Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي رسائل تحملها لافتات زمن الانتخابات في مصر؟

انتشرت الصور واللوحات في الشوارع وعلى واجهات المباني حتى قبل إعلان ترشح الرئيس

ظاهرة لافتات تأييد السيسي تصل إلى المراكب الشراعية في نهر النيل (أ ف ب)

ملخص

تعليق صور "الرئيس" ليس سمة جديدة، ولذلك فحين بدأت صور دعم الرئيس للترشح لفترة رئاسية جديدة تتسلل إلى الفضاءات العامة قبل أسابيع طويلة من إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات.

اللوحات الضخمة الداعمة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المعلقة بطول عمارات سكنية من دون كلمات أو المثبتة أعلى طرق وجسور وميادين مطالبة إياه باستكمال المشوار أو المسيرة أو الطريق، وغيرها من لافتات تحمل صورة الرئيس مع بعض الكلمات الداعية إلى العمل أو المطالبة بالأمل أو المعلنة الدعم والمشهرة التأييد جميعها اعتادها المصريون.

تعليق صور "الرئيس" ليس سمة جديدة في مصر، لذلك فحين بدأت صور دعم السيسي للترشح لفترة رئاسية جديدة تتسلل إلى الفضاءات العامة قبل أسابيع طويلة من إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات جدول انتخابات الرئاسة المقبلة، لم تلفت انتباه الغالبية بل لم يتكبد كثيرون عناء قراءة المكتوب عليها ظناً منهم أنها "لافتات عادية".

المكتوب على اللافتات

لكن المكتوب على اللافتات لا بد من أن تطالعه العيون، وحين تفجرت ينابيع الاهتمام بالانتخابات الرئاسية المقبلة، لا عقب الإعلان الرسمي عن الجدول والقواعد الحاكمة، بل عقب التواتر المنظم لأخبار المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي على أثير "سوشيال ميديا"، ثم توالي أخباره وتتابع لقاءاته على أثير وسائل إعلام غير مصرية، بدأ المصريون يتنبهون إلى بدء وقائع الحملات الانتخابية ما خفي منها وما ظهر.

وما يظهر في الشارع ليس فقط لافتات إعلانية مختلفة الأحجام بعضها يعود لمشاريع ومبادرات تم تدشينها قبل أشهر وربما أعوام مثل "100 مليون صحة" و"حياة كريمة" و"دعم صحة المرأة المصرية" وغيرها كثير، إضافة إلى لافتات يعتقد أن مواطنين عاديين اتخذوا مبادرة صناعتها وتعليقها دعماً للرئيس لأسباب مختلفة على مدى أشهر طويلة ماضية، وغيرها من لافتات مذيلة بإمضاء أحزاب مختلفة مثل "مستقبل وطن" و"حماة الوطن" و"المصريين الأحرار" و"مصر الحديثة" و"إرادة جيل" وغيرها، ولكنها تنضم إلى لافتات جديدة وتتماهى معها في مشهد دعائي انتخابي مهيب.

تطبق الشروط والأحكام

جزء محوري من الدعاية في الانتخابات يكمن في الضوابط والشروط والأحكام التي صدرت بصورة واضحة وصريحة من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات، فكلمة "سقف" تكررت غير مرة في القواعد المنصوص عليها، فالإنفاق الدعائي له سقف وهو 20 مليون جنيه مصري (650 ألف دولار)، وفي حال أعيدت الانتخابات فإن سقف الإنفاق للدعاية الانتخابية يكون 5 ملايين جنيه مصري (163 ألف دولار)، كما تشترط قواعد الدعاية أن يكون تمويل الحملة الانتخابية من أموال المرشح الخاصة، ويحق له تلقي تبرعات نقدية أو عينية شرط أن تكون من أشخاص مصريين طبيعيين ولكن بسقف محدد، إذ يشترط عدم تجاوز مقدار التبرع من أي شخص طبيعي نسبة اثنين في المئة من الحد الأقصى المقرر للإنفاق في الحملة.

ويشار إلى أن الشخصية الطبيعية هي المواطن العادي، في حين أن الاعتبارية تكون عامة مثل الدولة وما يتفرع منها من جهات إدارية أو خاصة، مثل الشركات والجمعيات الخيرية وغيرها.

وتنص القواعد كذلك التي شرحتها الهيئة الوطنية للانتخابات على التزام المرشح بفتح حساب بالعملة المحلية، إذ يتم إيداع الأموال المخصصة للحملة الانتخابية وإخطار الهيئة بتفاصيل الحساب، مع التزام المرشح بإخطار الهيئة أولاً بأول بأوجه الإنفاق منه والتأكيد على عدم جواز الإنفاق من خارجه أو بعيداً منه.

سقف الإنفاق

وبعيداً من سقف الإنفاق ومصادره في الحملات الانتخابية التي باتت على الأبواب، فإن ظهور أعداد ضخمة من اللافتات الملونة في الآونة الأخيرة للرئيس السيسي الذي أعلن ترشحه يثير تساؤلات خبيثة عما إذا كانت لافتات دعائية لأغراض انتخابية أم دعائية في المطلق، أم إنها مجرد إحدى وسائل التعبير المعتادة مصرياً عن حب القائد وتبجيل الزعيم.

عشرات المراكب النيلية التي تمخر عباب النهر جيئة وذهاباً بأشرعتها الضخمة تحمل صور الرئيس السيسي، وللوهلة الأولى يعتقد بعضهم أنها ضمن الحملة الانتخابية، فمتابعة أخبار الحملة ومواعيدها وقواعدها لا تحظى إلا باهتمام الأقلية، أما الغالبية الموجودة في الشوارع والميادين والمواصلات العامة، فمتوائمة مع محيطها بصورة تبدو غريبة.

 

 

وبقليل من التأمل يتضح أن الأشرعة الضخمة لا تحمل صور الرئيس كمرشح في الانتخابات، بل كرمز لمصر في الاحتفال بخمسينية حرب أكتوبر (تشرين أول) عام 1973.

عرض عمارات

ويتكرر المشهد بطول باصات وعرض عمارات وواجهات مؤسسات ومداخل وزارات وغيرها مما اعتاده المواطن المصري العادي في الأوقات العادية، لذا فإن قليلين فقط من يلحظون الفروق أو التغييرات.

وإضافة مرشحين جدد إلى المشهد المحيط بالمصريين، من دعاية انتخابية متوقعة، لم تعرف طريقها بعد إلى الشوارع والفضاءات العامة، فما زالت أسماء وأنشطة وصور وشعارات المرشحين سواء المؤكدين أو المحتملين حكراً على أثير الـ "سوشيال ميديا" لمن يبحث عنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم ذلك فقد شوهدت صور متناثرة لمرشحين آخرين يحملها مواطنون عند مداخل مكاتب الشهر العقاري، إذ يتحتم على المواطنين تحرير التوكيلات اللازمة لمرشحيهم لتمكينهم من التقدم بأوراق ترشحهم رسمياً.

ويشار إلى أن من أبرز شروط الترشح حصول المرشح على دعم وتوقيع 20 نائباً في مجلس النواب، أو الحصول على توكيلات انتخابية بالترشح من 25 ألف مواطن موزعين على 15 محافظة في الأقل بحد أدنى مقداره 1000 توكيل من كل محافظة.

الصور المحمولة لمرشح حزب الوفد عبدالسند يمامة، أو مرشح حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، أو مرشح الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران لا يمكن التعامل معها باعتبارها دعاية انتخابية، إذ لا يتعدى الأمر مجرد عشرات الصور الصغيرة التي يحملها مواطنون عند مداخل مكاتب، ويتفكه بعضهم بأن جانباً ممن يحملونها لا يعرفون هوية من يحملون، والدليل كما ساقه أحدهم هو "سيدة كانت تحمل صورة حازم عمر فسألتها عمن يكون؟ فقالت وهي تزغرد: واحد من أبناء مصر الطيبين".

صور ولافتات

والمصريون لا تزعج غالبيتهم صور ولافتات تتبع قواعد الهيئة الوطنية للانتخابات أو تخرقها أو تقع في منطقة وسطى، لكن جانباً آخر من الطيبين يعلق خلسة أو في دوائر الأصدقاء الموثوقين أو خلف الأبواب المغلقة على "الحظوظ" غير المتساوية بين المرشحين في الإمكانات والأدوات الدعائية في الانتخابات الرئاسية، مع تساؤلات عدة عن مدى حياد وأحياناً مدة القدرة على حياد مؤسسات الدولة في حملات الدعاية للمرشحين في هذه الانتخابات.

حياد مؤسسات الدولة

وعن هذه الانتخابات كتب الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية في جامعة "دنفر" الأميركية أحمد عبدربه بعنوان "الانتخابات الرئاسية وفرص تغيير المعادلة السياسية في مصر" قبل أيام أن "حياد مؤسسات الدولة كمرحلة في تطور سياسات الدول نحو الانتقال الديمقراطي لم تأت بعد في الحال المصرية، إذ لا تزال الثقافة الحاكمة للجهاز الإداري والتنفيذي هي تأييد الرئيس القائم طالما أنه من داخل دولاب الدولة، وممثلاً لإحدى مؤسساتها القوية".

وأشار عبدربه إلى أن مفهوم حياد الدولة بالنسبة إلى الرئيس المقبل "تمكن رؤيته ببساطة في الإعلام وجهاز الدولة الإداري في ما يختص بالانتخابات الرئاسية، وثقافة دعم الرئيس هي الحاكمة، ومسألة الوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين تظل غائبة".

حكاية وطن

جميع المرشحين لم يأت ذكرهم في وقائع مؤتمر وكتاب "حكاية وطن"، المؤتمر الضخم الذي انعقد على مدى ثلاثة أيام مطلع الشهر الجاري لـ "استعراض جهود الدولة المصرية على مدى تسع سنوات"، وهي مدة حكم السيسي.

وسلّم المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري سامح الخشن الرئيس السيسي خلال المؤتمر كتابين قال إنهما "يمثلان وثيقة تاريخية مهمة لجميع الجهود التنموية التي شهدتها أرض مصر منذ عام 2014 وحتى الآن، كأضخم توثيق لأبرز مرحلة تنموية في عمر البلاد"، بحسب وصفه.

فعاليات المؤتمر الضخم المنعقد من أجل إخبار المصريين بما حدث من إنجازات على مدى تسع سنوات من قبل مؤسسات الدولة بإعلان الرئيس نيته الترشح لفترة رئاسية جديدة، إذ تحدث خلال الكلمة الختامية عن إنجازات وتحديات الأعوام التي مضت، وأنهى حديثه بإعلان ترشحه "وكما لبيت نداء المصريين من قبل فإنني ألبي اليوم نداءهم مرة أخرى وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم".

تأييد الرئيس

لافتات عدة وجديدة تظهر يومياً في شوارع مصر، واللافت أن الغالبية المطلقة، إن لم يكن كل اللافتات تؤيد الرئيس السيسي لفترة رئاسية جديدة، في حين تختفي أسماء المرشحين الآخرين، وربما يكون الوقت باكراً بعض الشيء للحكم على نسبة التأييد بناء على اللافتات الإعلانية والتأييدية، لكن الوقت ليس باكراً للتأكد من أن فعاليات التأييد التي تدور في بعض مؤسسات الدولة جميعها موجهة فقط إلى السيسي.

 

 

العاملون في "مديرية التموين والتجارة الداخلية في الغربية" و"أعضاء اللجنة الباراليمبية" و"اتحاد عمال مصر" وكذلك "نقابة العاملين في محافظة الإسكندرية" و"نقابة الصناعات الغذائية" و"نقابة المعلمين"، إضافة إلى قائمة طويلة من العاملين في المؤسسات الرسمية وأعضاء نقابات عمالية يظهرون في مصر حاملين لافتات تأييد للرئيس السيسي، وذلك قبل الإعلان الرسمي لانطلاق مرحلة الدعاية الانتخابية أو حتى إعلان قائمة المرشحين المؤكدين، وبعضهم يفسر ذلك في ضوء حظوظ الرئيس الأكبر في تحقيق فوز واضح خلال الانتخابات، وبعضهم الآخر يعتبر مثل هذه الفعاليات سمة من سمات التماهي التاريخي بين المؤسسات والكيانات ذات الطابع الرسمي من جهة، والمرشح الرئاسي صاحب الحظوظ الأكبر في المعركة الانتخابية، لا سيما حين يكون "الرئيس الحالي" في أي زمان ومكان.

خريطة التأييد

والطريف أن وسائل إعلام مصرية تنشر خرائط لفعاليات التأييد المتوقعة وهو ما يثير حيرة بعضهم، فمثلاً يتم تداول أخبار عن أنه "من المقرر أن يحتشد أهالي محافظة القاهرة في ميادين كذا، وسيتجمع جموع المؤيدين من محافظة الجيزة في الميدان كذا وغيرها، وذلك استناداً إلى "كشف الميادين: احتفالية أكتوبر".

والقواعد الحاكمة والمحددة لما يمكن استخدامه كمنصة إعلانية أو دعائية أو تأييدية لهذا المرشح أو ذاك ليست حاكمة بالمعنى المعروف، وعلى رغم أن القواعد التي حددتها الهيئة الوطنية للانتخابات واضحة وصريحة، إلا أن الثقافة العامة لا تعرف أو تعترف كثيراً بالحدود الفاصلة بصورة عامة، وأجواء الدعاية والتأييد خلال الانتخابات الرئاسية ليست استثناء، فبعضهم مثلاً يعتقد أن شعار "الجمهورية الجديدة" الذي يظهر على معظم القنوات التلفزيونية المصرية هو شعار دعاية انتخابية، وآخرون يظنون أن التصريحات المكثفة هذه الأيام عن خفض أسعار السلع الغذائية هي حوافز انتخابية، وهناك من يتعامل مع أكشاك بيع الأطعمة والأدوات المدرسية والمفروشات المخفضة باعتبارها ضمن البرامج الانتخابية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات