Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخدمات تأتي وقت الانتخابات في العراق

اعتاد المواطن على نزول المرشحين إلى المناطق السكنية وإطلاق برامجهم الملأى بالوعود

"على المفوضية المستقلة العليا للانتخابات مراقبة الكيانات السياسية المتنافسة والأفراد المرشحين لمنع استغلال الموارد العامة" (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

كانت الحكومة العراقية قد أطلقت حملة خدمية شملت كثيراً من مناطق بغداد والمحافظات

تبدو الانتخابات في العراق فرصة لكثيرين من المرشحين لإطلاق وعودهم الانتخابية بهدف كسب الكثير من الأصوات بحجة تقديم الخدمات في أوقات الانتخابات والتي تكاد تكون وقتية وتختصر في فترة الانتخابات فقط.

وما يقارب العقدين، اعتاد المواطن العراقي على نزول مرشحي الانتخابات إلى المناطق السكنية ولا سيما التي تكتظ بالسكان وتفتقد أبسط الخدمات، وإطلاق المرشح برنامجه الممتلئ بالوعود الانتخابية، إلا أن ما يتحقق منها قليل جداً ويكاد يكون في بعض الأحيان نادراً جداً، إذ لا تكون الخدمات إلا في حال الانتخابات، وهذا المشهد بات يتكرر في كل انتخابات نيابية أو مجالس المحافظات تجرى، وتترقب الأوساط الشعبية والسياسية في العراق، إجراء أول انتخابات مجالس المحافظات منذ 2013 والتي ستكون في 18 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسط غياب التفاعل الجماهيري لها.

ويرى متخصصون في الشأن العراقي أن جزءاً من استراتيجية العمل السياسي لدى كثير من الأحزاب والقوى السياسية هو موضوع اللعب على مشاعر العراقيين واستخدام أسلوب الخداع لهم في أبسط حقوقهم.

وفي هذا السياق، حذر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت سابق، من غايات "للفاسدين" لغرض الحصول على مزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة، مؤكداً أن الفاسدين يتربصون لسرقة المال العام ويجب التصدي لهم، وأشار إلى أن "هناك مجموعة من الفاسدين تنتظر الانقضاض على التخصيصات المالية كما فعلت مع الموازنات الانفجارية للدولة سابقاً، وهم من يتحدثون عن العفة ومكافحة الفساد لكنهم فاسدون".

وكانت الحكومة العراقية، في وقت سابق، قد أطلقت حملة خدمية شملت كثيراً من مناطق بغداد والمحافظات حيث دخلت الحملة مناطق كانت أبسط الخدمات فيها معدومة، وعلى رغم ذلك، هناك من يريد استغلال موارد الدولة في الدعاية الانتخابية لمصلحته لا سيما أن انتخابات مجالس المحافظات على الأبواب.

المساومات السوداء قُبيل الانتخابات

وأكد قائمقام قضاء بعقوبة (مركز محافظة ديالى) عبدالله الحيالي أن المساومات السوداء قبيل الانتخابات يدعمها "أصحاب القرار" والقائمة على خداع المواطنين، وقال، في تصريح صحافي، "الشفافية في الانتخابات هي ما تساعد على بناء تجربة ديمقراطية صحيحة بعيداً من ترهيب الناس واستغلال أوضاعهم الإنسانية من أجل كسب الأصوات"، مضيفاً "من يقوم بهذه الأفعال هم فاسدون ويحاولون الاستحواذ على السلطة بأي طريقة". وتابع أن "اعتماد مبدأ الخدمات مقابل الأصوات هي مساومة سوداء، وتعكس ظاهرة برزت في السنوات الأخيرة يدعمها، للأسف، البعض من أصحاب القرار"، موضحاً أن "الخدمات ممولة من الحكومة، أي ليس من أموال أحزاب أو تحالفات بل هي مشاريع أقرت منذ سنوات"، ووفق الحيالي، فإن "عرقلة البعض الخدمات وتأجيل بعض المشاريع من أجل إيهام الشارع، هو خداع ونفاق سياسي في الوقت الذي تنتظر فيه آلاف الأسر أمل الخلاص من بؤس الخدمات لتنصدم بأن حقوقها في الخدمات تخضع لأمزجة سياسية متنافسة في ما بينها".

الابتزاز والفساد

وقال المحلل السياسي مجاشع محمد إن مجالس المحافظات هي جزء مهم من بناء الدولة وهي ضرورية جداً، وكنا نتمنى لو تمّ إجراء انتخابات الأقضية والنواحي ومجالس الاتحاد المعطلة، وهي أساس بناء دولة تقدم الخدمات للمواطنين ". وقد جرّب العراقيون، بين عامي 2005 و2017، أداء المجالس المحلية التي تنهض عادة بالأمور البلدية والخدمية، والناس لم يروا أي تقدم به، في وقت تحولت مجالس المحافظات إلى واجهات حزبية لا أكثر". ولفت محمد إلى أنه لا يمكن التعويل على هذه المجالس التي باتت حزبية أكثر من خدمية ولها تاريخ حافل بالابتزاز والفساد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الخبير في مكافحة الفساد سعد ياسين موسى أن من المؤشرات الموسمية على الانتخابات هي استغلال الموارد العامة في الترويج الإعلامي للكيانات السياسية المتنافسة، وبالأخص التي لها تواجد إداري تنفيذي، ولا سيما استغلال النفوذ السياسي والتمدد على المؤسسات الخدمية التنفيذية "في رصف الطرق ووضع محولات كهرباء، واستغلال النفوذ في استحصال أموال في القطاع الاجتماعي بداعي مساعدة العوائل الفقيرة في حين هي عملية شراء أصوات ". وتابع أن على المفوضية المستقلة العليا للانتخابات مراقبة الكيانات السياسية المتنافسة والأفراد المرشحين لمنع استغلال الموارد العامة، كما من الضرورة القصوى تحييد القيادات الإدارية التنفيذية المحلية لمنع استغلال موارد الدولة في الترويج الانتخابي، والإفصاح عن تمويل الأحزاب وفق القانون النافذ.

اللعب على مشاعر المواطنين

لكن المحلل السياسي عصام الفيلي رأى أنه جزء من استراتيجية العمل السياسي لدى كثير من الأحزاب والقوى السياسية، موضوع اللعب على مشاعر العراقيين واستخدام أسلوب الخداع لهم في أبسط حقوقهم، وبالتالي نجد بعض القوى السياسية تستغل قدراتها وتأثيراتها على المفاصل التنفيذية، فتذهب باتجاه موضوع شق الطرق وقت الانتخابات، وإصلاح بعض الأعطال الكهربائية، والذهاب باتجاه وعود خلابة تسلب المواطن القدرة على التمييز. وأضاف أن بعض القوى السياسية في العراق تسعى إلى خلق ائتلافات وتحالفات كبيرة وتحاول أن تخرج من الباب لكي تعود من الشباك بشخصيات تدّعي أنها مستقلة، لكن في واقع الحال، هي غير مستقلة.

لا خدمات إلا مع الانتخابات

وأكد الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي صالح لفتة، أنه لا وجود لخدمات إلا وقت الانتخابات "إذ من المؤسف أن هذا ما يجري فعلاً على أرض الواقع مع بعض الاستثناءات التي لا تذكر"، ولفت إلى أن هذا الخداع سببه الرئيس ضعف تطبيق القانون سواء من حيث مصدر الأموال التي تصرف من دون تخطيط أو دراسة جدوى، وتطييب خواطر، ومن أجل كسب الأصوات أو باستغلال المناصب واستخدام إمكانيات الدولة للتأثير في الناخبين واستغلال حاجة المواطن الذي هو كذلك جزء من عملية الخداع التي تجري لأنه أدرك بالتجربة أن كثيراً من الخدمات التي هي حق من حقوقه، لكن تلك الحقوق لا يمكن تنفيذها إلا وقت الانتخابات، لذلك يحاول أن يحصل على أكبر قدر مما يريد قبل أن يدعم شخصاً معيناً وغالباً من يحصلون على الدعم من المواطنين هم مَن بيدهم السلطة، وختم "متى تطبّق القوانين بشدة على الجميع ستختفي هذه المظاهر والممارسات غير المقبولة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي