Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير داخلية ماكرون يسعى لخلافته في الإليزيه

جيرالد دارمانان يقدم نفسه كبديل عن النخب السياسية الفرنسية الحالية وسط تعثر بلاده في الخارج

من المتوقع ألا يقتصر التنافس السياسي الذي ينتظر دارمانان على خصومه من أقصى اليمين بل سيتعدى ذلك إلى وجوه بارزة من معسكره نفسه (أ ف ب)

ملخص

"دارمانان يتحرك اليوم وعينه على استحقاق 2027 حين تحتدم المواجهة حتى قبل الوصول إليه"

في خضم أزمة متنامية تواجهها فرنسا في الداخل والخارج، يحاول وزير الداخلية جيرالد دارمانان استمالة مزيد من الأنصار في ما بدا وكأنه حملة انتخابية باكرة لخلافة الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يقضي آخر ولاية في قصر الإليزيه. وأعاد التصعيد بين حركة "حماس" وإسرائيل في قطاع غزة دارمانان إلى واجهة الأحداث خصوصاً عندما شن انتقادات حادة ضد لاعب كرة القدم الدولي كريم بنزيما الذي اتهمه بأن له صلات بجماعة "الإخوان المسلمين". وجاءت اتهامات دارمانان، التي أشعلت جدلاً منقطع النظير داخل البرلمان الفرنسي، بعد فيديوهات نشرها بنزيما يدعم فيها سكان قطاع غزة الذي يتعرض إلى حصار إسرائيلي وقصف مستمر مما أوقع آلاف القتلى.

 

رغبة واضحة في الترشح

منذ أشهر عدة يقدم دارمانان نفسه كبديل عن النخب السياسية الفرنسية الحالية وسط تعثر بلاده في الخارج، إذ باتت منبوذة خصوصاً في الساحل الأفريقي الذي يعد معقلاً لها، وأزمات مرتبطة بالهوية والاقتصاد في الداخل، مما يجعل كثيراً من الناخبين يبحثون عن خليفة ماكرون باكراً لا سيما أن الأخير أظهر باريس في حالة وهن كبيرة.

وتلقف دارمانان الرسالة بسرعة، ونظم في أغسطس (آب) الماضي أول تجمع له في دائرته الانتخابية توركوان (شمال)، وهو تجمع حضره ما لا يقل عن 100 نائب برلماني و12 وزيراً وعدد من أنصاره في ما بدا كأنه دخول قوي ومبكر في الصراع الانتخابي.

ومن المتوقع ألا يقتصر التنافس السياسي الذي ينتظر دارمانان على خصومه من أقصى اليمين على غرار زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" مارين لوبن، أو زعيم اليسار جون لوك ميلونشون، بل سيتعدى ذلك إلى وجوه بارزة من معسكره نفسه على غرار رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب الذي حاز هو الآخر شعبية مهمة، لكن الثابت أن التفكير في ما بعد ماكرون قد بدأ في فرنسا، لذلك علق ميلونشون نفسه، الذي أصبح رقماً مهماً في المعادلة السياسية الفرنسية، قائلاً إن "اجتماع توركوان الذي قام به دارمانان كان شاهداً على بدء حقبة ما بعد ماكرون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول الباحثة السياسية في مؤسسة البحوث الاستراتيجية الفرنسية لوفا رينال "بالفعل، دارمانان يتحرك اليوم وعينه على استحقاق 2027 حين تحتدم المواجهة حتى قبل الوصول إليه، لكن الثابت أنه قد يخسر أيضاً هذا السباق، لكن المؤكد أنه يرغب في الترشح لخلافة ماكرون". وتابعت رينال لـ"اندبندنت عربية" أن "دارمانان سيجد مواجهة قوية سواء من معسكره، إذ هناك مقربون من ماكرون سيحاولون التموقع هم الآخرون لخلافته، ومن خارج معسكره، سيجد تنافساً قوياً، لذلك أعتقد أن وزير الداخلية الحالي يحاول التسويق والترويج لصورته على أقصى اليمين حتى ينجح في تأمين قاعدة شعبية قوية تمكنه من المزاحمة".

 

ولم يفصح دارمانان بعد عن نيته أو عزمه الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، لكن الرجل، الذي يتحدر من أصل جزائري لأب كان يشتغل عامل نظافة، ما انفك يغازل الطبقة العاملة في مسعى إلى استمالتها، خصوصاً أنه يدرك أن ثقل هذه الطبقة قد يقود لوبن إلى الحكم لا سيما في ظل الغضب الذي فجرته إصلاحات التقاعد وغيرها ضد الحكومة الحالية.

وقال دارمانان، في وقت سابق، في تصريحات بثتها عنه وسائل إعلام محلية إن "الطبقات العاملة في فرنسا لا تشعر بأنها تحظى بالاهتمام الجيد، يجب أن يسعى السياسي إلى أن يستمع إلى هذه الطبقات".

أخطاء أمنية قد تعرقله

وإذا كتب له النجاح في حشد التأييد والدعم من معسكره للدخول في سباق الوصول إلى قصر الإليزيه، فإن التحدي المقبل سيكون إقناع الفرنسيين، لكن هل سيواجه دارمانان وضعاً صعباً وقتذاك خصوصاً مع الإرث الأمني الذي حمله معه؟

في يونيو (حزيران) الماضي، قتل الشاب الفرنسي من أصول جزائرية نائل المرزوقي برصاص الأمن في العاصمة باريس في خطوة فجرت احتجاجات حاشدة ضد ما بات يعرف "بعنف الشرطة الفرنسية"، مما سلط الضوء على مواقف دارمانان الذي ظهر في موقع المدافع عن قواته.

واعتبر المحلل السياسي المقيم في فرنسا نزار الجليدي أن "السيد دارمانان دشن حملته الانتخابية منذ الحملة الأمنية القوية ضد المحتجين الذين طالبوا بكشف الحقيقة في مقتل المرزوقي، لذلك حتى وإن دخل هذا السباق فسيدخله بإرث أمني ثقيل". وتابع أن "هناك معركة انتخابية قوية داخل الحكومة الفرنسية نفسها بين غابرييل أتال ودارمانان، والأخير ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال التموقع في أقصى اليمين المتطرف، وهو يحاول إغراء هذا اليمين بقانون جديد للهجرة فيه كثير من سلب الحقوق المدنية وحرية التعبير. دارمانان سيعاني عبء أخطاء في السياسة الأمنية"، وشدد على أنه "يعاني أيضاً من أصوله الجزائرية وهي نقطة يركز عليها اليمين المتطرف، لكنه أوضح رغبته في السابق بأن يكون رئيس حكومة، وهو أمر كاد يسقط الحكومة الفرنسية، في الواقع طموحات دارمانان كبيرة وهو نيكولا ساراكوزي الجديد في فرنسا إذ يسعى إلى خلافة ماكرون، لكن هناك خلافات كبيرة بينه وبين شخصيات من معسكر ماكرون حول استحقاق عام 2027، وأعتقد أن فرص نجاحه ليست بالكبيرة".

وفي ظل مساعيه الراهنة إلى الترشح للانتخابات وسط زخم سياسي كبير تعرفه فرنسا بسبب ملفات داخلية وإقليمية، فإن من غير الواضح ما إذا كان دارمانان سيعول فقط على الطبقات العاملة الغاضبة على الحكومة، أو ملف الهجرة، لا سيما أن هناك اقتصاداً يترنح في فرنسا قد يشكل مادة انتخابية دسمة لبقية قوى المعارضة سواء اليمينية المتشددة أو اليسارية.

المزيد من دوليات