Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سيدخل "حزب الله" اللبناني في صراع غزة؟

ضمنت مجموعة من قواعد الاشتباك الحساسة وغير المكتوبة عدم نشوب أي صراع كبير بين إسرائيل و"حزب الله" منذ عام 2006، لكن هذه القواعد تخضع للاختبار الآن

ملخص

ضمنت مجموعة من قواعد الاشتباك الحساسة وغير المكتوبة عدم نشوب أي صراع كبير بين إسرائيل و"حزب الله" منذ عام 2006، لكن هذه القواعد تخضع للاختبار الآن: هل سيدخل "حزب الله"، عدو إسرائيل اللبناني المسلح، في صراع غزة؟

مع تصعيد الجيش الإسرائيلي رده على المجزرة التي وقعت لمئات المدنيين على يد "حماس" في نهاية هذا الأسبوع، أرسل دبابات وقوات ليس فقط إلى مسرح العمليات التي جرت فيها الفظائع، ولكن إلى حدوده الشمالية مع لبنان.

لقد كان اعترافاً مستمداً من التجربة بأن من غير المرجح احتواء هجوم شامل على غزة في حدودها. فإلى الشمال من إسرائيل يوجد عدو أكثر شراسة، وحليف لـ"حماس" يتمثل بجماعة "حزب الله" الشيعية اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

زادت المناوشات الأخيرة على الحدود من احتمال دخول "حزب الله" في المعركة وتوسيع الصراع خارج حدود إسرائيل. الجماعة مجهزة تجهيزاً أفضل بكثير من "حماس"، ولديها ترسانة من عشرات الآلاف من الصواريخ المتطورة، وفقاً لمايكل نايتس، زميل في معهد واشنطن وخبير في الميليشيات المدعومة من إيران.

"تقول إسرائيل إن هجوم حماس شمل نحو 1500 من الكوماندوز الذين دخلوا إسرائيل: قدرت إسرائيل أن حزب الله لديه جيش نظامي قوامه 45 ألف جندي". قال نايتس لـ "اندبندنت". وأضاف: "أطلقت حماس نحو 3300 صاروخ وطائرة من دون طيار حتى الآن، أما حزب الله فلديه نحو 150 ألفاً من القذائف الجاهزة للإطلاق".

وسيمثل دخول "حزب الله" في الصراع تصعيداً خطراً في حرب مدمرة بالفعل بين إسرائيل و"حماس"، وهي الحرب التي شهدت مقتل أكثر من 1000 إسرائيلي و800 فلسطيني حتى يوم الثلاثاء.

من شأن احتمال كهذا أن يضمن نشوب حرب إقليمية من شبه المؤكد أن تتسبب في خسائر مدنية هائلة في لبنان وإسرائيل، ومن المحتمل أن تجتذب مجموعات أخرى مدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة.

ما هو على المحك الآن ميزان القوى في حرب إقليمية بالوكالة بين الخصمين إسرائيل وإيران. أمضت الجمهورية الإسلامية سنوات في بناء شبكة من الجماعات المسلحة المتحالفة مع إسرائيل، تسميها مجتمعة "المقاومة". وقد زودت تلك الجماعات - "حزب الله" في لبنان و"حماس" في غزة والمتمردين الحوثيين في اليمن ومختلف الجماعات المسلحة الشيعية في العراق وسوريا - بالتدريب العسكري والدعم المالي والصواريخ والقدرة على صنع صواريخها بأنفسها.

تجلت عواقب هذا التحالف في عام 2006، عندما خاض "حزب الله" وإسرائيل حرباً استمرت 34 يوماً أدت إلى مقتل 1200 شخص في لبنان، معظمهم من المدنيين، و157 إسرائيلياً، معظمهم من الجنود. في تلك المواجهة التي اندلعت عندما هاجم مقاتلو "حزب الله" قافلة للجيش الإسرائيلي تقوم بدوريات على الحدود، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وأخذ رهينتين، دمرت إسرائيل البنية التحتية المدنية في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك العاصمة بيروت. وأطلق "حزب الله" أكثر من 4 آلاف صاروخ على إسرائيل، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.

انتهت حرب عام 2006 بوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في أغسطس (آب) من ذلك العام. وفي أعقاب ذلك، وعلى رغم تكبده خسائر أكبر بكثير، زعم "حزب الله" تحقيقه انتصاراً استراتيجياً لأنه حافظ على قدرته على مواصلة إطلاق الصواريخ.

ومنذ ذلك الحين، تزعم إسرائيل أن "حزب الله" زاد بشكل كبير من مخزونه من الصواريخ، ومعظمها غير موجه، مما قد يخلف أضراراً هائلة في جميع أنحاء إسرائيل، كما اكتسبت الجماعة خبرة ميدانية قيمة من خلال إرسال الآلاف من مقاتليها للانضمام إلى قوات الحكومة السورية في الحرب الأهلية في سوريا.

ونظراً إلى توقعها أن "حزب الله" ربما يستعد لمثل هذه الخطوة، أرسلت الولايات المتحدة، أقوى حلفاء إسرائيل قوة ضاربة هي حاملة طائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط في ما وصفه مسؤول دفاعي بأنها "إشارة رادعة لإيران وحزب الله اللبناني وأي ذراع أخرى في جميع أنحاء المنطقة" ممن كانوا يدرسون مسألة الانضمام إلى الصراع، بحسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وفي حديثه بعد ظهر الثلاثاء الماضي، بدا أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعزز هذه الإشارة. وعلى رغم أنه لم يذكر "حزب الله" بالاسم، فقد حذر "كل دولة أو كل منظمة أو كل شخص يفكر في استغلال هذا الوضع".

السؤال الذي يطرح نفسه الآن عن سكان لبنان وإسرائيل هو ما الذي سيدشن على وجه التحديد دخول "حزب الله" في الصراع؟ تعتمد الإجابة على لعبة القط والفأر المعقدة التي تلعب بالصواريخ والمدفعية في المنطقة الحدودية المضطربة.

على رغم المناوشات المتقطعة، بذل الجانبان جهوداً كبيرة لتجنب اندلاع أعمال عدائية أخرى على نطاق واسع في السنوات الماضية. وقال فراس مقصد، زميل أقدم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة، لـ"اندبندنت" إن "تفاهماً غير مكتوب" قد نشأ بين الجانبين يحدد الإجراءات المسموح بها من دون إثارة تصعيد.

وأضاف "في ما يتعلق بقواعد الاشتباك الحساسة بين إسرائيل وحزب الله، أعتقد أنه من المهم أن نتذكر أن بين الطرفين تاريخ 40 عاماً من مواجهة بعضهما بعضاً على جانبي تلك الحدود، مما أدى أيضاً إلى فهم أفضل لنوايا وأهداف كل منهما".

"السؤال الكبير هنا هو ما إذا كنا سنشهد في الأيام المقبلة نشوء مجال لسوء الفهم وسوء التقدير". وأضاف مقصد: "من المؤكد أن التوترات شديدة جداً".

"هل سيأتي حزب الله لإنقاذ حماس، هل سيكون على بنيامين نتنياهو أن يفي بتهديده ببدء غزو بري شامل لغزة؟"، تساءل مقصد قائلاً: "تخميني بحكم خبرتي هو أنه سيكون من الصعب جداً على حزب الله وإيران، راعيه الإقليمي، الجلوس مكتوفي الأيدي ومشاهدة تفكيك الذراع الفلسطينية للمحور الإيراني".

لقد اختبرت قواعد الاشتباك المعمول بها بين "حزب الله" وإسرائيل في الأيام الأخيرة. الأحد الماضي أطلق "حزب الله" النار على ثلاثة مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها. وكان الإثنين الماضي أكثر الأيام دموية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ حرب عام 2006. وحاول مقاتلون من جماعة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، التي لها وجود في لبنان، التسلل إلى إسرائيل، مما أدى إلى مقتل اثنين من أعضائها ومقتل ضابط إسرائيلي. وأطلق "حزب الله" النار على موقعين عسكريين إسرائيليين آخرين قرب الحدود، وقالت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان أيضاً إن عدداً من الصواريخ أطلق قرب مدينة صور اللبنانية. وقال "حزب الله" إن ثلاثة من مقاتليه قتلوا في القصف الإسرائيلي الذي جاء رداً على ذلك.

يتمتع "حزب الله" بسيطرة مشددة على المنطقة الحدودية مع إسرائيل، مما يجعل من المستحيل تقريباً أن تكون الإجراءات التي اتخذتها الجماعات الفلسطينية في لبنان قد نفذت من دون موافقته.

ومع تصعيد إسرائيل قصفها لغزة الثلاثاء الماضي، أطلق وابل آخر من الصواريخ من لبنان على إسرائيل، وأطلق "حزب الله" صاروخاً موجهاً على مركبة عسكرية إسرائيلية.

هدف "حزب الله"، وفقاً لمقصد، هو ثني إسرائيل عن تنفيذ غزو بري كامل لغزة.

وقال مقصد: "أعتقد أن بالإمكان توقع مزيد من ذلك في الأيام المقبلة"، "أعتقد أن [حزب الله] سيستخدم أطرافاً ثالثة مثل الجماعات المسلحة الفلسطينية على الأراضي اللبنانية لإعلان مسؤوليتها عن هذه العمليات، ولكن على أساس أنهم يعملون بموافقة حزب الله".

وقال مقصد: "سيجدون طرقاً مبتكرة لمحاولة مضايقة إسرائيل وردعها عن عملية شاملة".

لكن لعبة الردع الحساسة هذه تحمل معها أخطار الانفجار، فإذا غزت إسرائيل غزة، كما وعدت، ودخل حزب الله الحرب من الشمال، فقد تنجر الولايات المتحدة أيضاً.

"الرسالة هي أن إسرائيل، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، قد تنتقم ليس فقط من حزب الله، ولكن أيضاً من حليفه، النظام السوري في دمشق. ومفاد الرسالة أننا سننتقم من الذراع الفلسطينية لإيران، وإذا حاولت إيران وحزب الله التحرك لإنقاذها، سندمر ذراعها السورية".

"نحن نشهد لعبة محاولة للردع المتبادل، وهو أمر خطر لأنه في حين يحاول كلا الجانبين دعم بعضهما بعضاً ولا يريدان الدخول في صراع إقليمي واسع النطاق، فقد يؤدي هذا النوع من المواقف في حد ذاته إلى نشوب الصراع الإقليمي الذي لا تريد جميع الأطراف نشوبه".

ومع استمرار القوات الإسرائيلية في إحصاء القتلى من عمليات القتل الفظة التي ارتكبتها "حماس"، كثفت قصفها غزة، مما أدى إلى تحويل جزء كبير من حي الرمال في المدينة إلى ركام بين عشية وضحاها. فرضت إسرائيل حصاراً صارماً على القطاع جواً وبراً وبحراً لمدة 16 عاماً، وهو إجراء وصفته الأمم المتحدة بأنه "عقاب جماعي" لسكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تسبب في "الانهيار التام للاقتصاد والبنية التحتية وجعل منظومة الخدمة الاجتماعية في حالة يرثى لها".

وفي الوقت نفسه يعتقد نايتس أن المجزرة التي وقعت لمئات المدنيين على يد "حماس" قد تغير قواعد الاشتباك المحددة سابقاً.

وقال "كلا الطرفين حريص إلى حد ما ولديه معايير مفهومة جيداً طبقت واختبرت مئات المرات على أرض الواقع". "لكن جانباً واحداً قد تغير وهو مدى قبول إسرائيل الأخطار وحالتها العاطفية. وقد يؤدي ذلك إلى رد فعل مفرط وإلى تصعيد".

© The Independent

المزيد من تحلیل