Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نواة المحور الروسي الجديد دول مارقة خاضعة للعقوبات

موسكو تخلق وحدة وتعاضداً بين أعداء واشنطن

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يزور معرضاً إيرانياً للصناعات الفضائية الجوية في طهران، في سبتمبر 2023 (وزارة الدفاع الروسية/رويترز)

ملخص

على الولايات المتحدة إعادة الاستثمار في شراكاتها وتحالفاتها الخاصة من أجل تحقيق توازن ضد محور روسيا وحلفائها من الدول الخاضعة للعقوبات

للوهلة الأولى، تبدو الحرب ضد أوكرانيا كارثية بالنسبة إلى روسيا، ومع انشغال معظم الجيش الروسي في محاربة القوات الأوكرانية، تجد موسكو صعوبة في نشر قواتها في الخارج. في الواقع، اضطرت روسيا إلى إعادة نشر بعض الأسلحة والأنظمة العسكرية التي كانت متمركزة سابقاً في آسيا والشرق الأوسط، ووضعتها في أوروبا، وصارت مبيعات موسكو العسكرية، التي سبق أن بدأت تشهد تراجعاً، معرضة الآن إلى خطر أكبر، إذ إن العقوبات منعت زبائن روسيا التقليديين من الاستمرار في عمليات شراء الأسلحة، وبطريقة موازية أدى الأداء العسكري الروسي الضعيف إلى إخماد الحماسة بين أي عملاء محتملين.

والحق أن هذه القيود والمشكلات واقعية، ولكن إذا كان المسؤولون الغربيون يعتقدون، على حد قول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في يونيو (حزيران)، أن الحرب في أوكرانيا "تضعف قوة روسيا ومصالحها ونفوذها بشكل كبير"، فعليهم أن يعيدوا التفكير في ذلك، إذ إن روسيا لم تفقد تأثيرها الدولي الكبير، وما زالت موسكو تحافظ على عقود دفاعية ثابتة مع معظم زبائنها القدامى مثل الهند وفيتنام، اللتين تعتمدان على روسيا للإبقاء على منظومتهما [العسكرية]. وعلى رغم اضطرار روسيا لنقل معظم جنودها وعتادها إلى أوكرانيا، لكنها ما زالت تمتلك قواعد جوية وبحرية دائمة في سوريا، مما يمنح البلاد إمكانية الوصول المباشر إلى البحر الأبيض المتوسط ويسمح لها بمضايقة القوات الأميركية في الشرق الأوسط، واستطراداً، تسيطر شركة "فاغنر" شبه العسكرية التي تديرها موسكو على قواعد عدة في ليبيا تستخدمها كمركز لوجستي لأنشطتها في منطقة الساحل، ومن المقرر أن تستمر "فاغنر" في العمل بشكل أو بآخر، حتى بعد مقتل رئيسها السابق، يفغيني بريغوجين، في حادث تحطم طائرة (من المرجح أن يكون من تدبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين). والجدير بالذكر أن موسكو تدرس أيضاً فكرة استعمال أو إنشاء قواعد إضافية في أفريقيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع بالنسبة إلى روسيا، هناك منفعة لها من حالة العزلة الجديدة التي تمر بها، إذ نجم عن ذلك تعاون دفاعي أقوى وأعمق مع عدد من الدول المعادية أيضاً للولايات المتحدة وأوروبا، هذه المجموعة من البلدان، الممتدة من فنزويلا إلى كوريا الشمالية، قد لا تجمع بينها قواسم مشتركة كثيرة غير وجود أعداء مشتركين. وبشكل منفرد، لا يتمتع أي منها بقوة بارزة، بيد أن هذه الدول مجتمعةً تستطيع مساعدة الكرملين في مواصلة حربه ضد أوكرانيا. ويمكنها أيضاً مساعدة الأعضاء الآخرين على تعزيز طموحاتهم الإقليمية، مما يزيد من احتمالات الصراع العسكري في جميع أنحاء العالم.

ونظراً لهذه المخاطر، لم تعد الولايات المتحدة قادرة على تجاهل أي من هذه البلدان باعتبارها خصماً ثانوياً أو مجرد لاعب صغير، كذلك لا تستطيع واشنطن الاعتماد على العقوبات وحدها مهما كانت شاملة، من أجل استنزاف نفوذ هذه الدول. عوضاً عن ذلك، سيتعين على الولايات المتحدة إعادة الاستثمار في شراكاتها وتحالفاتها الخاصة من أجل تحقيق التوازن ضد محور روسيا، وإلا فستعجز عن ضبط هذه الدول التي تحاول زرع الفوضى في أجزاء متعددة من العالم.

تحالف الراغبين

عندما شنت موسكو غزواً شاملاً على أوكرانيا، تحركت الدول الغربية بسرعة لعزل روسيا عن الاقتصاد العالمي، وأصدرت عقوبات شاملة تهدف إلى منع وصول موسكو إلى التكنولوجيا الأميركية والأوروبية. بطريقة موازية، ألغت أوروبا، المعتمدة منذ فترة طويلة على الغاز والنفط الروسي، مشاريع جديدة مع موسكو وبدأت في السعي إلى إبرام عقود الطاقة مع دول أخرى. واستكمالاً، جمدت واشنطن مئات المليارات من الدولارات من أصول البنك المركزي الروسي، مما جعل من الصعب على الشركات الروسية إجراء صفقات وعمليات تجارية دولية.

نجحت هذه القيود إلى حد ما، فمنذ بدء الهجوم عانى الاقتصاد الروسي من الركود، وتوقفت بعض مصانعه عن العمل، بيد أن تلك القيود لم تشكل الضربة الموجعة التي كان المسؤولون الغربيون يأملون بها، ولم تسفر عن شيء قريب من النتيجة المنتظرة حتى. في الحقيقة، تحب العواصم الغربية الاعتقاد بأن أفعالها حولت روسيا إلى ما تسميه دولة مارقة، لكن هذه البلدان الأخيرة أصبح عددها كبير، والآن أصبحت روسيا شريكاً قيماً لها جميعاً.

لنأخذ على سبيل المثال قطاع الأسلحة في روسيا، لقد أدت العقوبات الغربية إلى إخراج موسكو من سوق الأسلحة المتطورة الأغلى ثمناً، لكنها لم تعطل عمل أحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم. منذ بداية الحرب، كثفت موسكو تزويدها لبلدان متعددة بأسلحة منخفضة الثمن، بما في ذلك طائرات الهليكوبتر القديمة، واستلمت ميانمار طائرات مقاتلة روسية الشهر الماضي، وأخيراً اشترت مالي وتوغو وأوغندا طائرات مروحية قتالية روسية، وأعربت هذه الدول إلى جانب المجلس العسكري الجديد في بوركينا فاسو عن رغبتها في إقامة تعاون دفاعي أعمق مع روسيا. وفي منتدى "الجيش 2023" العسكري في موسكو، روج المسؤولون الروس بحماسة للطائرات العسكرية الروسية من دون طيار أمام العملاء الأفارقة، على أمل إثارة رغبتهم في شراء الأنظمة ذات الأسعار المعقولة التي أثبتت جدارتها في ساحة المعركة الأوكرانية (خلافاً لعدد من الأسلحة الروسية الأخرى)، إن هذه الدول الأفريقية تعاني من فقر شديد لدرجة أن مشترياتها المحتملة لا تشكل قيمة مالية كبيرة بالنسبة إلى الكرملين، لكنها ستساعد موسكو على تعزيز نفوذها الأوسع في القارة.

بالنسبة إلى روسيا هناك منفعة في حالة العزلة الجديدة التي تمر بها

في الواقع، يجب أن تشكل تعاملات روسيا مع إيران مصدر قلق أكبر للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين، فهذان البلدان اللذان يجمعهما العداء المشترك تجاه واشنطن، يعملان على تطوير ما يمكن أن يصبح شراكة دفاعية كبرى منذ الصيف الماضي، اعتمدت روسيا على الطائرات المقاتلة الإيرانية من دون طيار، أولاً في محاولة لتدمير البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، وأخيراً لمهاجمة أهداف عسكرية أوكرانية، ولم تزود إيران روسيا بالصواريخ بعد، لكن القيود التي فرضتها الأمم المتحدة على مثل هذه المبيعات تنتهي في 18 أكتوبر (تشرين الأول)، وبعد هذا التاريخ يمكن أن تحصل عمليات تسليم الصواريخ بسرعة، وفي الوقت نفسه، لدى إيران قائمة واسعة من الأسلحة الروسية التي ترغب في امتلاكها، بما في ذلك الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي. وقد لا تلبي روسيا المترددة في استعداء الدول العربية (التي تتعاون معها أيضاً)، جميع طلبات طهران على الفور، ومن الممكن أن تبقي بعض دعمها سرياً، ولكن حدثت زيادة مفاجئة في التفاعلات العسكرية بين إيران وروسيا، بما في ذلك جولة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في معرض أسلحة في طهران في سبتمبر (أيلول)، وسيكون من المستغرب ألا ترسل موسكو لإيران بعض الأسلحة على الأقل.

ومن المحتمل أن تتخذ علاقات روسيا مع كوريا الشمالية مساراً يتسم بدرجة الخطورة نفسها، وسبق أن بدأت موسكو تشتري قذائف مدفعية وصواريخ من نظام كيم جونغ أون، وفي المقابل، قد يقدم بوتين لكوريا الشمالية المواد التي تحتاج إليها بيونغ يانغ في برامج الأقمار الصناعية والغواصات، وقد التقى كيم وبوتين أخيراً في شرق روسيا، حيث تبادلا الأسلحة والبنادق كهدايا. كذلك، عززت روسيا تعاونها مع ميانمار (وهي دولة مارقة بدرجة أقل) بطرق تتجاوز مجرد بيع الطائرات لها، وكان المسؤولون الروس منشغلين بإعادة شراء مكونات الأسلحة من المجلس العسكري في البلاد، وفي المقابل، قدمت موسكو للدولة الدعم الدبلوماسي والتدريب على مكافحة الإرهاب، وربما تكون المؤسسة الدفاعية الروسية عرضة للسخرية بسبب افتقارها إلى الكفاءة في ساحة المعركة الأوكرانية، لكنها تغير الطريقة التي ينظر بها إلى جيوش الأنظمة المارقة في مختلف أنحاء العالم.

مسلح وخطير

في البداية، قد لا يبدو أن محور روسيا الجديد أمر يستدعي القلق، ويبدو أن أعضاءه عبارة عن مجموعة من الدول اليائسة والضعيفة التي لا تشكل تهديداً كبيراً بالنسبة إلى الغرب، وتمتلك كوريا الشمالية أسلحة نووية، لكنها فقيرة وبعيدة من الولايات المتحدة، ويمكن لإيران أن تهاجم شركاء واشنطن العرب بين الحين والآخر، لكنها تشكل في أحسن أحوالها مجرد قوة إقليمية، وفي منحى مقابل، يعاني الأعضاء الأفارقة من حالة عدم استقرار داخلي.

لكن التداعيات المترتبة على تعاون تلك الدول لن تكون طفيفة، بما في ذلك بالنسبة إلى كييف، وفي حين أن الأسلحة التي يقدمها كل شريك على حدة قد لا تكون بمفردها حاسمة في حملة بوتين الرامية إلى إخضاع أوكرانيا، إلا أنها ستحدث تأثيراً كبيراً إذا جمعت معاً، وفي حال تمكنت روسيا من الاستفادة من مخزونات كبيرة من ذخائر كوريا الشمالية، وإعادة شراء ما يكفي من المواد المستخدمة في الدبابات والصواريخ من ميانمار، وبناء مصنع للطائرات من دون طيار بمساعدة إيرانية، فسيكون من الأسهل على روسيا مواصلة حرب الاستنزاف الطويلة التي تشنها، والواقع أن التعاون بين دول هذا المحور بدأ بالفعل يعزز الجهود الحربية الروسية، ووفقاً لتحليل أجراه "معهد واشنطن"، من المحتمل أن شركة الطيران المملوكة للدولة في فنزويلا (سبق أن فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب تورطها في شبكة الأسلحة غير المشروعة التابعة لطهران) تنقل أسلحة ومعدات إيرانية إلى روسيا.

لن تكون روسيا الدولة الوحيدة التي ستستفيد من هذا المحور، فمن الممكن أن يؤدي التعاون الأعمق أيضاً إلى ظهور شبكات دفاعية بين الدول واسعة النطاق لا تتسم بالدعم المادي المتبادل فحسب، بل أيضاً بالتعليم والتدريب المشترك. على سبيل المثال، يريد المسؤولون الإيرانيون أن يتعلموا من نظرائهم الروس عن الاستخبارات السيبرانية والذكاء الاصطناعي، في حين تأمل موسكو في الحصول على مشورة طهران بشأن التهرب من العقوبات وتكييف السلع المدنية للاستخدام العسكري، وتستطيع بيونغ يانغ الحصول على دعم روسيا لبرنامج الغواصات الخاص بكوريا الشمالية مقابل مزيد من الأسلحة.

إن القوة الجماعية للدول الخاضعة للعقوبات سوف تتجاوز القوة الفردية التي تتمتع بها كل دولة منها على حدة

إن أي مساعدة روسية مقدمة لبرامج الصواريخ الباليستية والبرامج الفضائية الخاصة بإيران وكوريا الشمالية، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، ستكون مصدر تمكين لكلا البلدين، وهذا النوع من المساعدة الذي توفره روسيا يمكن أن يسمح لإيران بتطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس حربية نووية، إذا قررت طهران القيام بذلك، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تقوية شوكة إيران بشكل عام، ويدفعها إلى الاعتقاد بأن خصومها الإقليميين لن يجرؤوا على مهاجمتها ومهاجمة مواقعها النووية، وعلى نحو مماثل، قد تعمل المساعدة المقدمة من روسيا على تعزيز رغبة كيم في المخاطرة، مما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري في شبه الجزيرة الكورية، وإذا قبلت روسيا بحكم الأمر الواقع، إيران كدولة شبه نووية وكوريا الشمالية كدولة نووية، فهي قد تدفع الدول الأخرى إلى تطوير قدراتها النووية أيضاً.

واستطراداً، يمكن لهذه الدول أن تتلقى الدعم من قوة خارجية أخرى، مثل الصين، وعلى رغم أن بكين قد لا تصبح عضواً حقيقياً في محور موسكو، وعلى رغم إعلانها بإصرار أنها محايدة في حرب أوكرانيا، فإن المسؤولين الصينيين يساعدون بالفعل الشبكة الناشئة التي تضم البلدان المتعاونة والمتحالفة مع روسيا، كذلك تمد بكين يد العون لموسكو نفسها، فالصين على سبيل المثال تحافظ على شراكة صناعية دفاعية كبيرة مع روسيا، وتستورد كميات كبيرة من الأسلحة من البلاد، وتسهل تجارة الرقائق الإلكترونية، وتجري في بعض الأحيان تدريبات بحرية مشتركة مع القوات المسلحة الروسية، وفي السنوات المقبلة يمكن لبكين تقديم مزيد من المساعدة لموسكو وأعضاء المحور الآخرين، بل يمكن حتى للصين وروسيا أن تعتمدا (ضمنياً أو علنياً) توزيعاً للمسؤوليات والأدوار في مساعدة الشركاء الأضعف.

ولكن، حتى لو قدمت بكين الحد الأدنى من الدعم الخارجي، فإن أي تعاون بين روسيا ودول المحور سيؤدي إلى مستويات عالية من التآزر، فالدبلوماسية الروسية على سبيل المثال، قد تساعد ميانمار في إنشاء علاقات عسكرية مع كوريا الشمالية، وهو أمر يريد المجلس العسكري القيام به. واستكمالاً، وقعت بوركينا فاسو ومالي والنيجر للتو على اتفاقية ثلاثية للدفاع المشترك، لذا فإن التعاون العسكري الروسي مع أي من هذه الدول من المرجح أن يفيد الدول الأخرى، وإن القوة الجماعية لدول المحور الروسي الخاضعة للعقوبات سوف تتجاوز القوة الفردية التي تتمتع بها كل دولة منها على حدة.

توحيد الصفوف

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لن يكون التعامل مع هذا المحور سهلاً، ستحتاج واشنطن إلى التحوط ضد الحرب في الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية فيما تستمر في الوقت نفسه في إنفاق الموارد من أجل الدفاع عن أوكرانيا وردع الصين عن مهاجمة تايوان، وقد تتفاقم هذه المشكلات بسبب ازدياد عدم الاستقرار في أفريقيا، إذ إن مجموعة "فاغنر" (مهما كان الشكل الذي اتخذته في مرحلة ما بعد بريغوجين) تعمل على الترويج لأجندة تؤيد روسيا في الدول التي تتمتع فيها بنفوذ، وإذا رأت البلدان الأفريقية أن روسيا شريك أمني بديل موثوق به يحل محل الدول الغربية، فإن نفوذ موسكو في أنحاء القارة قد ينمو بشكل أكبر، بخاصة أن وجود الغرب في القارة يثير استياء السكان المحليين على نطاق واسع. في الحقيقة، هناك سبب جعل العلم الروسي من أشهر رموز دعم الأنظمة العسكرية في منطقة الساحل.

ومن أجل التعامل مع هذه التحديات، سيحتاج صناع السياسات في الغرب إلى التفكير في محور روسيا من منظور شمولي، وليس كسلسلة من الشراكات المنفصلة، وسوف يتعين عليهم أن يدركوا الترابط بين المناطق المختلفة وأن يفهموا أن الدول التي يعاقبونها أو يتجنبونها ستتحد وستعمل معاً، على رغم  انعدام الثقة في ما بينها، ويمكن أن تكون الخطوة الأولى التي يتخذها المسؤولون الغربيون هي أن يدركوا أن فرض مزيد من العقوبات من المستبعد أن يؤدي إلى إبطاء التعاون بين روسيا وشركائها بشكل كبير أو وقف هذا التعاون، إذ إن هذه الدول اعتادت على العمل في ظل القيود الأميركية والأوروبية، وسوف تواجه العقوبات الجديدة بالتكيف والارتجال.

وعوضاً عن فرض قيود إضافية، فإن أفضل خطوة أميركية ممكنة في سبيل محاربة الخصوم هي تعزيز شراكاتها الخاصة، وتحتاج واشنطن إلى مساعدة البلدان الحليفة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي ومنطقة الشرق الأوسط، إذ إنها الدول الأكثر عرضة لتأثير المحور الروسي، كلما شعرت كوريا الجنوبية بالأمان في ما يتعلق بكوريا الشمالية، زاد احتمال تلبية سيول لطلبات دول "الناتو" من ناحية تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وكلما ساعدت الولايات المتحدة خصوم إيران الإقليميين على دمج دفاعاتهم الجوية والصاروخية، زاد احتمال أن تتمكن واشنطن من وضع حد للانتشار النووي في الشرق الأوسط.

لقد أرست واشنطن بالفعل الأسس الصحيحة، فهي سهلت على سبيل المثال، التعاون العسكري الإسرائيلي مع شركاء إقليميين آخرين للولايات المتحدة. كذلك أنشأت المجموعة الاستشارية النووية لمناقشة الأمن النووي والقضايا الاستراتيجية مع المسؤولين الكوريين الجنوبيين، لكن من أجل إدارة مخاوف الحلفاء ستحتاج واشنطن إلى إعطائهم اهتماماً متواصلاً، وليس مجرد موجات من الإجراءات المتفرقة والعرضية، وفي الوقت نفسه تحتاج الولايات المتحدة إلى تشجيع الدبلوماسية بين شركائها في الشرق الأوسط وإيران، وبين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية، حيثما أمكن ذلك. وفي الجهود التي تبذلها واشنطن من أجل تحقيق التوازن ضد المحور الروسي، ينبغي الجمع بين التهديدات والضمانات الموثوقة باعتبارهما عنصرين أساسيين في الاستراتيجية نفسها.

ولن يكون النجاح في هذه المهام سهلاً، بخاصة في وقت تستحوذ فيه الحرب في أوكرانيا على كامل اهتمام واشنطن، لكن تنفيذ هذه المهام أمر ضروري. فمن دون هذه الجهود، سوف ينمو محور الدول الخاضعة للعقوبات بشكل أكبر وأقوى، مما يجعل من الصعب على الغرب دعم أوكرانيا والدفاع عن مصالحه في أجزاء أخرى من العالم.

هانا نوتي مديرة برنامج أوراسيا لمنع انتشار الأسلحة النووية في مركز جيمس مارتن المعني بدراسات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وهي باحثة غير مقيمة في برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية

اقرأ المزيد

المزيد من آراء