Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينهار حلم الفيدرالية في العراق على أعتاب كركوك؟

الأحداث الأخيرة أشعلت الجدل من جديد حول المادة 140 من الدستور والضغوط الإقليمية تعقد المشهد

متظاهرون عراقيون يغلقون طريقاً بعد احتجاجات في مدينة كركوك العراقية (أ ف ب)

ملخص

كركوك العراقية "عصية على الجميع" فلماذا لا يعيش فيها الجميع؟

أشعل قرار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إخلاء بناية المقر المتقدم للعمليات في كركوك والتي كانت قبل عام 2017 مقراً للحزب الديمقراطي الكردستاني، الأزمة الأخيرة في المحافظة، بعد وقوع اشتباكات خلفت قتيلاً وعديداً من المصابين، إذ أبدى المحتجون مخاوفهم من أن يكون القرار تمهيداً لعودة الحزب، وهو ما ترفضه المكونات العربية والتركمانية.

وأشار رئيس الكتلة التركمانية، أرشد الصالحي، في تصريح للصحافة إلى أن "حساسية الأوضاع في كركوك ليست بجديدة ويحدث في بعض الأحيان تنافر بين القوميات"، موضحاً أن "الخروقات الأمنية التي مارستها الأحزاب السياسية الكردية سابقاً هي السبب في ما يحصل الآن"، معتبراً أن الجانب الكردي استغل الضعف الشيعي - السني لتمرير اتفاق تسليم كركوك، مؤكداً أن حل الأزمة الأخيرة لا يكون بالاحتجاجات والاعتصامات وإنما بالاحتكام إلى طرف ثالث.

مادة مثيرة للجدل

نصت المادة (140) في فقرتها الأولى على تولي السلطة التنفيذية اتخاذ ما يلزم لتنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها، على أن تنجز كاملة (التطبيع، الإحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها 31 يناير (كانون الثاني) 2007.

وأوضح رئيس مفوضية الانتخابات الأسبق، سربست مصطفى أوميدي أن المادة 140 جاءت نتيجة لنقاشات وحوار طويل بين الأحزاب الكردستانية والعربية الشيعية والسنية في وقت لم يكن للأخيرة تمثيل كامل بسبب مقاطعة معظمهم العملية السياسية والانتخابية والاستفتاء على الدستور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "كان يفترض أن تنتهي المراحل الثلاث المحددة للمادة في نهاية عام 2007 لكن بسبب عدم التزام الجانب العراقي والتخوف من سيطرة القوى الكردية على المدينة وامتعاض الدول الإقليمية وشعورها بعدم الراحة سواء من سوريا أو تركيا وكذلك إيران، نتج من ذلك عدم قناعة القوى العربية السنية أولاً ثم الشيعية بعملية تعريب مدينة كركوك وضواحيها وكل المناطق المتنازع عليها لأن المادة لا تخص محافظة كركوك فقط، مما نتج منه تدخلات دولية وإقليمية".

وتابع أوميدي "هناك مناطق لا جدال في كردستانيتها مثل قضاء شيخان وناحية فايدة وألقوش ومناطق أخرى مثل بعشيقة، والمنطقة تضم قوات دولية ليست حكومية، كحزب العمال الكردستاني في سنجار الذي يتسلم رواتبه من الحشد الشعبي"، مردفاً "الوضع السياسي والاجتماعي والأمني معقد في هذه المناطق والحكومة العراقية للأسف كانت ولا تزال متفرجة".

أساس خاطئ

يقول أوميدي "الحكومة العراقية التي جاءت بعد 2004 هي وريثة لأعمال الحكومات السابقة فكيف تكون حكماً وتشكل لجنة وتشرف عليها وتخصص الأموال اللازمة لتنفيذها. وباعتقادي أساس تشريع المادة هو خاطئ. وكان يجب أن يكون الحل في حينه لدى تشريع الدستور، هو عودة حدود المحافظات العراقية جميعاً وليس الإقليم إلى تاريخ 11 مارس (آذار) 1970 بعد توقيع اتفاقية آذار، لكن حركة التحرر الكردي رفضت ذلك وباعتقادي كان خطأ تاريخياً".

ويضيف "كان من الممكن أن تكون تلك بداية لإيجاد حل وإيقاف عمليات التعريب، حين تنازل العراق عن نصف شط العرب ومناطق أخرى لصالح إيران على أن يتوقف النظام الإيراني عن مساعداته وسحب كتيبة المدفعية التي كانت تساند الحركات المسلحة الكردية في حينها. أما الآن فالوضع أصعب بكثير وفي حاجة إلى إعادة تفاوضات شاملة تستند إلى مبدأ الدستور الذي يوافق عليه الجميع، ويصعب ذلك الآن في ظل التدخل الدولي وبسبب وجود نزعة مركزية قوية تنامت بعد 2014 لدى الحكومة المركزية وعدم اعترافها أصلاً بالفيدرالية".

محمد عامر الديرشوي، كادر متقدم في الحزب الديمقراطي الكردستاني يرى أن السبب الأساسي في عدم تنفيذ المواد المعنية من الدستور العراقي في الوقت الحاضر لا يرجع فقط إلى طبيعة العقلية التي لا تؤمن بالحل السلمي للقضايا العالقة، بل لوجود دولة عميقة داخل الدولة العراقية أكثر قوة من مؤسسات الدولة اقتصادياً.

وتابع "حصل اتفاق في فترة وجود رئيس الوزراء السابق الكاظمي بين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد بخصوص سنجار وبحضور ممثل عن الأمين العام للأمم المتحدة وبمباركة السياسة الدولية، إلا أن أذرع الدولة العميقة رفضت تطبيقه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس الوزراء الحالي".

الجميع يطمع في نفط كركوك

ويلخص النائب السابق في البرلمان الكردستاني والأستاذ المحاضر في علم الاجتماع السياسي عبدالسلام برواري المادة 140 بأنها "خريطة طريق وحل اضطراري لعدم رغبة أو عدم تمكن القوات الأميركية أو حتى الحكومة العراقية بعد عام 2003 من إيجاد حل لتغيير الواقع القومي وتغيير الحدود الإدارية للأقضية والنواحي التابعة لمحافظات نينوى وديالي وكركوك، لذلك تم اللجوء إلى صياغة خريطة طريق تؤدي إلى حل لهذا الموضوع في المستقبل".

أما عن تأخر تنفيذ الخطوات اللازمة لتعديل سياسات صدام، في عامي 2003 و2004، يوضح أنه "كان هناك ضغط تركي على القوات الأميركية بعد أن منعتهم من دخول العراق عبر أراضيها وتذرعت في ذلك بوجود مواطنين تركمان. أما الإخوة العرب فكانوا متخوفين وغير راغبين بتغيير الوضع لأن المواطنين الذين جيء بهم من المناطق السنية والشيعية إلى محافظة كركوك بالذات والمناطق المشمولة بالمادة 140 في حال عودتهم إلى مناطقهم ستخلق لهم مشكلات، فضلاً عن رغبة بعض القوى بإبقائهم للإفادة من خلق جو سياسي آخر، والحجة الثالثة هي أن الجميع يطمع في نفط كركوك وإذا انضمت المحافظة للأكراد سيكون بمقدورهم الانفصال وتكون لهم بنية اقتصادية قوية".

 

بينما يرى مستشار مؤسسة الرؤى للدراسات والأبحاث الاستراتيجية عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم أن أسباب عدم تنفيذ المادة هو تخوف المكون السياسي العربي والتركماني من فقدان محافظة كركوك وضمها للإقليم، وهو سبب عرقلتهم وخلقهم المشكلات للتهرب من تنفيذها.

يقول كريم "أعتقد أن المادة 140 وكثيراً من المواد الدستورية مجمدة ومهمشة بسبب تسلط أحزاب وفصائل على السلطة والدولة، والمواد الدستورية لا تنتهي إلا بتعديل وإجراء استفتاء عليها كما أكدت المحكمة الاتحادية شرعية المادة ودستوريتها عام 2019".

أما القيادي في تحالف العروبة قصي العجيلي فيرى أن "السقف الزمني للمادة 140 انتهى في ديسمبر (كانون الأول) 2007، وهي في حاجة إلى تعديل دستوري جديد يتلاءم مع إرادة باقي المكونات. وتعتبر مثار جدل ويستغلها السياسيون بين الحين والآخر لأهداف ومصالح خاصة، وخطأ استراتيجياً وقع فيه من وقع على الدستور العراقي".

وتابع "نحن العرب نرفض هذه المادة بسبب تعارضها مع حق العيش والسكن للفرد العراقي الذي كفله الدستور للعيش في أي محافظة عراقية من زاخو في الشمال إلى الفاو في الجنوب".

عدد مواد الدستور 139 مادة

من وجهة نظر المتحدث الرسمي باسم تحالف العروبة عزام الحمداني فإنهم كمكون عربي يرى أن المادة 140 إقصائية، والغرض منها ترحيل العرب من محافظة كركوك وضم المحافظة إلى حكومة الإقليم.

ويوضح أنه "من الناحية القانونية فإن الدستور الموضوع في وقتها لم يصوت عليه العرب. واستطاع القرار السياسي الكردي أن يضعها على وفق ما يحقق له من مصالح في الاستحواذ على محافظة كركوك في وقت كان فيه العراق يدار من قبل الحاكم المدني (بريمر)، فضلاً عن وجود شهادة متلفزة للقاضي والوزير والنائب وائل عبداللطيف يؤكد فيها أن عدد مواد الدستور التي استفتي فيها الشعب 139 مادة، ولم تكن المادة 140 من بينها بل أضيفت في وقت لاحق مع مواد أخرى لم تستمد شرعيتها من الاستفتاء الشعبي".

وتابع الحمداني "في حال افترضنا وجود المادة سلباً هناك مادة 142 التي تستوجب شمول المادة 140 بالتعديلات لكنها لم تفعل، كما لم تحظَ المادة 140 بقبول محلي أو إقليمي أو دولي لاستحالة تنفيذها خلال فترة قانونية حددت في الدستور".

المزيد من تقارير