Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعاظم الهواجس في الشمال السوري من شن تركيا "العملية الرابعة"

هجمات حزب العمال الكردستاني تعطي ذريعة لاستكمال أنقرة المنطقة الآمنة بعمق 30 كيلومتراً

مدد البرلمان التركي لعامين تفويض الجيش بشن عمليات عبر الحدود في سوريا والعراق (اندبندنت عربية)

ملخص

انشغال أميركا بحرب غزة هل يقوي احتمال شن تركيا "العملية الرابعة"؟

على وقع الحرب المتواصلة في قطاع غزة، تستمر الضربات الجوية التي تشنها القوات المسلحة التركية على أهداف ومقار لحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق، وكذلك استهداف وحدات الحماية التركية، علاوة على قصفها المتجدد لقوات سوريا الديمقراطية (قسد). وتبدو أنقرة، بحسب خبراء عسكريين، منشغلة بمعركة تتمدد لتوشك أن تصبح حرباً برية سعياً منها لوقف التهديدات الحدودية التي طالما وصفتها بـ"هجمات إرهابية" تصلها من شمال العراق وسوريا.

فرصة سانحة

في المقابل، تتعاظم هواجس أهالي الجزيرة السورية ومنطقة الفرات من نشوب حرب من الجانب التركي، ومن عملية برية لوحت بها أنقرة مراراً بينما يتخوف منها أهالي المنطقة ويصفونها بأنها "لن تبقي ولن تذر" في حال اندلاعها، لأنها لن تكون هذه المرة بين طرفي النزاع بين وحدات الحماية الكردية في مواجهة الجيش التركي، بل ستتسع لتدخل فيها أطراف دولية، وهذا ما يفسره مراقبون عن ارتباط المعركة بخريطة عمليات معقدة.

ومدد البرلمان التركي أمس الثلاثاء، تفويض الجيش بشن عمليات عبر الحدود في سوريا والعراق لمدة عامين إضافيين، الأمر الذي اعتبره متابعون مواصلة للعملية العسكرية التي تشنها تركيا في الشمال. هذا التفويض بمثابة ضوء أخضر آخر بعد ثلاث عمليات برية سابقة منذ أغسطس (آب) عام 2016، سيطرت تركيا على مدينتي إعزاز وجرابلس بريف حلب، وهما منطقتان حدوديتان.

وتابعت أنقرة توغلها في الأراضي السورية بسبب خطر الـ (ب ب ك) اختصاراً لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا ودول غربية أخرى بحزب "إرهابي"، وقد سعت في يناير (كانون الثاني) عام 2018 بذراع عسكري من المعارضة السورية المسلحة، إلى السيطرة على مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، غالبية سكانها من المكون الكردي، تحت اسم "غصن الزيتون"، في حين شنت تركيا عمليتها البرية الأخيرة "نبع السلام" بهدف إبعاد وحدات الحماية الكردية من حدودها، وإنشاء منطقة آمنة.

التلويح بالحرب

وبحسب محللين عسكريين، تعيش تركيا هاجساً أمنياً وهي ترى أن إخراج قوات "قسد" ووحدات الحماية الكردية من منبج وغيرها من المناطق الحدودية أمر فائق الأهمية، خصوصاً بعد هجوم من قبل عنصرين من كتيبة تسمى "الخالدين" تتبع لحزب العمال الكردستاني في الأول من أكتوبر(تشرين الأول) الجاري على مقر أمني تركي تابع لوزارة الداخلية في العاصمة، ردت عليه حينها بغارات على مواقع تكرير النفط ومواقع عدة على طول 500 كيلومتر على الحدود السورية - التركية.

وكشف وزير الخارجية التركية، هاكان فيدان، أن العنصرين من كتيبة "الخالدين" دخلا من الأراضي السورية بحسب المعلومات الأمنية والاستخباراتية، في حين نفى القائد العام لقوات "قسد"، مظلوم عبدي، مرور منفذي الهجوم من المناطق الواقعة تحت سيطرة قواته، وذكر في حسابه الرسمي على منصة "إكس" "تبحث تركيا عن ذرائع لشرعنة هجماتها المستمرة على مناطقنا، وشن عدوان عسكري جديد، ما يثير قلقاً عظيماً"، حسب قوله.

ومع صدور التفويض الجديد، ترتفع نسبة احتمالات اشتعال شرارات الحرب شمالاً، ولعل التفويض الذي جاء بطلب من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للبرلمان منذ أسبوعين يشي بقرب إطلاق "ساعة الصفر" لحرب برية، والتوغل بـ"عملية رابعة" وسط إعلان الرئيس التركي، انتهاء المرحلة الأولى من العملية أثناء الجلسة الأخيرة للمجلس الوزاري، كاشفاً عن استهداف مواقع محددة لمقر التنظيم ومصادر الدخل والتمويل، وبلغت 194 هدفاً مع تحييد 162 من أفراد التنظيم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت باحثون أتراك إلى أن قرار تمديد التفويض كان متوقعاً، إذ أطلق التفويض الأول عام 2013 دعماً للحملة الدولية ضد تنظيم "داعش" الذي أتاح للجيش التركي المشاركة في عمليات على الأراضي السورية، وفي عام 2021 جدد البرلمان تمديد تفويض القوات لعامين إضافيين، بينما جاء التفويض الأخير أيضاً لعامين جديدين.

واستبعد الباحث التركي في الشؤون السياسية، فراس رضوان أوغلو في حديثه لـ "اندبندنت عربية" إقدام تركيا على شن أي عمل عسكري محتمل، واعتبر أن تمديد التفويض ليس بالضرورة قرع طبول الحرب، وأضاف، "لابد من التمديد تأهباً في حال حدوث أي شيء طارئ بحيث يكون الجيش جاهزاً، وتركيا في المحصلة حاضرة في الأراضي السورية والتمديد جزء من هذه الاستراتيجية في حال إبقاء هذه القوات ضمن الموافقة البرلمانية، بالتالي رسالة لحزب العمال الكردستاني وقسد أن تركيا جاهزة للدخول في أية عملية عسكرية إن تطلب الأمر".

 العملية البرية وإن كانت مستبعدة، من وجهة نظر الباحث التركي، أوغلو، لكن احتمالات حدوثها تبقى واردة، ومرتبطة مع التطورات الإقليمية التي تحدث في المنطقة، بخاصة مع وصول حاملتي طائرات إلى البحر المتوسط. وأردف قائلاً "أي هجوم عسكري سيسبب مشكلات لتركيا مع الأوربيين والأميركيين على حد سواء، وهي بغنى عنها في الوقت الحالي، والاعتقاد أن الظروف الحالية كما يظنها البعض مناسبة لأي هجوم عسكري تركي بسبب انشغال الولايات المتحدة بأحداث حرب إسرائيل وغزة، هو اعتقاد لا يمكن ترجيحه لأن العكس هو الصحيح في حال التدخل الأميركي، ووصول حاملة الطائرات شكل من أشكال الدعم لموقف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المنطقة".

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد رصد دخول رتل عسكري من القوات التركية يتألف من 30 مدرعة وشاحنة محملة بالمواد اللوجستية وناقلات الجند، وذلك من معبر خربة الجوز بريف إدلب الغربي، واتجهت هذه التعزيزات إلى نقاط عسكرية منتشرة في الخامس من أكتوبر الجاري إلى منطقة خفض التصعيد في سهل الغاب وريف إدلب الغربي.

البقاء للأقوى

في غضون ذلك، لم يخفِ الرئيس التركي ما وصفه بـ "المشكلة الأكبر" في العمليات التركية ضد الوحدات الكردية في شمال شرقي سوريا، المتمثلة، حسب ما أعلن عنه خلال الاجتماع الوزاري، في "أميركا" التي وصفها بالحليف، مؤكداً طلبه من الدول المتواجدة في المنطقة إبقاء عناصرها العسكرية والاستخباراتية بعيدة من أفراد ومقرات التنظيم.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أعلنت إسقاط طائرة تركية مسلحة (مسيرة) تحلق بالقرب من قواتها في سوريا، وهي المرة الأولى التي تسقط فيها واشنطن طائرة تابعة لتركيا حليفتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذكر البيان أنها تعمل مع الأطراف المعنية على الأرض لتحسين عمل آليات عدم الصراع على الأرض، وفي الوقت ذاته، نوه البنتاغون إلى أن إسقاط الطائرة لن يؤثر في عمليات أنقرة العسكرية في المنطقة.

إزاء ذلك، يعتقد خبراء في المجال السياسي التركي بعدم تهاون واشنطن بدعم المكون الكردي الذي يحكم سيطرته على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في حربها في حال أي اجتياح تركي، بينما يتأرجح الموقف الروسي،  الذي بدا منسجماً في الحرب الأذربيجانية - الأرمينية مع الموقف التركي، علاوة على الخصومة الشديدة والمتنامية بين البيت الأبيض والكرملين منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير