Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خوف النساء مفهوم من أدوية السرطان "المعجزة" مثل "أناستروزول"

إحدى الناجيات من سرطان الثدي تقول "أخشى أن يحبط التركيز على الجوانب السلبية عزيمة النساء ويثنيهن عن تناول الدواء الذي يحتمل أن ينقذ حياتهن" 

لن يكون عقار "أناستروزول" إلزامياً أبداً بالنسبة إلى النساء، وسيظل دائماً خياراً يمكن مناقشته مع الأطباء (رويترز)

ملخص

إحدى الناجيات من سرطان الثدي تقول "أخشى أن يحبط التركيز على الجوانب السلبية عزيمة النساء ويثنيهن عن تناول الدواء الذي يحتمل أن ينقذ حياتهن" : نجوت من سرطان الثدي، لذا أتفهم خوف النساء من "الأدوية المعجزة" مثل عقار "أناستروزول"

في سبتمبر (أيلول) من عام 2021، كنت في الـ58 من عمري عندما تم تشخيص إصابتي بنوع عدواني من سرطان الثدي. كانت تلك الفترة في الواقع الأكثر رعباً في حياتي، فقد طغى عليَّ الخوف من الموت، ولا سيما فكرة ترك أطفالي المراهقين بلا أم. كان من الصعب جداً إخبار عائلتي بذلك. خضعت من ثم لأشهر من العلاج الكيماوي المكثف، ولعملية جراحية غيرت مجرى حياتي - بما فيها استئصال الثديين - وتحملت مفاعيل 18 جلسة من العلاج الإشعاعي. ولسوء الحظ، ظهرت بعض المشكلات وواجهت مضاعفات استلزمت إجراء عمليتين إضافيتين في الأقل في السنة التالية.

لكن في المقابل يسعدني أن أقول إنه بعد مرور عامين أصبحت خالية تماماً من السرطان وأشعر بأنني في صحة جيدة، لكن لو كان بإمكاني تناول حبة يومية لتجنب الإصابة بالداء في المقام الأول، فإنني أجد نفسي أتساءل: هل كنت سأختار ذلك؟

يعطي عقار "أناستروزول" مثالاً بارزاً على هذا الدواء الوقائي، فقد استخدم في الأساس لأعوام عدة في علاج سرطان الثدي، وأصبح معتمداً الآن لمنع التطور الأولي للمرض. ويعتقد أن نحو 300 ألف امرأة في المملكة المتحدة دخلن مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، لديهن استعداد عائلي للإصابة بسرطان الثدي، ويستوفين معايير الأهلية لتناول الدواء. وتقدر هيئة "الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" (أن أتش أس إنغلاند) NHS England، أنه حتى لو اختار ربع هؤلاء النساء فقط الخضوع لهذا العلاج الهرموني، فمن المحتمل أن يسهم ذلك في تجنب التشخيص المدمر بسرطان الثدي لنحو ألفي امرأة.

يشار في هذا الإطار إلى أن دراسة أجريت في عام 2020، ونشرت في مجلة "ذا لانسيت" The Lancet، كشفت عن أن تناول الحبوب المخفضة لهرمون الإستروجين يومياً لمدة 5 سنوات، يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 54 في المئة. وبسعر 4 بنسات (5 سنتات) فقط للحبة الواحدة، مقارنة بآلاف الجنيهات الاسترلينية التي يكلفها علاج السرطان، يعد عقار "أناستروزول" بمثابة حل فعال من حيث الكلفة بالنسبة إلى هيئة "الخدمات الصحية الوطنية".

وفي حين قد تبدو هذه الأخبار إيجابية إلى حد كبير، يمكن لتصفح بعض وسائل التواصل الاجتماعي أن يعطي انطباعاً مختلفاً، بحيث تصور تلك الحبوب على أنها كارثة. ويحرص بعض الأفراد على مشاركة قصص الآثار الجانبية الشديدة، مما يرسي جواً من القلق. وقد تحدث أحد الأطباء العامين على حسابه عبر "تويتر/ أكس" عن تلك الآثار التي قال إنها غير محتملة، إلى درجة أن أية امرأة لن تتمكن من أن تواصل تناول الدواء.

صحيح أن "أناستروزول" ليس حلاً سحرياً. فتظل هناك نساء يتم تشخيصهن بالمرض، لكنه يعد مناسباً فقط لأقلية من الإناث.

بالتأكيد - كما هي الحال مع أي دواء - فإن عقار "أناستروزول" لديه نصيبه من الآثار الجانبية، إذ إن آليته تتضمن تقليل إنتاج هرمون الإستروجين في جسم المرأة. وعلى رغم أنه يتم تقديمه حصراً على أنه إجراء وقائي للنساء في مرحلة توقف الطمث، اللاتي لديهن أساساً مستويات منخفضة من هرمون الإستروجين، فإن مزيداً من التخفيض في الهرمون يمكن أن يتسبب في تفاقم أعراض انقطاع الطمث الشائعة كالهبات الساخنة. يضاف إلى ذلك، أن عقار "أناستروزول" قد يتسبب في آلام المفاصل وتصلبها، وبطفح جلدي، وغثيان، وصداع، واكتئاب، وهشاشة العظام. ولا يمكن للنساء أخذ "العلاج بالهرمونات البديلة" Hormone Replacement Therapy (HRT) إلى جانب عقار "أناستروزول" للتخفيف من تلك الآثار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن من المهم أيضاً تذكر أنه لن تواجه كل امرأة صعوبات. وأنا في الواقع أشعر بقلق من أن التركيز المستمر على الجوانب السلبية للعلاج، قد يثبط عزيمة بعض النساء اللاتي يمكن أن يستفدن من عقار "أناستروزول"، ويثنيهن عن تجربته.

قبل البدء بالعلاج الكيماوي، قادني بحثي عبر الإنترنت إلى عدد لا يحصى من الروايات المؤلمة حوله، فقد وصفته إحداها بشكل قاتم بأنه "أقرب شيء إلى الموت، لكن من دون أن يكون من يتناوله ميتاً بالفعل". وسارع آخرون إلى تحذيري من آثاره الجانبية كالغثيان الحتمي، والإرهاق المنهك، وفقدان الشهية، والطعم الكريه للطعام، إلى غيرها من التوقعات المشؤومة، كتساقط أظافر القدمين والشعر بشكل واضح. وقد كشفت منتديات عبر الإنترنت تابعة للجمعيات الخيرية التي تعنى بسرطان الثدي، أن بعض النساء كن متخوفات للغاية من العلاج الكيماوي، إلى درجة أن كثيرات منهن فكرن في رفض العلاج تماماً.

أتذكر بوضوح امرأة على منصة "تويتر" (في ذلك الوقت)، حذرتني من أن علاجي قد يكون غير فعال. حتى عندما شاركتها ارتياحي بعدما كشفت عمليات المسح عن أن السرطان لم ينتشر إلى أعضاء أخرى في جسمي، ولم يعد غير قابل للشفاء، كان ردها مثيراً للإحباط بالنسبة إلى حين أجابت: "ليس بعد". وقد دفعني الخوف من هذه السلبية إلى الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي. وكان محبطاً أيضاً أن أدرك أن المجتمع الداعم ظاهرياً، كان أبعد ما يكون عن توقعاتي.

واتضح على نقيض الروايات المتشائمة التي واجهتها، أن تجربتي مع العلاج الكيماوي يمكن التحكم فيها. وعلى رغم أنها لم تكن ممتعة، فإنها كانت مقبولة، فقد شعرت أحياناً وكأنني وسادة بشرية، وعانيت جلطة دموية بسيطة في ذراعي. 

وكان الانزعاج الناتج من وضع جهاز "القبعة الباردة" التي كنت أعتمرها في محاولة للاحتفاظ بشعري، ملحوظاً (تقوم بخفض درجة حرارة فروة الرأس، وتقليل تدفق الدم، وتقليل تساقط الشعر أثناء العلاج). وبعد علاجات متعددة، واجهت نوعاً من التشوش في الدماغ جعل من الصعب عليَّ إيجاد الكلمات. ومع ذلك، فإنني أعتبر نفسي محظوظة. ففي حالتي، لم يكن الخضوع للعلاج الكيماوي يشبه الإحساس بالموت، وأعتقد أن تجربتي التي كانت بعيدة كل البعد من قصص الرعب، لا تقل أهمية عنها.

مع ذلك، فإنني لن أصنف تجربتي مع مرض السرطان بخمس نجوم كاملة على موقع "تريب أدفايزر" Tripadvisor. فأحياناً، أفتقد ثديي ما قبل الجراحة، وقد أثرت الضغوط المالية لمدة عام من دون عمل، على وضع أسرتي. وما زال يتعين عليَّ إجراء عمليتين جراحيتين في الأقل، خلال الأشهر المقبلة، لمعالجة أو تخفيف الآثار الجانبية المتبقية للعلاجات المكثفة التي خضعت لها.

إضافة إلى ذلك، أنا أتناول في الوقت الراهن عقار "زوميتا" Zometa، الذي يعمل على منع معاودة الإصابة بالسرطان في عظامي. وينطوي "زوميتا" على مجموعة من الأخطار الخاصة به، بما فيها الاحتمال النادر، لكن الشديد، لتفكك الفك، فهل يسبب لي ذلك قلقاً؟ بالتأكيد، لكن القلق الأكبر يكمن في احتمال إصابتي بالسرطان من جديد.

في حالتي، لم يكن عقار "أناستروزول" قط خياراً ممكناً، إذ لا يوجد لديَّ أي تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، كما أن التشخيص الإيجابي بالسرطان من نوع HER2، يقع ضمن نسبة 20 في المئة من أنواع سرطان الثدي التي يتم تشخيصها كل سنة، والتي لا تغذيها الهرمونات، لكن هناك كثيراً من النساء اللاتي يتناولن بالفعل أدوية الحد من الأخطار ـ المعروفة باسم "الوقاية الكيماوية" ـ على رغم الآثار الجانبية المرتبطة بها. وتشمل هذه المجموعة من الأدوية عقاقير أخرى تخفض هرمون الإستروجين مثل عقار "تاموكسيفين" Tamoxifen، لتقليل خطر تكرار الإصابة بالسرطان بعد العلاج.

الخوف السائد من الإصابة بداء السرطان - ولا سيما لدى النساء اللاتي رأين أمهاتهن أو أخوات لهن أو عمات يصارعن المرض، أو حتى توفين بسببه، يدفع ببعض النساء السليمات إلى اختيار الخضوع لعمليات جراحية جذرية، بما فيها استئصال الرحم الجذري والثديين، على غرار أنجيلينا جولي، في محاولة لتجنب خطر الإصابة بالسرطان. 

غالباً ما تكون الوقاية من سرطان الثدي أفضل من علاجه بعد التشخيص، ويعود ذلك في المقام الأول إلى أنه على رغم إمكانية علاج معظم الحالات لدى ما يقارب 20 إلى 30 في المئة من النساء، لا يزال هناك خطر بمعاودة ظهور المرض في أعضاء أخرى من الجسم. ويمكن أن تظهر هذه المرحلة المتكررة، التي تعرف بـ"سرطان الثدي الثانوي أو النقيلي" Secondary or Metastatic Breast Cancer بعد مدة قد تصل إلى 30 سنة على أثر تلقي العلاج، عندما يصبح المرض حينئذٍ غير قابل للشفاء.

خلاصة القول هي أن تناول عقار "أناستروزول" لن يكون إلزامياً على الإطلاق بالنسبة إلى النساء، وسيظل خياراً بإمكانهن مناقشته مع الأطباء. وهناك علاجات بديلة غير هرمونية يمكن أن تساعد في تخفيف الآثار الجانبية كالهبات الساخنة، والإستروجين الموضعي للأعراض المهبلية، وممارسة التمارين الرياضية للتخفيف من تصلب المفاصل وآلامها.

وإذا ما أصبحت الآثار الجانبية للدواء غير محتملة، فيمكن للنساء بالتأكيد اختيار التوقف عن تناوله. ويساورني قلق من أن يؤدي التركيز على الجوانب السلبية المحتملة إلى أن يثبط عزيمة النساء، ويثنيهن حتى عن الشروع في تجربة هذا العلاج الذي يحتمل أن ينقذ حياتهن.

إلى ذلك، أعرب كثير من الناجيات من داء سرطان الثدي عن قلقهن في شأن بعض الحملات المتعلقة بانقطاع الطمث، التي تزرع في بعض الأحيان، عن غير قصد، الخوف في نفوسهن، من خلال الإشارة إلى أن الحياة من دون "العلاج بالهرمونات البديلة" لا تستحق فعلاً أن يعيشها أحد. وأعتقد أننا يجب أن نتوخى مقداراً مماثلاً من الحذر كيلا نثني النساء عن التفكير في تناول عقار من المحتمل أن ينقذ حياتهن، خصوصاً بعدما أشادت به جمعية "سرطان الثدي" Breast Cancer الخيرية، باعتبار أنه يشكل "خطوة كبيرة إلى الأمام".

أعي تماماً أن الخضوع للعلاج يمثل تحدياً صعباً، لكن الحياة ثمينة، وتشخيص سرطان الثدي يمكن أن يكون مدمراً تماماً. فلو حدث أن كنت على علم بأنني قد أكون معرضة لخطر كبير، وكان لديَّ خيار اتخاذ تدابير وقائية - كتناول دواء لتجنب الإصابة بالداء - فأعتقد أنني كنت سأحصل عليه. إنه جسدك، ويجب أن يكون القرار في نهاية المطاف اختياراً شخصياً. إن جل ما أريد أقوله هو: دعونا نتوخَّ الحذر في عدم تثبيط النساء عن تجربة شيء قد ينقذهن من المحنة التي مررت أنا بها.

© The Independent

المزيد من صحة