Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتوفر للمباني العامة في المغرب شروط السلامة؟

رصدت منظمة اتحاد الطلبة عدداً من النواقص من بينها الافتقار إلى منفذ إغاثة وغياب وسائل التدخل السريع لإخماد الحرائق فضلاً عن مشكلة الاكتظاظ

أضرار حريق الحي الجامعي في وجدة المغربية (مواقع التواصل الاجتماعي)

جدد حريق قاعة الزفاف في قضاء الحمدانية جنوب شرقي الموصل الذي خلف مئات الضحايا والمصابين، النقاش في شأن معايير السلامة داخل المباني العامة أو المنشآت المخصصة للفعاليات والأنشطة العامة في البلاد العربية.

ففي المغرب أيضاً سبق أن أثير الجدل بخصوص حوادث أكثرها حرائق في بعض المباني العامة، لعل أبرزها الحريق الذي شهده قبل أشهر قليلة الحي الجامعي لمدينة وجدة (شرق) وأدى إلى وفاة عدد من الطلبة، وأيضاً الحريق المهول الذي أسفر عن ضحايا من العمال في أحد المصانع وقبلهما بأعوام الحريق المحدود في مقر التلفزيون المغربي والبرلمان أيضاً.

حريق حي جامعي

وتظهر نقاشات معايير السلامة في المباني والمنشآت كلما ألم بها حريق، كان آخرها الفاجعة التي داهمت الحي الجامعي بوجدة في شهر مايو (أيار) الماضي (الحي الجامعي هو مأوى عمومي تابع لوزارة التعليم العالي يؤوي الطلبة الجامعيين البعيدين من مدنهم الأصلية).

وتوفي عدد من الطلبة وأصيب آخرون بحروق نتيجة النيران التي اشتعلت في الحي الجامعي، مما فتح وابلاً من النقاشات والانتقادات بخصوص ضعف معايير السلامة في هذا المبنى الكبير الذي يؤوي مئات الطلبة والطالبات.

وأفادت مصادر إعلامية متطابقة حينها بأن أحد أسباب هذا الحريق هو ماس كهربائي في أحد الطوابق المخصصة للطلبة الذكور، عندما انطلقت شرارة كهربائية من قاطع كهربائي لتسقط فوق أسِرة إسفنجية، لتتحول إلى كرة من لهب، وتوفي بسببها بعض الطلبة.

وشكلت تلك الحادثة في هذه المنشأة العمومية التابعة لوزارة التعليم العالي، مناسبة لطرح تساؤلات جدية بخصوص وسائل الإنذار والوقاية من مثل هذه الحوادث والكوارث، ولماذا لم تفلح وسائل المكافحة في إنقاذ المبنى من الحريق والطلبة من الاختناق والوفيات والإصابات.

الانتقادات حينها طاولت قطاع الإغاثة المخصص عادة للنجدة في حالات الحوادث والحرائق، وأيضاً تسييج النوافذ بالحديد، إذ لم يجد الطلبة المحاصرون بألسنة النيران فرصة سانحة للهروب سوى الأدراج، فضلاً عن غياب أجهزة إطفاء الحرائق في المبنى، أو أنها كانت فارغة وغير صالحة للاستعمال وغياب مكان خاص بتلقي الإسعافات الطبية الأولية.

معايير السلامة

وتحولت حادثة الحي الجامعي بوجدة إلى قضية رأي عام في المغرب بعدما بات هذا الملف تحت قبة البرلمان، حيث ساءل نواب من الغالبية الحكومية ومن المعارضة أيضاً وزير التعليم العالي عبداللطيف ميراوي حول ظروف إيواء الطلبة في مباني الأحياء الجامعية وإذا كانت تتوافق ومستوى شروط السلامة والحماية من مختلف الحوادث.

وطالب البرلمانيون بضرورة توافر مثل هذه المباني العامة على شروط السلامة الصحية واليقظة من الحرائق حماية لحياة الطلبة والطالبات، معتبرين أن "تكرار حالات الحريق يضع نظام الحماية المعمول به في الحي الجامعي بمدينة وجدة موضع شك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق، رصدت منظمة اتحاد طلبة المغرب "عدداً من النواقص في شروط سلامة هذا المبنى العمومي، من بينها الافتقار إلى منفذ إغاثة وغياب وسائل التدخل السريع لإخماد الحرائق، فضلاً عن مشكلة الاكتظاظ والهشاشة داخل هذه الفضاءات، مما ينذر بوقوع كوارث أخرى".

ويقول في هذا الصدد المهندس المعماري صمد بنيس إن الأبنية العامة تخضع من حيث المبدأ لشروط عدة تتعلق بالسلامة من الحوادث والكوارث، بصورة توفر لمرتادي هذه المباني والعاملين فيها السلامة وطلب النجدة ومواجهة الحريق بأقل الخسائر.

وبحسب المتحدث ذاته، فإن معايير السلامة في المباني العامة تشرف عليها مجموعة من المهندسين والتقنيين، فهناك المهندس المعماري والمهندس الذي ينحصر عمله في مراقبة الحديد والخرسانة فقط والمهندس الذي يتابع أشغال ورش البناء والمهندس الطوبوغرافي والمهندس المتخصص في مختبرات البناء، فضلاً عن فريق من التقنيين والمؤسسات المتداخلة في هذا الملف.

وشرح أنه في المباني العامة على سبيل المثال، يكون دور جهاز الوقاية المدنية (جهاز الإسعاف) محورياً، فيتم الحرص على توفير منافذ ومسالك وسلالم الإغاثة في حال وجود حريق أو ما شابه ذلك، فضلاً عن أبسط ضروريات مكافحة الحرائق مثل قارورات إطفاء النار التي يجب أن تتوافر في كل مبنى وبأعداد كبيرة.

القانون والتطبيق

وتستند معايير السلامة في المباني العامة أو تلك المفتوحة للعموم إلى مشروع قانون 29.18 المعد من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة الذي ينص في عدد من فصوله على "المراقبة التقنية التي يقوم بها مهندس متخصص من خلال إعداد تقارير كتابية حول الجوانب التقنية للمشروع ونتائج الدراسات والاختبارات التي يمكن لهم معاينتها ميدانياً".

ويورد القانون المذكور ضرورة سلامة جميع مكونات المبنى والعناصر المدمجة فيه التي تسهم في استقراره، لا سيما منها أساساته وهيكله والعناصر الهيكلية والسقف والواجهات والسلالم ونظام منع تسرب المياه وأرضيات التبليط.

وينص القانون على الجودة والسلامة والاستقرار والاستدامة في المبنى، خصوصاً المقاومة الميكانيكية للأرض والهياكل وثباتهما، والحفاظ على السلامة والمقاومة والاستقرار خلال مدة الصلاحية المفترضة للمبنى، والسلامة في حال الحريق، فضلاً عن استقرار المباني المجاورة.

وتبعاً للمصدر، يتعين إنجاز الدراسات التقنية اللازمة لضمان جودة واستقرار ومتانة وسلامة واستدامة المبنى، لا سيما منها دراسة جيوتقنية تنصب خصوصاً على العناصر المتعلقة بتدبير الأخطار الجيولوجية، أو تلك الناجمة عن وجود الماء أو تسربه.

ويوكل القانون "شركة البناء المكلفة تشييد المبنى العام بتطبيق شروط السلامة والصحة داخل ورش البناء، ومنع أي عمل يمكن أن يشكل خطراً على الأغيار أو المنشأة داخل الورش وفي محيطها واتخاد التدابير المتعلقة بالوقاية من الأخطار في مصدرها وتقييم تلك التي يمكن تداركها".

ويعلق المراقب المتقاعد في مجال البناء والتعمير عبدالله شناف، بالقول إن الترسانة القانونية موجودة سواء من حيث هندسة البناء أو الوسائل الواجب توافرها في البناية من أجل ضمان السلامة، موضحاً أن هناك عقوبات سجنية مقررة في حال المخالفة، لكن على رغم ذلك أحياناً لا يتم احترام هذه التدابير، أو يتم التهاون في شأنها.

ويشرح أنه يقع مثلاً إهمال عدم ملء "طفايات الحريق" أو عدم تجديدها من طرف الشركات الخاصة التي غالباً ما تكون مكلفة صيانة هذه الأجهزة، أو يكون هناك نقص في عدد مخارج الإغاثة، مما يؤدي إلى عواقب خطرة عند حصول حوادث مفاجئة من حريق أو فيضان أو حتى زلزال أيضاً.

ويعاقب القانون في المادة 37 بالسجن من شهرين إلى سنة وغرامة مالية أو إحداهما، كل من تعمد الإخلال بضمان الجودة والسلامة والاستقرار والاستدامة في المباني، وبالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة بحق كل من تعمد الإخلال بضمان الجودة والسلامة في المباني، نتج منه موت الغير من دون نية إحداثه أو إصابة أفضت إلى إعاقة دائمة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير