Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على إسرائيل التوقف والنظر في عواقب عقابها المُسوَّغ

افتتاحية: إذا كان لإسرائيل أن تحتفظ بالدعم الدولي الذي تستحقه بسخاء، فعليها أن تتصرف مثل أي ديمقراطية متحضرة أخرى تلتزم بقواعد الحرب والاتفاقيات الدولية

"إن حرباً بين الغرب والإسلام، تُشعلها أعمال الإرهاب، هي ما تتوق إليه "حماس" وإيران" (رويترز)

ملخص

افتتاحية: إذا كان لإسرائيل أن تحتفظ بالدعم الدولي الذي تستحقه بسخاء، فعليها أن تتصرف مثل أي ديمقراطية متحضرة أخرى تلتزم بقواعد الحرب والاتفاقيات الدولية: يجب على إسرائيل التوقف والنظر في عواقب انتقامها المُسوَّغ

في بلد يكون فيه النظام الحزبي متشظّياً بنحوٍ يُربك البصر، وحيث لا تمكث الحكومة في السلطة لأكثر من عامين كمعدل وسطي، فإن تشكيل حكومة وطنية في إسرائيل دليل آخر على مزاج عام جديد للوحدة الوطنية.

لقد شعر شعب إسرائيل بالصدمة والفزع والذهول والغضب من الهجمات الإرهابية الفظة التي شنّتها "حماس". لم يكن هناك مبرر لما فعلوه، وكان بإمكان "حماس" أن تُدرِك – وقد أدركت الآن – أنّ الانتقام سيكون سريعاً وقوياً. الآن، يتّحد الحزبان الرئيسيان في إسرائيل – الليكود، بقيادة بنيامين نتنياهو، وحزب الوحدة الوطنية الوسطي بزعامة بيني غانتس – في حكومة طوارئ على وجه التحديد لمواصلة حربهما على "حماس". وينبغي تنحية أي تباينات في هذا الجانب من السياسة جانباً من أجل تحقيق النصر، وهذا أيضاً إظهارٌ للقدرة على التحدي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن كيف يبدو النصر؟ ما الذي يعنيه السيد نتنياهو بـ "تغيير الشرق الأوسط"؟ مثل العديد من القادة الذين سبقوه، سيكون لديه فرصة أكبر للنجاح، أي للنصر، إذا حدد أهداف حربه – وجعلها واقعية. يجب أن تكون وسائل النصر، وربما القضاء على "حماس" أيضاً وسائل لا تؤدي في نهاية المطاف إلى تقوية العدو وتغدو مدمرة للذات. هذا هو التحدي الذي يواجه حكومة نتنياهو وغانتس الآن.

إذا كان لإسرائيل أن تُبقي على الدعم الدولي الذي تستحقه بسخاء، فعليها أن تتصرف مثل أي ديمقراطية متحضرة أخرى تلتزم بقواعد الحرب والاتفاقيات الدولية. وبالطبع في أي حرب – وهذه حرب إرهاب لا مسوغ لها شنّتها "حماس" على المدنيين الإسرائيليين – سيكون هناك ضحايا وأبرياء. لقد مات إسرائيليون وفلسطينيون أيضاً، وثمّة الكثير من القتلى الآخرين. لم نعرف حرباً لم يتأذَّ فيها المدنيون، وحتى في هذه المرحلة المبكرة، أصبح نحو 260 ألف فلسطيني في عداد المشرَّدين. وتحت الحصار، كل شيء شحيح، بما في ذلك المياه، ولا توجد كهرباء.

لن يؤدي القصف والغزو البري سوى إلى تفاقم الأمور، وسيمُدّ "حماس" بالعديد من المجنّدين. وستواجه القوات البرية الإسرائيلية مقاومة هائلة – فالأنقاض أسوأ تضاريس لهجوم مدرع مدعوم من المشاة. ذلك هو الدرس المستفاد من العمليات السابقة، وآخرها في جنين في الضفة الغربية.

هذه هي اللحظة المناسبة لإسرائيل للتوقف والنظر في عواقب مثل هذه الاستراتيجية. وقد استنكر الاتحاد الأوروبي بالفعل هذه السياسة باعتبارها مخالفة للقانون الدولي. في زيارته رفيعة المستوى، ربما حث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بشكل خاص على توخّي الحذر، مع دعم إسرائيل علناً وبصدق بأي مساعدة دبلوماسية وعسكرية ومالية تحتاجها. كما قال الرئيس بايدن، في مواجهة "الشر"، ستدعم أميركا إسرائيل.

إن معاملة المدنيين الفلسطينيين، المختلفين عن "حماس"، واجبٌ قانوني في سياق كارثة إنسانية، ويجب أن تكون هذه أسباباً كافية لإسرائيل للتصرف بشكل متناسب وبموجب القانون الدولي. كذلك، من وجهة النظر الضيقة للمصالح الأمنية الإسرائيلية، من الصعب أن نرى كيف يمكن تحقيق السلام والأمن الدائمين لإسرائيل من خلال فرضِ نوع من العقاب الجماعي على سكان غزة ككل.

ألن تزيد مثل هذه الأعمال من خلقِ المزيد من الأعداء اللّدودين لإسرائيل ممن هم على استعداد ليستغلّهم قادة "حماس" غير الآبهين ورعاتهم الإيرانيين؟ إذا مُسِحت غزة عن الأرض، فهل سيقف "حزب الله" (المدعوم من إيران) مكتوف الأيدي في الضفة الغربية وجنوب لبنان؟ هل سيجعل ذلك بقية الغرب أكثر أو أقل قابليةً لدعم إسرائيل؟

هل سيؤدي الرد العنيف والعشوائي على نحو غير متناسب إلى جعل القوى الكبرى الأخرى في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية وتركيا، أكثر ودّية إزاء دولة إسرائيل؟ ماذا سيفعل موت الأطفال الفلسطينيين للرأي العام في الأردن والإمارات العربية المتحدة، اللتين تجمعهما الآن رسمياً اتفاقيات سلام مع إسرائيل؟ كيف ستستجيب مصر، التي تربطها اتفاقية سلام مع إسرائيل منذ عام 1978، لتدفق مئات الآلاف من اللاجئين؟ ثمّة بالتأكيد تمييز هنا بين أهل غزة و"حماس".

من خلال تكتيكاتهما، استخدمت "حماس" (وإيران) المظالم الفلسطينية لتحقيق غاياتهما الخاصة ودفعتا إسرائيل إلى موقف مستحيل. إن فظاظة عصابات "حماس" القروسيطة تُعيد إيقاظ أعمق المخاوف الوجودية لليهود الإسرائيليين وتستدعي الرد المتطرف المتوقع. إلّا أن المشهد العمراني في غزة، وأحيائها المكتظة بالسكان، وقبل كل شيء، عادة [حماس] في ترسيخ نفسها في المناطق المدنية تجعل من الصعب على إسرائيل الرد من دون إلحاق معاناة رهيبة بالمدنيين.

إذا كان الجبناء الذين اختطفوا السيدات المسنات وقتلوا الأطفال يتموضعون في مسجد أو في حضانة، فما الذي يجب على قوات الدفاع الإسرائيلية فعله؟ إن إعطاء تحذير مسبق للإخلاء هو البروتوكول الإسرائيلي المعتاد – ولكن بعد ذلك ينتقل الإرهابيون ببساطة إلى مكان أكثر أماناً.

المعضلات قديمة وغير قابلة للحل، كما هي الحال مع الكثير في المنطقة. ومع ذلك، يجب على نتنياهو وغانتس، المتَّحديْن الآن، محاولة اختيار مسار من خلال الخيارات المستحيلة بطريقة تجعل "حماس" أقل تهديداً وإسرائيل أكثر أماناً، بدلاً من العكس. لا يمكن لإسرائيل أن تخاطر بفقدان سلطتها الأخلاقية، وأصدقائها، في قضية الانتقام. يتطلب الأمر تصميماً هادئاً وصارماً – وشعوراً بالحذر.

إن حرباً بين الغرب والإسلام، تُشعلها أعمال الإرهاب، هي ما تتوق إليه "حماس" وإيران، تماماً كما فعل أسامة بن لادن في هجمات 11 سبتمبر (أيلول). لذا، قبل كل شيء، يجب على إسرائيل تجنّب الوقوع في هذا الفخ الرهيب.

© The Independent

المزيد من آراء