Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من بيروت إلى غزة تعدد الحصار و"الصوت" واحد

الصهاينة لا يريدون أن تقارن جرائمهم بـ "الهولوكوست" أو بأي عمل آخر حتى لو كان ببشاعة قصف بيروت أو وحشية الهجوم على غزة

جانب من تداعيات الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية  (أ ف ب)

ملخص

 لا تنحصر جرائم الحرب على من يحمل الكلاشينكوف وحسب، بل أيضاً القادة القابعون داخل غرف القيادة العسكرية في تل أبيب أو قمرة طائرة مقاتلة.

"ثمانين يوم ما سمعناش يا بيروت غير الهمة الإذاعية..

بالصوت كانوا معانا يا بيروت   والصورة ذابت بالمَيّه"

بيتان من قصيدة للشاعر الشعبي الفلسطيني الراحل أحمد دحبور المتوفى عام 2017، وقد غنتها فرقة العاشقين الفلسطينية، إذ تشيد القصيدة بالمقاومة الفلسطينية التي تصدت للاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وتلوم العجز العربي الذي كان يشاهد بيروت تقصف من دون هوادة محاصرة لمدة سبعة أسابيع، وكان الحصار على بيروت الغربية من كل الاتجاهات براً وجواً وبحراً، وقد ألقت إسرائيل وقتها على بيروت قنابل محرمة دولياً، فسفورية وعنقودية وفراغية وغيرها.

استمر الصمود الفلسطيني - اللبناني من دون أن يتدخل العالم، وكانت المناظر التي تأتي من بيروت مروعة، ولم يكن النقل للحروب على الهواء مباشرة معروفاً للمشاهدين في أرجاء العالم كما هو اليوم، لكن القصف بلغ أشده يوم الـ 12 من أغسطس (آب) عام 1982 ووصل صداه إلى البيت الأبيض، وحينها اتصل الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان برئيس الوزراء الإسرائيلي في وقتها مناحيم بيغين وطلب منه وقف القصف فورا قائلاً "إنه هولوكوست"، وهو الأمر الذي يسبب جنوناً عاطفياً لدى اليهود الصهاينة، فهم لا يريدون أن يقارن "الهولوكوست" (محرقة النازية لليهود) بأي عمل آخر حتى لو كان ببشاعة قصف بيروت أو وحشية قصف غزة.

اتصل بيغن بريغان مساء ذلك اليوم ثانية ليخبره أن قصف بيروت قد توقف تماماً، وقد صرح بيغن بعد أيام خلال لقاء صحافي بأن وصف ريغان لقصف بيروت "قد آلمني بشدة، فأنا أعرف ما هو الهولوكوست"، في إشارة إلى موت والده ووالدته وأخيه الأكبر في المحرقة، كما يقول في مذكراته "الليالي البيضاء".

قصيدة أحمد دحبور التي ينتقد فيها العرب وربما بعض الدول الإسلامية، تقول إن تضامنهم الوحيد مع بيروت المحاصرة كان بالصوت فقط، "بالصوت كانوا معانا يا بيروت"، فقد انسحب المقاتلون الفلسطينيون على ظهر سفينة نقل يونانية واستقروا في تونس لترتكب ميليشيات الكتائب اللبنانية "مجازر صبرا وشاتيلا" أمام أعين وحراسة الجيش الإسرائيلي الذي كان رئيس أركانه آرييل شارون وأصبح وزير دفاعه ثم رئيس وزراء إسرائيل.

جاءت عملية "طوفان الأقصى" الجريئة وغير المسبوقة التي شنتها حركة "حماس" السبت الماضي لتشكل للإسرائيليين ومن يساندهم بلا شروط في العالم الغربي "هولوكوست" جديدة، سوف يلطمون على عملية "طوفان الأقصى" ويكررون صورها وفيديوهاتها وفلاشاتها وفبركاتها ليتحول إلى لطمية، علّها تبرر القصف الوحشي وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بقصفها العشوائي لغزة. فجرائم الحرب "لا يرتكبها من يحمل الكلاشينكوف على ظهر عربة تويوتا"، كما كتب الكاتب الإسرائيلي مايكل سفارد بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، بل يمكن أن ترتكب جرائم الحرب من غرف القيادة العسكرية في تل أبيب أو من قمرة طائرة مقاتلة أو طائرة هليكوبتر.

وعلى عكس ما جرى بين ريغان وبيغن، فقد ظهر الرئيس الأميركي جو بايدن قبل يومين ليردد ببلادة كذب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه رأى قطع رؤوس أطفال يهود في عملية "طوفان الأقصى"، وكأنما هو يعيد خطاب نتنياهو وتلفيقه وأكاذيبه باللغة الإنجليزية، وما هي إلا ساعات حتى أصدر البيت الأبيض تصحيحاً، "لم ير الرئيس صوراً لإرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال".

 بنيامين نتنياهو كذاب أشر، هكذا يراه شعبه الذي كان يتظاهر بمئات الآلاف ضده، وهكذا رآه وزير الخارجية الأسبق في حكومة الرئيس بوش الأب جيمس بيكر عندما منعه عام 1990 من دخول وزارة الخارجية الأميركية حين كان نتنياهو مندوباً لإسرائيل في الأمم المتحدة ثم نائباً لوزير الخارجية الإسرائيلي.

 نوعان عمليان واقعيان من المساندة والمناصرة يمكن أن تقدمها دول المنطقة والدول المتعاطفة مع الإنسان والرافضة لمحرقة الفلسطينيين في غزة التي تلت عملية "طوفان الأقصى":

- الضغط الدولي والدبلوماسي لوقف المحرقة وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة التي يمكن أن تخفف معاناة البشر الذين وقعوا ضحايا لهذا القصف الوحشي، وهذا ما تقوم به دول الخليج ومصر وأخرى.

- رفع صوت المقاومة و"المقاولة" نصرة للشعب الفلسطيني المنكوب في غزة الذي سيردد، "بالصوت كانوا معانا يا غزة".

اقرأ المزيد

المزيد من آراء