ملخص
تراجعت الوظيفة الإدراكية لدى المسنين في غمرة الجائحة سواء أصيبوا بـ"كوفيد" أو بقوا بمنأى عنه: جائحة "كورونا" تركت ضررا مزمنا على سلامة الدماغ لدى من تجاوزوا سن الـ50
وجدت دراسة أن الإغلاق (الحجر) والقيود الأخرى التي سادت البلاد في خضم الجائحة [كورونا] قد خلفت "تأثيراً حقيقياً دائماً" في سلامة الدماغ لدى الأشخاص ضمن الفئة العمرية ما فوق الـ50 سنة، بغض النظر عما إذا كانوا قد أصيبوا بـ"كوفيد" أم لم يصابوا به.
توصل الباحثون إلى أن الوظيفة الإدراكية والذاكرة العاملة لدى المسنين، سواء من أصيبوا بـ"كوفيد" أو من بقوا بمنأى عنه، تراجعت بسرعة أكبر أثناء الجائحة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار العلماء إلى عوامل عدة أدت دوراً في هذا التغير، من بينها عدم ممارسة التمارين الرياضية والإفراط في استهلاك الكحول، فضلاً عن الوحدة والاكتئاب.
عمل العلماء في "جامعة إكستر" و"كينغز كوليدج لندن" على تحليل اختبارات خضعت لها وظائف الدماغ لدى 3 آلاف و142 شخصاً شاركوا في دراسة "بروتكت" (الحماية) [نهج جديد لبحوث الشيخوخة يهدف إلى فهم كيفية تقدم الدماغ وكيف يمكننا تقليص خطر الإصابة بالخرف ومشكلات السلامة العقلية في وقت لاحق من الحياة]، التي أطلقها هؤلاء بداية في 2014 للحصول على نظرة ثاقبة إلى وظائف الدماغ لدى الفئة العمرية ما فوق الـ50 سنة، وذلك على مدى 25 عاماً.
تتراوح أعمار المشاركين الذين شملهم تقييم الباحثين بين 50 و90 سنة، ويعيشون في المملكة المتحدة.
درس فريق البحاثة بيانات مستقاة من الفترة الممتدة بين مارس (آذار) 2019 وفبراير (شباط) 2020، ثم قارنوها مع بيانات مجموعة خلال العامين الأول والثاني من الجائحة، بدءاً من بيانات مارس 2020 حتى فبراير 2022.
وكشفت النتائج عن أن معدل التدهور الإدراكي [اضطراب عصبي يتصف بضعف في القدرات المعرفية] تسارع في السنة الأولى من الجائحة، وكان أعلى بين أوساط الأشخاص الذين ظهرت عليهم أصلاً علامات التدهور الإدراكي المعتدل قبل تفشي "كوفيد".
وكان النمط نفسه واضحاً خلال السنة الثانية من الجائحة، والذي قال الباحثون إنه يظهر تأثيراً يتجاوز عمليات الإغلاق الوطنية الأولية في 2020 و2021.
آن كوربيت، بروفيسورة في بحوث الخرف والمشرفة على دراسة "بروتكت" في "جامعة إكستر"، قالت إن "النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن عمليات الإغلاق والقيود الأخرى التي شهدناها خلال الجائحة قد خلفت ضرراً حقيقياً دائماً على سلامة الدماغ لدى الأشخاص الذين يبلغون 50 سنة من العمر أو أكثر، حتى بعد انتهاء عمليات الإغلاق".
"تثير هذه الحقيقة سؤالاً مهماً عما إذا كان الناس أكثر عرضة لخطر التدهور الإدراكي الذي يفضي إلى الخرف"، أضافت البروفيسورة كوربيت.
وتابعت أنه "من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى" التأكد من دعم الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات التدهور الإدراكي المبكر.
"إذا كنت قلقاً على ذاكرتك، أفضل ما يمكنك فعله أن تحجز موعداً مع طبيبك العام وتحصل منه على تقييم لحالتك".
"كذلك تسلط النتائج التي خلصنا إليها الضوء على ضرورة أن ينظر صانعو السياسات، عند التخطيط للاستجابة لأي جائحة في المستقبل، إلى التأثيرات الصحية الأوسع نطاقاً التي تتركها القيود مثل عمليات الإغلاق"، في رأي البروفيسورة كوربيت.
داغ آرسلاند، بروفيسور في الطب النفسي للشيخوخة في "معهد الطب النفسي وعلم النفس والأعصاب" في "كلية كينغ" في لندن، قال إن "هذه الدراسة تشكل إضافة إلى مجموعة المعارف لدينا في شأن العواقب الصحية الطويلة الأمد التي يطرحها ’كوفيد-19‘، خصوصاً بالنسبة إلى الفئات السكانية الضعيفة مثل كبار السن ذوي الذاكرة الضعيفة".
"نعرف قدراً كبيراً من الأخطار التي قد تقود إلى حدوث تراجع أكبر في القدرات الإدراكية، ويسعنا الآن إضافة ’كوفيد-19‘ إلى هذه القائمة"، أضاف البروفيسور آرسلاند.
ومن الناحية الإيجابية، وفق البروفيسور آرسلاند، "في متناولنا أدلة على أن تغيير أسلوب العيش والتعامل مع الصحة بشكل أفضل يتركان تأثيراً إيجاباً في الأداء العقلي. وتؤكد الدراسة الحالية على الأهمية التي تكتسيها المراقبة الدقيقة للأشخاص المعرضين للخطر خلال الحوادث الكبرى من قبيل الجائحة".
نشرت نتائج الدراسة في المجلة الطبية "لانسيت هيلثي لونجيفتي"Lancet Healthy Longevity.
رئيسة قسم السياسات في "مركز بحوث ألزهايمر في المملكة المتحدة"، الدكتورة سوزان ميتشل، قالت إن هذه الدراسة "المهمة" "تساعد في توضيح كيف أن التحولات البالغة في أسلوب العيش التي أسفرت عنها قيود الإغلاق ربما أثرت سلباً في سلامة الدماغ لدى الأمة".
وأضافت الدكتورة ميتشل أن "ذلك يؤكد حقيقة وجود خطوات يسعنا جميعاً اتخاذها كي نحمي سلامة أدمغتنا".
"كشف التحليل الذي اضطلعنا به أن اثنين في المئة فقط من الأشخاص يقولون إنهم يبذلون كل ما في استطاعتهم من أجل تعزيز سلامة أدمغتهم".
"صحيح أن للوراثة دوراً مهماً في سلامة أدمغتنا فيما نتقدم في العمر، بيد أننا نعلم أن مجموعة من العوامل الصحية وأسلوب العيش يؤثران في سلامة أدمغتنا أيضاً".
"لا بد من النهوض بمزيد من البحث كي نطور فهمنا لهذه العلاقات، ونعرف أي فئات تبقى الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالخرف".
© The Independent