Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التلوث يحبس رئة سكان دلهي وسط ضباب قاتل 

أطباء: وصلت درجة رداءة الهواء إلى مستويات قياسية والتنفس خلاله يماثل تدخين 20 سيجارة يوميا 

الناس يسيرون ويركبون الدراجات على طول مسار كارتافيا قرب بوابة الهند وسط ضباب دخاني كثيف في دلهي (غيتي)

ملخص

تلوث الهواء في نيودلهي يصل إلى مستويات قياسية

أشار أطباء في دلهي إلى أن تلوث الهواء السام والمستمر في المدينة يتسبب بأضرار سلبية لرئتي الأشخاص الذين لا يدخنون وتراوح أعمارهم ما بين الـ20 والـ30، إذ تظهر عليهم أضرار تشبه تلك التي تحدث لدى مدخني السجائر.

تواجه منطقة شمال الهند مجدداً مستويات قاتلة من تلوث الهواء، مما يشكل تهديداً لصحة وحياة ملايين الأشخاص، من دون وجود حل دائم في المنظور القريب. وكان مؤشر جودة الهواء في دلهي بلغ الإثنين الماضي 488 على مقياس من 0 إلى 500، وفقاً للحكومة الهندية، مسجلاً بذلك اليوم الخامس على التوالي الذي يظل فيه تلوث الهواء ضمن الفئة "الخطرة" التي تزيد على 400، وتقريباً 10 مرات الحد الصحي.

وأصبحت الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) تُعرف بـ"موسم تلوث الهواء" بالنسبة إلى الملايين في دلهي والمناطق المحيطة بالعاصمة ومدن الشمال المكتظة بالسكان مثل آغرا ولكناو وكانبور حيث يماثل التنفس في الضباب الكثيف تدخين من 25 إلى 30 سيجارة يومياً، وأفاد الأطباء لـ"اندبندنت" بأنهم رأوا زيادة مستمرة في عدد المرضى الذين يعانون التهابات في الحلق والصداع وضيق التنفس في الآونة الأخيرة.

وذكر الدكتور أنوج أغاروال من مستشفى سفدارجونغ في دلهي، وهو أحد أكبر المستشفيات الحكومية في الهند أن "هناك حالات عدة لديها مشكلات قصيرة الأجل مثل ضيق التنفس والتهاب الحلق والتهيج. وهناك أيضاً زيادة في حالات نوبات الربو".

وتُعزى الزيادة في تلوث الجسيمات الدقيقة، المعروفة بـ PM2.5، إلى ظهور مشكلات في الرئة والقلب لدى الأشخاص الأصحاء. ويشير الأطباء إلى أن مثل هذا التلوث الهوائي المزمن يُقلل من سعة الرئة، إذ أوضح الدكتور سوميت راي، رئيس قسم الرعاية الحرجة في مستشفى هولي فاميلي، بجنوب المدينة أن "عدداً من الشباب الذين عاشوا في دلهي لفترة طويلة ولم يدخنوا أبداً، أصبح الآن لديهم رئتا مدخن. لذلك ستكون رئة الشخص البالغ من العمر 40 سنة مشابهة لرئة شخص يدخن منذ ما يقارب 20 عاماً".

وبدأ موسم التلوث هذا العام في وقت أبكر من المعتاد، بسبب هطول أمطار أقل من المعتاد، مما يثير قلقاً من أن فترة سوء الهواء المزمن تزداد طولاً. وجودة الهواء في دلهي سيئة طوال العام بسبب انبعاثات المركبات وأعمال البناء والصناعة. ومع ذلك، تزداد سوءاً بصورة كبيرة في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) عندما يتدفق إلى المدينة الدخان الناتج من حرائق الزراعة التي تندلع بعد حصاد محاصيل مثل الرز والقمح. ويمكن أن تتفاقم الظروف السيئة بسبب اتجاه الرياح والضباب الذي يحجز الملوثات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في أكتوبر، سجلت مستويات جودة الهواء في دلهي أسوأ مستوى لها منذ عام 2020، وفقاً للهيئة الهندية المركزية لمراقبة التلوث. وبعيداً من المشكلات الصحية القصيرة الأجل، يحذر الأطباء من أن التأثيرات غير المرئية للتعرض المطول لتلوث الهواء هي ما ينبغي للأشخاص أن يشعروا بالقلق منه.

ووفقاً للدكتور راكيش باريخ، وهو اختصاصي السكري في منطقة جايبور، فإن "التلوث المزمن لا يعرض الأطفال لأخطار مرتفعة من اضطرابات الجهاز التنفسي فقط، بل يؤثر أيضاً في مرحلة النمو الشامل للطفل ويعرضه لأخطار الإصابة بأمراض عدة مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وغيرها".

وأضاف "التعرض المطول والمتكرر لمستويات عالية من التلوث يمكن أن يؤثر سلباً في الصحة العامة لأي فرد".

ومن المعروف أن تلوث الهواء يقلل من العمر المتوقع لسكان دلهي بمقدار يقارب 11.9 سنة، وفقاً لدراسة أجراها معهد سياسة الطاقة في جامعة شيكاغو عام 2023. وأظهرت نتائج هذا البحث أن أكثر من 64 في المئة من الهنود، أي ما يقارب 900 مليون شخص، يعيشون الآن في مناطق تتجاوز معايير الهند الوطنية لجودة الهواء، والتي تكون أساساً أكثر تساهلاً من معايير منظمة الصحة العالمية. وعلى رغم الأثر الكبير على الصحة البشرية، إلا أن هذه الأزمة لا تحظى بأي اهتمام يذكر من جانب السياسة الوطنية في الهند.

وعلى الصعيدين الحكومي والمحلي، ما زالت مسألة تلوث الهواء تثير الجدل بين حكومة دلهي والولايتين المجاورتين بنجاب وهاريانا، حيث يضرم المزارعون النيران في بقايا محاصيلهم الزراعية داخل حقولهم. وكان وزير البيئة في دلهي غوبال راي أكد أخيراً أن حكومة الولاية تعمل بجدية على اتخاذ تدابير للحد من مستويات التلوث، ولكن ما زالت المصادر الخارجية تسهم بصورة كبيرة في تفاقم تلوث الهواء.

 

 

واتخذ مسؤولون محليون إجراءات طارئة أخيراً في محاولة للحد من تأثير التلوث في السكان، بما في ذلك إغلاق المدارس الابتدائية وتعليق أعمال البناء وتقليل حركة السيارات على الطرق وحث الناس على ارتداء الأقنعة والبقاء في المنازل. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن الفشل المتكرر للسلطات في معالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة السنوية يشير بوضوح إلى غياب الإرادة السياسية.

وفي هذا السياق، قالت آن هاريسون، مستشارة المناخ في منظمة العفو الدولية، إن "الحال الطارئة السنوية لتلوث الهواء في دلهي ليست مشكلة جديدة، ولا هي مشكلة تأتي من دون تحذير. فشل الحكومة مراراً وتكراراً في حماية الناس من التعرض للهواء الضار في دلهي والمناطق المحيطة بها يعرض حقوقهم الإنسانية في ما يتعلق بالحياة والصحة للخطر".

وفي الماضي، كانت التدابير الحكومية للحد من تلوث الهواء تشمل سياسات رش المياه على الطرق للحد من الغبار وإنشاء اثنين من أبراج الضباب بارتفاع 80 قدماً (حوالى 24 متراً) التي كلفت أكثر من 2 مليون دولار للبرج الواحد. ويفترض أن تقوم هذه الأبراج بتنقية الهواء، ولكن يراها علماء عديمة الفاعلية.

وتقول شويتا نارايان، ناشطة عالمية في مجال التغير المناخي والصحة في منظمة "الرعاية الصحية من دون ضرر" Health Care Without Harm، إن معظم هذه الحلول كانت مجرد "تظاهر" و"هراء". وتشدد على أن أزمة تلوث الهواء "يجب أن تُعامل بصفتها قضية إنسانية وليس فقط مشكلة تقنية".

وكذلك تشير إلى وجوب فرض لوائح أكثر صرامة وتنفيذها على كل مستوى، لافتة إلى أنه "لا يمكننا الاستمرار في اتهام الجهات نفسها مراراً وتكراراً. علينا التحلي بالجرأة لمواجهة المصانع القوية التي تنبعث منها الملوثات لأن هذه المصانع تعلم بأنها لن تواجه عواقب جراء ذلك".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة