Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التطريز الفلسطيني... الأناقة بـ"طعم" الحداثة

بات الزي التراثي الذي عرفت به فلسطين شبه مفقود لدى الجيل الشاب

ثوب تقليدي مطرز بلا كِمّين (انديندنت عربية)

لم يعد بإمكان الشابة نداء نصار، 34 سنة، من مدينة رام الله وسط الغربية، كتم عشقها وشغفها للتطريز الفلسطيني. فبعد دراسة المحاسبة، والانغماس بالمنزل والأطفال لسنوات، وجدت الفرصة لتفجير موهبتها في مشروع منزلي متواضع عبر الإنترنت، تروج فيه لمنتجاتها المميزة والحديثة في فن التطريز الفلسطيني.

وما إن تعمقت أكثر في تفاصيل الثوب التقليدي ومقتنياته، حتى لاحظت أن أغلب النساء المتمرسات في ذات المجال، يستنزفن أنواعاً محددة جداً من الغرز والألوان تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، فبادرت بإطلاق "الحملة الوطنية لإحياء الغرز الفلسطينية المنسية".

 ولاقت منتجاتها رواجاً لما تحمله من حداثة في الغرز والألوان والتصميمات، إذ وظفت التطريز الفلسطيني وجمالياته في ألعاب الأطفال، وديكورات المنازل والسيارات، فكانت أول فلسطينية حوّلت حزام الأمان في السيارات إلى قطعة فنية تراثية، علها تحفز السائقين لأهمية ارتدائه، والمحافظة على التراث الفلسطيني الأصيل.

تقول نداء في حديث لـ "إندبدنت عربية"، "إنه مع تطور الحياة والأزياء خصوصا بالنسبة إلى الفتيات، بات الزي التراثي القديم الذي عرفت به فلسطين أمراً شبه مفقود لدى الجيل الشاب، حتى كاد يختفي من المناسبات الاجتماعية كالأعراس أو حفلات الحناء للعروس".

تضيف "أردت أن أعيد للتراث الفلسطيني رونقه كما الماضي، ولهذا بدأت بإدخال اللمسة التقليدية على تصميمات الملابس والمقتنيات الحديثة، لتتمكن أي فتاة فلسطينية أو أجنبية من ارتداء الزي الذي لا يخلو أبداً من التطريز اليدوي، والحفاظ على التراث، وهو ما أحاول تطبيقه، وأستعين ببعض النساء اللواتي ما زلن يعملن في هذا المجال، لكسب رزقهن في ظل صعوبات الحياة اليومية في الضفة الغربية".

حداثة ولكن

التطريز الفلسطيني بألوانه المختلفة ونقشاته المتعددة، يعود إلى العصر الكنعاني في فلسطين، حُدّث كثيراً خلال السنوات العشر الماضية، فأصبحنا نرى تنانير قصيرة، وفساتين مكشوفة من جهة الظهر أو البطن، وأحذية مطرزة، إضافة إلى منتجات خاصة بديكورات المنزل، كأغطية الطاولات والستائر.

في المقابل، تقول مديرة مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم مها السقا، "إن الثوب التقليدي المطرز جزء لا يتجزأ من التراث والهوية الفلسطينية، بل هو وثيقة الوجود الفلسطيني، ويجب تجسيد احترام الثوب المطرز بين الماضي والحاضر، وأرى أن هناك تشويها مبالغا فيه لدى بعض النساء في الثوب الفلسطيني، خاصة اللواتي يمارسن التطريز كتجارة، حتى وصلت الأمور إلى عمل الفتحات والحركات الكثيرة في الثوب، وهذا بطبيعة الحال يؤثر في هوية الثوب المطرز وأصله وفصله".

تضيف "نحن لا نعترض على  وضع القماش الحديث على الزي، ليتم ارتداؤه يومياً وفي كل المناسبات، لكن الاحتشام ضروري فهو يمنع الضرر برمزية هذا الثوب، ولدى تحديث قماشة الثوب يجب الأخذ بعين الاعتبار ألا يخدش الحياء أو أن يتغير بشكل جذري زركشات الثوب التي تحكي قصة كل منطقة فلسطينية، فعناصر الجمال في الثوب الفلسطيني أجمل من أي ثوب تقليدي تراثي في العالم، وفكرة تحديث الثوب التقليدي ليناسب العصر يجب أن ترتبط بشكل وثيق بالحفاظ على القيم والثوابت الأصلية للتراث، والأخذ بالعناصر الجمالية من الثوب وإضافتها على كافة الملابس العصرية".

فلسطيني وليس إسرائيليا

في الموسوعة العالمية "ورد بوك انسيكلوبيديا"، وُضع ثوب بيت لحم جنوب الضفة الغربية على أساس أنه ثوب إسرائيلي، وبحسب السقا، فقد تمت مراسلة الموسوعة عام 1993 والإثبات لها بالصور والوثائق والبراهين، أن الثوب فلسطيني لا إسرائيلي، واستغرق التعديل 14 سنة حتى استجابت الموسوعة عام 2007، وأعدت طبعة جديدة أشارت فيها إلى أنه فلسطيني من بيت لحم.

وتضيف السقا أن أهمية نشر التراث الفلسطيني حول العالم، تأتي من خلال المشاركة في المعارض والمهرجانات الدولية وحث الفلسطينيات على نشر منتجاتهن عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لتصل إلى كل مكان على أنه فلسطيني وليس إسرائيليا، كما يُروج له في بعض الدول، وعلى وزارتي الثقافة والتربية والتعليم في الضفة الغربية، أن تتابع تلك السرقات بشكل دائم خصوصا بعد أن قامت ملكة جمال إسرائيل عام 2016 بارتداء الثوب الفلسطيني بالنجمة الكنعانية، وسبقنها مضيفات طيران شركة العال الإسرائيلية بارتدائهن المطرزات الفلسطينية على أنها إسرائيلية.

التطريز في المعارض

ضم معرض "غزل العروق" الذي افتتح في المتحف الفلسطيني بجامعة بيرزيت وسط الضفة الغربية عام 2018، 300 قطعة ما بين مطرزات ومقتنيات ومجوهرات وأثواب زاد عمر بعضها على 170 سنة.

 واستمر المعرض مفتوحاً لمدة ستة أشهر، مع برنامج تعليمي تحدث عن التطريز، وارتباطه بالعلاقات الاجتماعية والرموز الفلسطينية، والتحولات التي مرت بها المرأة الفلسطينية.

الثوب الفلسطيني إلى العالمية

 

عام 2009 دخل الثوب الفلسطيني المطرز موسوعة غينيس للأرقام القياسية من خلال مهرجان "حلم من خيوط" الذي نظم بمدينة الخليل جنوب الضفة، إذ بلغت تكلفة الثوب آنذاك حوالى 40 ألف دولار، واحتاج 1500 متر مربع من قماش الجورجيت الأسود، و60 متراً من الأوتامين (نوع قماش خاص بالتطريز) و180 متراً من ماركة التطريز، واستغرق ثلاثة أشهر، بمشاركة 140 فلسطينية.

المزيد من منوعات