Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك ضارية بالخرطوم وأم درمان وغموض حول مصير نيالا

أجواء تفاؤل تخيم على مفاوضات إنهاء الحرب المتواصلة في جدة

سودانيون فروا من الصراع في منطقة دارفور أثناء عبورهم الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

ملخص

تتواصل المفاوضات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" وسط تكتم إعلامي شديد بمدينة جدة السعودية

تتواصل اليوم الجمعة بمدينة جدة السعودية المفاوضات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" وسط تكتم إعلامي شديد، وعقدت الوساطة لقاءً مع وفدي التفاوض من الطرفين، كل على حدة، في جلسة تشاورية تمهيدية، ومن ثم الدخول في جلسة افتتاحية مساء أمس الخميس. وبحسب مصادر دبلوماسية فإن الوساطة بدت متفائلة ولاحظت انفتاحاً أفضل للطرفين وتقارباً في وجهتي نظرهما في ما يخص القضايا الإنسانية، مما قد يمهد الطريق لإمكانية توقيع اتفاق لوقف العدائيات.

ترحيب ودعوات

داخلياً، توالت ردود الفعل السياسية الداعمة والمرحبة باستئناف التفاوض بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في منبر جدة.

ورحب رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك بانطلاق جولة المفاوضات، داعياً الطرفين إلى التحلي بالإرادة السياسية للتوصل إلى حل يوقف إطلاق النار ويعالج الكارثة الإنسانية وينقذ بلادنا الحبيبة من أخطار الانقسام. وناشد حمدوك أطراف النزاع تسهيل وصول العون الإنساني العاجل وإجراءات دخول العاملين في الحقل الإنساني إلى المحتاجين في مختلف أرجاء البلاد.

وكانت اجتماعات الجبهة الوطنية لوقف الحرب التي اختتمت أعمالها بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مساء أمس، قد اعتمدت بالإجماع عبدالله حمدوك رئيساً لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم".

واعتبر رئيس حركة العدل والمساواة المنسلخة عن قيادة جبريل إبراهيم، سليمان صندل، عودة الطرفين إلى طاولة التفاوض بأنها أمر مطلوب يمثل رغبة الغالبية الساحقة من الشعب "عدا الذين لا يعرفون العيش إلا في الحرب، وخلق الأزمات".

تفاؤل وتحذير

كما رحبت هيئة "محامو الطوارئ" بعودة طرفي النزاع إلى المسار التفاوضي بمدينة جدة، متمنية أن تكلل جهود الوساطة بالنجاح في إسكات أصوات المدافع وإبعاد الوجود العسكري عن المناطق السكنية وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية بالوصول لاتفاق وقف إطلاق نار، يمهد لعودة المواطنين إلى منازلهم وعودة العاصمة لحياتها الطبيعية حتى يتمكن الجميع من إعادة ترميم وإصلاح ما دمرته الحرب. وطالبت هيئة "محامو دارفور" كل المكونات الشعبية والاجتماعية بولاية جنوب دارفور ومدينة نيالا بوقف الانجرار وراء شعارات الحرب والدمار والبحث في الوسائل السلمية التي تجنب دارفور والبلاد مزيداً من الخراب والدمار.

وأبدى مقرر الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي عادل المفتي ترحيب وتفاؤل الآلية بالعودة إلى المفاوضات، والمؤمل أن يحدث خلالها هذه المرة اختراق يوقف العدائيات والحرب حتى يعود الشعب السوداني إلى دياره آمناً. ودعا المفتي كل الكتل السياسية إلى الانخراط في التداول الوطني والحوار، وصولاً إلى المؤتمر الدستوري الذي لا يقصي أحداً ليقرر كيف يحكم السودان، ثم الانتخابات التي يقرر فيها الشعب من يحكمه بأسس ديمقراطية وسودان جديد يسوده العدل والحرية والسلام. وأوضح أن الآلية تواصل لقاءاتها الداخلية والخارجية، إذ التقت السفير السعودي بالخرطوم الحسن بن جعفر، والسفير الأميركي بأديس أبابا وممثلة بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس"، وكذلك ممثلها بإثيوبيا، إلى جانب كل مكونات شرق السودان السياسية والاجتماعية والقبلية.

غموض في نيالا

في الأثناء يلف الغموض وسط أنباء متضاربة عن مصير الفرقة 16 مشاة ومدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، فبينما يؤكد الجيش خوضه معارك شرسة وصده هجوماً متعدد المحاور على الحامية العسكرية، وبسطه سيطرته على المدينة بعد تكبيد المتمردين آلاف القتلى والجرحى وخسائر كبيرة في العتاد والمعدات، أصدرت قوات "الدعم السريع" بياناً على موقعها بمنصة "إكس" أكدت فيه استيلاءها الكامل على الحامية والمدينة. ودانت وزارتا الصحة والخارجية السودانيتان الاستهداف المستمر من قبل ميليشيات "الدعم السريع" للمؤسسات الصحية وخرق الأعراف والقوانين الدولية، باحتلالها مستشفى الطوارئ الإيطالي بولاية جنوب دارفور، الذي يقدم مختلف أنواع العناية الطبية للأطفال والنساء والتوليد وأمراض القلب، وتحويله إلى ثكنة عسكرية واحتجاز الأطباء والكوادر المساعدة. 

معارك الخرطوم

وشهدت العاصمة السودانية أمس الخميس معارك ومواجهات عنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مناطق عدة من مدنها الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري. وفي شرق الخرطوم ومحيط أرض المعسكرات والمدينة الرياضية وجنوب الحزام، سمع فجر اليوم الجمعة، دوي قصف مدفعي عنيف قرب تمركزات "الدعم السريع"، كما حلق الطيران الحربي بشكل مكثف تبعته أصوات المضادات الأرضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت مصادر عسكرية أن قوات العمل الخاص تمكنت من تدمير شاحنة وقود وعربة مقاتلة تتبعان قوات "الدعم السريع" في طريق بحري الكدرو ومقتل عدد من أفرادها، كما واصلت عمليات التمشيط البري في مناطق المهندسين والفتيحاب وصالحة، وذكرت أن الجيش قصف من قواعده في كرري ووادي سيدنا شمال أم درمان مواقع لـ"الدعم السريع" جنوب وغرب ووسط أم درمان، كما استهدف الطيران الحربي نقاط تلك القوات على المدخل الشرقي لجسر المنشية، حيث شوهدت سحب وأعمدة الدخان تتصاعد من المنطقة.

ضحايا مدنيون

وكشفت لجان مقاومة بالمنطقة عن مقتل اثنين من المواطنين على أثر سقوط قذيفة مدفعية أثناء وجودهم داخل مسجد ود الجبل بحي امتداد ناصر مربع (1) شرق الخرطوم، كما لقيت أسرة مكونة من ستة أفراد حتفها بسقوط قذيفة مدفعية على منزلها في منطقة شمبات الأراضي مربع (15) بالخرطوم بحري، كما تعرض حي الري المصري بمنطقة جبل أولياء لقصف عشوائي بقذائف الهاون من دون معرفة حجم الخسائر. وفي أم درمان أكد شهود اندلاع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة في مناطق غرب الحارات والثورة.

الفاشر تلتهب

في شمال دارفور تجددت الاشتباكات العنيفة بين الجانبين بمدينة الفاشر الولاية والإقليم استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة، وأوضحت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر أن الاشتباكات أدت إلى سقوط قتلى وإصابات، وأفاد بيان لـ"الدعم السريع" بأن قواته تصدت لهجوم الجيش بمدينة الفاشر أمس، موضحاً أنها تمكنت من "هزيمة (الفلول) والاستيلاء على معدات وذخائر إلى جانب خسائر كبيرة في الأرواح"، وذكر البيان أن مجموعة جديدة تضم 60 فرداً ممن سمتهم بشرفاء القوات المسلحة بالفرقة 16 نيالا بولاية جنوب دارفور انضمت بكامل عتادها العسكري إلى قوات "الدعم السريع".

معاناة لا توصف

وسط هذه الأجواء أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كلیمنتاین نكویتا سلامي عن شعورها بقلق بالغ من تعرض مرافق عمل الخدمات الأساسية، بما فيها الرعاية الصحية، للهجوم في السودان. ولفتت سلامي، في بيان، إلى أن النزاع تسبب في معاناة على نطاق لم يسبق له، مثيل وأنه "حينما خرجت الكرامة الإنسانية من النافذة لم يعد القليل مقدساً بعد الآن، ولا حتى عنابر المستشفيات المكتظة بالأطفال المرضى والجرحى". وأشارت إلى أن محطة المنارة لمعالجة المياه في أم درمان تعرضت في 21 أكتوبر (تشرين الأول) للقصف، مما أدى إلى توقف موقت لإمدادات المياه مما يثير القلق مع استمرار تفشي وباء الكوليرا في ولاية الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد. وأوضحت المنسقة الأممية أن تضرر المحطة لا يتسبب في تعطيل الإمدادات أياماً عدة وحسب، بل قد يفضي إلى أزمة طويلة الأمد تؤثر في الزراعة والصناعة والحياة اليومية. وذكرت سلامي بدعواتها المتكررة أطراف النزاع في السودان إلى حماية البنية التحتية المدنية، منوهة بأن القانون الإنساني الدولي يوجب على أطراف النزاع المسلح الحرص المستمر على تجنب تعرض الأعيان المدنية لمثل هذه الهجمات.

الكوليرا تحاصر الملايين

وسط هذه الأجواء، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في تحديث عن الوضع الإنساني، أن هناك أكثر من 3.1 مليون شخص معرض لخطر الإصابة بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في ثماني ولايات سودانية حتى نهاية هذا العام.

ووفق وزارة الصحة السودانية بلغت الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا 1618 حالة بينها 67 وفاة، في 22 محلية بولايات الخرطوم والقضارف والجزيرة وجنوب كردفان. وأوضح المكتب أن المجموعة الدولية للأدوية وافقت على منح الوزارة نحو 1576448 جرعة من اللقاحات الفموية للكوليرا، لتنفيذ حملة تستهدف الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على سنة واحدة في ست محليات من ولاية القضارف، غير أن وزارة الصحة طلبت منحها 700 ألف جرعة من لقاح الكوليرا، لتنفيذ حملة في محلية مدني الكبرى بولاية الجزيرة التي تأوي ملايين الفارين من القتال.

المزيد من متابعات