Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما عائلة ترمب تصلح أن تكون موضوع سلسلة "الخلافة" التلفزيونية

في محكمة جديدة في نيويورك وضمن قضية الاحتيال المرفوعة ضده، قدم أولاد ترمب دليلاً في شهاداتهم قد يكلف والدهم دونالد غالياً

 دونالد ترمب وأولاده (من اليمين إلى اليسار) إيفانكا، دون جونيور وإريك (أب)

ملخص

أصبح بوسع أولاد ترمب تقرير مصير والدهم في الفصل الأحدث من فصول علاقتهم الغريبة به، حيث يسعون جاهدين إلى إثارة استحسانه حيال ما يفعلون.

إن شاهدتم الدراما التلفزيونية الرائعة، "الخلافة" (Succession) (ومن لم يشاهدها!) تجدون أن المراجعات التي تناولتها لم تتوقف لحظة عن تشبيهها بتجربة روبرت مردوخ وأولاده الكبار، لاتشلان، وجيمس، وإليزابيث. وجه الشبه لا يقاوم! قطب إعلامي وأولاده الكبار، المتقاربون في السن. وهم جميعاً تضرروا وعانوا إلى حد ما من والدهم المستبد. وجميعهم تنافسوا على المواقع والمراتب، محاولين اكتساب حب والدهم كي يحظوا بعطايا نعمه – وخلافة إمبراطوريته (الإعلامية). إلا أنني دائماً كنت اعتبر أن وجه الشبه الأكبر (إزاء الدراما المذكورة) يتمثل بعائلة ترمب. دونالد يمثل "لوغان"، فيما دون جونيور يمثل "كين"، وإريك يوازي "رومان"، وإيفانكا هي "شيف". وقد قاموا جميعاً هذا الأسبوع بأداء الأدوار الرئيسة في دراما عائلتهم، التي تستحق أن تكون دراما تلفزيونية بعنوان: "آل ترمب في المحكمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يوم الأربعاء كان دور دون جونيور في اعتلاء منبر الشهادات ضمن قضية احتيال مدني (تهرب ضريبي) مرفوعة ضد مؤسسات ترمب وكيفية إدارتها للأعمال. ومن ثم جاء دور إريك (لإدلاء الشهادة). فخلال رئاسة ترمب كان هذان الابنان حصلا على اللقب غير اللطيف، "الغبي والأغبى" (Dumb and Dumber)، على رغم السجال الملحوظ تجاه من منهما تحديداً يستحق أن يكون "الأغبى" استناداً إلى فيلم من سنة 1994 يحمل العنوان نفسه ("الغبي والأغبى").

لكن، كما نفعل إزاء مسلسل تلفزيوني قصير، دعونا نقدم تلخيصاً سريعاً للقصة التي تابعناها حتى الآن (إن كنتم تعرفون كل ذلك، يمكنكم الضغط على زر "انتقل إلى الحلقة" وتخطي المقاطع الثلاثة التالية):

المدعية العامة في نيويورك، ليتيسيا جايمس، اتهمت ترمب، وابنيه الأكبرين وغيرهما من المديرون التنفيذيين في مؤسساته، بالاحتيال من طريق تضخيم ثروة الرئيس السابق للحصول من المصارف على معدلات وفوائد قروض أفضل، فيجنون من تلك القروض ملايين الدولارات.

أحد الأمثلة التي قدمت في هذا السياق يتعلق بقيام ترمب بالادعاء بأن مساحة مجمعه السكني المؤلف من ثلاثة أبنية، المعروف بـ"برج ترمب"، تبلغ 30 ألف قدم مربع، بدل مساحته الحقيقية البالغة 10996 قدماً مربعاً. القاضي آرثر إنغورون من جهته حكم سلفاً بأن ترمب مارس الاحتيال. ويبقى على المحاكمة أن تقرر شكل الحكم وطبيعته. والحكم قد يأتي هائلاً.

كان دون جونيور أول من اعتلى منبر الشهادات، وهو قام في شهادته التي قدمها بإعطاء انطباع يشير إلى أن الانتباه للتفاصيل ليس بالضرورة من صفاته القوية – مثل والده في هذا الجانب. فتحدث (دون جونيور) عن اقترابه من توقيع مستندات قانونية ومالية قدمت له. وقال للمحكمة بأنه في هكذا حالات يسأل (معاونيه ومستشاريه) "هل من الأمن توقيع مستند كهذا؟ هل ترونه صادقاً ودقيقاً؟" وإن وافق (المستشارون) على ذلك، كون معرفتهم بهذه الأمور أكبر من كل معرفة يمكنني تحصيلها في هذا الإطار، أقدم على التوقيع".

أولاد ترمب الثلاثة الأكبر هم من زوجته الأولى، إيفانا، التي توفيت قبل سنة بعد سقوطها عن الدرج في منزلها بمنهاتن. في مذكراتها تتحدث إيفانا عن رد فعل زوجها غير العادية عندما أخبرته بأنها تود تسمية ابنهما الأول "دون جونيور". "لا يمكنك فعل ذلك!" قال لها ترمب وفق ما تذكر "ماذا لو انتهى فاشلاً؟".

إنها قصة تكشف تزامناً عن جانب كبير من نرجسية دونالد ترمب، وعن أولاده وحربهم الدائمة لاكتساب اهتمامه ورضاه. وهذا أمر مستمر حتى اليوم.

في معركته للفوز بالرئاسة (الأميركية) سنة 2016، سمح فقط لإيفانكا في الدخول إلى دائرة مقربيه. وكان ينظر إلى إريك ودون جونيور باعتبارهما عائق أكثر من كونها عاملاً مساعداً. استمر الأمر على هذا النحو إلى أن راح دونالد ترمب يحارب للفوز بمجموعة أصوات ولاية أيوا. وذاك كان في منطقة "حزام الإنجيل" بالغرب الأوسط (في الولايات المتحدة). وهي أيضاً المنطقة المعروفة بـ"حزام الأسلحة" (حيث هناك شعبية طاغية لاقتناء الأسلحة)، إذ إن الناس هناك يعشقون الصيد والرماية. وهذه الأمور الأخيرة ليست من الأشياء التي يحبها دونالد – إلا أن ولديه كلاهما صياد مثابر، وقد بات لهما فجأة دور في الانتخابات. فجرى انتدابهم إلى تلك المنطقة، وحظيا فيها بالقبول والاستقبال.

أما إيفانكا، التي دعيت للإدلاء بشهادتها الأسبوع المقبل، فقد كانت من دون شك الأقرب إلى ترمب والمفضلة لديه من بين أبنائه. وهي تولت في البيت الأبيض منصب مساعدة رفيعة للرئيس، وغالباً ما اعتبرت صاحبة تأثير قوي من ناحية كبح جماح والدها في سياق تجاوزاته الشرسة بممارسة السلطة. يمكن النقاش مطولاً هنا بمدى تمكنها من دفعه إلى التراجع عن بعض المواقف والقرارات، إذ ثمة أيضاً رأي راجح مقابل يقول بأنها لم تقم أبداً بكبح جماحه، بل قامت فقط بتقديم وجه أكثر جاذبية لأميركا الليبرالية. وبما أننا نتكلم في هذا السياق بموضوع الجاذبية، من المستحيل عدم الكلام عن الطريقة الغريبة – البعض يعتبرها مقززة – التي اعتمدها هذا الأب بنفسه في التحدث عن ابنته، إذ ضمن برنامج "هاورد ستيرن" الإذاعي قال ترمب "لقد كانت دائماً في الحقيقة شديدة الشهوانية"، حين أوضح بأنها (إيفانكا) لم تقم أبداً بإجراء عملية تكبير الثديين. تابع "هي وارفة الطول، تبلغ قامتها ستة أقدام تقريباً، ولطالما كانت وما زالت تتمتع بجمال باهر".

وفي مقابلة أخرى سئل ترمب عن ماذا يمكن أن يشعر به لو تصورت إيفانكا لمجلة "بلاي بوي". أجاب ترمب: "لا أعتقد أن إيفانكا ستفعل ذلك، على رغم أنها تتمتع بجسد جميل جداً. وسبق أن قلت لو إن إيفانكا ليست ابنتي، ربما كنت سأواعدها".

من المثير للاهتمام اليوم أن إيفانكا تقوم بما تحب أن تقوم به. المخالفة (المتهم بها الرئيس السابق) حصلت في أواخر سنة 2020، حين كان ترمب يعلي الصوت ويصيح في مسألة سرقة الانتخابات منه. وقد قامت إيفانكا وزوجها، جاريد كوشنير، المستشار السابق الآخر المقرب من ترمب في البيت الأبيض، بالإسراع ومغادرة المشهد، وهما منذ ذلك الحين حريصان على حضور خفر.

إن كان من الصعب تصور ترمب عائداً إلى البيت الأبيض سنة 2025، فإنه من الأصعب حتى تخيل عودة إيفانكا إلى هذا المكان. مياه كثيرة تجمعت تحت الجسر. إريك هو الشخص الذي بحكم الواقع يقوم بإدارة الأعمال (أعمال العائلة)، مستبعداً في السياق الابن الأكبر، دون جونيور. وقد تمكن إريك من تكوين شهرة لنفسه بأوساط جمهور "لنجعل أميركا عظيمة من جديد" (أي أنصار ترمب وشعاره الانتخابي: Make America Great Again)، كما أنه ماهر في إشعال قواعد (المناصرين)، وهو يمثل "الأنا المصغرة" بالنسبة إلى والده على وسائط التواصل الاجتماعي. لكن هذا الأمر بالنسبة لحلقة مستشاري والده يمثل تمدداً غير مرغوب (أي توسعاً يشتت القوة والجهود). وكما هو الحال في (مسلسل) "الخلافة" (Succession)، قد تكون العلاقات العائلية مستنزفة ومعطلة، إلا أنها متينة. وذاك كله يعني أن الفترة الرئاسية الثانية لترمب (إن حصلت) ستكون بالغة الاختلاف عن سابقتها مع عدم وجود أي من أولئك المقربين. فالأمر بالنسبة لترمب كان على الدوام مصالح عائلية. حتى إن زوجته ميلانيا نادراً ما ظهرت منذ انسحابه إلى (منتجعه) "مار – أي – لاغو" (في "بالم بيتش"، فلوريدا).

احتكاكي الشخصي بأولاد ترمب حصل بعد يوم واحد من التصويت على استفتاء "بريكست". كان ترمب حينها المرشح الجمهوري، ولا ينبغي من الذي في موقعه سوى خوض الحملات الانتخابية في طول البلاد وعرضها، خصوصاً في الولايات المتأرجحة (انتخابياً). إلا إذا كان المرء دونالد ترمب نفسه. فهو، بدل ذلك (أي بدل القيام بالحملات والتحشيد) سافر إلى ميدان الغولف الخاص به في تيرنبيري بـاسكتلندا. أولاده كانوا هناك أيضاً. وكان هناك مؤتمر صحافي سيعقد في الـ"نينث تي" (ninth tee)، المنارة الشهيرة القائمة بآخر ذاك الميدان. وهناك وقف الأولاد الثلاثة إلى جانب والدهم بمشهد براق مشذب، مثل العشب الأخضر في الميدان الشهير المذكور، مبتسمين بإعجاب واحترام بحضرة والدهم. وهذا أمر يدركون جميعاً بأن عليهم القيام به.

في المسلسل الدرامي على "نتفليكس" هذا المشهد سيكون لقطة مستعادة من الماضي تستحضر زمناً كان أكثر سعادة. لكن الآن كل الأنظار متجهة إلى قاعة المحكمة في نيويورك بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) بعد مضي سبع سنوات. هل ستؤدي الشهادات التي يقدمها الأولاد إلى إنقاذ شركات عائلة ترمب من انهيار محتمل ومن غرامة تقدر بـ250 مليون دولار؟ ابقوا معنا لمتابعة ما يحصل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات