Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائقي "من قتل جيل داندو؟" مخيف ومحبط

تعود السلسلة الوثائقية إلى جميع النظريات القديمة والشكوك والطرق المسدودة التي لجأت إليها الشرطة ووسائل الإعلام في تحقيقاتها على مدار العقود - ولم تزودنا بمعلومات تجعلنا أكثر فهماً

داندو مذيعة أخبار التلفزيونية ذات الشعبية الكبيرة التي كانت تعمل في "بي بي سي" قتلت رمياً بالرصاص عند عتبة منزلها (نتفليكس)

ملخص

تعود السلسلة الوثائقية إلى جميع النظريات القديمة والشكوك والطرق المسدودة التي لجأت إليها الشرطة ووسائل الإعلام في تحقيقاتها على مدار العقود - ولم تزودنا بمعلومات تجعلنا أكثر فهماً: وثائقي "من قتل جيل داندو؟" مخيف ومحبط

كما هي الحال مع عديد من جرائم القتل البارزة التي لم تحل، فإن الإجابة عن سؤال "من قتل جيل داندو؟" هي "لن نعرف أبداً". ولهذا السبب فإن البرامج التي تطرح مثل هذه التساؤلات عادة ما تكون عديمة الجدوى، وبصراحة، تكرر كل النظريات القديمة والشكوك والطرق المسدودة التي وصلت إليها تحقيقات الشرطة ووسائل الإعلام على مدى العقود التالية. تقوم فرق الإنتاج، الواحدة تلو الأخرى بصناعة برامج جديدة، لكن حتماً، لا يكشف أي منها عن أدلة جديدة أو شهود أو مواد أخرى من شأنها الإجابة عن بعض التكهنات، ناهيك بفرض اعتقال أو محاكمة أشخاص ما، هذا هو –في الغالب– المسار الذي سلكته أحدث سلسلة وثائقية تعرضها منصة "نتفليكس" حول مقتل داندو قبل ربع قرن وتحمل عنوان "من قتل جيل داندو؟" Who Killed Jill Dando?. في الواقع، فإن الرؤية الأساسية والقيمة التي تقدمها الرواية المكونة من ثلاث حلقات لجريمة القتل تتلخص في ما يلي: نظراً لتبرئة المشتبه فيه الأصلي، باري جورج، فإن الشرطة لا تبذل أي جهد على الإطلاق في متابعة القضية. لذا، ما لم يعترف شخص ما بارتكابها ويفعل ذلك بشكل مقنع، فلن يكون هناك أي حل لها.

على كل حال، يحاول وثائقي نتفليكس فتح آفاق جديدة، فهو يتضمن مقابلة مع جورج، الرجل المتهم والمحكوم عليه، الذي تمت تبرئته لاحقاً من جريمة قتل النجمة التلفزيونية، لكنه لم يلق أي ضوء جديد على ما حدث، بالتالي تظل القضية مفتوحة، وتخلق فراغاً أمام التكهنات والتكرار اللانهائي لرواية القصة في المستقبل بطريقة غير مجدية إلى حد ما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت هذه إحدى أبرز قصص الجرائم في العقود الأخيرة، وكانت صادمة بقدر ما هي عصية على التفسير. داندو، التي كانت حينها في الـ37 من العمر، مذيعة أخبار تلفزيونية ذات شعبية كبيرة تعمل في "بي بي سي" وتقدم برنامج "كرايم وتش" Crimewatch المتخصص في الجرائم وبرامج السفر، قتلت رمياً بالرصاص على عتبة منزلها في نحو الساعة 11 صباحاً من يوم 26 أبريل (نيسان) من عام 1999. رصاصة واحدة وجهت إلى رأسها، أطلقت عليها من قرب بينما كان مهاجمها الوحيد يثبتها أرضاً، قضت عليها. كانت قد ركنت سيارتها للتو وتستعد لفتح باب منزلها في منطقة فولهام في غرب لندن. ولم يشاهد أحد الحادثة، رغم وجود روايات عديدة عما وقع بعدها.

لأكثر من سنة اتبعت الشرطة سبل تحقيق لم توصلها إلى أي شيء –إذ نظرت في شركائها العاطفيين وأصدقائها ومعارفها، وسيارة "رينج روفر" زرقاء ابتعدت بسرعة عن مراقب موقف السيارات، ورجل ركض وانتظر في موقف للحافلات. كانت هناك أيضاً تكهنات بأن دورها كمقدمة برنامج "كرايم وتش" جعلها هدفاً للانتقام، أو أن عملها كصحافية في "بي بي سي" ودعمها نداء للاجئي كوسوفو أثناء الحرب في يوغوسلافيا السابقة قد يعني أن صربيا ربما تكون لها صلة بالجريمة. باعتباري شخصاً عمل لفترة قصيرة مع جيل في برنامج "بريكفاست نيوز" بإمكاني رؤية لماذا فشلت الشرطة في التوصل إلى "عدو" واحد، كانت كلمات الرثاء المؤثرة التي لا تعد ولا تحصى التي تحدثت عن صلاحها صحيحة تماماً وجعلت تحمل المأساة أصعب.

يستعرض الوثائقي كل هذه الخيوط القديمة، والسرد الذي تقوده مقابلات مع شقيق داندو، نايجل (الذي كان له حضور وقور طوال مدة العمل)، إضافة إلى أصدقائها وزملائها والصحافة (التي نفد صبرها كما هي عادتها)، والأكثر إقناعاً ضابط التحقيق الرفيع هيميش كامبل. إنه لا يزال يعتقد أن جورج مذنب، رغم إلغاء إدانته، ومن الواضح أن إعادة إحياء القصة محبطة بالنسبة إلى المشاركين فيها تماماً كما كانت وقت وقوعها. الشعور بالخسارة والفرص الضائعة لتقديم قاتل داندو إلى العدالة أمر واضح. على سبيل المثال، لا يسع المرء إلا التفكير في أنه لو كانت كاميرات المراقبة منتشرة على نطاق واسع كما هي الآن، فربما اقتربنا من العثور على الحقيقة، في هذه الحالة، قامت هيئة مواصلات لندن بالتخلص من المواد المسجلة في حافلاتها قبل أن تتقدم الشرطة بطلب مشاهدتها.

كما أن الشرطة استغرقت نحو عام قبل أن تقوم بالاعتقال. كان المشتبه فيه هو باري جورج، رجل وصفته وسائل الإعلام في ذلك الوقت بأنه "معروف في مجتمعه المحلي بأنه غريب الأطوار" و"منعزل عاطل عن العمل" و"صاحب تخيلات". لا يزال أحد أغرب الشخصيات على الإطلاق التي صعدت إلى الشهرة العامة وهو نقيض شديد لداندو. فبينما كانت هي تتمتع، بلغة العصر، بصفات "بنت الجيران" اللطيفة وبشيء من سحر الأميرة ديانا، فمن الواضح أن جورج عاش في ظروف مزرية في شقته، واتخذ شخصيات غير متوقعة، وكان يتمتع بسجل إجرامي. ألقي القبض عليه بتهمة المطاردة والمضايقة غير اللائقة، وتم القبض عليه ذات مرة وهو يختبئ في شجيرات حدائق قصر كنزينغتون في لندن ومعه سكين وحبل طويل وقصيدة للأمير تشارلز في سرواله المموه.

بعد أن اعتقلته الشرطة وفتشت شقته، عثرت على عشرات من شرائط الأفلام غير المحمضة التي ظهرت فيها لقطات لنساء عشوائيات في شوارع هامرسميث وفولهام، وصورة لرجل له مظهر شرير يرتدي قناعاً واقياً ويحمل مسدساً، توقعت الشرطة أنه لجورج نفسه (على كل حال، إذا كانت كذلك، من التقطها إذاً؟). كانت هناك أيضاً أكوام من الصحف والمجلات القديمة، وعدد منها يظهر الأميرة ديانا وداندو وغيرهما من النساء المشهورات. كان من المعروف أيضاً أن جورج مهتم بالبنادق، لكن أياً مما ورد جعله قاتلاً: مما أقنع هيئة المحلفين بأنه كان كذلك، في محاكمته الأولى، هو اكتشاف جزيء صغير من بقايا عيار ناري في جيب معطفه ــ الدليل الوحيد الذي ربط جورج بجريمة القتل، لكن تبين لاحقاً أن موثوقية الطب الشرعي كانت ضعيفة، ما أدى إلى تبرئته.

مقابلة "نتفليكس" مع جورج مخيفة وغير مرضية، وإن كانت مقنعة حتماً. يبدو أنه يعاني من الصفير في صدره ولا يتمتع بصحة جيدة، وهذا ليس خطأه، لكن أداءه، إن صح التعبير، مقلق، لأسباب ليس أقلها أنه في مرحلة ما يطلب من أحد أفراد الطاقم التقدم ومساعدته في تمثيل جريمة القتل. إنه سلوك غريب بالتأكيد في هذه الظروف. الجانب الآخر المزعج في هذه المشاهد هو أن جورج يكرر كل ما قاله للشرطة في عام 2000 –إذ نشاهد لقطات أرشيفية للاستجواب الأصلي– لكن لم يتحد بقوة، وهو ما أراه تقصيراً من جهة الصحافي، وتبقى إجابات جورج معلقة في الهواء.

على سبيل المثال، يقول إنه لم يكن يعرف، الآن كما في السابق، من هي داندو عندما قتلت، رغم أن ذلك يبدو بوضوح متعارضاً مع شهرتها في ذلك الوقت، ومع مجموعة من قصاصات الصحف التي تناولت أخباراً عن داندو التي عثر عليها في شقته. يقول أيضاً إنه لا يعرف من هو الرجل الملثم الذي يحمل مسدساً في الصورة. من المؤكد أن الشرطة أقرت أنه كان يكذب (مع أنه إذا كان يخشى أنها تحاول توريطه، فقد يكون هذا تفسيراً آخر للأكاذيب المزعومة). ومع ذلك، لم يحاول صانعو الوثائقي الضغط على جورج حيال أي من هذه الأمور. الاستنتاج الوحيد الذي توصل إليه فريق نتفليكس قدمه شخص له سجل إجرامي طويل يدعى نويل سميث ويلقب بـ"الشفرة"، الذي ادعى بشيء من الثقة أن وفاة داندو كانت بسبب شخص مهم في عالم الجريمة لكنه لا يستطيع ذكر اسمه أو حتى يبرر عدم قدرته على تسميته. وهذا يتركنا بالضبط في المكان الذي وجدت عائلة ثكلى وأمة مصدومة أنفسهما فيه في ذلك اليوم الربيعي المشرق من عام 1999: من دون فهم أفضل.

© The Independent

المزيد من منوعات