Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا والصين بين مخاطر "الاحتواء" وفرص "التكيف"

الكل يعرف أن العالم يخسر ويدفع ثمن الحرب الباردة الجديدة فالأرض تتسع لمصالح الجميع

الرئيسان الأميركي والصيني التقيا على هامش قمة مجموعة الـ20 أواخر العام الماضي رغم التناحر الاقتصادي (أ ف ب)

ملخص

ليس قليلاً عدد الذين يرفضون في الولايات المتحدة نظرية "التنافس الحتمي" مع الصين. ولا بين رواد التنمية المستدامة في الصين من ينكر مدى استفادة بكين من الانفتاح.

ليس أخطر من الحرب بالوكالة بين روسيا و"الناتو" في أوكرانيا سوى الصراع المباشر بين أميركا والصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وهما معاً في إطار الصراع بين نظام عالمي أحادي في أفول بعد أن ورث نظام الجبارين الميت ونظام متعدد الأقطاب لم يولد بعد. فلا شيء ينافس الثوابت سوى المتغيرات لدى القوى الكبرى. وإذا كانت المصالح الحيوية والأقدار الجيوسياسية ثابتة، فإن إدارتها عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً متحركة.

حتى استراتيجيات الأمن القومي، فإنها تتعرض للتغيير والتطوير والتحوير بين حقبة زمنية وأخرى ومع تبدل الأنظمة أو القيادات. والقاسم المشترك بين القوى الكبرى هو لعب الورقة على الوجهين. روسيا تلعبها مزدوجة مع أوكرانيا والغرب. وهما يمارسان اللعبة نفسها. أميركا تلعبها مزدوجة مع الصين كما تفعل الصين حيال أميركا.

في إندونيسيا التي شهدت قمة آسيان وقمة شرق آسيا كرر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ الذي أوفده الغائب الرئيس شي جينبينغ ما يقوله المسؤولون الصينيون في كل مؤتمر ولقاء: "دعوة القوى العظمى إلى معارضة مفهوم المواجهة ومنع حرب باردة جديدة"، لكن شي يريد الوصول إلى نتيجة الحرب الباردة من دون حرب باردة معلنة. فهو، بحسب كيفن رود، يرى أن "الحقيقة الكبرى هي سقوط أميركا والنظام الرأسمالي الغربي"، لأن "قوى التغيير التاريخي تدفع الصين إلى الأمام".

مدير الاستخبارات المركزية الأميركية وليم بيرنز يرى أن "احتواء الصين غير ممكن"، في حين يدعو مايكل بكلي أستاذ العلوم السياسية في جامعة تافتس إلى "احتواء الصين لأن الانخراط معها فشل". البروفيسوران هال براندس وجون لويس غاديس يسألان: "هل دخل العالم حرباً باردة جديدة؟". وجوابهما: "نعم، ولا". لماذا؟ لأن "الجغرافيا تحمي أميركا وتقلق جيران الصين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وليس قليلاً عدد الذين يرفضون في أميركا نظرية "التنافس الحتمي" مع الصين. ولا بين رواد التنمية المستدامة في الصين من ينكر مدى استفادة بكين تكنولوجياً واقتصادياً وتجارياً من الانفتاح الصيني- الأميركي منذ سبعينيات القرن الماضي، لا سيما أيام الرؤساء بوش الأب وكلينتون وبوش الابن، بصرف النظر عمن عد ذلك نوعاً من "الاحتواء".

المؤرخ آدم توز دعا واشنطن "إلى التكيف مع صعود الصين التاريخي". والبروفيسور غراهام أليسون رأى أن مصلحة أميركا تقضي بقبول "النفوذ التقليدي للصين في آسيا". حتى الذين يعترفون بأن لدى كل من أميركا والصين "قابلية للعطب"، فإنهم يحسبون الأمر إيجابياً، لأنه يسهل "الانفراج الدولي".

لا بل إن البروفيسور والمؤرخ جون لويس غاديس يسجل أن "الاستقلال الاقتصادي بين أميركا والاتحاد السوفياتي كان عامل استقرار في الحرب الباردة، في حين أن التداخل الاقتصادي الأميركي- الصيني قد يقود إلى مزيد من اللاتسويات والمشكلات".

لكن البروفيسور بكلي يصر في مقال نشرته "فورين أفيرز" على "أوهام الانفراج الدولي". فالمصالح الحيوية في رأيه، "متصادمة" ولها جذور قوية. والثقافة السياسية الصينية المعاصرة تتركز حول "كارثتين": "قرن الإذلال" من 1839 و1949 حيث تقاسمت القوى الإمبريالية الصين، و"ثورات 1989 التي أنهت الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي". ومن هنا دعوته إلى "الاحتواء" من جديد.

والواقع أن شي تحدث في كل مؤتمرات الحزب الشيوعي عن واحد من الأسباب المهمة لانهيار الاتحاد السوفياتي هو "التراخي الأيديولوجي". وأكد الحاجة إلى التمسك بالأيديولوجيا والعمل لضمان "قرن الصين". ولا أحد يعرف إلى أين تقود سياسة "الاحتواء"، وسط تصور أميركا أنها ستربح، وتصور الصين أنها الرابحة حتماً. والكل يعرف أن العالم يخسر ويدفع ثمن الحرب الباردة الجديدة و"الاحتواء". فالأرض تتسع لمصالح الجميع. وفي الكوكب قضايا تحتاج إلى تعاون الكبار في طليعتها الاحتباس الحراري، لكن التجارب على مدى القرنين الأخيرين من التاريخ أكدت ثبات الصراع وتضحيات البشر.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل