Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هوس البوتوكس والفيلر يسيطر على القاصرات في بريطانيا

تتحدث "اندبندنت" إلى خبراء حول السبب المحتمل لهذه الطفرة المرعبة في إقبال من لم يبلغن بعد سن الرشد رسمياً على الحقن التجميلية

عام 2021، حظر البوتوكس التجميلي وحقن الشفاه في إنجلترا لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة (أي ستوك)

ملخص

تتزايد أعداد المراهقات البريطانيات اللواتي يجرين البوتوكس التجميلي وحقن الشفاه، فما الذي يدفعهن لذلك؟

كانت ميلي* تقوم بتشذيب حاجبيها عندما قالت خبيرة التجميل تعليقاً على شفتيها. تتذكر: "سألتني إذا ما كنت أرغب في زيادة حجمهما عن طريق الحقن ’فيلر‘... كان لديهم عرض خاص في ذلك اليوم حيث لا يكلف الإجراء سوى 50 جنيهاً استرلينياً، الأمر الذي بدا مكسباً. شعرت بالإغراء، لكنني لم أكن قادرة على تحمل التكاليف حقاً لأنني كنت بحاجة إلى شراء بعض الكتب المدرسية الجديدة". ميلي طالبة جامعية، عمرها 20 سنة.

بالنسبة إلى البعض، قد تبدو تجربة ميلي مفاجئة. لماذا قد يرغب شخص بهذا العمر الصغير جداً في القيام بأي إجراء لتغيير وجهه الجميل واليافع بالفعل؟ من المؤكد أنه من السابق لأوانه بكثير التفكير في علاجات مكافحة الشيخوخة؟ وكم عدد الممارسين الذين قد يوافقون على تقديم علاج لشخص ما في هذا العمر، ناهيك عن الترويج للأمر بشكل فعال؟ حسناً، الرقم أكبر بكثير مما تعتقدون.

عام 2021، حظر البوتوكس التجميلي وحقن الشفاه في إنجلترا لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة. جاء هذا القرار بعد انتظار طال أكثر من اللازم في ظل وجود تقارير تفيد بتنفيذ حوالى 41 ألف إجراء على غرار البوتوكس على أشخاص تقل أعمارهم عن 18 سنة في إنجلترا في السنة السابقة وحدها. وربما أجريت أكثر من 29300 عملية حقن فيلر على الفئة العمرية نفسها في الفترة ما بين عامي 2016 و2020. كانت هذه الأرقام بمثابة تنبيه فوري إلى ندرة التنظيم داخل صناعة إجراءات التجميل غير الجراحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن وعلى رغم هذا الحظر، لا يزال الأطفال يتلقون علاجات بالبوتوكس والحقن في جميع أرجاء المملكة المتحدة، حيث تزعم التقارير أن بعض اليافعات دون عمر 18 سنة يسافرن من إنجلترا إلى ويلز واسكتلندا، حيث لا يوجد مثل هذا الحظر، من أجل الالتفاف على القانون.

أشتون كولينز، مديرة منظمة "سيف فيس" (أنقذ وجهاً) Save Face، وهي منظمة حاصلة على ترخيص حكومي لديها سجل بالعيادات والممارسين المؤهلين في المملكة المتحدة، تقول: "لدينا تقارير عن أطفال من بريستول وهيريفورد يسافرون عبر الحدود إلى ويلز، بينما يذهب البعض من نيوكاسل إلى اسكتلندا". بشكل عام، تتلقى "سيف فيس" مكالمات هاتفية من آباء قلقين خضع أطفالهم من دون علمهم لإجراءات تجميلية، معظمها حقن الشفاه، وقد حدث خطأ ما ولا يعرفون أين يطلبون المساعدة.

تزداد غرابة الأمر برمته عندما تفكر في ما يفعله البوتوكس والحقن فعلياً في وجه الشخص. صممت إبر البوتوكس لإرخاء عضلات الوجه وتخفيف بروز التجاعيد، وهو أمر لا يشكل مصدر قلق رئيساً لأي شخص في أوائل العشرينيات من عمره، على الأقل لمن هم أقل من 18 سنة. كما أن هذه العلاجات ليست رخيصة أيضاً، إذ تتراوح تكلفة العلاج ما بين 100 و350 جنيهاً استرلينياً (ما بين 124 و433 دولاراً)، بحسب العيادة والمنطقة الخاضعة للعلاج الذي يستمر أثره بضعة أشهر.

أما بالنسبة إلى حقن الوجه والشفاه (حقن فيلر تحت الجلد)، فهي مواد تحقن في الوجه لملء الخطوط والتجاعيد. يمكنها أيضاً إضافة حجم إلى مناطق معينة، مثل الشفاه أو الخدين. وفقاً لهيئة خدمات الصحة الوطنية، تحتوي معظم مواد الحقن الجلدية على مادة طبيعية تسمى حمض الهيالورونيك وتدوم ما بين ستة أشهر و18 شهراً.

بالنظر إلى أن معظم هذه العلاجات مصمم مع أخذ نتائج مكافحة مظاهر الشيخوخة في الاعتبار، فلماذا تحظى بشعبية كبيرة بين المراهقين؟ تشرح ميلي: "أنت تتصفحين إنستغرام وتشاهدين كثيراً من شخصيات المؤثرين    ’الذين يظهرون من دون مكياج‘ ومن الواضح أنهم خضعوا لإجراءات ما لكنهم يروجون لما يسمى بالإطلالة ’الطبيعية‘ التي لا يمكن الوصول إليها على الإطلاق... لكن هذا يجعلك تشعرين بالضغط لتبني مظهر معين كي تبدين جميلة. من الصعب ألا يسيطر عليك كل هذا".

تشرح طالبة أخرى عمرها 19 سنة تدعى كال*، لم تخضع لأي علاج بنفسها لكن بعض صديقاتها المقربات قمن بذلك: "يتعلق الأمر بالرغبة في التأقلم والشعور بالثقة". أما بالنسبة إلى ما تحصل عليه قريناتها فهو في المقام الأول حقن الشفاه. تضيف: "بالنسبة إلى الأشخاص أصحاب الشفاه الرقيقة، يكون مصدر ذلك قلقهم الذاتي الذي يكتسبونه من وسائل التواصل الاجتماعي وثقافة المشاهير".

كيف حدث هذا؟ توضح طبيبة التجميل ليا توتن: "الرغبة في التوافق مع معايير الجمال عبر الإنترنت والحصول على القبول في منصات مثل إنستغرام وتيك توك وسناب تشات أدت إلى ظهور اتجاه مثير للقلق بين المراهقين للسعي وراء ’تعديلات’ تجميلية للحصول على مظهر غالباً ما يكون غير واقعي تماماً وصعب التحقيق". تتابع الدكتورة توتن التي كانت، حتى قبل سريان الحظر، ترفض علاج الأطفال تحت سن الـ18 في عياداتها التي تحمل اسمها في لندن وإسيكس: "كان بعض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 سنة يزورونني ويطلبون البوتوكس... هذا للأسف انعكاس للضغط الهائل الذي يشعر به الشباب للتوافق مع مُثُل الجمال التي يصادفونها في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي".

من الواضح أن ليس كل المعالجين [التجميليين] يتصرفون بمسؤولية كبيرة. في الوقت الحالي، لا يوجد إطار تشريعي يفرض عليهم استيفاء معايير التدريب ومكافحة العدوى من أجل تنفيذ هذه الإجراءات. يعني هذا أنك لا تحتاج إلى أي مؤهل أو درجة معينة من التدريب من أجل تقديم علاج بالحقن. ومن هنا تبرز المشكلات بشكل خاص بين الشباب، الذين تقول كولينز إنهم يعثرون على علاجات رخيصة على إنستغرام ينفذها أشخاص لا يمتلكون التأهيل المناسب.

تضيف كولينز: "تعد وسائل التواصل الاجتماعي سوقاً مهمة لهؤلاء المعالجين، وهي المكان الذي يجدهم فيها الشباب... يجري إغراؤهم بصور ما قبل وبعد الإجراءات وبالصفقات الرخيصة، غير مدركين أن هؤلاء الأشخاص يتجاوزون مراحل مهمة من أجل تقديم خدماتهم بهذه الأسعار المنخفضة".

في بعض الحالات، يكون لهذه الاختصارات آثار مدمرة، تقول الدكتورة توتن: "إن الحقن، مثل البوتوكس والحشوات، هي إجراءات طبية تحمل أخطاراً كامنة، بخاصة إذا لم تنفذ بشكل صحيح... يمكن للأيدي عديمة الخبرة للممارسين غير المدربين أن تؤدي إلى مضاعفات مثل العدوى، أو المظهر غير المتوازن، أو حتى الأذية الدائمة".

أحد الآثار الجانبية الرئيسة التي شاهدتها كولينز بشكل متكرر هو انسداد الأوعية الدموية. تقول: "رأينا حالات أخبر فيها الشخص الذي ينفذ العلاج المريض أن الكدمات التي يراها طبيعية وستختفي... لكن يتبين بالنتيجة أنه انسداد في الأوعية الدموية، وبعد ذلك عندما يحاول المريض التواصل مع المعالج، وفي نهاية المطاف يجري حظره من جميع أشكال الاتصال الرقمي، وهو أمر محزن حقاً".

إذا لم تعالج انسداد الأوعية الدموية في وقت مبكر كفاية قد يؤدي إلى أعراض أكثر خطورة تتطلب إزالة جزء من الشفة. تشمل الأخطار الأخرى للحقن، وفقاً لموقع هيئة خدمات الصحة الوطنية، العدوى والتندب وموت الأنسجة والعمى الدائم.

وتوضح كولينز: "ما نراه في الغالب هو نتائج قبيحة نتيجة استخدام كمية كبيرة من مادة الحقن... بالنسبة للمراهقات، لا تزال وجوههن صغيرة جداً، لذا قد يجعل الحقن وجه الطفلة يبدو غريباً ويمنحها مظهر شفاه سمك السلمون المرقط". كانت إحدى صديقات ميلي تعاني من "حقن شفاه فاشل" بعدما عثرت على العلاج عبر الإنترنت الذي كانت نتيجته خاطئة بشدة. تقول: "توجب عليها إزالة الحشو وأصبحت شفتاها الآن متندبتين ومعوجتين".

تقول كولينز إن ما يثير القلق بشكل خاص هو قلة عدد المعالجين التجميليين الذين يقومون بالتأكد من أعمار الأشخاص قبل علاجهم، مضيفة: "لا أعتقد حتى أنهم في كثير من الحالات يسألون عن أعمارهم"، مشيرة إلى أن منظمة "سيف فيس" لا تزال تسمع عن حالات لأطفال دون عمر 18 سنة الذين يعالجون في المملكة المتحدة حتى بعد تغيير القانون. وتقول: "في بعض الحالات التي رأيناها، كان الممارسون يعرفون أنهم أقل من 18 سنة وعالجوهم بالحقن على أي حال. لا ينبغي أن يتطلب الأمر وجود قانون حتى يمتنع الناس عن حقن الأطفال، أليس كذلك؟".

لا ينبغي أن يكون الأمر كذلك، لكن من الواضح أنه حتى في ظل وجود القانون فهو غير كاف. فلماذا يحدث هذا؟ عام 2023، يبدو العالم أكثر شمولية بكثير مما كان عليه من قبل، لا سيما في المجال الافتراضي منه، إذ شجعت حركات إيجابية الجسد وحب الذات الناس على تقبل أنفسهم والاحتفال بها. على الأقل، هذا ما قد يبدو ظاهرياً. لكن ألقوا نظرة فاحصة وستجدون كماً هائلاً من الفلاتر التي تشجع المستخدمين على تغيير مظهر وجوههم. يقول خبراء إن تأثيرات الفلاتر هذه هي التي تشجع الشباب على البحث عن علاجات غير جراحية.

يقول الدكتور غلين إستيبانيز من عيادة "بريما إيستيتكس" Prima Aesthetics: "استخدام تحسين الصور رقمياً على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح شائعاً جداً في الوقت الحاضر لدرجة أن الناس يستخدمون الفلاتر والتطبيقات لإعادة تشكيل وجوههم وأجسادهم بالكامل ويعتقدون أن هذا أمر طبيعي... أنت الآن قادر على إنشاء نسخة جديدة من نفسك بسرعة تعادل سرعة النظر في المرآة كل يوم. يغير هذا تصور الناس لمُثُل الجمال العادية في جميع أنحاء العالم".

في الواقع، لم تكن معايير الجمال أعلى مما هي عليه الآن، لكن ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق هو كيفية تأثير كل هذا في مفهوم البوتوكس والحقن بين الشباب. تقول كولينز: "يجري تقليل شأن الموضوع تماماً... إنهم يعتقدون أنها علاجات خالية من الأخطار، مثل العناية بأظافرك أو تلوين خصلات شعرك، ويستطيع أي شخص تنفيذها بغض النظر عن خلفيته المهنية".

أما بالنسبة إلى ما يمكن فعله على المستوى التشريعي، فقد قال متحدث باسم حكومة ويلز إن البوتوكس هو "دواء يصرف بوصفة طبية فقط وينظم استخدامه من قبل الهيئات المهنية للرعاية الصحية... يجب أن يوصف حصراً لمن تقل أعمارهم عن 18 سنة عندما يوجد سبب سريري واضح لاستخدامه. بشكل عام، يعد استعماله للأغراض التجميلية فقط غير مناسب ويحتاج واصفو الدواء إلى تبرير أي استخدام من هذا القبيل وفقاً للمعايير التي وضعتها الجهات التنظيمية المهنية. سننظر في ما إذا كان من الممكن إضافة الإجراءات التي يحقن فيها الجلد بمواد، مثل البوتوكس، إلى نظام الترخيص المقبل لدينا".

أخبرني متحدث باسم الحكومة الاسكتلندية أيضاً أنهم "ليسوا على علم" بسفر أي شخص من إنجلترا إلى اسكتلندا لتلقي علاج بالبوتوكس. وقال في بيان: "يتوفر البوتوكس فقط بوصفة طبية من قبل اختصاصي صحي مسجل أكمل تقييماً كاملاً للمريض في اسكتلندا... إن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية على مستوى المملكة المتحدة مسؤولة عن الامتثال للمتطلبات التنظيمية التي تحكم تصنيع وتوزيع المنتجات الطبية وبيعها وتوريدها بالتجزئة والإعلان عنها، بما في ذلك البوتوكس... عيادات الرعاية الصحية الخاصة في اسكتلندا، التي تقدم خدمات المعالجين التجميليين، تخضع للتنظيم من قبل هيئة تحسين الرعاية الصحية في اسكتلندا. عند النظر في توفير إجراءات التجميل غير الجراحية، يجب على اختصاصيي الرعاية الصحية أن يأخذوا في الاعتبار الصحة الجسدية والنفسية للمريض أو العميل، بما في ذلك عمره عندما يكون ذا أهمية".

في هذه الأثناء، تدعو كولينز إلى إجراء موحد في جميع أنحاء البلاد لمساعدة المجالس المحلية على التعامل مع شكاوى الآباء الذين خضع أطفالهم للبوتوكس والحقن. تشرح: "المشكلة التي نكتشفها الآن هي أن الأمر يشبه مسألة حظ مرتبطة بمكان السكن عندما يتعلق الأمر بمدى التعامل مع هذه المشكلات بالشكل المناسب... كانت بعض السلطات المحلية استباقية حقاً، في حين أن بعضها الآخر يتنصل من المسؤولية ولا يأخذ الأمر على محمل الجد. يجب على كل شخص مسؤول عن تطبيق هذا القانون أن يتبع النهج نفسه".

لكن التغييرات المجتمعية جزء لا يتجزأ أيضاً من الحل، إذا أردنا في المقام الأول تغيير الشيء الذي يدفع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 و20 سنة إلى السعي وراء العلاجات التجميلية غير الجراحية.

تقول الدكتورة توتن: "يجب أن تمنح الأولوية لتعزيز الصحة العقلية والثقة بالنفس والفردية قبل التوافق مع اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي سريعة الزوال... من خلال تعزيز ثقافة تقبل الذات والممارسات الجمالية المسؤولة، يمكننا تقديم حماية أفضل لعافية جيلنا الشاب".

*تم تغيير الأسماء

© The Independent

المزيد من منوعات