فريق من جامعة لندن عام 1968، برئاسة الباحث بيتر بار، ثم بودن الذي أجرى أول أعمال تنقيب في العلا، وكان ذلك في موقع خيف الزهرة عام 1978، ثم أجرت إدارة الآثار والمتاحف بوزارة المعارف السعودية برنامج المسح الأثري الشامل لأراضي السعودية عامي 1979 و1980، وشمل أجزاء من محافظة العلا".

أما عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، محمد الذيبي، فيذكر أن قسم الآثار بجامعة الملك سعود كشف عن جوانب مهمة من المراحل المتعاقبة للتاريخ الحضاري في السعودية وحضاراتها عبر العصور، وذلك من خلال أعمال التنقيب الأثري في عدد من المواقع الأثرية، وبدأت في موقعي دادان "الخريبة" الأثري القديم، والمابيات "قرح" الإسلامي في محافظة العلا بمنطقة المدينة المنورة عام 2004.

ويضيف الذيبي، "كشفت أعمال المسح والتنقيب الأثري الذي قام به الفريق العلمي من قسم الآثار منذ عام 2004، على مدى 16 موسماً، عن مدينة متكاملة في دادان، بها مبان تمثل عمارة دينية وأخرى سكنية، ومقابر منحوتة في سفح جبل الخريبة، كما عثر على عدد كبير من كسر الأواني الفخارية، ومجموعة من التماثيل الضخمة، وعدد من النقوش الدادانية واللحيانية، وبعض العملات، والمجامر، وأدوات الزينة التي تمثل النشاط الإنساني والحضاري لحياة المجتمع في الموقع، وعمل القسم على نشر نتائج أعمال التنقيب بأسلوب علمي على شكل تقارير منشورة في (مجلة أطلال)، إضافة إلى المقالات العلمية في المجلات العلمية السعودية والدولية، فضلاً عن إصدار كتاب (كنوز أثرية من دادان)".

أحدث الاكتشافات وأقدمها

تعد محافظة العلا من الأماكن الاستثنائية الزاخرة بالتراث الطبيعي والإنساني، كما تحتوي على مواقع ثقافية قديمة يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وإلى حضارات سكنت المنطقة، ومنها حضارتا دادان ولحيان، لذلك تتوالى الاكتشافات الأثرية حتى توصلت هذا العام لاكتشاف "فأس يدوية"، أعلنت عنها الهيئة الملكية لمحافظة العلا في السعودية في موقع "قرح"، وتعود إلى العصر الحجري القديم الذي يقدر بأكثر من 200 ألف عام.

 

ويبلغ طول الأداة الحجرية المصنوعة من البازلت الناعم 51.3 سم، وقد حفرت على كلا الجانبين لإنتاج أداة قوية ذات حواف قطع أو تقطيع قابلة للاستخدام، ولا تزال تجري الدراسات لمعرفة الدور الذي تستخدم فيه الفأس اليدوية.

واكتشفت الأداة الأثرية من قبل فريق من علماء الآثار، بقيادة الدكتور كان وجيزيم أكسوي، من شركة TEOS Heritage للاستشارات التراثية، الذي يعمل على استكشاف المنطقة المحيطة بموقع قرح الأثري جنوب العلا، بحثاً عن أدلة على وجود الإنسان في العصور القديمة، وتمكن الفريق من إيجاد عدد من المكتشفات الأثرية التي تعود إلى العصر الإسلامي الأول، إلا أن هذا الاكتشاف الجديد يعد بكتابة فصل جديد من تاريخ البشرية في شبه الجزيرة العربية وخارجها.

ويعد هذا الاكتشاف واحداً فقط من بين أكثر من 12 أداة حجرية مشابهة، تعود جميعها إلى العصر الحجري القديم، ومن المتوقع أن يكشف مزيد من البحث العلمي عن تفاصيل إضافية حول "أصول ووظيفة هذه الأدوات والأشخاص الذين صنعوها منذ مئات آلاف السنين"، وفقاً للهيئة الملكية لمحافظة العلا.

إلا أن السليمي يعتقد أنه من المبكر جداً تصنيف الأداة الحجرية كفأس يدوية يعود عمرها لأكثر من 200 ألف عام، والسبب في ذلك عدم اكتمال الدراسات البحثية حتى الآن من قبل المتخصصين، ويتابع "من وجهة نظري فإن الأداة الحجرية تعكس مستوى عالياً من التقنية والدقة في نحتها، لذا أرجح أنها تعود إلى فترة العصر الحجري الحديث، أي إنها لا تتجاوز 10 آلاف سنة قبل الميلاد، ومن الصعب أن تصنف كفأس يدوية لكبر حجمها".

السليمي يعتبر أن "الفأس المكتشفة هي كشف تاريخي مهم لمراحل تطور الأدوات الحجرية لإنسان عصور ما قبل التاريخ في محافظة العلا، وذلك لو افترضنا أنها بالفعل فأس يدوية، فنستطيع التصديق على أهمية الاكتشاف، بخاصة أنها تعد الأكبر حجماً في العالم حتى الآن، إذ بلغت أبعادها (طول 51.3 سم، عرض 9.5سم، سمك 5.7سم)، ويعود عمرها لأكثر من 200 ألف عام أي خلال الفترة الآشولية من العصر الحجري القديم.

أقدم موقع في السعودية

تعرف الحضارة الآشولية باسم "حضارة الفؤوس الحجرية"، المشتقة من "سنت آشول" بشمال فرنسا، وتعود إلى الفترة بين "البلايستوسين" الوسطى وبداية فترة "البلايستوسين" المتأخر، كما وجدت مواقع كثيرة لهذه الحضارة في بعض أودية المملكة بحسب وكالة الأنباء "واس".

ويتابع الباحث في التراث السليمي "أقدم موقع آشولي في السعودية، بحسب ما نشرت هيئة التراث، يقع في موقع النسيم بالنفود الكبير بمنطقة حائل، ويعود لأكثر من 350 ألف سنة، ونتطلع إلى إجراء مزيد من الدراسات التخصصية على الفأس الآشولية وبقية القطع الأخرى، ومحاولة ربطها بمواقع عصور ما قبل التاريخ من الفترة الآشولية، بخاصة موقع النسيم في منطقة حائل".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات