ارتفعت أسعار البيوت في بريطانيا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للمرة الأولى منذ ستة أشهر، بحسب بيانات أكبر شبكات الإقراض العقاري البريطانية "هاليفاكس" وكذلك بيانات أكبر شركات السمسرة العقارية "نيشن وايد" الصادرة هذا الأسبوع.
إلى ذلك أعلنت شركة "هاليفاكس" أن أسعار العقارات في بريطانيا ارتفعت بنسبة 1.1 في المئة الشهر الماضي مقارنة بأسعار سبتمبر (أيلول) السابق. وأشارت إلى أن متوسط سعر البيت في بريطانيا أصبح عند 281 ألفاً و974 جنيهاً استرلينياً (346 ألفاً و850 دولاراً)، وجاءت أسعار البيوت في أكتوبر الماضي أقل بنسبة 3.2 في المئة عن الشهر المقابل العام الماضي 2022.
في غضون ذلك أعلنت شركة "نيشن وايد" الأسبوع الماضي أن أسعار البيوت في بريطانيا ارتفعت الشهر الماضي بنسبة 0.9 في المئة بمعدل شهري، أشارت إلى أن الأسعار انخفضت بمعدل سنوي، وأن النشاط في سوق العقارات "لا يزال ضعيفاً جداً" مع معاناة المشترين مع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية.
وأرجعت "هاليفاكس" الارتفاع في أسعار البيوت الشهر الماضي إلى قلة المعروض من البيوت في السوق على رغم من ضعف الطلب بصورة عامة، نتيجة ارتفاع كلفة المعيشة في بريطانيا بصورة إجمالية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة.
في المقابل شريحة المشترين لأول مرة في السوق ظلت متماسكة لاتجاه هؤلاء إلى الشراء مع ارتفاع الإيجارات بشدة مما يجعل أقساط القروض العقارية حتى بفائدة مرتفعة أنسب لهم من الإيجار، مما جعل الطلب يزيد على العرض مما أدى لارتفاع الأسعار قليلاً.
توقعات متفائلة
رغم أن بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) ترك سعر الفائدة كما هو في آخر اجتماعين، فإن مواصلته رفعها منذ نهاية عام 2021 لتصل إلى نسبة 5.25 في المئة حالياً جعل الفائدة على القروض العقارية تزيد على ستة في المئة في المتوسط، مما يضغط على الطلب في سوق العقار بشدة.
من جهتها قالت مديرة القروض العقارية في شركة "هاليفاكس" كيم كينيرد، "يبدو أن البائعين يتخذون موقفاً حذراً مما أدى إلى قلة المعروض في السوق"، مضيفة "يبدو أن ذلك أدى إلى ارتفاع الأسعار قليلاً في المدى القصير وليس بسبب زيادة الطلب من المشترين الذي ظل ضعيفاً جداً".
ومع إشارات من بنك إنجلترا بأنه قد يكون من المبكر الحديث عن أي خفض لسعر الفائدة الأساسية قريباً، يتوقع أن يستمر الطلب على الشراء ضعيفاً في السوق العقارية من ثم لن ترتفع الأسعار مجدداً.
وتوقعت "هاليفاكس" أن "تهبط أسعار البيوت أكثر بصورة عامة وألا تعاود النمو قبل عام 2025"، لكن الشركة أشارت إلى أن الأسعار تظل مرتفعة، بل وعادت إلى أعلى من مستواها قبل أزمة وباء كورونا، وأن متوسط سعر البيت في بريطانيا حالياً يزيد بنحو 40 ألف جنيه استرليني (نحو 50 ألف دولار) عما كان عليه قبل وباء كورونا عام 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشار إلى أن شركتي "هاليفاكس" و"نيشن وايد" تعتمدان في بياناتهما الشهرية على أرقام القروض العقارية كمؤشر إلى عدد صفقات البيع والشراء وتقدير الأسعار، لكنها لا تتضمن المشترين نقداً من دون حصول على قروض عقارية، وأخيراً ارتفعت نسبة هؤلاء بين المشترين في الآونة الأخيرة.
وبحسب الأرقام الرسمية أصبح المشترون نقداً من دون الحصول على قرض عقاري يمثلون نحو ثلث المشترين في السوق العقارية البريطانية.
أما الطلب والشراء بقرض عقاري، الذي يعادل ثلثي السوق، فلا يزال ضعيفاً، كما تقول رئيس فرع التمويل الشخصي في شركة "هارغريفز لانسداون" ساره كولز، في مقابلة مع "بي بي سي"، مضيفة أن أرقام بنك إنجلترا عن القروض العقارية الموافق عليها في سبتمبر (أيلول) تبدو "بائسة جداً "، قائلة "ليس هناك ما يشير إلى تحسن في الطلب في المستقبل القريب"
تجاوز الخطر
يبدو من البيانات الصادرة في الأيام الأخيرة وتحليلات الشركات العقارية أن السوق العقارية البريطانية ربما تجاوز بالفعل عتبة الخطر حتى وإن ظلت الأسعار تنخفض قليلاً لعام أو عامين. وبحسب تقرير التوقعات المستقبلية للأعوام الخمس المقبلة، الذي أصدرته شركة "سافيل" العقارية، أمس الأربعاء، فإن السوق العقارية قد تصل إلى قاعدة منحنى الهبوط في الصيف المقبل قبل أن تعاود الارتفاع.
وتوقعت الشركة أن ينخفض متوسط سعر البيوت في بريطانيا للعام القادم 2024 بنسبة ثلاثة في المئة، بعدما انخفض في المتوسط هذا العام بنسبة أربعة في المئة.
وبحسب تقديرات الشركة، فإن بنك إنجلترا ربما يبدأ في خفض أسعار الفائدة الأساسية في النصف الثاني من العام المقبل، من ثم ستنخفض كلفة القروض العقارية مما يشجع على نمو الطلب من ثم عودة الأسعار للارتفاع.
وبحسب توقعات التقرير سيواصل البنك المركزي خفض الفائدة لتصل ربما إلى نسبة 1.75 في المئة في عام 2027.
وفي نموذج التوقعات لشركة "سافيل" ستعود أسعار البيوت للارتفاع بحلول عام 2025، وهو ما يتفق مع تقديرات شركتي "هاليفاكس" و"نيشن وايد"، إذ تقدر أن ترتفع أسعار البيوت بنسبة 3.5 في المئة عام 2025 ثم بنسبة ستة في المئة عام 2026 وتواصل الارتفاع في العام التالي لتزيد بنسبة 6.5 في المئة في عام 2027 ثم يتباطأ النمو في عام 2028 إلى نسبة خمسة في المئة.
يشار إلى أن تلك التوقعات تستند إلى سياسة البنك المركزي في شأن الفائدة مستقبلاً من ثم احتمال عودة البنوك وشركات الإقراض العقاري لخفض كلفة القروض العقارية، إلا أن العامل الأهم الذي جعل سوق العقار البريطانية تتفادى الانهيار فهو نقص المعروض من الوحدات في السوق، خصوصاً مع تراجع نشاط التشييد والبناء بصورة عامة وعدم تخفيف القيود المتعلقة بشروط البناء.