Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان المنهك يحتاط من حرب لا يقوى على تحملها

يفتقر البلد الذي يعاني انهياراً اقتصادياً حاداً إلى مقومات الصمود لصراع محتمل بين "حزب الله" وإسرائيل

تصاعد الدخان في الجانب اللبناني عند الحدود مع إسرائيل (رويترز)

ملخص

يفتقر لبنان الذي يعاني انهياراً اقتصادياً حاداً إلى مقومات الصمود في حرب محتملة بين "حزب الله" وإسرائيل

بعد كل قصف إسرائيلي على جنوب لبنان تلبي فرق الدفاع المدني النداء لإخماد حرائق أو إسعاف مصابين، لكنها تتحرك بمعدات متهالكة وإمكانات محدودة على غرار مؤسسات الدولة المنهكة بفعل انهيار اقتصادي مزمن.

ويقول رئيس مركز النبطية (جنوب) الإقليمي في الدفاع المدني حسين فقيه الذي يشرف على 21 مركزاً محلياً لوكالة الصحافة الفرنسية، "منذ أن بدأ القصف نتدخل في عمليات الإطفاء والإنقاذ والإسعاف بصعوبة، كون إمكاناتنا على غرار أية إدارة موجودة في الدولة اللبنانية، متواضعة جداً".

وتشهد المنطقة الحدودية تبادلاً للقصف خصوصاً بين ميليشيات "حزب الله" وإسرائيل منذ شن حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري هجوماً غير مسبوق على إسرائيل التي ترد بقصف مركز على قطاع غزة المحاصر.

ومنذ عام 2019 يعاني لبنان أزمات متتالية من انهيار اقتصادي إلى جائحة "كوفيد-19" إلى انفجار مرفأ بيروت الذي دمر نصف العاصمة، وصولاً إلى شلل سياسي ينعكس شغوراً في سدة رئاسة الجمهورية منذ عام وتعطيل لمؤسسات الدولة.

غياب الصيانة

ويخشى كثيرون من عدم قدرة الدولة اللبنانية على مواجهة أعباء توسع الحرب، ويقوم السكان بالتمون بمواد غذائية وأدوية ومحروقات أو يبحثون عن منازل للإيجار بعيداً من مناطق قد تتحول لاحقاً إلى ساحة قتال أو هدفاً للقصف والغارات، كما حصل في حروب سابقة بين "حزب الله" وإسرائيل.

وينبه فقيه "إلى أن إمكاناتنا المتواضعة في ظل الأوضاع الراهنة تكفينا، لكن إن تطورت أكثر فستصبح أضعف بكثير ولن نكون قادرين على تلبية كل المهمات".

ويقول، "نحتاج إلى تجديد أسطولنا ومعداتنا، فالموجودة في مراكزنا تعمل لكن لا نعرف متى تتوقف إذ إن عمر أقل سيارة نحو 30 عاماً".

وفي غياب الصيانة الضرورية يخشى فقيه وعناصره من أن تطرأ أعطال على المعدات، سواء شاحنات الإطفاء أو سيارات الإسعاف أو الجرافات. ويوضح، "حتى إذا أصاب ثقب عجلة السيارة فلا يمكن أن نأتي بعجلة أخرى".

نقص في المعدات والحاجات

ولا تقتصر المعاناة على الصيانة وحسب، بل تشمل أيضاً مسألة توفير المياه لإطفاء الحرائق التي اشتعلت مراراً جراء القصف الإسرائيلي في المنطقة الحدودية الغنية بالأحراج وحقول الزيتون.

وتعتمد فرق الدفاع المدني بصورة أساس على الآبار الارتوازية لضخ المياه إلى عرباتها، لكن مع الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي لم يعد ذلك الخيار متوفراً بسهولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويحذر رئيس مركز مرجعيون التابع لمركز النبطية الإقليمي أنيس عبلة من أن تندلع الحرب من دون أن تتمكن فرق الإنقاذ من "تأمين المياه للمعدات أو حتى الحاجات الأساس مثل الغذاء للعناصر".

ويشكو عبلة من غياب معدات الحماية الرئيسة لعناصره مثل الدروع والخوذ، ويقول "نحن خط الدفاع الأول، وعلى رغم ذلك ليس لدينا ما نحمي به أنفسنا لنساعد الناس".

وأسفر التصعيد عبر الحدود عن مقتل 62 شخصاً بينهم 47 عنصراً في "حزب الله"، إضافة إلى عناصر في فصائل فلسطينية وأربعة مدنيين بينهم مصور في وكالة أنباء "رويترز"، وقد قتل أربعة أشخاص في الأقل في الجانب الإسرائيلي.

كما دفع بنحو 29 ألف شخص للنزوح، وفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، خصوصاً من جنوب لبنان أو من بيروت وضواحيها خشية توسع الحرب إلى تلك المناطق كما حصل في حرب يوليو (تموز) 2006.

الحروب الإسرائيلية
الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني طبع أجيالاً تلو الأخرى، في شرق أوسط لا يعرف السلام. ومن غزة إلى الضفة الغربية وصولاً إلى لبنان، تستمر حتى اليوم تداعيات هذا الصراع الذي انطلق قبل نحو 100 عام.
Enter
keywords

 

خطة طوارئ

وفي حاصبيا لم يكن أمام البلدية سوى أن حولت مبنى قيد الإنشاء كان يفترض أن يصبح فندقاً وسط أشجار الصنوبر إلى مركز لإيواء 150 نازحاً، ولولا مساعدات ودعم تتلقاه من منظمات غير حكومية ومغتربين لما كانت قادرة على توفير حاجاتهم الرئيسة.

ويقول رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا الذي يشرف على خمسة مراكز إيواء لوكالة الصحافة الفرنسية، "أكبر مخاوفي أن تتكرر تجربة عام 2006"، مستدركاً "سيكون اليوم أسوأ".

ويضيف، "الدولة اللبنانية اليوم وليس البلديات فقط غير مؤهلة لمواجهة كارثة من هذا النوع على الصعيد الوطني".

ووضعت الحكومة خطة طوارئ في حال تمدد الحرب إلى لبنان، ولو أن الإعلان عن هذه الخطة أثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بين المواطنين الذين لا يثقون بالدولة.

وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أنه يقوم بما في وسعه "لأن تكون الدولة وأجهزتها المتواضعة حاضرة" لتوفير حاجات المواطنين.

اللبنانيون منهكون

وجراء الأزمة الاقتصادية وانهيار سعر صرف الليرة يعيش معظم السكان تحت خط الفقر، وهم غير قادرين على تأمين حاجاتهم الأساس على وقع ارتفاع هائل في أسعار المواد الأساس ومنها المحروقات.

وباتت مرافق الدولة عاجزة عن توفير أبسط الخدمات، فيما يرزح القطاع الصحي الذي يشكل العمود الفقري لأي خطة استجابة في زمن الحرب، تحت أعباء النقص في التجهيزات والطواقم بعدما اختار أطباء وممرضون الهجرة بعيداً من الانهيار الاقتصادي والفساد والأزمات المتلاحقة.

ويقول وزير الصحة فراس أبيض "في عام 2006 لم تكن لدينا أزمة دواء أو معدات طبية، ولم تكن لدينا هجرة أدمغة في القطاع الطبي أو أزمة اقتصادية خانقة".

وتحتاج وزارة الصحة وحدها بين 30 و40 مليون دولار لخطة الطوارئ الخاصة بها، وفق أبيض الذي يقول إن "لبنان يفعل ما بوسعه لزيادة مستوى الجهوزية" على رغم الصعوبات.

إلا أن طمأنة المسؤولين لا تشفي غليل لبنانيين منهكين لا يثقون بطبقة سياسية يحملونها مسؤولية الانهيار الاقتصادي، ويقول علي عواضة (74 سنة) الذي نزح خلال حياته مرات عدة من قريته الجنوبية الخيام خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان ثم حرب 2006، من غرفة متواضعة في مركز إيواء في حاصبيا، "دولتنا انهارت وماتت وما من اقتصاد".

ويضيف، "اليوم أسوأ توقيت فنحن غير قادرين حتى على شراء الخبز".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات