Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر "العالقة" في حرب غزة تتحسس خياراتها السياسية والأمنية

ترتكز القاهرة في تحركها على أولوية إدخال المساعدات الإنسانية ورفض مساعي التهجير إلى سيناء وترى أن القضية الفلسطينية "أمام منعطف هو الأخطر في تاريخها"

تتركز الجهود المصرية على التوصل لهدنة إنسانية والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول بـ"شكل عاجل وآمن" إلى قطاع غزة (أ ف ب)

ملخص

"نتحرك بشكل مكثف على المستويات كافة لاحتواء الموقف وعدم اتساع رقعة الصراع، فالقضية الفلسطينية برمتها أمام منعطف هو الأخطر في تاريخها"

بتعقيدات المشهد وتشابك خيوطه أمام تزايد احتمالات اتساع رقعة الصراع، تلملم القاهرة خيارتها السياسية والأمنية بين غبار الحرب المتصاعدة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وعينها على أمنها القومي مع تأكيدها على رفض أي ضغوط أو دعوات إلى تهجير فلسطينيي القطاع نحو سيناء، الذي ترى فيه محاولة لـ"تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار".

"نتحرك بشكل مكثف على المستويات كافة لاحتواء الموقف، وعدم اتساع رقعة الصراع، فالقضية الفلسطينية برمتها أمام منعطف هو الأخطر في تاريخها" يقول دبلوماسي مصري في حديثه مع "اندبندنت عربية"، موضحاً "كل السيناريوهات باتت واردة، والمنطقة برمتها مهددة بالاشتعال ما لم تع جميع الأطراف خطورة الموقف، وأن أي تصعيد غير محسوب التداعيات ينذر بأخطار غير مسبوقة".

وفيما تتركز الجهود المصرية على التوصل لهدنة إنسانية، والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول بـ"شكل عاجل وآمن" إلى قطاع غزة الذي بات يعاني "أوضاعاً إنسانية غير مسبوقة" وفق الدبلوماسي المصري، تؤشر الاحتمالات إلى استعداد القوات الإسرائيلية لشن هجوم بري على القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" في إطار رد تل أبيب على هجوم غير مسبوق على "أراضيها" نفذته الحركة مطلع الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن تعهدت إسرائيل بالقضاء على "حماس".

وبحسب مراقبين تكمن صعوبة الموقف الراهن على مصر بالنسبة إلى تصاعد الحرب في القطاع بخلاف الحروب السابقة في التحرك الإسرائيلي نحو "الانتقام من القطاع"، وما يخلفه من تداعيات إنسانية غير مسبوقة، مع تعثر وصول المساعدات الإنسانية، فضلاً عن الدعوات المتواصلة إلى توطين وتهجير سكان القطاع إلى شمال سيناء.

وتصاعدت الأحداث على الحدود الشرقية لمصر بعد أن أطلقت حركة "حماس" في السابع من أكتوبر الجاري "طوفان الأقصى"، التي توغل خلالها مقاتلوها في مناطق إسرائيلية ودخلوا مواقع عسكرية وتجمعات سكنية وقتلوا أشخاصاً وأسروا آخرين. وقتل ما لا يقل عن 1300 شخص في إسرائيل منذ بدء هجوم "حماس" السبت الماضي، وبينهم أكثر من 290 جندياً، وفق آخر حصيلة للجيش الإسرائيلي، في المقابل كثفت القوات الإسرائيلية من غاراتها الجوية على قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 2800 شخص بينهم أكثر من 800 طفل في قطاع غزة وجرح أكثر من 10 آلاف، وفق وزارة الصحة في غزة.

مقاربة التحركات المصرية

وفق عديد البيانات الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية المصرية أو وزارة الخارجية منذ اندلاع الأزمة، بدى تركيز القاهرة بشكل رئيس عبر اتصالاتها المكثفة مع العواصم الإقليمية والدولية على ثلاث نقاط رئيسة، أولها أهمية ضبط النفس ومراعاة عدم اتساع رقعة الصراع في المنطقة، مع التأكيد على ضرورة توفير النفاذ العاجل والآمن للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، فضلاً عن التحذير من الدعوات الموجهة لسكان القطاع بمغادرة منازلهم والاتجاه جنوباً، ورفض أية محاولة لتوطين الفلسطينيين في سيناء.

تجلت تلك النقاط بشكل رئيس في بيان مجلس الأمن القومي المصري الذي ترأسه رئيس البلاد عبدالفتاح السيسي، الأحد، لاستعراض تطورات الأوضاع الإقليمية، خصوصاً ما يتعلق بتطورات التصعيد العسكري في قطاع غزة، إذ خرج عنه التأكيد على أن مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين، وتكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات المطلوبة، فضلاً عن التشديد على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مع التشديد على أن "أمن مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته".

في الاجتماع ذاته أكد المجتمعون على إبراز استعداد مصر للقيام بأي جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام، مع توجيه الدعوة إلى استضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.

 

موقف القاهرة وتحركها تجلى كذلك في لقاء الرئيس المصري مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي أكد خلاله أن رد الفعل الإسرائيلي الحالي تجاوز حد الدفاع عن النفس وتحول إلى "عقاب جماعي" ضد الفلسطينيين في غزة، وأن الأزمة الحالية قد يكون لها تداعيات على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وأن التأخير في حل القضية الفلسطينية سيترتب عليه مزيد من الضحايا، مع التأكيد على رفض استهداف أي مدنيين في الصراع المستمر.

ووفق المصادر الدبلوماسية المصرية التي تحدثت إلينا فإن خشية القاهرة في تقييمها للأوضاع الراهنة المتصاعدة في القطاع "أن تحدث تداعيات على المستويات الأمنية والسياسية والإنسانية لا يمكن تداركها"، موضحة أن ما شهدته إسرائيل، في السابع من أكتوبر، ينذر بتغيرات كبيرة منتظرة على صعيد القضية الفلسطينية وكذلك بالنسبة إلى المنطقة.

وبحسب أحد المصادر، فإن القاهرة "تتحرك على المستويات كافة، وعينها بالأساس على اتخاذ ما تراه مناسباً للضغط من أجل فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات لسكان غزة، مع الرفض القاطع لأية محاولات لتهجير أو توطين فلسطينيي القطاع في شمال سيناء"، موضحة أن "السلطات المصرية تسعى إلى توصيل رسائل واضحة لكل الأطراف الإقليمية والدولية في هذين الشأنين، فضلاً عن أجل شرح أبعاد الموقف وتوضيح مدى خطورة استمرار مسار التصعيد الإسرائيلي الذي يهدد بعواقب وخيمة حتى على تل أبيب نفسها".

وكانت مصر حذرت في بيان صادر عن وزارة الخارجية الجمعة الـ13 من أكتوبر من مطالبة الجيش الإسرائيلي سكان قطاع غزة وممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في القطاع، بمغادرة منازلهم خلال 24 ساعة والتوجه جنوباً. وأكدت مصر أن هذا الإجراء يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، ودعت الأمم المتحدة والأطراف الفاعلة دولياً إلى التدخل "للحيلولة دون مزيد من التصعيد غير محسوب العواقب في قطاع غزة".

أولوية "دخول" المساعدات

وكثفت القاهرة على مدار الأيام الماضية مساعيها الهادفة إلى إدخال مساعدات إغاثية إلى قطاع غزة، وبموازاة لاتصالات السياسية والتحركات الدبلوماسية، بدا هناك تركيز على ضرورة تخفيف المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون في القطاع جراء تصعيد القصف الجوي الإسرائيلي.

وبعد رفض إسرائيلي متكرر لدخول المساعدات الإنسانية قبل تسليم الأسرى الذين تحتجزهم حركة "حماس"، تحول الحديث إلى اتفاق يسمح بمغادرة الأجانب في مقابل دخول المساعدات الإنسانية، إلا أنه لم ير النور إلى الآن، وهو الأمر الذي كان من بين الملفات الرئيسة على طاولة محادثات وزير الخارجية الأميركي خلال زيارته القاهرة الأحد 15 أكتوبر.

ويقول سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "مصر استخدمت ورقة خروج الأجانب للضغط على إسرائيل، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"، مشيراً إلى أن القاهرة "تكرس جهدها لدعم الفلسطينيين وعدم إفراغ القضية بتهجير المواطنين إلى سيناء"، وبحسب غطاس، فإن القاهرة توازن بين ضرورة وأهمية إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن، والحفاظ على أمنها القومي، الذي يرى أنه لا توجد سلطة أو حكومة يمكنها التفريط به، أو المغامرة به.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، قال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي إن مصر "تتحرك في اتجاهين، الأول استراتيجي، وهو المتعلق بإجهاض دعوات توطين الفلسطيني في سيناء التي يروج لها من الساسة والمسؤولين الإسرائيليين، إذ من المستحيل قبوله تحت أي ظرف وأمام أي ضغوط، مهما كانت مقارباته أو الضغوط التي تمارس من أجله لن يتحقق"، مضيفاً أن الخيار الثاني يتعلق بـ"بتداعيات التصعيد الراهن على المستوى الإنساني ومحاولات الضغط لإدخال المساعدات الإنسانية المطلوبة".

وأوضح الشوبكي أن "القاهرة تدرك صعوبة الوضع الراهن، من ناحية إصرار إسرائيل على الرد بقسوة وتحقيق أهدافها الانتقامية رداً على ما شهدته في السابع من أكتوبر"، معتبراً أن مسألة المساعدات الإنسانية، واستقبال الجرحى والمصابين من سكان القطاع يمكن أن تتم من دون مشكلات كبيرة ومصر قادرة على التعامل مع هذا الوضع".

وكانت إسرائيل أغلقت معبريها الحدوديين مع غزة في أعقاب هجمات "حماس"، وفرضت "حصاراً كاملاً" على القطاع، ومنعت إمدادات الوقود والكهرباء والمياه. وترك بذلك معبر رفح بين غزة ومصر باعتباره المنفذ الحيوي الوحيد لإخراج الناس من القطاع وإيصال الإمدادات إليه.

 

لكن مصر تشعر بالقلق إزاء احتمال عبور مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها، إذ يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع الساحلي المكتظ بالسكان الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مكثف.

وتعرض معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة لثلاث غارات جوية على الجانب الفلسطيني خلال 24 ساعة، اثنتان منها الثلاثاء الماضي، ما أسفر عن غلقه موقتاً من السلطات المصرية.

رفض "التهجير" إلى سيناء

يتفق مراقبون على قراءة تحركات القاهرة من البعدين الأمني في ما يتعلق برفض توطين أو تهجير الفلسطينين إلى سيناء، والإنساني في شأن ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع "المحاصر".

ويقول المحلل الاستراتيجي والعسكري العميد سمير راغب "التحدي الأمني الرئيس بالنسبة إلى مصر يتمثل في انهيار قطاع غزة وانفجاره باتجاه سيناء، مما يعني تصفية القضية الفلسطينية ونهاية أي حديث عن حل الدولتين، وإحداث تعقيدات وأمينة وسياسية غير مسبوقة بالنسبة إلى القاهرة"، ووفق رؤية راغب "نخشى من تكرار نكبة عام 1948 وتهجير الفلسطينين من أراضيهم، وعليه تحاول القاهرة الضغط على كل الأطراف الفاعلة والمؤثرة للضغط في تل أبيب ووقف التصعيد والمذابح الجارية في القطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية عبر الطرق القانونية والشرعية"، ويتابع راغب "أي تهجير يدمر فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقبلية"، مضيفاً "حذرت القاهرة سابقاً في أكثر من مناسبة من احتمالات انفجار الأوضاع في غزة، وضرورة تخفيف الضغط على المدنيين في القطاع وكسب البيئة الحاضنة لحركة حماس، كانت القاهرة تسعى إلى منع هكذا حريق، لكنه حدث ودخلنا مرحلة جديدة"، محذراً من أن "التصعيد القائم يدفع المنطقة بأكملها نحو الحريق".

في الاتجاه ذاته يقول أستاذ العلوم السياسية بـ"جامعة القاهرة" حسن نافعة إن "التصعيد الراهن يجعل الخيارات كافة صعبة أمام القاهرة"، موضحاً أنه لا يمكن للقاهرة أمام الضغوط الغربية أن توافق على "تهجير الفلسطينيين من غزة ولا هم سيوافقون على الخروج من أرضهم".

وتابع "مصر تدرك وجود عناصر متطرفة في الداخل الإسرائيلي يسعون إلى وضع سيناء في إطار تصفية القضية الفلسطينية، لكن هذا أمر غير وارد ولن يقبله الشعب ولا أية حكومة تستطيع اتخاذ مثل هكذا قرار"، معتبراً أن "تعاطي القاهرة مع تطورات الموقف يتوقف على تطورات الحرب نفسها واحتمال انخراط أطراف أخرى في الصراع".

وبحسب رؤية نافعة فإن الحرب المشتعلة في غزة الآن "مفتوحة على كل الاحتمالات خصوصاً مع الإصرار الإسرائيلي على المضي قدماً باتجاه تصفية ’حماس‘، وهو هدف لن يتحقق إلا بغزو عسكري لغزة، وهو الخيار الذي يحمل معه أخطاراً كبيرة، ويضع تل أبيب أمام خيارات صعبة للغاية"، مشيراً إلى أن "الآفاق مفتوحة على كل الاحتمالات، أخطرها انخراط ’حزب الله‘ اللبناني المعركة، ومن ورائه إيران، ولكن هذا يتوقف على خطوات إسرائيل التصعيدية المقبلة"، على حد وصفه.

ويرى نافعة أنه "لا أحد يستطيع أن يجزم بأحد السيناريوهات المقبلة في غزة"، موضحاً أن "إسرائيل تحاول منذ فترة طويلة جر الولايات المتحدة لضرب إيران، وعليه فإن السيناريوهات كلها مفتوحة"، معتبراً أن "أية حرب إقليمية معرضة لأن تكون حرباً عالمية وهذه ليست مبالغة".

ووفق نافعة فإن "الشرق الأوسط لن يعود كما كان قبل السابع من أكتوبر"، موضحاً أن ما حدث يمكن أن يدفعنا "إما عن بحث حل حقيقي للقضية الفلسطينية، ولكن الظروف لها غير متوفرة الآن، أو حدوث تغيرات جيوسياسية تغير من شكل التحالفات والشراكات الموجودة في المنطقة".

 

بدوره يقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي إن مصر "تتحرك في اتجاهين، الأول استراتيجي، وهو المتعلق بإجهاض دعوات توطين الفلسطيني في سيناء التي يروج لها من الساسة والمسؤولين الإسرائيليين، وكذلك الإعلام الغربي، الذي من المستحيل قبوله تحت أي ظرف وأمام أية ضغوط، مهما كانت مقارباته أو الضغوط التي تمارس من أجله فلن يتحقق"، مضيفاً أن الخيار الثاني يتعلق بـ"التعامل مع الأزمة عندما نكون حسمنا رفض طرح فطرة التوطين أو التهجير".

في حديثه خلال حفلة التخرج العسكري يوم الخميس الماضي الـ12 من أكتوبر شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطاب على أن يبقى أهالي غزة "صامدين وموجودين على أرضهم"، داعياً الطرفين إلى العودة فوراً للمسار التفاوضي وضبط النفس، مؤكداً أن الأمن القومي لبلاده هو "مسؤوليته الأساسية".

مقاربات غربية للضغط

وأمام الرفض الرسمي والشعبي من القاهرة وحتى بين العواصم العربية التي استنكرت محاولات "تهجير أو توطين" فلسطينيي القطاع إلى شمال سيناء، والسعي "إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار"، لم تألوا التقارير الغربية للترويج لذلك المقترح "سواء بشكل موقت أو دائم" عبر مقاربات اقتصادية وأمنية.

ففي تقرير لمجلة "إيكونوميست"، تحت عنوان "هل يمكن إقناع مصر بقبول لاجئي غزة؟"، دعت المجلة البريطانية إلى الضغط على القاهرة عبر ضخ مزيد من التحفيزات المالية والاقتصادية لقبول الطرح، موضحة أنه يمكن للدول الأجنبية أن تقدم لمصر ضخاً نقدياً أو صفقات اقتصادية، أو إعادة هيكلة بعض ديونها البالغة 16 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لخلق مجال للنفوذ وحث مصر على قبول فتح حدودها.

وبحسب تقرير المجلة الصادر حديثاً فإن ذلك الطرح ستحتاج فيه القاهرة إلى "تطمينات بأنها لن تترك بمفردها في ما يتعلق باستضافة اللاجئين على المدى الطويل، وأن الدول الأخرى سيتعين عليها المساعدة في الدعم والإسكان وما إلى ذلك لتجنب حدوث مشكلة سياسية"، مشيرة إلى ضرورة "ضمان التعاون من دول الخليج والتزامها بتقاسم أعباء اللاجئين، مما سيكون على الأرجح عاملاً أساسياً في إقناع مصر بقبول سكان غزة على أراضيها"، على حد وصفها، معتبرة أن وضع الاقتصاد المصري "المأزوم"، الذي يعاني ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة ورفض صندوق النقد الدولي صرف مزيد من القروض بسبب عدم وفاء مصر بشروط الصندوق، قد يكون فرصة لتمرير مثل هذا الطرح.

وفي تقرير مفصل حول "الضغوط" التي تتعرض لها القاهرة في هذا الاتجاه، كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقول إن "مصر تتعرض لضغوط مكثفة للسماح للاجئين في غزة بعبور الحدود في اتجاه شبه جزيرة سيناء"، موضحة في تقريرها الذي كتبته الإثنين الـ16 من أكتوبر، أي غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي للقاهرة، أن مسألة فتح الحدود أمام اللاجئين من غزة "يعد قراراً صعباً"، وأن القاهرة متخوفة من تصدير التوترات والمتاعب في غزة بالدخول إلى شبه جزيرة سيناء في شكل أعداد كبيرة من اللاجئين.

ووفقاً للصحيفة الأميركية فإن "موجة" من الجهود الدبلوماسية الأخيرة، التي تضمنت زيارة أنتوني بلينكن إلى القاهرة يوم الأحد، تضع مصر في مركز الجهود الرامية إلى الوقف الموقت لحملة القصف الإسرائيلية التي أدت إلى نزوح مليون شخص، لكن بعض المسؤولين الغربيين يقولون إن مصر لم تكن مفيدة ويطلبون المساعدة من قطر، التي لها أيضاً علاقات مع "حماس". مضيفة أنه وفقاً لخطة أولية، سيكون المواطنون الأميركيون أول من يدخل سيناء، يليهم المواطنون الأميركيون مزدوجي الجنسية والجنسيات الغربية الأخرى، ثم عمال الأمم المتحدة وغيرهم من العاملين في مجال الإغاثة، وأخيراً موظفو الشركات الدولية.

وذكرت الصحيفة أن القاهرة قاومت في البداية السماح حتى للأميركيين بالمرور يوم السبت الـ14 من أكتوبر، وطلبت من واشنطن وتل أبيب أن تعدا أولاً بممر آمن للمساعدات الإنسانية من شبه جزيرة سيناء إلى غزة.

وتقول الصحيفة إنه وبينما تستعد القاهرة للسماح لبعض الأشخاص بالدخول، فإنها تقاوم بشدة فكرة الاضطرار إلى استضافة ما يمكن أن يصبح مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، وفقاً للمسؤولين، معتبرة أن الشاغل الرئيس الآخر لمصر هو أمنها القومي، إذ تشعر "بالقلق من أن فتح حدودها سيزيد من احتمال دخول جماعات أكثر تطرفاً من ’حماس‘ إلى شبه الجزيرة التي عملت السلطات جاهدة لإخضاعها تحت سيطرتها لمدة 10 سنوات تقريباً".

المزيد من تقارير