Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطائرات المسيرة... جديد صراعات الشرق الأوسط

جهود الأمم المتحدة للحد من انتشارها لم يحرز أي تقدم

غالباً ما تستخدم طائرات الدرون لأغراض الاستطلاع والتجسس (أ.ف.ب)

تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيداً واضحاً في استخدام طائرات الدرون المسيّرة، في عمليات حربية تتجاوز مهام استهداف الأشخاص أو الأهداف الصغيرة في ظل التوتر الحالي في الخليج بين إيران والولايات المتحدة.

وفي الأيام الأخيرة، شنت إسرائيل غارات عدة على أهداف تتبع إيران أو جماعات موالية لها في سوريا ولبنان والعراق، مستخدمة المركبات الجوية غير المأهولة (UAVs) المعدلة لتحمل ذخيرة عبارة عن قنابل أو صواريخ دقيقة التوجيه.

وغالباً ما تستخدم تلك الطائرات لأغراض الاستطلاع والتجسس، وتقوم إسرائيل بذلك باستمرار فوق لبنان بخاصة جنوبه، لكن التطور الأخير باستخدام طائرات الدرون المذخرة يأتي في وقت تخشى إسرائيل من قيام مجموعات موالية لإيران، بشن هجمات بالمسيّرات المذخرة أو المحملة بمتفجرات (درون انتحارية) على شمالها.

ويرى كثير من المراقبين في المنطقة، أن إسرائيل قررت استباق أي هجمات من جماعات إيرانية أو موالية لها من دون استخدام سلاحها الجوي، وتعريض طياريها لاحتمالات الخطر بخاصة مع نشر صواريخ روسية في سوريا.

تصعيد إيراني

وكانت ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران كثّفت في الأشهر الأخيرة هجماتها بالمسيّرات على السعودية. وفي يونيو (حزيران) الماضي، أوردت بعض التقارير غير المؤكدة أن الهجوم الذي استهدف خط الأنابيب السعودي، كان بمسيّرات انطلقت من العراق وليس من اليمن.

وكشفت السعودية في وقت سابق، أن تلك المسيّرات التي تستخدمها ميليشيات الحوثي وتسقطها دفاعاتها الجوية، إيرانية الصنع. ومن غير المستبعد أن تكون إيران زودت ميليشيات الحشد الشعبي في العراق أو جماعات أخرى موالية لها مثل حزب الله العراقي بمسيرات تستهدف دول الجوار.

وتملك دول عدة في المنطقة مسيرات متطورة ومعدلة أيضاً، لكنها في الأغلب تستخدم في مهام استطلاع. ويقول خبير عسكري خليجي إن خطورة تلك المسيرات تكمن في أنها بحوزة جماعات وميليشيات وليست دول مسؤولة.

انتشار المسيّرات المسلحة

أشار تقرير صدر العام الماضي بعنوان "حروب الدرون: الجيل التالي" إلى تضاعف عدد الدول التي تملك المسيّرات العسكرية أربع مرات في السنوات الأخيرة. ففي عام 2013 لم يكن هناك سوى ثلاث دول تملكها هي بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل.

ويتوقع أن هناك ما يصل إلى 20 دولة الآن تملك تلك المسيّرات، إضافة إلى دول تستوردها من موردين مثل الصين. إضافة إلى عدد من الجماعات التي تتحصل على تلك المسيّرات من دول أو بشرائها من مصدّرين.

ويقدر موقع "ذي انترسبت" الإخباري الأميركي أن منطقة الشرق الأوسط تعد الساحة الأكثر استخداماً للمسيّرات العسكرية فيها. وبدأ ذلك بأول محاولة لاغتيال أسامة بن لادن في أفغانستان عام 2000 بطائرة مسيرة مذخرة.

وتوسعت الولايات المتحدة في استخدام المسيّرات المسلحة في أفغانستان وباكستان واليمن والصومال وغيرها، وزادت وتيرة تلك العمليات في فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما. ويقدر الموقع أن الولايات المتحدة شنت نحو 550 غارة بالمسيّرات في ليبيا في السنوات الأخيرة، وهو عدد يزيد على عمليات تلك المسيّرات في الدول المذكورة سابقا مجتمعة. ويضيف الموقع أن ليبيا "استخدمت كمختبر لتجريب الأجيال الجديدة من الدرون في العمليات العسكرية".

المسيّرات الإيرانية

دخلت إيران نادي الدول التي تصنع المسيّرات العسكرية قبل سنوات قليلة، وبعدما أسقطت مسيّرة أميركية كانت في عملية استطلاعية غرب أفغانستان قرب حدودها في ديسمبر (كانون الأول) 2011. وأفادت إيران آنذاك بأنها ستعمل على نسخ تكنولوجيا المسيّرة الأميركية وتصنيع شبيهة لها.

وحاولت الولايات المتحدة استعادة المسيّرة، إلا أن إيران رفضت، ويعتقد مسؤولون وخبراء أميركيون أن تكنولوجيا تلك المسيّرة وصلت إلى الروس والصينيين عبر الإيرانيين. ويذهب البعض إلى أن تلك كانت سبباً في تطوير الصين لإنتاجها من المسيّرات العسكرية التي صدرت منها أكثر من 100 لدول عدة.

وبعد ذلك، أعلنت إيران عن إنتاج المسيّرة "صاعقة" التي يعتقد أنها طورت نماذج أخرى منها في السنوات الخمس الأخيرة، ومنها تلك التي تستخدمها ميليشيات الحوثي في الهجوم على الأراضي السعودية.

جهود التقنين 

فيما تكلف الطائرة المقاتلة ملايين الدولارات لا تزيد تكلفة المسيرة على آلاف الدولارات، كما أن الأجيال الجديدة منها يمكن تعديلها لتستطيع حمل ذخيرة تصل إلى نصف طن. كما أنها أصبحت تطير مسافات أطول وعلى ارتفاعات أعلى ويمكنها بسهولة تفادي رادرات الدفاعات الجوية. إضافة إلى أنها تدار من الأرض بأمان، وتعفي مستخدميها من تعريض الطيارين للخطر.

كل تلك الميزات تسهل استخدام المسيّرات، بالتالي تزيد من خطورة انتشارها، بخاصة أنها يمكن تعديل استخداماتها بسهولة ولا تخضع لأي قواعد اشتباك معروفة ومستقرة لدى الجيوش النظامية في الحروب الجوية.

لذا سعت الأمم المتحدة أخيراً لمحاولة الحد من انتشار المسيرات العسكرية من خلال مكتب المنظمة للحد من التسلح. وعلى هامش اجتماعات معهد بحوث الحد من التسلح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقد اجتماع برعاية البعثة الألمانية والهولندية في المنظمة الدولية لبحث إمكانية اتفاق دولي للحد من انتشار هذا السلاح الجديد.

لكن تلك الجهود لم تأت بنتيجة، بخاصة أن الدول التي تملك تكنولوجيا تصنيع وتعديل المسيرات العسكرية قليل بعد، بالتالي فإن الدول التي لا تملكها لا تريد أن تحرم من الحصول عليها. ولا يتوقع أن تتمكن الأمم المتحدة من تقنين إنتاج وتصدير واستخدام تلك المسيّرات في المستقبل المنظور.

أضف إلى ذلك أن خطرها الأكبر يأتي من امتلاك جماعات وميليشيات لها، وتلك الجماعات خارج نطاق أي اتفاق دولي للحد من انتشارها أو تقنين استخدامها.

المزيد من تحلیل