ملخص
عنصر من "حزب الله" متهم بقتل الجندي الإيرلندي في لبنان خارج القضبان والقوات الدولية تنتظر توضيحاً من المحكمة العسكرية
في توقيت مدروس تزامن مع الانشغال بالتطورات العسكرية في الجنوب، أفرجت المحكمة العسكرية عن عنصر من "حزب الله" متهمٍ بقتل الجندي الإيرلندي شون روني من الكتيبة الإيرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان. وأطلقت المحكمة العسكرية سراح محمد عياد بكفالة مالية بعد مرور أقل من عام على توقيفه وبعد صدور قرار اتهامي بحقه صادر عن قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان في بداية العام الحالي، وجه إليه تهمة القتل، إضافة إلى أربعة متهمين لا يزالون فارين من وجه العدالة، وهم علي خليفة وعلي وحسين ومصطفى سلمان، وجميعهم ينتمون إلى "حزب الله".
وكان الجندي الإيرلندي لقي مصرعه وأصيب ثلاثة آخرون من زملائه وأحدهم إصابته خطرة في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثناء مرورهم في بلدة العاقبية جنوب صيدا، حيث تعرضت سيارتهم المصفّحة لإطلاق النار. وتضمن القرار الاتهامي الصادر في الأول من يونيو (حزيران) عن صوان اتهاماً مباشراً إلى المدعو عيّاد ورفاقه واستند إلى أدلة وشريط فيديو سُمع فيه مطلقي النار يرددون بأنهم من الحزب. علماً أن "حزب الله" كان نفى أي علاقة له بالحادثة.
وشكّل قرار المحكمة العسكرية مفاجأة في الوسط السياسي اللبناني واعتبره وزير الداخلية السابق النائب المعارض أشرف ريفي بأنه يشبه قرار الإفراج عن المتهم بقتل الرائد الطيار سامر حنا (قُتل بعد إطلاق النار على مروحيته العسكرية من قبل عناصر من "حزب الله"). واصفاً المحكمة العسكرية بأنها أداة في يد "حزب الله".
واعتبره آخرون بأنه يتماهى مع سياسة ضرب العدالة في كل الجرائم التي ترتبط بـ"حزب الله" حيث يعمل على إخلاء سبيل المرتكبين أو يمنع توقيفهم كما هو حاصل في انفجار المرفأ، ويطمس ملفات يريد طمسها مثل حادثة المسؤول السابق في "القوات اللبنانية" المواطن الياس الحصروني الذي وجد مقتولاً في الجنوب.
ويأتي قرار الإفراج عن المتهم بقتل أحد الجنود العاملين في "يونيفيل" عشية الجلسة الدورية لمجلس الأمن المقررة في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري لمتابعة تنفيذ القرار الدولي 1701 وبعد أشهر على جلسة التجديد للقوات الدولية في أغسطس (آب) الماضي، والتي جددت بقرارها حرية تنقل القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان من دون إذنٍ مسبق، على رغم اعتراض الدبلوماسية اللبنانية بطلبٍ من "حزب الله".
قيادة اليونيفيل تتحقق
التزمت قيادة القوات الدولية الصمت ولم تصدر موقفاً حيال التطور القضائي في قضية مقتل أحد أفرادها. وفي اتصال مع "اندبندنت عربية" أكد الناطق باسم "يونيفيل" أندريا تينينتي "نحن على علم بالتقارير التي تفيد بأن السلطات اللبنانية أطلقت مساء الثلاثاء سراح الشخص الذي اعتقلته في الهجوم الذي أدى إلى مقتل جندي حفظ السلام التابع لـ"يونيفيل" شون روني، بسبب تدهور حالته الصحية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشف تينينتي أن قيادة القوات الدولية تعمل على التأكد من هذه المعلومات مع المحكمة العسكرية، ورفض الكشف أكثر في هذا المجال.
وذكّر الناطق باسم "يونيفيل" بأن الحكومة اللبنانية سبق وأعلنت في مناسبات عدة التزامها بتقديم الجُناة إلى العدالة، مضيفاً "نحن نواصل الحثّ على محاسبة جميع الجناة، وتحقيق العدالة للجندي روني وعائلته".
وسجلت الثلاثاء بالتزامن مع الإفراج عن محمد عياد، جولة للقائد العام للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال أرولدو لازارو على رئيسي مجلس النواب والحكومة واقتصرت البيانات الرسمية التي وزعت على التطورات الميدانية على الحدود الجنوبية والقلق من تدهورها.
في جرم القتل لا إخلاء سبيل
يؤكد مصدر قضائي عمل في المحكمة العسكرية سابقاً أنه في المنطق والقانون لا يُخلى سبيل متهم بجريمة قتل، لكن في السياسة الموجودة اليوم في لبنان كل شيء وارد.
وأوضح المصدر الذي يفضل عدم الكشف عن اسمه أن قرار إخلاء السبيل عادة يتخذ على ضوء التحقيق، ولكن في جريمة قتل يترك المتهم موقوفاً لحين محاكمته.
ويتساءل المصدر القضائي هل يا ترى أنكر الموقوف الذي سلمه "حزب الله" إلى المحكمة العسكرية مسؤوليته عن قتل الجندي الإيرلندي ليتم إخلاء سبيله بكفالة؟ أم أن رئيس المحكمة العسكرية ينفذ أوامر جهة أعلى منه؟
ويستذكر المصدر القضائي قضية الملازم الطيار سامر حنا مذكراً بأن "حزب الله" هو الذي سلمّ وقتها أحد الأشخاص على أساس أنه مطلق النار على حنا، وإذ تبين لاحقاً أنه "كبش محرقة" ولم يكن المنفذ للاغتيال وجرت ضغوط من أعلى المراجع لإخلاء سبيله.
ورداً على اتهام المحكمة العسكرية بأنها أداة لـ"حزب الله" يؤكد المصدر القضائي أن رئيس المحكمة العسكرية، وهو من الطائفة الشيعية، لا يعيّن إلا بقرار من الثنائي الشيعي (أمل – حزب الله) لذا من الطبيعي أن ينفذ أوامر الحزب والحركة.
وتعليقاً على صدور قرار الإفراج عن المتهم من قبل رئيس المحكمة وليس من قاضي التحقيق، يوضح المصدر القضائي أن قضاة كثراً في المحكمة العسكرية يرفضون الامتثال الى أوامر غير قانونية فيما بعض القضاة يرضخون، إما لأنهم من الخط السياسي نفسه المسيطر على المحكمة العسكرية أو لأنهم يخافون.
وكان مصدر قضائي في المحكمة العسكرية أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأخيرة اتخذت قرار إخلاء سبيل المشتبه فيه الأساسي بكفالة مالية بعد استجوابه خلال جلستين متتاليتين.
وأوضح أن الموقوف كان ضمن المجموعة التي طوقت الدورية وربما كان ضمن من أطلقوا النار عليها، لكن لا توجد أدلة حاسمة تبيّن أنه من أصاب الجندي الإيرلندي وتسبب بقتله.
"حزب الله" نفذ ما أراد
وفي حديث لـ"اندبندنت عربية" أكد النائب أشرف ريفي أن قرار إخلاء سبيل المتهم بقتل الجندي الإيرلندي من قبل المحكمة العسكرية لم يفاجئه، لأن المحكمة العسكرية هي أداة بيد "حزب الله" وتنفذ له أوامره.
واعتبر ريفي أن المحكمة العسكرية تقاضي فقط خصوم "حزب الله" وتحمي عناصره أو تبرئهم. وإذ أسف مجدداً إلى مقتل الجندي الإيرلندي رأى أن القاتل لم يحاسب لأن "حزب الله" أراد ذلك.
وإذ سأل ريفي كيف يبنى وطن بصيفٍ وشتاءٍ تحت سقفٍ واحد؟ ذكّر بواقعة إخلاء سبيل قاتل الملازم أول الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا أثناء تحليقه في مروحية عسكرية للجيش قرب تلة سجد في قضاء جزين الجنوبية، وتوقف عند قضية الموقوفين التسعة لدى المحكمة العسكرية من "عرب خلدة" والذين "لا يزالون موقوفين منذ أشهر طويلة فيما هم معتدى عليهم، وحتى من تقرر إطلاق سبيله بكفالة مالية عالية توضع أمامهم عقبات إدارية لتأخير الإفراج عنهم" يختم ريفي.