Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تواجه كابوسا في غزة. كيف ذلك؟

تشرح صحيفة "اندبندنت" في التقرير التالي لماذا يمكن أن تطيح أنفاق "حماس" التي تتمدد تحت الأرض بالعملية البرية الإسرائيلية في غزة

ملخص

على رغم المشكلات العسكرية المباشرة التي تواجه إسرائيل، فإن "المتنفس" الذي يوفره لهم الغرب لمواصلة هجومها يعتمد أيضاً على قدرتها على خفض عدد الوفيات بين المدنيين

مع تكثيف اسرائيل هجومها الهجوم البري على غزة، نُشرت تقارير تفيد بأن القوات الغازية بدأت القتال في الأنفاق تحت الأرض التي بنتها "حماس" في القطاع.

ونطاق العملية البرية التي يقومون بها في غزة رداً على الهجوم المميت الذي شنته "حماس" على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، واسع إلى حدٍ لم تبلغه عملياتها البرية في القطاع من قبل على الإطلاق.

وكان الهدف من التوغلات القصيرة في عامي 2014 و2009 هو القضاء على مخازن أسلحة [سرية] لـ "حماس"، وليس "تدمير" الحركة بأكملها، وهو ما صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه هو الهدف الوحيد هذه المرة. وسيكون هذا تدريباً على حرب المدن من الوزن الثقيل.

بطبيعة الحال، يعرف مقاتلو "حماس" عن طبيعة الميدان في غزة وشعابه أكثر بكثير من الغزاة الإسرائيليين. كما أن لديهم ترسانة من الأسلحة لا يعرف الجنود الإسرائيليون حجمها، بما في ذلك آلاف الطائرات المسيّرة.

بيد أن "حماس" ستعمل سراً من خلال شبكة معقدة من الأنفاق تحت الأرض تعرف باسم "مترو غزة".

وسوف يستخدمونها لتخزين الأسلحة ومراكز الاتصالات وإخفاء أكثر من 200 رهينة قاموا بأسرهم في الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر. وسيستخدمون الأنفاق أيضاً كمحطة انطلاق لكي ينصبوا كمائن للإيقاع بالجنود الإسرائيليين فيما يشق هؤلاء طريقهم بعناية وبطء عبر شوارع غزة.

إن العمليات الإسرائيلية واسعة النطاق لرصد ما وصفته إحدى الأسيرات اللواتي أطلق سراحهن أخيراً بأنه "شبكة عنكبوتية" من الأنفاق، كانت ولا تزال تمثل أولوية قصوى.

ولكن في هذه الأثناء، سيكون الجنود على الأرض عرضة لهجمات مفاجئة من مقاتلي "حماس " الطالعين من تحت الأرض. وقد بدأوا الآن في دخول بعض هذه الأنفاق على أمل أن يتمكنوا من الحؤول دون هجمات كهذه.

وتحدث خبراء لصحيفة الـ "اندبندنت" عن مدى صعوبة التنقل في هذه الأنفاق والمشكلات التي لا تعد ولا تحصى التي تواجه إسرائيل [في سياق محاولتها نسف هذه الأنفاق].

مشكلة النفق

أمضت "حماس" أكثر من 15 عاماً في بناء شبكة من الأنفاق تحت أراضي القطاع، تُعرف باسم "مترو غزة" منذ انتخابها للسلطة في القطاع في عام 2006.

وتزعم وزارة الخارجية الإسرائيلية أنه ما لا يقل عن 1370 نفقاً شُيد منذ عام 2007. ويتراوح عمقها في الغالب بين 10 و20 متراً تحت الأرض كما يصل ارتفاعها إلى مترين.

وقال كولين بي كلارك، مدير البحوث في "مجموعة صوفان"، وهي شركة استشارات استخباراتية، لـ"اندبندنت" إن القتال في هذه الأنفاق هو أشبه بـ "سيناريو كابوسي" بالنسبة إلى إسرائيل.

ولفت إلى "أن الاستعداد للقتال في مثل هذه التضاريس أمر صعب للغاية وسيقتضي [جمع] معلومات استخباراتية واسعة النطاق حول خريطة شبكة الأنفاق، وهي معلومات لا يملكها الإسرائيليون".

وتابع "أن تطهير الأنفاق هو سيناريو كابوسي بالنسبة إلى الجنود الذين يقومون بذلك، وهي عملية بطيئة ومنهجية مثلها مثل حرب المدن التي تجري على الأرض".

 

 

وزاد بي كلارك "من الممكن استخدام طائرات من دون طيار أرضية متنقلة، ومركبات أرضية غير مأهولة، وغيرها من الميزات الاستخباراتية لرسم خرائط للأنفاق والتعرف [إلى أمكنة] الفخاخ المتفجرة قبل إرسال الجنود لتطهيرها."

وأضاف "يمكن أيضاً استخدام بعض الذخائر التي يتم إطلاقها من الجو، ويُشار إليها باسم "خارقة للتحصينات". غير أن هذا النوع من الذخائر يستخدم بشكل أساسي لاستهداف القيادات الرئيسة ونواة التحكم الرئيسة. كما أن كثافة التضاريس الحضرية في غزة قد تحدّ من الاعتماد عليها بسبب الأضرار الجانبية التي يتوقع أن تنجم عن ذلك."

وفي صباح يوم الاثنين، أي بعد ثلاثة أيام من الهجوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه "قضى على عدد كبير من الإرهابيين المتحصنين داخل... الأنفاق".

وكان هذا أول ادعاء يقدمه الجيش الإسرائيلي بشأن القتال تحت الأرض. وستكر سبحة ادعاءات مماثلة.

التهديدات المتزامنة

وسيكون على الجنود الإسرائيليين أن يجتازوا سلسلة من الخطوط الدفاعية التي أقامتها "حماس".

وتشتمل هذه الدفاعات على الألغام ومواقع كمائن و[قواعد إطلاق] قذائف الهاون، طبقاً لمراجعة حديثة أجراها ناداف موراج، وهو مستشار أمني إسرائيلي سابق.

وثمة شكوك تنتشر على نطاق واسع بأن المناطق ستكون أيضاً مفخخة، بما في ذلك الأبواب المحملة بالمتفجرات، كما سيتمركز القناصة في أماكن مموهة، لكي يطلقوا النار على الجنود وهم يشقون طريقهم في الشوارع.

مسيّرات، مسيّرات، مسيّرات

وتواجه القوات الإسرائيلية في غزة أيضاً تهديداً من الطائرات من دون طيار.

إن المراقبة التي تقوم بها "حماس" عن طريق المسيّرات ستزيد من احتمالية تعرّض موقع الإسرائيليين للخطر.

ومن الممكن أن يدخل الجنود [بالصدفة] في مناطق مزروعة بالألغام، أو يسيروا في منطقة تقع في مرمى القناصين، أو يجدوا أنفسهم فجأة وسط مجموعة من مقاتلي "حماس" الذين يسترشدون بتوجيهات تصلهم عبر البث المباشر من مشغلي الطائرات من دون طيار.

 

 

وستكون الدبابات وناقلات الجنود المدرعة وكاسحات الألغام الإسرائيلية أيضاً في مرمى الذخائر التي ترميها مسيّرات رباعية المراوح. وقد أظهر مقطع فيديو من 7 أكتوبر أن الطائرات الرباعية المراوح قد استخدمت بشكل ناجح [من قبل حماس] في استهداف دبابة إسرائيلية.

ولكن الأمر الأكثر أهمية من كل ما عداه هو أن القوات الإسرائيلية ستضطر إلى البحث بشكل مستمر للتحقق من عدم وجود مسيّرات انتحارية وهي رشيقة وخفيفة الحركة، ونظراً لصغر حجمها وسرعتها، من الصعب إسقاطها. وسيتم نشر هذه الطائرات من دون طيار ذات الاستخدام الواحد، والمحملة بالمتفجرات، لتوجيه ضربات للغزاة على غرار الهجمات الانتحارية.

وقال فيديريكو بورساري، وهو خبير في حرب المسيّرات، لصحيفة "اندبندنت" إن هذا التهديد الجوي يشكّل ضغطاً كبيراً على الجنود.

وأضاف "إذا كنت في خطر وتجازف بالتعرض [إلى الاستهداف] بالمسيّرات من الأعلى، فإن الضغط [الذي ترزح تحته] سيكون كبيراً للغاية". وزاد "سيكون لها [المسيّرات] عواقب مهمة بالنسبة إلى أداء القوات الإسرائيلية."

المرحلة الثانية

وقال الخبراء إن [الغزاة] في المرحلة الثانية من الهجوم الإسرائيلي، التي تبدأ بمجرد السيطرة على مواقع "حماس" الرئيسة، سيحافظون على وجود لهم [سيرابطون] في القطاع، أقله بشكل موقت.

وهذا ينطوي على مشكلات جديدة.

كتب السير توم بيكيت، الفريق المتقاعد من الجيش البريطاني، في مقال لـ "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (IISS)، قائلاً إنه "بمجرد أن تتوقف [إسرائيل] عن الهجوم وتبدأ في الاحتلال، فإنها ستفقد زمام المبادرة جراء تحولها إلى قوات متمركزة في مواقع ثابتة".

وهذا يعني أنهم سيواجهون تهديداً متزايداً من المتمردين المختبئين بين المدنيين أو في الأنفاق التي لم تكتشف في المرحلة الأولى من الهجوم، جراء التزامها الهدوء إلى حد كبير [وهي مصدر خطر كامن].

وإلى أن يتم إنقاذ جميع الرهائن وتحييد "حماس"، سيكون من الصعب على القوات الإسرائيلية أن تغادر القطاع إلا إذا أرادت أن تخفق في تحقيق هدفها المعلن المتمثل في تجريد هذه الحركة من القدرة على "إحياء" نفسها [تجديد صفوفها] من جديد.

وقال ديفيد ماكوفسكي، خبير العلاقات العربية- الإسرائيلية في معهد واشنطن، إن هذا "السقف العالي" الضروري لنجاح إسرائيل يعني أن هناك "سقفاً منخفضاً" أمام "حماس" لادعاء النصر.

وقال لصحيفة "اندبندنت" إن بإمكانهم [مقاتلي حماس] "الظهور" في أعقاب الهجوم والترويج لنجاتهم على أنها نجاح.

وهذا يسلط الضوء على حاجة إسرائيل إلى القضاء بطريقة أو بأخرى على التهديد الذي تمثله "حماس" قضاءً مبرماً من دون البقاء لوقت طويل في موقف ضعيف داخل القطاع.

ويشتمل ذلك على إنجاز المهمة شبه المستحيلة المتمثلة في تطهير الأنفاق.

ضرورة حماية الفلسطينيين

وأكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في اجتماع متلفز مع نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 18 أكتوبر أن للبلاد "الحق في الدفاع عن نفسها" ضد "حماس".

غير أنه دعا إلى اتخاذ التدابير اللازمة "لتجنب إلحاق أذى بالمدنيين [الفلسطينيين]" في غزة، وهو التنبيه الذي أطلقه العديد من الزعماء الغربيين أيضاً.

منذ أن أعلنت إسرائيل عن "توسيع" نطاق عملياتها البرية في غزة يوم الجمعة الماضي، قُتل أكثر من 700 شخص، طبقاً لوزارة الصحة التابعة لـ "حماس".

 

 

ويمثل هذا زيادة بنسبة 10 في المئة في عدد الضحايا في غضون يومين فقط.

وقال جوشوا كراسنا، وهو مسؤول إسرائيلي مخضرم ودبلوماسي سابق يتمتع بخبرة 30 عاماً، لصحيفة "اندبندنت" إن تحقيق التوازن بين تنفيذ الأهداف العسكرية وتجنب سقوط ضحايا من المدنيين يمثل منذ فترة طويلة مشكلة بالنسبة إلى إسرائيل، ويتهدد بتقويض الدعم لمواصلة العمليات في غزة.

 

وأردف "في كل الحروب التي خاضتها إسرائيل، يعرف الإسرائيليون منذ اللحظة التي تبدأ فيها الحرب، أن ضغوطاً ستُمارس عليهم بغرض إنهاء الحرب في وقت مبكر جداً."

وكلما ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين، كلما تعرض الدعم الغربي لإسرائيل إلى مزيد من التهديد.

وذكر كراسنا أن هذا يُعرف في إسرائيل باسم "الساعة الرملية الدبلوماسية".

ووصف ماكوفسكي ذلك بأنه "النعمة والتحدي" [في آن] الذي يأتي مع الدعم الأميركي لإسرائيل.

وعلى رغم كل المشكلات العسكرية المباشرة التي تواجه إسرائيل، فإن "المتنفس" الذي يوفره لها الغرب للاستمرار في هجومهم يعتمد أيضاً على قدرتها على خفض عدد الوفيات بين المدنيين.

© The Independent

المزيد من تقارير