Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رهائن الأنفاق... عقدة إسرائيل وحلول "حماس"

نتنياهو يواجه ضغطاً شعبياً ودولياً لتحريرهم ومطالب الحركة تبدو عادية على رغم ارتفاع سقفها

تحولت قضية الرهائن المحتجزين لدى "حماس" إلى رأي عام في تل أبيب (أ ف ب)

ملخص

إسرائيل و"حماس" كانا على وشك إتمام صفقة تبادلية، لكن المفاوضات تعثرت بسبب رفض تل أبيب إدخال شحنات من الوقود إلى قطاع غزة.

في هجمات الفصائل الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بدا أن انتصارها الأكبر ليس إيقاع 1500 قتيل أو الضربة المعنوية لقدرات الجيش الإسرائيلي، لكن احتجاز نحو 250 أسيراً بين مدني وعسكري شكّل تغيراً في معادلة الصراع بالجولة الحالية من الصراع في قطاع غزة، حيث تحول هؤلاء الأسرى إلى ورقة ضغط بيد حركة "حماس"، وفي المقابل يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن تصعيده العسكري يهدف إلى استرجاعهم ويتعهد بعدم وقف حصار القطاع إلا باسترجاع المحتجزين.

توالي النداءات الإقليمية والدولية للإفراج عن المحتجزين تواصل منذ اليوم الأول للصراع، لكن حديث "حماس" كان واضحاً بأنها لن تقدم هدايا مجانية، وبدأت في فرض شروطها مع دخول وساطة مصرية وقطرية على خط الأزمة، وبلغت مطالباتها حد الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ومع شدة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة وتخطي عدد الضحايا ثمانية آلاف شخص، ظهر الحديث عن إمكانية الإفراج عن بعض الرهائن مقابل تحسين أوضاع المدنيين في غزة الذين يعانون قطع المياه والكهرباء والوقود والاتصالات وانهيار الخدمات الصحية.

وفي حين أعلن المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، أبو عبيدة، منذ منتصف أكتوبر الماضي أن عدد الأسرى يتراوح بين 200 و250 وربما أكثر، فإن إسرائيل استمرت في التخبط بشأن الأعداد، حتى قال الجيش الإسرائيلي في آخر تقديراته الثلاثاء الماضي إن عدد المحتجزين لدى "حماس" 240 شخصاً، لقي 50 منهم حتفهم بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، بحسب أبو عبيدة.

 

 

ومن بين الأسرى عدد غير معروف من الأجانب بعضهم من الإسرائيليين مزدوجي الجنسية، ورجحت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الرهائن الأجانب ينتمون إلى 30 جنسية مختلفة، من بينها الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، وكذلك فرنسا وتايلاند.

محاولات الوساطة

المحاولات الأولى للوساطة من أجل الإفراج عن الرهائن بدت نتائجها في إفراج "حماس" عن الأميركيتين جوديث تاي رعنان وابنتها ناتالي شوشانا رعنان في 20 أكتوبر، استجابة لوساطة مصرية- قطرية، وفسرت الحركة قرارها بأنه "لأسباب إنسانية"، وأعقب ذلك بثلاثة أيام الإفراج عن مسنتين إسرائيليتين "لدواعٍ إنسانيةٍ ومرضيةٍ قاهرة".

وعلى رغم حديث تقارير إعلامية عن مفاوضات بشأن التوصل لصفقة لإطلاق سراح الرهائن، أكدها تصريح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن جهداً يبذل ستكشف تفاصيله عند الاكتمال؛ فإن مواقف "حماس" وإسرائيل متباعدة، حيث تصر الحركة على "تبييض السجون"، في حين أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي المرحلة الثالثة من الحرب على غزة ويواصل الحديث عن "تحرير الرهائن"، وإن لم يخف في أحد المؤتمرات الصحافية أنه ناقش في مجلس الوزراء الحربي مقترح إجراء صفقة لمقايضة الأسرى الفلسطينيين بالرهائن، من دون الكشف عن تفاصيل أو نتائج المناقشة، وخلال لقاء مع أسر الرهائن أكد نتنياهو أن الضغط على "حماس" يزيد من فرص إطلاق سراحهم.

وبحسب رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، فإن عدد الأسرى نحو 7 آلاف منهم 1700 اعتقلوا منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، مضيفاً في تصريحات صحافية أن الرقم قد يصبح 11 ألفاً، في حال كشفت إسرائيل عن أسماء جميع الأسرى لديها.

تحقيق التهدئة

وإلى جانب هدف الجانبين المشترك بالإفراج عن أسراهم، فإن الرهائن الإسرائيليين قد يكونون مفتاحاً لتحقيق هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار، بحسب ما يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير يوسف الشرقاوي، معتبراً أن مفاوضات تبادل الأسرى أحد إجراءات بناء الثقة بين الجانبين المتحاربين.

وقال الشرقاوي إن دخول إسرائيل في مفاوضات بشأن الأسرى وفي الوقت نفسه عدم التراجع عن الغزو البري؛ يمكن تفسيره بأنه نتيجة للضغوط التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية إثر هجوم السابع من أكتوبر، بخاصة من أهالي المحتجزين.

ومنذ تنفيذ أول توغل بري في غزة، مساء الجمعة الماضي يبدي أهالي الرهائن قلقاً على مستقبل ذويهم، وكثفوا من تظاهراتهم أمام مقر نتنياهو، حيث يشعرون بأن الجيش يمضي في تطبيق ما يسمى ببروتوكول "هانيبال" الذي يسمح بقتل الخاطفين والمخطوفين معاً.

 

 

لكن الدبلوماسي المصري السابق يرى أن الضغوط ستكون كبيرة على رئيس الحكومة الإسرائيلية من جانب الدول الأجنبية التي لديها رعايا بين الرهائن، ما قد يجعله مضطراً للقبول بصفقة مع "حماس"، وقالت الحركة أول من أمس الثلاثاء إنها ستفرج عن عدد من الأجانب خلال الأيام المقبلة "انسجاماً مع رغبتنا بعدم الاحتفاظ بهم في غزة".

وأوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أنه في ظل الضبابية الحالية بشأن مصير القتال الدائر فإن كل جانب من أطراف المفاوضات لديه الحق في رفع مطالبه.

مصالح إسرائيل

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني المتخصص بالشأن الإسرائيلي، أكرم عطا الله، أن المفاوضات قد تؤدي للإفراج عن بعض الرهائن بتدخلات دولية، لكنها لن تنتج أبداً قراراً دولياً بخفض التصعيد الإسرائيلي أو وقف إطلاق النار في غزة، موضحاً أن تل أبيب تعمل على كافة الجبهات لتحقيق مصالحها فقط.

وأوضح عطا الله أنه ليس هناك تناقض بين تصريحات نتنياهو بشأن تصعيد واستمرار العمليات العسكرية في غزة والتفاوض بوساطة قطرية مصرية مع "حماس" للإفراج عن الرهائن، مشيراً إلى أن إسرائيل ستحاول بكل الطرق الممكنة تحريرهم بعدما تحولت لقضية رأي عام في تل أبيب وأصبحت تضغط بشكل كبير على شعبية الحكومة الإسرائيلية.

وأكد المحلل السياسي أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع تحرير الرهائن عبر قواته البرية؛ لأنه لن يقدر على دخول أنفاق "حماس"، مشيراً إلى أن المجندة التي أعلن نتنياهو الإفراج عنها لم يقل الإعلام الإسرائيلي أنها أخذت من داخل الأنفاق، معتبراً أنها "حالة خاصة" ولا يمكن تحرير كافة الرهائن بذات الطريقة، لا سيما وأن أبو عبيدة شكك في الرواية الإسرائيلية بشأن تلك الأسيرة ونفى وصول إسرائيل لأي من أسراها.

الحسم عسكري

ويلفت عطا الله إلى أن نتائج المعركة على الأرض هي ما سيحسم مفاوضات الرهائن، حيث اعتبر أن مطالب "حماس" بتبييض السجون الإسرائيلية عادية ومتوقعة وقد تطلب أكثر من ذلك، لكن قبول الجانب الإسرائيلي يتوقف على مدى تقدمه ونجاحه في عملية التدخل البري، فإذا رأى في تحركاته انتصاراً ما لن يقبل بشروط "حماس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت وسائل إعلام مصرية تحدثت الجمعة الماضي عن قرب التوصل لاتفاق بشأن الإفراج عن بعض الرهائن، لكن إسرائيل بدأت عملية برية بعدها بساعات، ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" عن مصادر رفيعة المستوى، الأحد الماضي، أن مصر تجري اتصالات مكثفة تجري مع كافة الدول والأطراف المعنية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين بقطاع غزة، فيما كشفت شبكة "أن بي سي نيوز" الإخبارية الأميركية، الإثنين الماضي، أن مفاوضات تبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل تعثرت بسبب رفض تل أبيب إدخال شحنات من الوقود إلى قطاع غزة.

ويؤكد تلك التقارير حديث أبو عبيدة الناطق باسم القسام بشأن إفشال إسرائيل صفقة حول الرهائن كانت على وشك أن تتم، مضيفاً أن "حماس" يمكنها أيضاً إجراء محادثات حول اتفاق جزئي بشأن الأسرى، و"إذا أراد العدو إنهاء ملف الأسرى مرة واحدة فنحن مستعدون، وإذا أراد مساراً لتجزئة الملف فمستعدون أيضاً".

ضغط شعبي

ويزيد من الضغط الشعبي على نتنياهو حديث قادة "حماس" حول عدم اكتراث القيادة الإسرائيلية بالرهائن، ونشر فيديوهات لبعضهم كان أولهم لشابة إسرائيلية فرنسية اسمها ميا شيم، وقالت إنها خضعت لعملية جراحية داخل القطاع، وطلبت العودة إلى عائلتها، وقبل يومين نشرت الحركة مقطع فيديو لثلاث محتجزات تحدثت إحداهن عن فشل نتنياهو منذ السابع من أكتوبر، مطالبة بالإفراج عنها فوراً.

 

 

وبحسب عطا الله المختص في الشأن الإسرائيلي، فإن ذلك الضغط سوف يزداد في حال أقدم نتنياهو على صفقة جزئية بشأن الرهائن ذوي الجنسية المزدوجة وأبقى الإسرائيليين فقط لدى "حماس"، لأنه بذلك سيكون يميز بين فئات الشعب الإسرائيلي ما قد يفجر المجتمع من الداخل ويفتح عليه نيران انتقادات لن تهدأ.

وتعد قطر ومصر أبرز دولتين تقودان محادثات وساطة مع "حماس" والمسؤولين الإسرائيليين بشأن إطلاق سراح الرهائن، بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن المفاوضات التي تقودها بلاده من أجل ضمان إطلاق سراح المحتجزين لدى "حماس" تحرز تقدماً، وعبر عن أمله في تحقيق انفراجة قريباً، كذلك أكد الرئيس المصري أن بلاده تقوم بجهود في هذا الشأن سيتم الإعلان عن تفاصيلها حينما تنتهي.

ومن المتوقع أن يزور وفد من "حماس" القاهرة قريباً لمناقشة الوضع في غزة وبحث قضية الإفراج عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح الرهائن الموجودين لدى الحركة، وفق ما ذكره عضو مجلس النواب والإعلامي المصري مصطفى بكري عبر حسابه في منصة "إكس".

كذلك، ذكر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأسبوع الماضي، أن تركيا تجري محادثات مع "حماس" لضمان إطلاق سراح الأجانب والمدنيين والأطفال، وأضاف في تصريحات صحافية إن "دولاً، بينها الولايات المتحدة وألمانيا طلبت مساعدة أنقرة في إطلاق سراح مواطنيها".

تاريخ من الصفقات

بالعودة إلى تاريخ صفقات الإفراج عن الرهائن نجد أن مطالب "حماس" في مقايضة كل أسير إسرائيلي بنحو 30 فلسطينياً لا تبدو غريبة، فقد تم الإفراج عن الجندي المحتجز لدى الحركة جلعاد شاليط، عام 2011، مقابل الإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً، بعد وساطة مصرية أنهت 5 سنوات من احتجاز الجندي الإسرائيلي، وكانت تلك الصفقة في عهد نتنياهو أيضاً وتم انتقادها لاحقاً لأن بعض من أفرج عنهم عادوا للعمل المسلح ضد إسرائيل، وأبرزهم يحيى السنوار قائد الحركة في قطاع غزة.

 

 

وفي يوليو (تموز) 2008، أعاد "حزب الله" جثتي الجنديين الإسرائيليين إلدار ريغيف وإيهود غولدسوار الذين تم أسرهما خلال حرب 2006 إلى إسرائيل وسلمها تقريراً حول الطيار المفقود رون أراد، مقابل إطلاق إسرائيل لسراح 5 أسرى لبنانيين منهم القيادي بالحزب سمير القنطار الذي كان معتقلاً منذ عام 1979، إضافة إلى تسليم لبنان عشرات الجثث والرفات لمقاتلين لبنانيين وفلسطينيين وعرب.

ولم تكن تلك الصفقة الأولى بين إسرائيل و"حزب الله"، حيث سبقها عام 1998 إعادة تل أبيب جثامين 40 لبنانياً منهم هادي نجل حسن نصرالله زعيم "حزب الله"، إضافة لإطلاق سراح 60 معتقلاً لبنانياً، في مقابل تسليم الحزب رفات ضابط.

وقامت ألمانيا بوساطة بين الطرفين أثمرت في عام 2004 عن صفقة أفرجت إسرائيل بموجبها عن 462 معتقلاً فلسطينياً ولبنانياً، كما أفرج خلالها عن مواطن ألماني اتهمته إسرائيل بالانتماء لـ"حزب الله" وأنه كان ينوي القيام بعملية ضدها، وفي المقابل أفرج الحزب عن قائد في الجيش الإسرائيلي ورفات 3 جنود قتلوا في أكتوبر عام 2000.

وتمتد صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية إلى عقود سابقة، ففي عام 1980 أطلقت تل أبيب سراح الأسير مهدي بسيسو، مقابل الإفراج عن مواطنة عملت جاسوسة لمصلحة إسرائيل كانت محتجزة لدى حركة "فتح"، حيث تمت عملية التبادل في قبرص بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وفي عام 1983 أفرجت "فتح" عن ستة جنود إسرائيليين أسروا في لبنان، مقابل إطلاق سراح 4700 أسير فلسطيني ولبناني في أحد معتقلات جنوب لبنان و65 أسيراً من السجون الإسرائيلية.

"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أبرمت صفقة في عام 1985 للإفراج عن ثلاثة جنود إسرائيليين مقابل إطلاق سراح 1155 أسيراً في السجون الإسرائيلية.

الرهائن عالمياً

بعيداً من ساحة الصراع مع إسرائيل تبدو مهمة الإفراج عن الرهائن شاقة وتستغرق وقتاً طويلاً، حيث فشلت محاولات الولايات المتحدة للتفاوض على إطلاق سراح 52 مواطناً أميركياً احتجزوا في سفارة بلدهم في طهران في نوفمبر 1979، ما دفع واشنطن لعملية عسكرية لإنقاذهم في 24 أبريل 1980، لكنها أسفرت عن تدمير طائرتين ومقتل ثمانية جنود أميركيين ومدني إيراني، وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاق في الجزائر في 19 يناير (كانون الثاني) 1981، وأفرج عن الرهائن في اليوم التالي.

وأثار القبض على القس الأميركي أندرو برونسون في تركيا عام 2016 بتهمة التجسس لمصلحة حزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن أزمة دبلوماسية بين أنقرة وواشنطن امتدت لعامين، وانتهت بالإفراج عنه عام 2018 بعد تهديدات من إدارة دونالد ترمب بفرض عقوبات على تركيا.

ومن بين أشهر حوادث اختطاف الرهائن، قيام نحو 50 شيشانياً باحتجاز 850 رهينة في مسرح موسكو في 23 أكتوبر 2002، والتي انتهت بمقتل 170 شخصاً بينهم 129 رهينة، و39 من الخاطفين، بعد قيام القوات الروسية، في اليوم الثالث، بضخ غاز كيميائي في فتحات التهوية بالمبني قبيل اقتحامه.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات